الإثنين سبتمبر 9, 2024

(233) مَا حُكْمُ مَنْ يَسْتَعْمِلُ كَلِمَةَ الْخَلْقِ مُضَافَةً لِلنَّاسِ عَلَى مَعْنَى الإِبْرَازِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ.

        اعْلَمْ أَنَّ الْخَلْقَ فِى لُغَةِ الْعَرَبِ لَهُ خَمْسَةُ مَعَانٍ أَحَدُهَا الإِبْرَازُ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ وَلا يُطْلَقُ بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَّا عَلَى اللَّهِ أَمَّا مَنْ يَسْتَعْمِلُ كَلِمَةَ الْخَلْقِ مُضَافَةً لِغَيْرِ اللَّهِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى كَأَنْ يَقُولَ لِشَخْصٍ اخْلُقْ لِى كَذَا كَمَا خَلَقَكَ اللَّهُ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ فَمَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ أَحْسَنُ الْمُقَدِّرينَ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لا يُخْطِئُ وَلا يَتَغَيَّرُ أَمَّا تَقْدِيرُ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ وَالتَّغَيُّرُ فَيُطْلَقُ الْخَلْقُ عَلَى غَيْرِ اللَّهِ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ. وَيَأْتِى الْخَلْقُ بِمَعْنَى التَّصْوِيرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِى حَقِّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ ﴿وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ﴾ أَىْ أَنَّ سَيِّدَنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ يُصَوِّرُ مِنَ الطِّينِ صُورَةَ خُفَّاشٍ ثُمَّ يَخْلُقُ اللَّهُ فِيهَا الرُّوحَ فَتَطِيرُ حَتَّى تَغِيبَ عَنْ أَنْظَارِ النَّاسِ ثُمَّ تَقَعُ مَيْتَةً وَهَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ مُعْجِزَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ. وَيُطْلَقُ الْخَلْقُ بِمَعْنَى افْتِرَاءِ الْكَذِبِ وَهَذَا لا يُضَافُ إِلَّا إِلَى الْعَبْدِ قَالَ تَعَالَى فِى سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ ﴿وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا﴾ أَىْ تَفْتَرُونَ الْكَذِبَ فَنَسَبَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ خَلْقَ الإِفْكِ أَىِ افْتِرَاءَهُ. وَيُطْلَقُ الْخَلْقُ بِمَعْنَى سَوَّى وَمَلَّسَ فَيُقَالُ فِى اللُّغَةِ خَلَقْتُ هَذَا الْخَشَبَ كُرْسِيًّا أَىْ سَوَّيْتُهُ أَمْلَسَ بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْجُلُوسِ عَلَيْهِ.