الأحد يناير 26, 2025

(10) بَيِّنْ أَهَمِيَّةَ تَعَلُّمِ عِلْمِ الدِّينِ.

      اعْلَمْ أَنَّ الْخَيْرَ كُلَّ الْخَيْرِ بِتَعَلُّمِ عِلْمِ الدِّينِ فَهُوَ دَلِيلُ الْعَمَلِ وَطَرِيقُ تَصْحِيحِهِ فَالْعَلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ لِأَنَّ الْعِلْمَ يُحَصَّلُ لِلْعَمَلِ، وَالْعَمَلُ بِلا عِلْمٍ لا يُنْجِى صَاحِبَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ التَّحْرِيمِ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ قَالَ سَيِّدُنَا عَلِىٌّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ عَلِّمُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمُ الْخَيْرَ، أَىْ عِلْمَ الدِّينِ لِأَنَّ مَنِ امْتَلَأَ قَلْبُهُ بِالْخَيْرِ يَظْهَرُ ذَلِكَ عَلَى جَوَارِحِهِ فَيَنْطِقُ بِالْخَيْرِ وَيَفْعَلُ الْخَيْرَ. عِلْمُ الدِّينِ حَيَاةُ الإِسْلامِ مَنْ أَهْمَلَهُ كَانَ مِنَ الْخَاسِرِينَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا                فَاسِقًا أَىْ وَاقِعًا فِى ذَنْبٍ كَبِيرٍ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كَافِرًا بِسَبَبِ جِهْلِهِ فِى الدِّينِ فَلا نَجَاةَ إِلَّا بِتَعَلُّمِ عِلْمِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الثِّقَاتِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِىُّ، مَعْنَاهُ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا كَثِيرًا أَىْ رِفْعَةً فِى الدَّرَجَةِ رَزَقَهُ الْعِلْمَ بِأُمُورِ دِينِهِ. مَنْ عَرَفَ قَدْرَ عِلْمِ الدِّينِ أَحَبَّهُ وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْهُ فَهُوَ بَرَكَةٌ وَخَيْرٌ عَظِيمٌ نَافِعٌ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَالْعَاقِلُ الْفَطِنُ لا يَشْبَعُ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ مَهْمَا تَكَرَّرَ عَلَيْهِ سَمَاعُهُ فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِىُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لا يَشْبَعُ مُؤْمِنٌ مِنْ خَيْرٍ يَسْمَعُهُ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّة، أَىْ حَتَّى يَتَرَقَّى فِى الدَّرَجَاتِ فَيَصِلَ إِلَى أَعَالِى الْجَنَّةِ. أَمَّا مَنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ عِلْمَ الدِّينِ فَهُوَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ عِلْمَ الدِّينِ كَيْفَ يَضْمَنُ صِحَّةَ إِيمَانِهِ وَعِبَادَاتِهِ، إِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ مَا هُوَ الْكُفْرُ كَيْفَ يَضْمَنُ بَقَاءَهُ عَلَى الإِسْلامِ، إِنْ لَمْ يَتَعَلَّمْ مَا هِىَ الْمُحَرَّمَاتُ كَيْفَ يَجْتَنِبُهَا وَإِذَا وَقَعَ فِيهَا كَيْفَ يَتُوبُ مِنْهَا. فَهَذَا سَيِّدُنا عَبْدُ القَادِرِ الْجِيلانِىّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَعبُدُ اللَّهَ فِى خَلْوَةٍ فَجَاءَهُ الشَّيطانُ عَلَى هَيْئَةِ نُورٍ عَظِيمٍ وَقَالَ لَهُ يَا عَبدِى يَا عَبْدَ القَادِر قَدْ أَسْقَطْتُ عَنْكَ الفَرَائِضَ وَأَحْلَلْتُ لَكَ الْمُحَرَّمَاتِ فَقَالَ لَهُ سَيِّدُنَا عَبْدُ القَادِرِ خَسِئْتَ يَا لَعِين أَىْ فَشِلْتَ وَخَابَ سَعْيُكَ أَىْ مَا تَسْعَى إِلَيْهِ فَاخْتَفَى الضَّوْءُ وَبَقِىَ الصَّوْتُ وَقَالَ لَهُ الشَّيطَانُ لَقَدْ غَلَبْتَنِى بِعِلْمِكَ يَا عَبْدَ الْقَادِرِ وَإِنِّى قَدْ أَغْوَيْتُ أَرْبَعِينَ عَابِدًا بِهَذِهِ الطَّرِيقَة. سَيِّدُنَا الْعَارِفُ بِاللَّهِ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلانِىّ عَرَفَ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ الشَّيْطَان لِأَنَّهُ كَانَ تَعَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْء فَاللَّهُ تَعَالَى لَيْسَ نُورًا بِمَعْنَى الضَّوْءِ بَلْ هُوَ خَالِقُ النُّورِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور﴾ أَىْ خَلَقَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور، وَالَّذِى كَلَّمَهُ كَلَّمَهُ بِصَوْتٍ واللَّهُ تَعَالَى كَلامُهُ الَّذِى هُوَ صِفَتُهُ لَيْسَ حَرْفًا وَلا صَوْتًا وَلا لُغَةً لا يُبْتَدَأُ وَلا يُخْتَتَمُ لا يَطْرَأُ عَلَيْهِ سُكُوتٌ أَوْ تَقَطُّعٌ لَيْسَ شَيْئًا يَسْبِقُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَيَتَأَخَّرُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ. عَرَفَ الْحَقَّ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلانِىُّ بِعِلْمِ الدِّينِ فَغَلَبَ الشَّيْطَانَ.