الأحد ديسمبر 7, 2025

قال الله تعالى:
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ}
[القلم: 42].

معنى هذه الآية أي يكشف يوم القيامة عن شدة شديدة وهولٍ شديد، أي عن أمر شديد بالغ في الصعوبة، أما المشبهة فيقولون والعياذ بالله {عَنْ سَاقٍ} أي الله تعالى يكشف عن ساقه.

قال ابن الجوزي في تفسيره «زاد المسير»([1]): «وقد روى عكرمة عن ابن عباس: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قال: يُكشَفُ عن شدَّةٍ، وأنشد: وقامت الحربُ بنا على ساق. وهذا قول مجاهد وقتادة». اهـ.

{وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} هذا السجود سجود امتحان حتى يتميّز المؤمنون الذين كانوا يسجدون لله تعالى عن نيّة وإخلاص من المنافقين الذين كانوا يتظاهرون بالإسلام ولم يكونوا مسلمين إنما كانوا يسجدون في الدّنيا مع المسلمين أحيانًا، أي حتى ينكشف أمر هؤلاء وينفضحوا، يأمر الله الناس بالسجود، فالمؤمنون يسجدون وأما المنافقون فلا يستطيعون لأن ظهورهم لا تطاوعهم على السجود فيفتضحون.

وأما قوله تعالى: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} أي ساق العباد يكشف عن شدة.

قال الإمام الحافظ المحدث شافعي زمانه ورفاعي أوانه شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الهرري الحبشي في كتابه «صريح البيان في الرد على من خالف القرآن»([2]): «التأويل التفصيلي وإن كان عادة الخلف فقد ثبت أيضًا عن غير واحد من أئمة السلف وأكابرهم كابن عباس من الصحابة، ومجاهد تلميذ ابن عباس من التابعين، والإمام أحمد ممن جاء بعدهم، وكذلك البخاري وغيره.

أما ابن عباس فقد قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري في فتح الباري شرح صحيح البخاري([3]): «أما الساق فجاء عن ابن عباس في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قال: عن شدة من الأمر، والعرب تقول قامت الحرب على ساق إذا اشتدت، ومنه: قد سن أصحابك ضرب الأعناق وقامت الحرب بنا على ساق.

وقال الخطابي كما نقل البيهقي في «الأسماء والصفات»([4]): تهيب كثير من الشيوخ الخوض في معنى الساق، ومعنى قول ابن عباس إن الله يكشف عن قدرته التي تظهر بها الشدة، وأسند البيهقي في الأسماء والصفات أيضًا الأثر المذكور عن ابن عباس بسندين كل منهما حسن وزاد: إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه من الشعر، وذكر الرجز المشار إليه، وأنشد الخطابي في إطلاق الساق على الأمر الشديد: في سنة قد كشفت عن ساقها». اهـ. ومثل ذلك نقل الإمام المحدث الأصولي أبو بكر ابن فورك في كتابه «مشكل الحديث وبيانه»([5]) عن أبي موسى الأشعري وابن عباس.

وذكر البيهقي في «الأسماء والصفات»([6]): قال ابن عباس: هذا يوم كرب وشدة. وتابعه أبو كريب عن ابن المبارك، وقال أبو سليمان وقال غيره من أهل التفسير والتأويل في قوله: «يوم يكشف عن ساق» أي عن الأمر الشديد.

وقال الحافظ المفسر ابن الجوزي في كتابه «الباز الأشهب»([7]) في الآية: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} ما نصه: «قال ابن عباس ومجاهد وإبراهيم النخعي وقتادة وجمهور العلماء يكشف عن شدة، وأنشدوا: وقامت الحرب بنا على ساق. وقال عاصم بن كليب: رأيت سعيد بن جبير غضب وقال: يقولون يكشف عن ساقه، وإنما ذلك عن أمر شديد».

تنبيه مهم: أنكر ابن تيمية المجاز فقال في كتابه المسمى «الإيمان» ما نصه([8]): «فهذا بتقدير أن يكون في اللغة مجاز، فلا مجاز في القرآن، بل وتقسيم اللغة إلى حقيقة ومجاز تقسيم مبتدع محدث لم ينطق به السلف، والخلف فيه على قولين، وليس النزاع لفظيًا، بل يقال: نفس بهذا التقسيم باطل لا يتميز هذا عن هذا». اهـ.

الجواب: أن المجاز ثابت عن الصحابة، فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنه حيث إنه استند عند تفسير بعض الآيات إلى بعض أشعار العرب التي ألفاظها بعيدة من المعنى الأصلي كتفسيره الساق في قوله تعالى يوم يكشف عن ساق» بالشدة فقال في فتح الباري([9]): عن شدة من الأمر، والعرب يقولون: قامت الحرب على ساق إذا اشتدت، ومنه:

قد سن أصحابك ضرب الأعناق وقامت الحرب بنا على ساق». اهـ، وقد أسند الحافظ البيهقي في «الأسماء والصفات»([10]) الأثر المذكور عن ابن عباس بسندين كل منهما حسن وزاد: «إذا خفي عليكم شيء من القرءان فابتغوه من الشعر فإنه ديوان العرب». اهـ، وهذا هو عين المجاز.

وكذا أثبت المجاز من السلف المحدث المجتهد اللغوي أبو عبيدة معمر بن المثنى فقد صنف كتاب المجاز.

وليس من شرط المجاز أن يكون كل أئمة السلف عبروا بهذا اللفظ بل العبرة بالمعنى، والمجاز هو اللفظ المستعمل في غير حقيقته بمعنى يقتضي ذلك، فكلمة الساق معناها الأصلي بعيد جدًّا عن المعنى الذي فسر به ابن عباس الآية، لكن أساليب لغة العرب لا تأبى ذلك بل توافق، فكثيرًا ما ينقلون اللفظ عن معناه الأصلي إلى غيره.

وما دفع ابن تيمية إلى إنكار المجاز إلا شدة تعلقه بعقيدة التشبيه، وما إنكاره المجاز إلا محاولة منه لإجراء النصوص المتشابهة على ظاهرها نسأل الله السلامة. وأما الحديث الذي رواه البخاري في كتاب «التفسير»([11]): «وأما أهل النار فإنهم يلقون فيها فتقول: هل من مزيد فلا تمتلئ حتى يضع فيها رجله» فقد قال فيه الحافظ الأصولي أبو بكر ابن فورك في كتابه «مشكل الحديث وبيانه»([12]) ما نصه: «اعلم أنا ذكرنا هذا الخبر في ما تقدم، وبينا تأويله، وذكرنا أنه يحتمل أن يكون المعنى فيه ما يضعه الله في النار من الكفار، وهم الخلق الكثيرون فتمتلئ جهنم بهم، وأنه سمي ذلك «رِجلا» على عادة العرب في تسمية الجماعة «رِجلًا» لأنهم يقولون للجراد الكثير «رِجل»، ويقولون: جاءت رِجل من الجراد يعنون بذلك جمعًا كثيرًا. ويحتمل أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بالرجل ههنا الخلق الكثير، وإضافته إلى الله تعالى على طريق الملك والفعل».

وذكر المفسر القرطبي في كتابه «صفات الله تعالى» ما نصه([13]): «قال الترمذي: وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وآيات كثيرة مثل هذا ما يذكر فيه أمر الرؤية، وذكر القدم وما أشبه هذه الأشياء والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وابن المبارك، ووكيع، وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء، وقالوا: تُروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يُقال كيف؟ وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن تُروى هذه الأشياء كيف جاءت، ويؤمن بها ولا يقال كيف؟ قال وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه». وقال([14]): «قال أبو سليمان: وذكر القدم ها هنا يحتمل أن يكون المراد به من قدمهم الله للنار من أهلها فيقع بهم استيفاء عدد أهل النار وكل شيء قدمتَه فهم قدم، كما قيل: لما هدمتَه هدم، ولما قبضتَه قبض. ومن هذا قوله عزّ وجلّ: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [يونس: 2] أي: ما قدموه من الأعمال الصالحة، وقد رُوي معنى هذا عن الحسن، ويؤيد هذا قوله في الحديث: «وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقًا» فاتفق المعنيان في أن كل واحدة من الجنة والنار تمد بزيادة عدد يستوفى بها عدة أهلها فتمتلئ عند ذلك.

قلت: على هذا التأويل أكثر العلماء وأن القدم، وإن كان الظاهر يوهم منها الجارحة فإن الله تعالى متعال عن ذلك والعرب تطلق القدم على السابقة في الأمر، يقال لفلان قدم صدق، أي أثرة حسنة». وقال([15]): «وقال النضر بن شميل: في معنى قوله: (حتى يضع الجبار فيها قدمه) أي من يسبق في علمه أنه من أهل النار. قال أبو سليمان الخطابي: وقد تأول بعضهم الرِّجل على معنى من هذا. قال: والمراد به استيفاء عدد الجماعة الذين استوجبوا دخول النار. والعرب تسمي الجراد رِجلًا، كما سموا جماعة الظباء سربًا، وجماعة النعام خيطًا، وجماعة الحمير عانة، قال: وهذا وإن كان اسمًا خالصًا لجماعة الجراد فقد يستعار لجماعة الناس على سبيل التشبيه والكلام المستعار والمنقول من موضعه كثير، والأمر فيه عند أهل اللغة مشهور». اهـ.

ويشهد لصحة ذلك ما جاء في صحيح مسلم([16]) – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ الْمِصِّيصِيُّ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْبَرَاءِ فَقَالَ أَكُنْتُمْ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَا أَبَا عُمَارَةَ فَقَالَ أَشْهَدُ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا وَلَّى وَلَكِنَّهُ انْطَلَقَ أَخِفَّاءُ مِنْ النَّاسِ وَحُسَّرٌ إِلَى هَذَا الْحَيِّ مِنْ هَوَازِنَ وَهُمْ قَوْمٌ رُمَاةٌ فَرَمَوْهُمْ بِرِشْقٍ مِنْ نَبْلٍ كَأَنَّهَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ». اهـ.

قال الفقيه الحافظ المحدث شيخ الإسلام عبد الله الهرري رحمه الله رحمة واسعة، في كتابه «الدليل القويم على الصراط المستقيم»: «وأما الساق فلم يرد مضافًا إلى الله في حديث صحيح. والرواية الصحيحة هي الموافقة لما جاء في الكتاب من قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}.

وقد فسَّر ابن عباس الساق بالكرب والشدة ولا يعول على رواية ساقه بالضمير. انتهى.

وأما القَدَمُ والرِجلُ فمعناه الجماعة الذين يُقَدِّمهُم اللهُ للنارِ فتمتلئ بهم وذلك في ما رواه البخاري وغيره:

«لا تزال جهنم تقول هل من مزيد حتى يضع ربُ العزَّة فيها قدمه فتقول قط قط».

وكذلك ما ورد أن النار لا تمتلئ حتى يضعَ اللهُ فيها رجله فتقول قط قط، المراد بالرجل الفوج الذي يملأ الله بهم النار. ولغة العرب صالحة لهذا المعنى. ولا يجوز جعل القدم والرجل من باب الصفات بل الإضافة فيهما إضافة مِلْكٍ. فمن جعل لله قدمًا ورجلًا بمعنى الجزء فقد جعل الله مثل خلقه وذلك كفر، وكذَّبَ قول الله تعالى: {لَوْ كَانَ هَؤُلاَءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأنبياء: 99].

فقد أفهمنا أن كل شئت يَرِد النار فهو مخلوق ليس بإله». اهـ.

وبعد هذه الأدلة الساطعة الناصعة في تنزيه الله عن أن يكون جسمًا مركبًا وأن له قدمًا أو رجلاً القدم والرِّجل من نصوص علماء الإسلام من الصحابة ومن بعدهم وعلماء اللغة، يعلم علم يقين أن هذا الحديث مؤول، وليس على ظاهره كما ادعى دكتور مجسّم مشبّه من أهل هذا العصر من أتباع ابن تيمية الحراني فقال: «إن الله له رِجل حقيقية ويضعها في جهنم فلا تحترق كما أن ملائكة العذاب في جهنم لا يحترقون». وما يقول هذا الدكتور المجسم في قول الله عزّ وجلّ: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأِمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}، فإن كانت جهنم ستُملأ بالجن والإنس الكفار كما أخبر الله تعالى في القرءان، فأنّى تكون رِجل الله جارحة وجسمًا بزعم هذا الكافر الزنديق، والله تعالى لم يقل (لأملأنَّ جهنم برجلي) بل قال: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} كأمثال هذا الدكتور إن مات على هذا المعتقد، وبزعمهم هذا يكون إبليس وفرعون وهامان وقارون وشداد بن عاد وأبو جهل وأبو لهب أقرب إلى ذات الله من الأنبياء الذين يكونون في الجنة، فعلى زعم الوهابية يكون جزء من الله في جهنم مع الكفار، والعياذ بالله من هذا التشبيه الصريح والتجسيم القبيح الذي وصلت إليه الوهابية بسبب أفكار ابن تيمية الذي قال بإنكار ونفي المجاز، فحمَل الآيات والأحاديث المتشابهة على ظاهرها هو وأتباعه، فزاغوا فضلوا وأضلوا.

ونقول لهم: ماذا تقولون في الحديث القدسي الصحيح الذي رواه البخاري في صحيحه([17])، يقول الله فيه: «فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يُبصر به ويده التي يبطش بها ورِجلَه التي يمشي بها». هل تزعمون أنه على ظاهره وتمنعون من تأويله فيكون الله على زعمكم رِجل هذا الولي؟!! أم تزعمون أنه حالٌّ فيها؟!! وإذا عَمِيَ هذا الولي أو شُلَّت يده أو قُطعَت رِجلُه، فهل تزعمون أن الله مات أو أصابَه ضرر أو تجزّأ، وإذا داس هذا الولي في النجاسة أو بال على رِجله صبيٌ أو داس الناس بنعالهم على رِجل هذا الولي، فهل تزعمون أن الله خالط هذه النجاسات وأن البول عليه أو أنه تحت أقدام الناس ونعالهم لأنهم داسوا على رِجل هذا الولي؟؟!!! وتنزه الله عن ذلك كله وهذا من أبشع الكفر، فيلزمكم التأويل هنا كما في حديث «يضع رب العزة رِجله فيها»، فوجب التأويل في الموضعين، ومعنى الحديث القدسي «كنتُ سمعه» أي أحفظ سمعَه من أن يسترسل به في المعاصي والمحرمات، فلا يستمع إلى ما حرَّم الله، وهكذا في البصر واليد والرِّجل.

قال الإمام أبو سليمان الخطَّابي (388هـ) في كتابه «أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري»([18]): «قلتُ: وهذا الحديث مما قد تهيَّب القولَ فيه شيوخنا، فأَجْروهُ على ظاهر لفظه ولم يكشفوا عن باطن معناه على نحو مذهبهم في التوقف عن تفسير كل ما لا يُحيط العلم بكنهه من هذا الباب، وقد تأوَّله بعضهم على معنى قوله، فروى عن ابن عباس أنه قال عن شدّة وكرْب». اهـ. ونقله البيهقي (458هـ) عنه في كتابه «الأسماء والصفات» بقوله([19]): «هذا لفظ سعيد بن أبي هلال، وهو لفظ منكر. قال الإسماعيلي في قوله: (عن ساقه) نكرة، ثم ساق بطريق حفص ابن ميسرة بلفظ {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} من غير ضمير، وقال: هذه أصح لموافقتها لفظ القرءان في الجملة، ولا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين، تعالى الله عن ذلك». اهـ. ونقل قول الخطابي أيضًا محمد بن يوسف الكرماني (786هـ) في كتابه «شرح الكرماني على صحيح البخاري»([20]).

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني (852هـ) في كتابه «فتح الباري بشرح صحيح البخاري»([21]): «ووقع في هذا الموضع (يكشف ربنا عن ساقه) وهو من رواية سعيد ابن أبي هلال عن زيد بن أسلم فأخرجها الإسماعيلي كذلك ثم قال: في قوله: (عن ساقه) نكرة. ثم أخرجه من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم بلفظ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قال الإسماعيلي: هذه أصح لموافقتها لفظ القرءان في الجملة، فلا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين، تعالى الله عن ذلك ليس كمثله شيء». اهـ. وكذا قال التَّاوُدي (ت1209هـ) في «حاشية التَّاوُدي ابن سودة على صحيح البخاري»([22]).

وقال بدر الدين العيني الحنفي (ت855هـ) في كتابه «عمدة القاري شرح صحيح البخاري»([23]): «قوله: (يكشف ربنا عن ساقه) من المتشابهات، ولأهل العلم في هذا الباب قولان: أحدهما: مذهب معظم السلف أو كلهم تفويض الأمر فيه إلى الله تعالى والإيمان به، واعتقاد معنى يليق لجلال الله عزّ وجلّ، والآخر: هو مذهب بعض المتكلمين أنها تتأول على ما يليق به، ولا يسوغ ذلك إلا لمن كان من أهله بأن يكون عارفًا بلسان العرب وقواعد الأصول والفروع، فعلى هذا قالوا: المراد بالساق هنا الشدة، أي: يكشف الله عن شدة وأمر مهول وكذا فسره ابن عباس». اهـ.

وقال شهاب الدين أحمد بن محمد الشافعي القسطلاني (ت923هـ) في كتابه «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري»([24]): «وأخرج الإسماعيلي من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} قال الإسماعيلي هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن والله تعالى يتعالى عن شبه المخلوقين». اهـ.

وقال ملا علي القاري الحنفي في كتابه «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح»([25]): «يُعلم أن المذهبين متفقان على صرف تلك الظواهر كالمجيء والصورة والشخص والرِّجل والقدم واليد والوجه والغضب والرحمة والاستواء على العرش والكون في السماء وغير ذلك مما يُفهمه ظاهرها لما يلزم عليه من محالات قطعية البطلان تستلزم أشياء يُحكم بكفرها بالإجماع فاضطر ذلك جميع الخلف والسلف إلى صرف اللفظ عن ظاهره». اهـ.

 

 

([1]) زاد المسير (الطبعة الرابعة 1407هـ الجزء الثامن ص341).

([2]) صريح البيان في الرد على من خالف القرءان (الطبعة الثالثة 1429هـ طبع دار المشاريع بيروت ص79).

([3]) شرح صحيح البخاري (13/428).

([4]) الأسماء والصفات (ص345).

([5]) مشكل الحديث وبيانه (طبعة دار عالم الكتب ص442).

([6]) الأسماء والصفات (ص345).

([7]) الباز الأشهب (طبعة دار الجنان ص48).

([8]) الإيمان (ص94).

([9]) فتح الباري (13/428).

([10]) الأسماء والصفات (ص345، 346).

([11]) التفسير (باب: وتقول هل من مزيد، (7/733) حديث رقم 4850، ومسلم في كتاب الجنة، باب: النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء (9/198)).

([12]) مشكل الحديث وبيانه، (طبعة دار عالم الكتب الطبعة الثانية 1405هـ، ص443، 444).

([13]) صفات الله تعالى، (طبعة دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1422هـ في ص81).

([14]) المصدر نفسه، (ص82).

([15]) صفات الله تعالى، (ص84).

([16]) صحيح مسلم (تحت رقم الحديث 3326).

([17]) رواه البخاري (في صحيحه تحت رقم الحديث 6021).

([18]) شرح صحيح البخاري (المملكة العربية السعودية، جامعة أم القرى، المسمى معهد البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي، مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1409هـ الجزء الثالث ص1930).

([19]) الأسماء والصفات (الناشر: المكتبة الأزهرية للتراث، الطبعة الأولى ص325) وعلَّق الكوثري ص324).

([20]) شرح الكرماني على صحيح البخاري (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1431هـ الجزء التاسع ص161).

([21]) فتح الباري بشرح صحيح البخاري (دار الريان – القاهرة، الطبعة الأولى 1407هـ، كتاب التفسير، الجزء الثامن ص532).

([22]) حاشية التَّاوُدي ابن سودة على صحيح البخاري (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1428هـ، الجزء الرابع ص570).

([23]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1421هـ، كتاب التفسير، الجزء التاسع عشر ص369، 370).

([24]) إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1416هـ، الجزء الحادي عشر ص171).

([25]) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (طبع دار إحياء التراث العربي، المجلد الثاني ص136 بعد كلام في مذهبَي السلف والخلف).