الأحد ديسمبر 7, 2025

قال الله تعالى:
{وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا}
[فاطر: 36].

 أبو لهب لا يُخَفَّفُ عنه العذاب

يجب الحذر من بعض المفتريات التي تخالف الشرع الشريف، والتي انتشرت بين بعض العوام ممن لا تحقيق له في العلم ولا باع، والتي مع شهرتها وانتشارها بين العوام فهي قبيحة مردودة ولا يُتمسك بها، لأن ما خالف القرءان والسُّنَّة وإجماع الأمة فهو ضلال، وهل بعد كلام الله كلام؟!!

ومن ذلك ما يقوله بعض مدّعي حب النبي والتصوف، حيث يذكرون في مؤلفات وأوراق أن أبا لهب يخفف عنه عذاب النار لعتقه جاريته ثويبة، ولا يصح هذا ولا يعوّل عليه.

ذكر البخاري عن عروة ما نصه [قَالَ عُرْوَةُ: وثُوَيْبَةُ مَوْلاةٌ لأبِي لَهَبٍ كَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا فَأَرْضَعَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ قَالَ لَهُ مَاذَا لَقِيتَ قَالَ أَبُو لَهَبٍ لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ]. اهـ.

كما هو واضح وجلي أن هذا ليس حديثًا نبويًّا، وإنما خبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به، وعلى تقدير أن يكون موصولًا فالذي في الخبر رؤيا منام فلا حجة فيه، لأنها ليست رؤيا نبي، ولأن العباس لم يعرض رؤياه على الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يُبنى على ذلك حكم شرعي. ثم إنه ليس في النص المذكور الكلام عن التخفيف في نار جهنم، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} [فاطر: 36].

قال القاضي عياض في إكمال الـمُعلم بفوائد مسلم([1]): [وقد انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم، ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، لكن بعضهم أشد عذابًا من بعض].اهـ.

وكيف يزعم بعض الجهلة أن أبا لهب «يسقى في النار ماءً من بين إصبعيه كل يوم اثنين»، والله تعالى يقول: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29]، كيف يقولون هذا عن أبي لهب وهو الذي سب النبيَّ صلى الله عليه وسلم وءاذاه وهو الذي نزلت سورة قراءنية كاملة في ذمه، وهذا دليل على شدة كفره وعذابه، ولم يحصل أن نزلت سورة كاملة من أولها إلى آخرها في ذم كافر إلا فيه. بعد هذا لا يقبل من أحد أن يترك كلام الله وكلام رسوله ثم يتبع رؤيا منامية لا يبنى عليها حكم شرعي أصلًا.

ويكفينا في ردّ هذا التخريف والتحريف ءايات بيّنات من كتاب الله تعالى، كقوله تعالى: {فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 86]، وكقوله تعالى: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً} [الفرقان: 69]، وكقوله تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ *لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [الزخرف: 75]، ومنها قوله تعالى: {فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُون} [البقرة: 86]، وقوله تعالى: {لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} [آل عمران: 88]، وقوله سبحانه {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 167]، وقوله تبارك وتعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: 56]، وقوله جل جلاله {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [المائدة: 37]، وقوله تعالى: {لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هود: 8]، وقوله تعالى: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} [الحج: 22]، وقوله تعالى: {لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36]، وقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ} [غافر: 49]، وقوله تعالى: {فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَابًا} [النبأ: 30]، وقوله تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُِولاَهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاَءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ} [الأعراف: 38]، وقوله تعالى: {عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ} [ص: 61]، وقوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} [النحل: 88]، وقوله تعالى: {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ} [الغاشية: 5]، وقوله تعالى: {لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلاَ شَرَابًا *إِلاَّ حَمِيمًا وَغَسَّاقًا} [النبأ: 24، 25]، وقوله تعالى: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ *يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: 16 – 17]، وقوله تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15]، وقوله تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 29]، وقوله تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [الأعراف: 50].

وممن رد هذه القصة الواهية الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري حيث يقول([2]) [لكنه مخالف لظاهر القرءان قال الله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]، وأجيب أولًا بأن الخبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به وعلى تقدير أن يكون موصولًا فالذي في الخبر رؤيا منام فلا حجة فيه ولعل الذي رآها لم يكن إذ ذاك أسلم بعدُ فلا يحتج به]. اهـ، ثم نقل عن القاضي عياض [الإجماع على أن أعمال الكفار لا تنفعهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب وإن كان بعضهم أشد عذابًا من بعض]. اهـ.

وفي كتاب إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري([3]) للقسطلاني، مبيِّنًا أن الكافر لا ينتفع بالعمل الصالح في الآخرة، يقول: «واستدل بهذا على أن الكافر قد ينفعه العمل الصالح في الآخرة وهو مردود بظاهر، قوله – تعالى –: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]، لا سيما والخبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدّثه به وعلى تقدير أن يكون موصولًا فلا يحتج به إذ هو رؤيا منام لا يثبت به حكم شرعي».

وبعدَ ءايات الله البينات الواضحات في بيان أن الكافر لا يخفف عنه العذاب بل يضاعف له العذاب وبعد كلام العسقلاني والقسطلاني الذي مرّ ءانفًا والإجماع الذي نقله القاضي عياض فلا يلتفت بعد كل هذا إلى هذه القصة المخالفة للقرءان مخالفة ظاهرة وواضحة لا تشكل إلا على جاهل ولا يهولنك يا طالب الحق أن تراها في أي كتابٍ كان أو تسمعها من أي شخص كان وإن تزيا بزي أهل العلم.

وإذا قيل لك هذه القصة صحيحة أو رواها فلان أو هي موجودة في بعض كتب الحديث فاثبت على الحق ولا تحد عنه واذكر ما قاله الحافظ الخطيب البغدادي في كتابه الفقيه والمتفقه، ما نصه [وإذا روى الثقة المأمون خبرًا متصل الإسناد رد بأمورٍ، أحدها: أن يخالف موجبات العقول فيعلم بطلانه لأن الشرع إنما يَرِدُ بمجوّزات العقول وأما بخلاف العقول فلا، والثاني: أن يخالف نص الكتاب أو السُّنَّة المتواترة فيعلم أنه لا أصل له أو منسوخ، والثالث: أن يخالف الإجماع فيستدل على أنه منسوخ أو لا أصل له لأنه لا يجوز أن يكون صحيحًا غير منسوخ وتجمع الأمة على خلافه]. اهـ.

وقد ذكر علماء الحديث أن الحديث إذا خالف صريح العقل أو النص القرءاني أو الحديث المتواتر ولم يقبل تأويلًا فهو باطل، وذكره الفقهاء والأصوليون في كتب أصول الفقه كتاج الدين السبكي في جمع الجوامع وغيره، والخطيب والبغدادي أحد حفاظ الحديث السبعة الذين نوّه علماء الحديث في كتب المصطلح بهم وهم أصحاب الكتب الخمسة والبيهقي وهذا الخطيب البغدادي وهو مذكور في كتاب تدريب الراوي وغيره». اهـ.

قال الحافظ البيهقي والإمام الحافظ ابن الصلاح وجمهور علماء المصطلح أنّ الحديث الضعيف يروى في فضائل الأعمال والسِيَر والمغازي والتفسير، أما في العقائد والأحكام فلا، وقال الإمام أحمد: «إذا روينا الضعيف في الفضائل تساهلنا وأما في الأحكام فنتشدد».

وإذا قال قائل هذا الحديث إنما في فضائل الأعمال ومنها الاحتفال بذكرى مولد الرسول فنقول ما قاله الشيخ عبد الله الغماري في هذا الغمار: «ما يوجد في كتب المولد النبوي من أحاديث لا خطام لها ولا زمام هي من الغلو الذي نهى الله ورسوله عنه فتحرم قراءة تلك الكتب ولا يقبل الاعتذار عنها بأنها في الفضائل لأن الفضائل يتساهل فيها برواية الضعيف أما الحديث المكذوب فلا يقبل في الفضائل إجماعًا بل تحرم قراءته وروايته». اهـ، وهذا في الضعيف فكيف بالكلام المخالف لصريح القرءان وصحيح السُّنَّة وإجماع الأمة. فليتق الله امرؤ يحاول نشر هذه القصة ونحن ننصح كل من اعتقدها أو صدقها أن يرجع عن هذا الضلال المبين للحق والصراط المستقيم بالشهادتين لأنه كذّب الله تعالى بكلامه هذا.

نسأل الله تعالى الثبات على الحق إلى الممات والدفاع عن دين الله تعالى فكم هو جميل منهج العدل والاعتدال والدفاع عن الإسلام ورد مفتريات الكائدين والجاهلين والمحرفين. وإنما قمنا بهذه النصيحة لوجه الله تعالى وخوفًا على المسلمين من أن يقعوا في ما يخالف شرع الله. وفي الأثر: «إذا ظهرت البدع (أي العقائد الفاسدة) وسكت العالم لعنه الله»، وقال أبو علي الدقاق: «الساكت عن الحق شيطان أخرس» رواه القشيري في الرسالة.

وليعلم أن فرح أبي لهب بمولد سيدنا محمد فليس لكونه يكون رسولًا بل لكون أن العشيرة زادت واحدًا فلما صار نبيًّا سبه وكذبه.

فلو قال شخص لجهلة المتصوفة إذا كان هذا حال أبي لهب لعتاقته ثويبة ألا يستحق فرعون الفردوس الأعلى بسبب تربيته لسيدنا موسى عليه السلام السنوات الطوال ولقي منه العناية العظيمة حتى صار شابًا؟! فبماذا يجيب؟!

وقد قال أحد جهلة المتصوفة مخالفًا القرءان الكريم:

إذا كان هذا كافرًا جاء ذمه
أتى في يوم الاثنين أنه دائما
فما الظن بالعبد الذي طول عمره

 

وتبت يداه وفي الجحيم مخلدا
يخفف عنه للسرور بأحمدا
بأحمد مسرورا ومات موحدا

 فرد عليه أحد مشايخ أهل السُّنَّة والجماعة وهو فضيلة الشيخ الأستاذ الداعية أسامة محمد السيد فقال:

(تبت يدا) من سبّ حبي أحمدا
فاقرأ هديت (فلا يخفف عنهم)
فالدين لا يؤخذ من رؤيا ولا
أما المنام قضية مشبوهة
ما جاء ذلك عن النبي لعمه
هيّا احتفل يا صاح في يوم الذي
صلى الإله على النبي وسلما

 

فغدا يرى وفي الجحيم مخلدا
حتى ولو سُرّ الشقي بأحمدا
من قول شخص للمهيمن عاندا
مجهولة الرائي لما قد وردا
حتى ولا رؤيا رأى كي تسندا
أبدًا بنصره الله كان مؤيدا
ما أنشد الشادي وحادٍ غردا

 قصة مكذوبة مفتراة على أبي بكر الصّدِّيق:

شاع وانتشر بين الكثير من الجهلة ولا سيما في تركيا ومنهم فتح الله غولان يقولون والعياذ بالله تعالى كاذبين مفترين محرفين ومزورين على سيدنا أبي بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمير المؤمنين أفضل البشر عد الأنبياء رضي الله عنه وأرضاه أنه قال على زعمهم يا ليت جسدي بملء جهنم لأن لا يدخلها أحد من أمة محمد والعياذ بالله من هذا الكفر المركب وهذه القصة مكذوبة متهافتة لعنة الله على واضعها.

وأولًا: ليس لها إسناد صحيح يعتد فلا يوجد حافظ من حفاظ الإسلام كأصحاب الكتب السبعة رواها وصحها.

ثانيًا: هي مكذبة للقرآن يقول الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ} ويقول تعالى: {لَأَمْلَأْنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} فإن قال الكذاب المفتري من أمة محمد المسلمين العصاة ويقال له وهذا أيضًا تكذيب للقرآن لأن الله تعالى قال: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} وقال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يخرج قوم من النار من أمة محمد بشفاعة محمد ويدخلون الجنة يُسمّوْنَ الجَهَنَّمِيين». رواه البخاري والبيهقي وفي هذا الحديث دليل على أن من المسلمين العصاة من أهل الكبائر من أمة محمد سيدخلون النار لا بد ويؤكد ذلك قوله يخرج قوم من النار والكفار لا يخرجون منها وقوله بشفاعة محمد والكفار لا شافع لهم وقوله ويدخلون الجنة والكفار لا يدخلون الجنة وهذا دليل واضح صريح صحيح قطعي بدخول بعض المسلمين النار ثم يخرجون منها وفتح الله غولان يكذب الرسول والقرءان والإجماع بهذه القصة مكذوبة.

ثالثًا: الأولياء لا يدخلون النار ولا يعذبون وليس عليهم خوف من العذاب في المستقبل لا في القبر ولا في مواقف يوم القيامة ولا في جهنم فكيف يزعم غولان بأن الصديق قال يا ليت جسدي بملء جهنم وقد قال الله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} ويقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} وقال الله تعالى: {إنَّ الَّذِينَ قَالُوْا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَأ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} فيجب التحذير من هذه القصة الملفقة على أبي بكر الصّدِّيق ومن قائلها.

وكأن قائل هذه القصة يستدرك الله على رسوله فالله أرحم الراحمين والرسول أرحم خلق الله بعباد الله فليتنبه لذلك.

([1]) إكمال الـمُعلم بفوائد مسلم (1/597).

([2]) شرح البخاري (المجلد التاسع كتاب النكاح باب الرضاع).

([3]) إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1416هـ الجزء 11 كتاب النكاح ص379).