الجمعة مارس 29, 2024

مُرَاعاة النبيّ الأعظم ﷺ في معاشرته الزوجية النواحي العاطفية والمشاعر والأحاسيس الإنسانية والأنثوية

يا عُشّاق الحبيب محمّد… يا أحباب اللهِ ورسولهِ الأعظم

لقد أحسن نبينا المصطفى ﷺ معاشرة زوجاته الطاهرات رضي الله عنهن وعاملهن معاملة حسن قائمة على الرحمة والشفقة والحكمة والمداراة، وقدّر وراعى عليه الصلاة والسلام بعقله النير الثاقب، وما أعطاه الله تعالى من علم واسع بطبيعة المرأة وما فطرها الله تعالى عليه من مشاعر وأحاسيس أنثوية، راعى ﷺ غيرتهن وشدة تعلقهن به وحبهن له ﷺ ، فلقد كان الحبيب المصطفى ﷺ مع كثرة همومه وانشغالاته في تدبير أمور المسلمين، وكثرة عبادته لربه يلاطف زوجاته الطاهرات ويمازحهن ويعاشرهن معاشرة حسنة، وكان يرفق بهن ويعطف عليهن ويتودد إليهن ليدخل السرور والفرح على قلوبهن، وبذلك كانت تزداد الألفة والمودة والمحبة بينه ﷺ وبين زوجاته الطاهرات امهات المؤمنين رضي الله عنهن على مرّ الأيام والسنين.

ومع ذلك نعلم وندرك أن حبيبنا ونبينا الأعظم ﷺ هو بشر مثلنا، ولكنه ﷺ هو سيّد وأعظم البشر، خلق الله تبارك وتعالى فيه ﷺ مشاعر وأحاسيس وعواطف وصفات وغرائز إنسانية كغيره من البشر، ولكنه ﷺ نبي معصوم كسائر إخوانه الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين. قال الله تعالى وتبارك: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} [سورة الرعد/38].

وقال تبارك وتعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [سورة الكهف/110].

وقال عزّ وجل: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً} [سورة الإسراء /93].

يا عُشّاق الحبيب مُحمّد…

لقد راعى حبيبنا المصطفى ﷺ في معاملته ومعاشرته لأزواجه في الحياة الزوجية النواحي العاطفية والمشاعر والأحاسيس الإنسانية، وضرب لنا ﷺ أروع الأمثال في عاطفته في التعامل مع زوجاته الطاهرات أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.

وبذلك يكون الرسول الأعظم ﷺ خير لأمته في مراعاة النواحي العاطفية والأحاسيس والمشاعر الإنسانية في حياته الزوجية وفي تعامله مع زوجاته الطاهرات أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، قال الله تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)} [سورة الأحزاب].

يا عُشّاق الحبيب محمّد… يا عاشقي الحبيب مُحمّد

إن هناك نماذج رائعة وأمثالاً عظيمة وردت ورويت في سيرة نبينا وحبيبنا المصطفى ﷺ في تعامله ﷺ مع زوجاته الطاهرات رضي الله عنهن في حياته الزوجية وذلك فيما يتعلق بالنواحي العاطفية والمشاعر والأحاسيس الإنسانية، ويتجلى لنا ذلك في أمور كثيرة ومواقف وجوانب متعددة نذكر منها ما يلي:

النبي الأعظم ﷺ كان يصطحب زوجته في السفر ويتوّدد إليها بالحديث معها:

يا عُشّاق الحبيب الأعظمِ محمّد…

كان النبيّ الأعظم ﷺ يبادل زوجاته المشاعر والعواطف الإنسانية تألفاً لهن وتودداً إليهن وإدخالاً للسرور والفرح إلى قلوبهن، فقد كان عليه الصلاة والسلام يُقرع بين نسائه ويصطحبهنّ معه في السفر ويتحدث إليهن تودداً إليهنّ وإحساناً إليهن في معاشرتهن وحسن عشرتهن.

فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ كان إذا خرج (أي للسفر) أقرع بين نسائه فطارت القرعة لعائشة وحفصة وكان النبي ﷺ إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث. فقال حفصة: ألا تركبين الليلة بعيري (أي جملي) واركب بعيرك تنظرين وانظر؟ فقالت: بلى، فركبت فجاء النبي ﷺ إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم عليه ثم سار حتى نزلوا وافتقدته عائشة فلما نزلوا جعلت- أي عائشة رضي الله عنها- رجليها بين الاذخر (حشيش أخضر) وتقول: يا ربّ سلّط علي عقرباً أو حية تلدغني ولا أستطيع أن أقول له شيئاً، رواه البخاري.

النبي ﷺ يقدّر غيرة زوجته وحبّها له:

يا عُشّاق الحبيب مُحمّد… يا عاشقي الحبيب مُحمّد

لقد كان حبيبنا المصطفى ﷺ عارفاً بطبيعة المرأة ومشاعرها وأحاسيسها الداخلية والأنثوية لذلك أحسن ﷺ معاشرته لزوجاته الطاهرات وعاملهن في حياته الزوجية أحسن معاملة وقدر وراعى ﷺ الناحية العاطفية لدى زوجاته ومدى تعلقهن به وحبهن له وغيرتهن عليه ﷺ.

فعن السيدة الجليلة عائشة رضي الله عنها قالت: ما غرتُ على نساء النبي ﷺ إلا على خديجة وإني لم أدركها. قالت رضي الله عنها: وكان رسول الله ﷺ إذا ذبح الشاة فيقول أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة. قالت- أي عائشة- فأغضبتُهُ يوماً فقلت: خديجة. فقال رسول الله ﷺ – رداً على عائشة رضي الله عنها- “إني قد رُزقتُ حبها”.

النبيُّ الأعظم ﷺ يُظهر محبته ووفاءه لزوجته ويُبادلها العاطفة:

يا عُشّاق الحبيب مُحمّد… ويا عاشقي النبيُّ مُحمّد…

إنّ نبينا المصطفى وحبيبنا الأعظم ﷺ فاق بعاطفته ومشاعره ما تعارف

عليه الناس من مشاعر المحبة والعواطف النبيلة ومحاسن الأخلاق بين الزوج وزوجته في الحياة الزوجية، وضرب لنا ﷺ بخلقه العظيم أروع الأمثال في عاطفته ومشاعره وحسن خلقه في التعامل مع زوجاته الطاهرات أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، فلقد كان النبي الأعظم ﷺمع كثرة همومه وانشغاله في تدبير امور المسلمين، وكذلك كثرة عبادته لربه كان ﷺيلاطف زوجاته الكريمات ويمازحهن ويلاطفهن ويتودد إليهن ويبادلهن العواطف والمشاعر النبيلة والمودة والوفاء، وكان عليه الصلاة والسلام يدخل السرور إلى قلوبهن لتبقى وتزداد الألفة والمودة والمحبة بينه وبينهن في الحياة الزوجية، وقد ظهر لنا ذلك في مناسبات كثيرة ومواقف متعددة من خلال سيرته العطرة ﷺ مع زوجاته البارات الطاهرات رضي الله عنهن، نذكر بعضاً منها:

ففي حديث أم زرعٍ الطويل الذي رواه الإمام البخاري عن السيدة الجليلة عائشة رضي الله عنها وفيه ان إحدى عشرة امرأة جلسن وتعاهدن أن لا يكتمن شيئاً من أخبار أزواجهن، وكان من بين أولئك النسوة امراة يقال لها أم زرع التي تحدثت عن زوجها الوفي أبي زرع بأحسن حديث عنه، حيث تحدثت عن عظيم حبه وحسن معاشرته لها، وسعة كرمه وإحسانه إليها، وجميل وحسن العيش وراحته مع أهله وأولاده وأمه وكذلك عظيم وفائه لها. قالت السيدة الجليلة عائشة رضي الله عنها،قال رسول الله ﷺ: “كنتُ لكِ كأبي زرع لأم زرع” (أي لك كأبي زرع في الوفاء والمحبة وحسن المعاملة) فقالت السيدة الجليلة عائشة رضي الله عنها للرسول المصطفى ﷺ مظهرة وفاءه وعظيم محبته لها وحسن وعشرته لها: “بأبي وأمي لأنت خيرٌ لي من أبي زرعٍ لأمْ زرع”.

صلّى الله وسلم على نبينا وحبيبنا وعظيمنا وسيدنا محمد صاحب الخلق العظيم، وصاحب الأخلاق العليا، وخير مولود وزوج وقائد عرفه هذا العالم.

ومن عظيم وفاء الرسول الأعظم ﷺ وعظيم أخلاقه أنه ﷺ كان يقابل وفاء زوجته وإحسانها له بالوفاء والإحسان والجميل.

فقد كان عليه الصلاة والسلام يعلن حبه ووفاءه لزوجته الوفية التي وقفت معه عند الشدائد والأزمات وآزرته وأحسنت إليه، وهي السيدة الجليلة الطاهرة العفيفة خديجة رضي الله عنها، فقد كان عليه السلام يسعد بإعلانه حبه ووفائه لها وإحسانه إليها رضي الله عنها وأرضاها.

فعن السيدة الجليلة عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله ﷺ إذا ذبح الشاة، يقول: “اذهبوا بذي إلى أصدقاء خديجة”. قالت (عائشة) فأغضبته يوماً فقال ﷺ: “إني رزقت حبّها” رواه مسلم.