الخميس مارس 28, 2024

مجلس كتاب ” سمعت الشيخ يقول ” -135/

اشكروا الله على نِعمِه التي لا تُحصى

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات

 الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمدٍ طه النبيّ الأميِّ الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وصحبه ومن والاه

وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له ولا ضدّ ولا ندَّ ولا زوجةَ ولا ولدَ له ولا شبيهَ ولا مثيلَ له ولا جسمَ ولا حجمَ ولا جسدَ ولا جثةَ له ولا صورةَ ولا أعضاءَ ولا كيفيةَ ولا كميةَ له ولا أينَ ولا جهةَ ولا حيّزَ ولا مكانَ له

كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان فلا تضربوا للهِ الأمثال ، ولله المثلُ الأعلى ، تنزّه ربي عن الجلوس والقعود وعن الحركةِ والسكون وعن الاتصال والانفصال لا يحُلُّ فيه شىء ولا ينحلُّ منه شىء ولا يحُلُّ هو في شىء لأنه ليس كمثلِه شىء

مهما تصوّرتَ ببالك فاللهُ لا يشبهُ ذلك ومَن وصف اللهَ بمعنًى من معاني البشر فقد كفر

وأشهدُ أنّ حبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرّةَ أعيُنِنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرَّم وباركَ وعظّمَ وعلى جميعِ إخوانِه من النبيين والمرسلين وآلِ كلِّ وصحبِ كلٍّ وسائرِ الأولياءِ والصالحين

أما بعدُ إخواني وأخواتي في الله السلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته

أذكرُكم وأذَكّرُ نفسي بإخلاصِ النيةِ للهِ تعالى في حضورِ مجلس العلم

بعدَ هذه المدة التي انقطعنا فيها عن هذا المجلس المبارك بسبب دروس رمضان كلّ يوم عصرًا في المسجدِ وكنا معكم في البث المباشر ، بسببِ هذا الانقطاع الطويل عن هذا المجلس العظيم المبارك ها قد عدنا إليكم اليوم ونحن بشوقٍ إليكم ونحنُ نحبُّكم في الله

جمعَني اللهُ وإياكم عند حبيبِه المصطفى صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة عند حبيبِ الله سيّد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام وعند الكعبةِ المشرّفة وفي عرفات المباركة وجمعنا في الفردوس الأعلى وأعطاكم سؤلَكم من خيرات الدنيا والآخرة

 

كثير من إخوانِنا الذين يدخلون هنا معنا  في الصفحة أحيانًا يطلبونَ الدعاء وأحيانًا يكتبونَ أشياء أنا لا أكون أقرأ إنما أحيانًا بعد مدة بعض الأحبّة يُخبرُني أنّ بعضَهم يطلبُ الدعاء وبعضَهم يسلّم بعضَهم كذا ، وأنا دائمًا أذكرُكم وأخَصِّصُكم بالدعاء أقول الذين يحضرونَ معنا في هذه الصفحة في هذا الموقع وكنتم تسمعون عندما كنا ندور على مقامات الأولياء وكل مرة عند قبرِ وليّ ومقام وليّ وكنا ندعو لكم ونذكرُكم ونخصُّكم ثم نُعمِّم بقيةَ المسلمينَ والمسلمات لكنْ أنا من بابِ الإيضاح أنْ لا يبقى في نفوسِ البعض شىء أنني لا أردّ مباشرةً أو فورًا أو لا أجيب لأنني لستُ في الموقع ولستُ على الشاشة إنما الآن مثلًا أُعطي الدرس أنا لا أقرأ ماذا يُكتَب ولا أقرأ ماذا يُعلَّق، لكنْ أنا دائمًا أدعو لكم بالخير وأحبُّكم في الله أنتم إخواني وأحبابي جمعنا اللهُ وإياكم على طاعتِه على ما يحبُّه ويرضاه على خدمةِ الدين والإسلام، فلا يبقى في نفس البعض شىء وإنْ كانت أمورًا  خاصةً أحيانًا ترد على الخاص ما أُخبَرُ به عادةً أنا أجيب وأرسل إنْ كان سلام أو دعاء أو حاجات أو أمور لكنْ المهم العلاقة القوية التي هي علاقة الأخوّة الإيمانية، علاقة الإيمان، {إنما المؤمنونَ إخوة}[الحجرات/١٠]

فنحنُ العلاقة والرابط الذي بينَنا وبينَكم أكبر من رابط النسب وأكبر من رابط المال والتجارة والأمور الدنيوية لأنّنا الحمد لله على دينٍ واحد ، جمعَنا اللهُ تعالى على الإسلام .

لذلك قال عليه الصلاة والسلام “ المسلمُ أخو المسلم “ والقرآنُ العظيم فيه {إنما المؤمنون إخوة}  فأنا أحبّكُم في الله بارك اللهُ بكم حفظكم الله ورعاكم وسدّدكم وأيّدَكم ونصركم وصانَكم وقواكم ولطف بكم وأفاضَ عليكم من الخيرات والبركات والأسرار والرحمات والأنوار والضياء والشفاء ولمَن تحبون ولأبنائكم ولأهلِكم ولإخوانِكم ورزقَكم ورزقَهم مالًا حلالًا واسعًا طيّبًا مباركًا  فيه وفرَّجَ عنا وعنكم وعنهم كرباتِ الدنيا والآخرة .

وبعد هذه المقدمة لأنها بعد مدةٍ وبعد الشوق الذي في قلوبِنا لكم نبدأ لأجلِ الفائدة بمجلسِنا بدرسِنا بجواهر ويواقيتِ وعلومِ ولآلئِ شيخِنا الإمام الحافظ الهرري رحمه الله رحمةً واسعة ونفعَنا به وبعلومِه

قال الشيخُ رحمه الله ورضي عنه ” الذي  يُحلِّلُ أو يحرّمُ بغيرِ دليلٍ شرعي فله الويلُ في الآخرة ، في ذلك اليوم الذي يُسألُ العبدُ فيه عن المال مِن أينَ أخذه وفيما صرفَه فإنْ أخذَه بطريقٍ أحلّه الله وصرَفَه بطريقٍ أحلّه الله سلِمَ ونجا وإلا فهو مُستحقٌّ عذابَ الله .

وردَ في الحديث الصحيح أنّ العبدَ يُسألُ يومَ القيامةِ من قبَلِ اللهِ عز وجل

انتبهوا ما معنى مِن قبَلِ الله؟ ليس معناه أنّ اللهَ في جهة أو في مكان ومن هذه الجهة يُسأل العبد لا ، اللهُ موجود بلا جهة وبلا مكان وليس جسمًا وليس حجمًا بالمرة ، وهو سبحانه ليس حالًّا في أرض القيامة وليس مُخالِطًا للناسِ في مواقفِ القيامة وليس ساكنًا السماء وليس جالسًا على العرش وليس في الفضاء وليس في مكانٍ واحد ولا في كلِّ الأماكن ، هو موجودٌ أزلًا وأبدًا بلا جهةٍ ولا مكان ، والناسُ هم يكونونَ في مواقفِ القيامة وينتقلونَ من مكان إلى مكان ومن موقف إلى موقف لأنّ الذي يكون في مكان والذي يكونُ في جهة هو الحجم هو الجسم ، الله ليس حجمًا ، اللهُ ليس جسمًا ، فاللهُ تعالى منزّهٌ عن أنْ يكونَ في جهةٍ واحدة أو في كلّ الجهات لأنّ الذي له مكان أو هو في جهة أو هو في كل الجهات إنما هو مخلوق محتاجٌ إلى هذا المكان ، فإذا قيلَ لك مَن من المخلوقين يكونُ في كل مكان ؟ أقول لك أنا الآن في الموقع الذي أنا فيه والموضع الذي أنا فيه فأنا في مكانٍ واحد لكنْ ممكن أن أنتقل في كل دقيقة من مكانٍ إلى مكان إلى مكان إلى مكان إلى مكان إلى جهة ، وهكذا كل واحد منا فنكون تنقّلْنا في الأماكن ، هذا في الانتقال وفي الأماكن صفات المخلوق

وهناك شىءٌ من المخلوقين هو في وقتٍ واحد في كلّ هذه الأماكن وهو الهواء . لاحظ نحنُ الآن في هذه القاعة مثلًا نتنفّس وإذا خرَجنا إلى الجهةِ المقابلةِ أو اليمنى  أو اليُسرى نتنفّس ، إذا طلعنا إلى فوق أو نزَلنا إلى الطريق إذا ذهبْنا إلى الجبل إذا طلعنا في الطائرة إذا نزلنا في الغوّاصة ، إذا كنا في المراكب في البحر أو في البرّية ، أينما ذهبْنا ألا يوجَد هواء ؟ ألسنا نتنفّس ؟

لاحظوا هذا الهواء المخلوق هو الآن  في وقتٍ واحد فوق وتحت أمام وتحت يمين ويسار في الداخل والخارج وهو مخلوق ، اللهُ لا يجوزُ عليه أنْ يكونَ كالهواء ولا يجوز عليه أن يكونَ كواحدٍ منا أو كواحدٍ من أفرادِ العالم ، كل هذا مستحيلٌ على الله

فإذًا هذا مثالٌ مُشاهَدٌ بالحسِّ والمشاهدة أنّ المخلوق قد يكونُ في مكان وينتقل وقد يكون هذا المخلوق في وقتٍ واحد في كلّ هذه الأماكن التي ذكرْناها يمين ويسار أمام وخلف فوق وتحت ، في الداخل والخارج وهو الهواء ، الله تعالى لا كالهواء ولا كالإنسان فهو لا في مكانٍ واحد ولا في كلّ الأماكن وإلا لكانَ له أمثالًا لا تُحصى ولكانَ كمخلوقاتِه وهذا مستحيلٌ على الله عز وجل .

وهذه العقيدة يا إخواني ويا أخواتي عقيدة التنزيه والتوحيد هي الأصلُ والأساس لأنّ الإنسان إن ادّعى الإسلام وانتسبَ للإسلام وكان يحفظ القرآن عن ظهر قلب وكان يصلي كل يوم على زعمِه ألف ركعة من السنة وكان لا يعرف الله ويعتقد أنّ اللهَ ضوء أو ظلام أو روح أو هواء أو غيم أو جسد أو كالإنسان أو قاعد في السماء أو جالس على العرش أو حلَّ في العالم والفضاء في وقتٍ واحد، هذا ما آمنَ بالله ولا عرفَ الله ولا وحّدَ الله ولا نزّهَ الله ولا قدّسَ الله ولا عظّم الله ولا صدّقَ الله ، بل كذّبَه وشبّههُ بخلقِه فلا ينفعُه لا صومٌ ولا صلاة لا زكاة ولا حجّ ولا قراءة قرآن ولا غير ذلك من العبادات .

 لماذا ؟ قال العلماء لا تصحُّ العبادةُ إلا بعدَ معرفةِ المعبود ، ومن هؤلاء الفقهاء الذين قالوا هذه القاعدة أبو حامدٍ الغزاليّ وهي قاعدةٌ متفقٌ عليها عند كلّ علماءِ الإسلام ، لا تصحّ العبادة إلا بعدَ معرفة المعبود وأصلًا هذا الكلام عندَنا  في الأدلة والمصادر ما هو أقوى منه من حيثُ المصدر

أليس الله يقول في القرآن { فلا تضربوا لله الأمثال }[النحل/٧٤] ؟ فمَن ضربَ للهِ مثلًا أو أمثالًا لا تُحصى فقد كذّبَه ومَن كذّبَه كان كافرًا به لا يكونُ مؤمنًا به

أليس الرسولُ صلى الله عليه وسلم قال ” أبَى اللهُ أنْ يقبَل -يعني لا يقبل- عملَ ذي بدعةٍ حتى يدَعَ بدعَتَه ” رواه السيوطي وعبدُ الرؤوف المُناويّ .

 

قال العلماء في شرح هذا الحديث المشبّهة والمجسّمة والقدرية المعتزلة المُرجئة كلّ ملل وفرق وجماعات المبتدعة في الاعتقاد الذين وصلَت بدعتُهم بهم إلى حدّ الكفر قال الرسولُ فيهم ” أبى اللهُ أنْ يقبَلَ عملَ ذي بدعةٍ حتى يدَعَ بدعتَه ” يعني لا تصح ولا تُقبَل .

نحن الآن ذكرنا على سبيل المثال ” لا تصح العبادةُ إلا بعد معرفةِ المعبود ” وإلا فالمصادرُ كثيرة والأدلةُ على ذلك كثيرة .

أليس قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم ” لا فكرةَ  في الربّ “؟ فمن اعتقدَه جسمًا أو حجمًا أو نسبَ له المكان أو الجهة ما عرفَه إذًا لم يؤمن به ولم يوَحِّدْهُ ولم يصدِّقْه ، وهذا الحديث رواه الحافظ السيوطي في كتابه الدرّ المنثور ورواه أيضًا أبو القاسم الأنصاري النيْسابوريّ في كتابِه شرح الإرشاد

الإرشاد المتن هو كتابٌ ضخم في العقيدةِ الأشعرية السنّية لإمامِ الحرمين عبد الملك أبي المعالي الجويني ولُقِّبَ بإمام الحرمين لأنه أقام مدةً في مكةَ والمدينة وانتفعَ به أهلُ البلاد والوافدين الذين يَفِدونَ للحجّ والعمرة والزيارة ، الذين يأتونَ  لتلكَ البلادِ المقدسة المشرّفة المباركة ، كل هؤلاء الناس انتفعوا بهذا الإمام هذه المدة عندما كان مقيمًا في مكةَ والمدينة فلذلك لقِّبَ بإمامِ الحرمين .

فالإرشاد لإمام الحرمين عبد الملك أبي المعالي الجويني وشرحُه كتابٌ ضخمٌ كبير وفيما أعلمُ بعدُ لم يُطبَع ، عندي نسخة مخطوطة في أكثر من مجلد ، موجود في بعض المكتبات في المملكة العربية السعودية في مكتبات الجامعات مجلدين ضخمين ، هذا شرح الإرشاد ، هذا الشرح هو لأبي القاسم الأنصاري النيسابوري، هو الذي روى هذا الحديث في كتابِه هذا المخطوط شرح الإرشاد.

الحاصل عقيدة كل المسلمين الأنبياء والملائكة والصحابة وآل الرسول صلى الله عليه وسلم والسلف والخلف أنّ اللهَ تعالى ليس كميةً وليس حجمًا ولا شكلَ له ولا صورة ولا جوارحَ ولا أعضاء وأنه موجودٌ بلا جهةٍ ولا مكان ومَن كذّبَ في ذلك فليس من المسلمين ليس موَحِّدًا ليس مؤمنًا ليس عارفًا بخالقِه بل هو كافرٌ به كما قال إمامُ أهلِ السنة في الاعتقاد علي بن إسماعيل أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه ، قال ” مَن جهِلَ اللهَ كان كافرًا به ” وهكذا يجب على الإنسان المكلف أنْ يعتنيَ بهذه العقيدة أكثر من أيّ شىءٍ آخر فيتمسّك بالعقيدة السنّية الأشعرية الماتريدية ليكونَ على التنزيه الصافي الصرف الخالص لأجلِ أنْ يسلَمَ من التشبيه والتجسيم والإلحاد والتعطيل والحلول والاتحاد .

عقيدة أهل السنة والجماعة هي عقيدة الأنبياء والملائكة والأولياء والصحابة والآل.

فإذًا ما معنى مِن قِبَلِ الله ؟ كنا نتكلم عن السؤال يوم القيامة وعمّن أخذ المال من حلال أو من حرام ومن الذي يُسأل ، كنا في هذه القضية لكن لماذا ذهبنا إلى شرحِ معنى ” مِن قِبَلِ الله ”  أي أنّ اللهَ هو الذي يحاسبُ العبدَ يوم القيامة فيسمع كلامَ الله الذي ليس ككلامِ المخلقين مِن غيرِ  أنْ يحلَّ الكلام الذاتي في أُذنِ هذا العبد من غيرِ أن يحلُّ في المخلوق ومن غيرِ  أنْ يكونَ الله حالًّا في موقفِ القيامة ، بل كما عرفنا نحن في الدنيا نعرف ونُقرّ ونعترف ونصدّق بلا أدنى شك أنه موجود بلا مكان هكذا اعتقاد المؤمن يومَ القيامة أنّ اللهَ موجود بلا مكان ويسمع كلامَ الله الموجود بلا مكان ، الله موجود بلا مكان ويُحاسِبُ العبد

لأنه صلى الله عليه وسلم قال ” ما منكم مِن أحدٍ إلا وسيُكلِّمُه ربُّه يومَ القيامة ليس بينَه وبينَه ترجُمان ”  فهمتُم ما معنى ” من قِبَلِ الله ”  أي أنّ الله هو الذي يحاسبُ العباد ويسألُه هذا المال مِن أينَ أخذتَه وفيمَ صرَفتَه ، لكنْ كلامُ الله بلا حرف ولا صوت ولا لغة ولا فم ولا شفاه ولا أسنان ولا أضراس ولا اصتكاكِ أجرام ولا انسِلالِ هواء ولا مخارجِ حروف ولا مُبتدَأ ولا مُختَتَم بلا لغةٍ عربية ولا عبرية ولا سريانية ، لا يشبه كلامَ الإنس ولا الجن ولا الملائكة ليس مُبتَدأً وليس مُختَتَمًا .

أليس الله يقول { وكلّم اللهُ موسى تكليمًا }[النساء/١٦٤]؟ إذًا الله تعالى متَّصِفٌ بصفةِ الكلام ، كلامُه موجود ، فيصحّ للإنسانِ أن يسمعَه يومَ القيامة مع أنه ليس ككلام المخلوقين واللهُ موجودٌ بلا جهةٍ ولا مكان ليس حالًّا في مواقفِ القيامة ، بلا جهةٍ ولا مقابَلة لأنّ اللهَ ليس كمثلِه شىء .

فإذا كان هذا اعتقادُ المسلمين واعتقادُ الأنبياءِ في الدنيا أنّ اللهَ موجودٌ بلا مكان وليس كمثلِه شىء فهل يجوز أنْ يكونَ الله في القيامة يصير يُشبهُ الأشياء ويُخالِطُ العباد ويحلُّ في الأماكن ؟ لا يجوز ، لأنّ هذا معناه تغيّر والمتغيّر يحتاج إلى مَن يغيّرُه والاحتياجية تُنافي الألوهية ، إذًا لا يجوز ولا يصح أنّ يكونَ الله يومَ القيامة يتغيّر، هذا لا يقول به إلا كافر مشرك زنديق ، لأنّ أحد أدعياء المشيخة  قال هو في الدنيا كان لا يشبهُ شيئًا أما في الآخرة يتغيّر الحال ، انظروا إلى هذه الزندقة يتفنّنون في الكفر

الذي يجوز عليه أنْ يتغيّرَ في الآخرة يجوز عليه أنْ يتغير في الدنيا والذي يتغير في الآخرة مخلوق ، يعني الذي يتغير في الدنيا ما الفرق بينه وبين الذي يتغير في الآخرة؟

هذا مخلوق وهذا مخلوق ، رأيتم إلى زندقةِ بعضِ أدعياء المشيخة ؟  أدعياء مشيخة وزنادقة ، رأيتم لماذا نحنُ نؤكد في أمر التنزيه الصافي ؟ في أمر العقيدة الصافية ؟

لأجلِ الآية الكريمة { ليس كمثلِه شىء }[الشورى/١١] عندما يقول هو يتغير يوم القيامة جعله كمثلِه أشياء جعله كخلقه ، جعله مُحدَثًا متغيّرًا مخلوقًا محتاجًا ضعيفًا عاجزًا زائلًا فانيًا جاهلًا ، هذا لا يجوز على الله ، مَن جوّزَ على الله شىء من ذلك فهو كافرٌ بالله وبالقرآن وبالرسول وبالإسلام وبالأنبياء

إذًا لذلك قال الأشعريُّ رضي الله عنه ” مَن جهِلَ اللهَ كان كافرًا به ” إذًا الله لا يتغيّر لا في الدنيا ولا في الآخرة يتغير

إذًا ما معنى ” مِن قِبَلِ الله ” ؟ أي أنّ اللهَ هو الذي يُحاسبُ العبد ، ليس معناها أنّ اللهَ في ناحيةٍ وجهة ومن هذه الناحية يأتي صوت وحروف لا ، هذا مستحيلٌ على الله { ليس كمثلِه شىء }[الشورى/١١]

 

 

 

 

قال الشيخ جميل

أعيدُ لكم العبارة

قال الشيخ رحمه الله ” وردَ في الحديث الصحيح -رواه الحافظ الإمام البيهقي وهو أحد الأئمة العِظام الكبار المشاهير الذين نشروا مذهب الشافعي وهذّبوا ورتّبوا مذهبَ الشافعي والفقه الشافعي ولهم فضلٌ عظيم ، هذا الإمام البيهقي من الأئمة والعلماء الذين لهم فضلٌ عظيم وهو في الحديث من الأئمة المشاهير ومن الحفاظ المنظور إليهم ، هذا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي رحمه الله رحمةً واسعة .

لكن هذا المدح له رضي الله عنه وهو أهلٌ لذلك وأكثر ، أريد أنْ أنبِّهَ الآنَ  لشىء لأنني سمعتُ أنّ بعضَ الأشخاص الذين ربما لم يقفوا على كلِّ ما في كتبِ البيهقي قالوا لا يوجد في كتب البيهقي شيئًا ليس صحيحًا ، هذا غلوّ لأنّ البيهقي مع جلالتِه ومع ما وصفتُ وقلتُ وأكثر وأقول رضي الله عنه لكنه يصيبُ ويُخطئ ، أليس قال الرسولُ صلى الله عليه وسلم والخطابُ للصحابة يعني لأمته  ” مَا منكم مِن أحدٍ إلا ويُؤخَذُ منه ويُدَع إلا النبيّ ”

سيدنا مالك رضي الله عنه قال وكان عند القبر الشريف قال ” ما منا مِن أحدٍ إلا رادٌّ ومردودٌ عليه إلا صاحبَ هذا القبر ” يعني الرسول صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم وبارك وعظّم ، وهذا ليس طعنًا في البيهقي حاشا ، الرسولُ صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكرٍ الصديق وهو أفضل البشر بعد الأنبياء ، تخيلوا كم عدد البشر لا يحصيه إلا الله ، بعد الأنبياء أفضل البشر أبو بكر رضي الله عنه، يعني هو رئيس البشر بعد الأنبياء وأفضلُ البشر بعد الأنبياء ، هو أفضل أولياء البشر رضي الله عنه ، وإذا كان هذا أبو بكر ثبت في صحيح البخاري أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ” أصبْتَ في بعضٍ وأخطأتَ في بعضٍ ” مَن فلان وفلان أمام الصديق ؟ إذا كان أبو بكر هذا حالُه

فقد يقول بعض أهل الفتنة والفساد والغلوّ العمياء وهذا ينطبق على شيخِكم ؟ أقول إذا كان ينطبق على أبي بكر وعلى البيهقي فكيف لا ينطبق على شيخِنا؟ فهو منطبِقٌ على شيخِنا مِن بابِ أوْلى وعلينا جميعًا وليس على شيخِنا فقط ، لكنْ بعض أصحاب النفوس العَفِنة القلوب العمياء المريضة والعقول المنحرِفة وشذّاذ الآفاق يقولون تقولون أبو بكر يخطئ والبيهقي يخطئ وشيخُكم لا يخطئ؟ يا ظلّام يا خبثاء مَن منا قال شيخُنا لا يُخطئ؟ نحن نقول شيخُنا يجوز عليه أنْ يُخطئ وشيخُنا هو الذي علّمنا ” ما منكم من أحدٍ إلا ويؤخَذُ منه ويُدَع إلا النبيّ ”  هو الذي حفّظنا هذا الحديث وهو الذي علّمنا وأعطانا وكان يشجِّعُنا على الجرأةِ أنْ نردّ وأنْ نبيّن لو كان الخطيبُ على المنبر ، لو كان الخطيبُ أكبرُنا إنْ أخطأ أقل واحد فينا عندَه الجرأة أنْ يقول الآيةُ كذا والحديثُ كذا والمسئلةُ كذا ، مَن نحنُ؟ إن كان الشيخُ أو نحنُ كلّنا مَن نحنُ أمامَ البيقهي أمامَ عمر رضي الله عنه الذي قال ” أصابت امرأة وأخطأ عمر ” ؟

إذا كان هذا حال عمر وأبو بكر والبيهقي فمن الشيخ رضي الله عنه أمامَهم ونحن معهم ؟  إذًا هذا ينطبق علينا جميعًا

فلْيَنتَبِه هؤلاء الذين من شدةِ غيظِهم يكاد يُسمَع لقلوبِهم انفجار يصل إلى آذان الناس من شدةِ غيظِهم وحقدِهم وحسدِهم وضلالةِ قلوبِهم وشدةِ افتراءاتِهم على شيخِنا ، نقول نحن شيخُنا يُخطئ ويصيب وهذا حال كلّ العلماء وكل إنسان منصف هكذا يقول ونحن معروفون على المنابر كل واحد منا لو أخطأ على المنبر لو أخطأ يقول الآيةُ كذا الحديث كذا والمسئلةُ كذا ، هذا شىءٌ يعرفُه الصغير فينا والكبير

مع جلالةِ مقام البيهقي وعلوِّ مرتبتِه وتبحّرِه في العلوم وعلوّ قدرِه في الحديث إلا أنّ في بعضِ كتبِه ما ليس صحيحًا وما لا يصح وإنْ كان قليلًا لكنْ موجود لأنّ الغلوّ لا يحبُّه الله ، إذا كان مولانا المُزَني تلميذ الشافعي رضي الله عنهما ، كتاب الرسالة في أصول الفقه وهو أول كتاب وضعَه في هذا الفن وألّفه مولانا وسيّدنا الشافعي وعليه أصّل العلماء وأسسوا واستفادوا وأخذوا منه مع ذلك يقول المزَني: قرأتُه على الشافعي كذا وكذا مرة  -هناك روايات وأرقام أحيانًا تكون عالية كثيرًا-

وكان في كلّ مرةٍ يقف على خطأ ويقول ” هيه أبَى الله أنْ يكونَ كتابًا صحيحًا إلا كتابَه ” إذا كان هذا مولانا الشافعي الذي نعتقد فيه الصدّيقية في الولاية ونعتقدُه إمامًا في السلف ونعتقدُه حافظًا مجتهدًا مطلَقًا بل نعتقد أنّ فيه ورد حديثُ الترمذيّ ” لا تسبّوا قريشًا فإنّ عالِمَها يملأُ طباقَ الأرضِ علمًا ونورًا”

إذًا نحنُ أردِنا أنْ نُبرّئَ البيهقي فإذا رأيتم ما لا يصح عقيدةً ولا يوافق عقيدة أهل السنة في بعض تأليفاتِه وهذه مواضع قليلة فنحنُ نظنّ أنها ليست منه إنما قد تكون أُدخِلَت خطأً من بعضِ النُّساخ .

قلنا مَن روى هذا الحديث وهو البيهقي وردَ في الحديث الصحيح أنّ العبدَ يُسألُ يومَ القيامة مِن قِبَلِ الله ألم أُصِحَّ جسمَكَ وأُروِكَ من الماءِ البارد “

يعني الله يتفضل على عبدِه ويذكّره بهذه المنن الكثيرة بأنْ أعطاه جسمًا سليمًا صحيحًا قويًّا مُعافًى فهل أدّى شكرَ هذه النعمة ؟ العبد ينبغي أنْ يسألَ نفسَه قبل أنْ يأتيَ إلى مواقف القيامة لأنّ الأمر في القيامة صعب وشديد أما الآن في الدنيا سهل الواحد أنْ يسألَ نفسَه أنا هذه النعمة العظيمة التي أنا فيه الصحة والعافية ، قد تقول لي معي بعض الأمراض ، إذا كان معك بعض الأمراض اذكر الذين فيهم عشرات الأمراض فأنتَ بالنسبةِ إليهم كأنك لا تشكو من شىء وهذه الأمراض التي فيك مع كثرةِ النّعمِ التي أنعمَ اللهُ بها عليك ينبغي أنْ لا تنسى نِعَمَ اللهِ بسببِ هذا المرض أو هذه الأمراض .

يا أخي يا أختي إذا كان الواحد منكم يشكو من ضعف في بصره فلينظر في الأعمى ، إذا كان الواحد منكم يقول أنا معي سكري انظر إلى من معه اشتراكات ، إذا كان أنت معك اشتراكات انظر إلى من معه اشتراكات ومعه سرطان وكورونا ، إذا كان كل هذه الأمراض معك انظر إلى من معه كل هذه الأمراض وليس له بيت ولا ولد ولا مال وهو مُلقًى في الشوارع وعلى المزابل ، إذا كنتَ أنتَ هكذا انظر إلى مَن له ثوب يسترُ به عورتَه ، لو كان عندك الكثير من المصائب فأنت في نِعم ، لو تعدّ ألف مصيبة نزلت على رأسك أعدُّ لك خمسة آلاف نعمة أنت فيها وهي أكثر من ذلك ، أليس الله يقول { وإنْ تَعُدّوا نعمةَ اللهِ لا تحصوها }[النحل/١٨]؟

أليس الله يقول { وما بكم مِن نعمةٍ فمِنَ الله }[النحل/٥٣] ؟

يا أخي كلّ نفَس تتنفّسُه فهذا من نعمةِ الله عليك ، هل تستطيع أنْ تعدّ هذه الأنفاس ؟ كل لقمة أكل كل شربة ماء هذا من نِعمِ اللهِ عليك ، تحريك اليد النطق الكلام المشي المال الصحة العافية الأولاد الأقرباء الأصحاب والنِّعم العظيمة التي أنتَ فيها فلا تنسَ النِّعم التي أنتَ فيها بمرض أو بمصيبة ، دائمًا انظر إلى مَن هو في البلاء والمصائب فوقك ، عندَك خمس مصائب انظر لمن عندَه عشر مصائب ، عندك عشر مصائب انظر بمن عنده عشرين مرض وعشرين مصيبة ، عندك عشرين مصيبة انظر لمَن عندَه مائة مصيبة وانظروا المصائب كثيرة ليس شرطًا أنْ تكونَ كلها صحية وجسدية ومالية لا ، المصائب متنوّعة .

هل تستطيعونَ أنْ تقولوا لي كم يوجد أغنياء لا يستطيعونَ أنْ يأكلوا كما يأكل الفقير في الشارع ؟ معهم ملايين الدولارات لكنْ ما عندَهم استطاعة صحية أنْ يأكلوا بصلة ورغيف خبز كالذي يأكلُها الحمّال في الطريق وعلى الرصيف وتحت الجسر، يمر الغني ومعه عشرون مرافق خمسةَ عشر سيارة وملايين الدولارات ينظر إلى الفقير الحمّال الذي يجلس على الطريق ويأكل بصلة ورغيف خبز

انظروا بمن معه مليارات وما عنده ولد واحد وسافر إلى نصف الدول كما يقال وكل المستشفيات ودفع ملايين لأجل أنْ يأخذ بالأسباب ويصير عنده ولد ويصير عند زوجتِه حمل فلا يستطيع ، تنظر إلى واحد فقير ما عندَه بيت ملك يتنقل من بيت إلى بيت بالإيجار والإعارة ويقعد على الطريق أحيانًا وعندَه سبعة عشر أو ثمانيةَ عشر ولدًا ، سبحان الله يفعل اللهُ ما يشاء

الأول عنده ملايين ما عند نصف ولد وهذا ما عنده نصف دولاب سيارة عنده ثمانيةَ عشر ولدًا ، سبحان ربي القادر على كل شىء

انظر إلى الإنسان الذي لا يقدر أنْ يمشي ليدخل إلى الخلاء ويقضي حاجتَه وانظر أنت أين من الصحة والعافية والقوة والنشاط ، انظر إلى مَن لا يستطيع أنْ يفكَّ سروالَه ليقضيَ حاجتَه فإنْ لم يأتِ مَن يُعاونُه تصير النجاسة في ثوبِه بسبب المرض الشلل الفالج لا يستطيع أنْ يحرّك يديه

انظر إلى مَن يريد أنْ يشربَ كوبًا من الماء ويأخذ حبة دواء إنْ كانوا مرضى كورونا عندما يكونون في أشدّ الأزمة وما عندَه مَن يساعدُه ولا مَن يتفقده وما عندَه ممرض يخدمُه وهو يكاد يموت من ضيق التنفس ولا يستطيع التحرك ليأخذ حبة الدواء ولا يقدر القيام ولا المشي ، آمنتُ بالله العظيم

 

يا إخواني الصحة نعمة عظيمة  استعملوها في طاعة الله قبل أن تفقدوها قبل أنْ تخسروها ، استعملوا هذا الجسد في الخير في الطاعات في العبادات ، أنتم لا تنسَوا نِعمَ اللهِ عليكم بمصيبةٍ أو ببليّة وأكثِروا من شكرِ الله ولا تنشغلوا بالنعمة عن شكرِ المُنعِم كما قال مولانا القطبُ الغوثُ الرفاعي الكبير رضي الله عنه وأرضاه وأمدّنا بمددِه

إذًا هذا يُسأل للعبدِ يوم القيامة ، الله عز وجل يسألُه ألَم أُصِحَّ جسمَكَ ، هل أنتَ جاهزٌ للجواب عن هذا السؤال يوم القيامة ؟ هل قمتَ بما يجبُ عليك من الفرائض ؟ هل اجتنَبتَ المحرّمات هل أدّيتَ الشكرَ الواجب وهل شكرْتَ اللهَ على نِعَمِه ؟ أنتَ سلْ نفسَك الآن قبل أنْ تموت .

إنّ العبدَ يُسألُ يومَ القيامةِ مِن قِبَلِ اللهِ ألمْ أصِحَّ جسمَكَ وأُروِكَ من الماءِ البارد

الماء البارد  نعمةٌ من نِعَم الله علينا ، الرسول صلى الله عليه وسلم كما ورد  في حديث السيدة عائشة أم المؤمنين الطاهرة الصدّيقة رضي الله عنها قالت ” كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ الشراب الحلو البارد ويحبُّ العسل -وفي بعض الألفاظ- ويشربُ العسل ”  

هذا من نِعمِ الله العظيمة على عبدِه ، وفرقٌ بين النعمة والتنعُّم . لما نقول الرسول كان يشرب الماء البارد أو الشراب الحلو البارد وليس معنى ذلك أنّ الرسول كان مُتَتَبِّعًا لذلك صارفًا وقتَه لذلك لا ، إنما هي نعمة من نِعمِ الله إذا شربَ يشتغل بشكرِ الله عز وجل وتعظيمِه على هذه النعمة

انتبهوا لأجلِ أنْ لا تخلطوا بين الأمور هذه نعمة من نِعم الله نستعملها ونُكثر من شكرِ الله عليها ، ليس مذمومًا أنْ يشربَ الشخص ماءً باردًا ، ليس مذمومًا أنْ تشربَ شرابًا حلوًا باردًا لا ، هذه نعمة تشرب وتشكر ربّك وتتقوّى على طاعة الله

يعني إذا كان هذا الشراب الحلو البارد مثل العسل لو وضعتَه في الماء وحرّكتَه وشربتَ بنيةٍ حسنَة كنية التقوّي على طاعةِ الله كأنْ تصومَ مثلًا في اليومِ الثاني أو لتقومَ الليل لتتهجّد لتذهب إلى الدعوة في خدمة الدين والإسلام وصلة الرحم، هذه نية حسنة ، لتخدم الفقراء ولتساعد المرضى هذه نية حسنة

فإذًا انتبهوا إذا رأيتم مَن يشرب الشراب الحلو البارد أو الماء البارد لا تقولوا له هذا مكروه هذا ممنوع وهذا خبيث وهذا مذموم وهذا تنعّم ، هذه نعمة من نِعمِ الله عليك استعملها واشكر اللهَ عليها

فالعبد يُسأل هل أدّى شكر هذه النعمة أم لا ، إذا كان هذا المسلم أدّى الواجبات واجتنبَ المحرّمات يُسأل عن شكرِ هذه النعمة

أما الشكر الواجب هو أنْ يؤدّي الواجبات ويجتنب المحرمات وهو أنْ تستعملَ ما أنعمَ اللهُ به عليك فيما يرضي الله

لا تستعمل هذه النعمة بالحرام ، عندك مال لا تصرفُه في الحرام ولا في المعاصي على القمار والزنا وشرب الخمر على التكبر والتجبّر

لو واحد مثلًا معه مال اشترى سيارة بنية الفخر هذه كبيرة لأنها بنية التكبر على عباد الله ، اشترى دراجة نارية بخمسة آلاف دولار بعشرة آلاف دولار عشرين ألف دولار لكنْ بقصد التكبر والافتخار على عباد الله ، هذه من الكبائر .

اشترى القميص إن كان دشداشة أو قميص كالذي يلبسه العامة القصير الذي يُلبَس مع السروال ، إن اشتراه بنية الفخر والاستعلاء والتكبّر هذا من الكبائر .

لو اشترى نعلًا حذاءً بخمسمائة دولار بقصد الفخر والاستعلاء صار خبيثًا ملعونًا من أهل الكبائر ، إذا كان بالنعل وبالسروال والقميص فكيف بالسيارة وكيف بالقصر وكيف بالطائرة الخاصة مثلًا ؟

هذا المال الذي عندكَ إذا استعملتَه بالخير والطاعات ونشر الدين والتوحيد والعقيدة والإسلام وصلة الرحم والفقراء والأيتام والأرامل والمرضى والجيران أجرُك عظيمٌ عند الله ، وإنْ استعملتَه في التكبّر والاستعلاء فأنتَ ملعونٌ عند الله لأنّ التكبّرَ ذنبٌ عظيمٌ من الكبائر .

لذلك ورد في الحديث أنّ المتكبّرينَ يُحشَرونَ يومَ القيامةِ كهيئةِ الذر النمل الصغير الأحمر لكنْ بصور بني آدم فيطؤُهم الناسُ بأقدامِهم ، انظروا بماذا كان تكبّرُهم في الدنيا بالاستعلاء على العباد بالافتخار ، بماذا عُوقِبوا ؟ بالإذلال {جزآً وفاقًا}[النبأ/٢٦] يعني هذا العذاب والانتقام والهَوان والإهانة كانت مناسبة لجنس الذنب الذي فعلوه

هم تكبّروا افتخروا على العباد وتجبّروا اللهُ أذلّهم الناسُ يطَؤونَهم بأقدامِم يوم القيامة ولا يموتون .

هذا جزء من عذاب المتكبّرين ثم إذا أدخِلوا النار هذا أشد من أنْ يُداسوا بالأقدام  في مواقف القيامة .

 لذلك احذروا التكبر !!!!!

 لو واحد مثلًا عنده جسم شديد قوي عند الناس يعتبرونَه ملفتًا للنظر مِن حيثُ القوة والبُنية الشديدة يحمل مثلًا الباص الصغير وصار يفتخر ينظر إلى الناس نظرة التكبر والاستعلاء ونظرة الاستحقار والإذلال ، ينظر إلى الناس نظرة الإذلال والاحتقار وإلى نفسِه نظر التعظيم والإجلال ، هذا في غضب الله في سخط الله وجسمُه هذا ماذا سيفعل له ؟

كورونا خفيفة تكون قد أشلّتُه وهدّته على ماذا كنتَ تتكبّر وتنتفخ ؟ تحملُ  باصًا ؟ الفيل بهيمة يحمل باصًا ، أنتَ تعمل مثل البهيمة ؟ الحمار يجر الباص البقرة تجرّ الباص ، بواخر الشحن بعضُها من ضخامتِها تحمل ثلاثين ألف كونتيينر، نهايتها المزابل ، هل تريد أنْ تكونَ هكذا إلى النار والعذاب والهوان وتأكلك الحشرات في القبر ثم تُخرجُكَ قذرًا تأكلُ لك عضلاتك وصدرك التي كنتَ تتكبر بها على عباد الله ، هذا الذي تريدُه ؟ إذًا لا تتكبر على عباد الله تواضع لعباد الله

مَن تواضعَ رفعَه الله .

إنّ التواضعَ مِن خصالِ المتّقي    وبه التقيُّ إلى المعالي يرتَقي

لا تنتفخ بنفسِك أحيانًا الحشرات تعمل أكثر منك ، الحية تمشي على وجه الماء، أرني عضلاتك  هل تستطيع أنْ تُمشيكَ على وجه الماء ؟ بعض أنواع الأفاعي تمشي على وجه الماء ، هل تستطيع مع عضلاتِك تمشي على وجه الماء ؟ أين عضلات أفخاذك وعضلات يديك وعضلات صدرك ؟

الأفعى تعمل شيئًا أنت لا تستطيع عملُه لكنْ هل هذه هي العبرة ؟ لا ، العبرة بتقوى الله { إنّ أكرمَكم عند الله أتقاكم }[الحجرات/١٣]

الشيطان يطير في الهواء هل تستطيع أنت يا صاحب العضل أنْ تطير في الهواء؟

فهل هكذا تريد أنْ تكون متكبّرًا متعجرِفًا منتفِخًا ومعذَّبًا في القبر وفي الآخرة ؟ هذا عمل الحمقى أما الأبطال هم الأتقياء لو كان بنصف يد ومشلول وأسود ومفلوج وينزل ريقه على صدره من الفالج ويلف نفسه بخَيش ليس عنده ثياب وينام على الرصيف وهو تقي أفضل منك ، العبرة بتقوى الله  { إنّ أكرَمكم عند اللهِ أتقاكم}

فلا تنتفخ على الناس انظر عن الصحة الله عز وجل يسأل العبد يوم القيامة ” ألم أُصِحَّ جسمَكَ وأُروِكَ من الماء البارد ” الماء البارد نعمة فاشكروا اللهَ على نعمِه الكثيرة التي لا تُعد ولا تحصى واحذروا هؤلاء الشياطين العفاريت أعداء الله الكفَرة الفجَرة الذين لا يُساوُونَ نجاسةً يسبّونَ الله ويُجَرِّؤونَ الناس على مسبةِ الله، احذروا هؤلاء الذين هم أقل من بصقة وأقل من بوْلةٍ يسبّونَ اللهَ تعالى ويشتمونَه علنًا وتُعمل لهم دعايات ويُوضَعونَ في مواقع التواصل

احذروا مسبةَ الله وحذّروا الناسَ اعرفوا أنّ مَن سبَّ الله هذا أقل عند الله تعالى مِن خُرءِ الكلب ، اعرفوا أنّ مَن سبَّ اللهَ أقل من خُرءِ الخنزير ، لأنّ الذي سبّ اللهَ وهو ملكّف صار عدوًّا لله تعالى وإن مات على ذلك يُخلَّد في نار جهنم إلى أبد الآبدين أما الخنزير ليس مكلفًا ونجاستُه تذهب مع الماء والمطر وهكذا بوْلة الكلب تذهب ، وأما الذي سبَّ الله فإنْ مات على الكفر إلى جهنم ويُخلّد فيها إلى أبد الآبدين، الذي يسبُّ الله أحقر من الكلاب والخنازير وأحقر من الحشرات وأقل من أوساخِ النعال، الذي يسبُّ الله هذا لا قيمةَ ولا قدرَ ولا اعتبارَ له {إنّ شرّ الدوابِّ عندَ الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون}[الأنفال/٥٥]

الله قال في القرآن { أولئك هم شرُّ البَريّة }[البينة/٦] شرُّ الخليقة ، والذي كفر بالله لا احترامَ له ولا قيمةَ له ولا وزنَ له

الله قال في القرآن { وَمن يُهِنِ اللهُ فلا له مِن مُكرِم }[الحج/١٨] اعرفوا أنّ مَن سبَّ اللهَ تعالى هذا ليس دليلًا على بطولتِه ورجولتِه بل هذا أقل من قردٍ وحشرة وخنزيرٍ وكلب ونعلٍ بل وأقل من وسخ النعل لأنه يتجرأ على الخالق العظيم يسبُّ اللهَ الذي أوجَدَه وخلقَه وأبدعَه ورزقهَ وأعطاه من النِّعمِ ما لا يُعدّ ولا يُحصى.

لذلك حذّروا الناسَ من مسبةِ الله ، حذّروا الناس الكبارَ والصغار واعملوا حملة كلُّكم في كلّ المواقع في كلّ الرسائل كتابةً فيديو وصوت وكيف ما كان بيّنوا للناس أنّ مَن سبَّ اللهَ خرجَ من الإسلام ولا يرجع إلى الإسلام إلا بالشهادتين، وعلّموا الناس أنّ يتجنّبوا المواقع التي تُروَّج فيها مسبة الله بل أغلِقوها واخرجوا منها والعنوا مَن نصبَها لأنه عدوُّ الله وعدوّ الرسول والإسلام والقرآن

هؤلاء لعناتُ الله عليهم تِباعًا ولعناتُ الله عليهم تترى ولعناتُ اللهِ عليهم أكثر من أنفاس الخلائق لأنهم شجّعوا الناسَ على مسبةِ الله وأباحوا مسبةَ الله ولعنةُ اللهِ على كلّ مَن يُجرّئ الناسَ على مسبةِ الله .

إخواني وأخواتي ، لا قيمةَ لنا من دون الإسلام ، لا قيمةَ لنا بدونِ الإيمانِ باللهِ ورسولِه واللهِ وأقسمُ بالله لا قيمةَ لنا بدونِ الإيمانِ بالله ورسولِه

عزُّنا وشرفُنا وفوزُنا ونجاتُنا ومجدُنا بالإسلام ، بالقرآنِ ، بمحمد صلى الله عليه وسلم بالإيمان بالله ورسولِه ، بدون الإيمان بالله ورسولِه لا قيمةَ  لنا ولا لحياتِن ولا لعيشتِنا .

نحن قومٌ أعزّنا اللهُ بالإسلام وإنْ ابتغَيْنا العزةَ بغيرِه أذلَّنا الله

والحمد لله رب العالمين

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته