الخميس مارس 28, 2024

مجلس كتاب “سمعت الشيخ يقول” -127

الاقتداء بالصحابة الكرام في عدم تتبّع الراحات وتكثير الأموال

 

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني غفر الله له ولوالديه ومشايخه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلامُ على سيدِنا محمدٍ طه النبيِّ الأميِّ الأمين العالي القدر العظيم الجاه وعلى آلِه وصحبِه ومَن والاه

وأشهدُ أنْ لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه وخليلُه صلى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم وبارك وعظّم وعلى جميعِ إخوانِه من النبيين والمرسلين وسلامُ الله عليهم أجمعين ورضي اللهُ عن جميعِ الأولياء والصالحين.

 

يقول الإمامُ الهرريُّ رضي الله عنه: وذلك لأنّ النظرَ إلى مَن فوقَه في المالِ والغِنى يزيدُ الإنسانَ طمعًا في الدنيا وبُعدًا عن الآخرةِ ونِسيانًا لها. أما النظرُ إلى مَن هو دونَه في المالِ والرزق وقوةِ الجسم فيدعو إلى خلافِ ذلك

(الإنسان العاقل ينبغي أن يكونَ قويَّ الرغبةِ في الطاعةِ والعلم ونيْلِ المراتبِ العَليّةِ في الآخرة. الإنسان الذكي الفطن ينبغي أن يكونَ قويَّ الهمةِ في الطاعاتِ والعبادات، الذكيُّ الفطن هو الذي يعمل بما يُرضي اللهَ تعالى ولا يخسر الآخرة والخاسرُ هو الذي يعمل للدنيا وينسى الآخرة.

فيا إخواني ويا أخواتي طويل الأمل قليل العمل، فكونوا أنتم ممن يعملونَ إلى انتهاء الأجل لأنّ الدنيا زوال واللهُ مُحَوِّلُ الأحوال.

ثم الطمع في الدنيا وترك الآخرة والاشتغال للدنيا ندامة وخسارة وحسرة ونكد وويلات.

انظروا إلى الذين جمعوا الدنيا من أطرافِها وكانوا يُنكرونَ الآخرة أو ضيّعوا الآخرة، أين ما جمعوا؟ أين ما جمعوا من أموال من ذهب من مجوهرات من فضة من عقارات؟؟؟

علينا أنْ نكونَ ممن ينظرونَ إلى مَن فوقَهم في الدين في العلم في التقوى في الصلاح لأجل أنْ لا ننظر إلى مَن هو فوقَنا في الدنيا فنطمع فيها فننسى الآخرة والعمل لها.

فإذًا لا ينبغي أنْ نكونَ ممن قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم إنّ الإنسانَ يكبُر في العمر ويمضي فيه العمر ويبقى قلبُه متعلّقًا بالدنيا طامعًا فيها متعلّقًا بالمال.

الأحاديث التي حذّرت من هذه المواضيع ينبغي أنْ نقفَ عندها وأن نقنع بالقليل الحلال من الرزق وإلا فمَن جمعَ الدنيا وخسرَ الآخرة ماذا يكون فعل؟

مَن خسرَ الآخرة خسرَ معها الدنيا ومَن ربِحَ الآخرة ربحَ معها الدنيا.

لذلك قال سيّدُنا الحسن رضي الله عنه وأرضاه “ولقد أدرَكْنا أقوامًا طلبوا الآخرة فربِحوها ومعها الدنيا وأدرَكْنا أقوامًا طلبوا الدنيا فخسروها ومعها الآخرة”.

أيُّ حسرةٍ هذه؟ أيُّ ندامةٍ؟ ولا حسرةَ فوقَ حسرة مَن خسرَ الدين والدنيا والآخرة.

لذلك يا إخواني ويا أخواتي اعملوا لتنالوا الآخرة ولتنالوا المراتب العَليّة.

قليل العمل طويل الأمل يخسر كثيرًا، أنتم كونوا ممن يُكثرونَ العمل ولا يعلِّقونَ الآمال على الأمل ويعملون بطاعةِ الله إلى انقضاء الأجل).

 

قال رحمه الله: ولْنَقْتَدِ بالصحابةِ رضوانُ اللهِ عليهم فإنهم لو كانوا على مثلِ حالِنا اليوم من تتبُّعِ الراحاتِ وتكثيرِ المال ما انتشرَ الإسلامُ إلى الشرق والغرب.

(هنا رضي الله عنه العبارة التي قالها شمل نفسَه فيها من شدةِ تواضعِه لأننا منذ عرفناه إلى أن مات رضي الله عنه ما كنا نرى عليه إلا حب الطاعات والعلم والآخرة وما رأيناه يومًا مُتعلِّقًا بالدنيا ما رأيناه يومًا متعلِّقًا بالمال، بل كان يعطي عطاءَ مَن لا يخشي الفقر كان يُنفقُ إنفاقَ مَن لا يخشى الفقر، كان يعطي الكثير متوكلًا على الله. هذه العبارة تنطبق على أمثالِنا أننا لو كان الصحابة كما نحن اليوم همُّهم الدنيا وتكثير المال والتعلق بالدنيا ما كانت حصلَت هذه الفتوحات ما كان انتشر الإسلام ما كانوا خرجوا إلى خارج الجزيرة العربية ما كانوا وصلوا إلى أطراف الصين شرقًا وإلى مراكش غربًا. هؤلاء كيف اشتغلوا؟ لأنهم كانوا يعملون وكأنّ الجنةَ أمامَهم.

الصحابةُ رضوان الله عليهم كانوا يعملون وكأنهم ينظرون إلى الجنة، فمع قلةِ الإمكانيات كانوا كثيري العمل، ما كانت همَمُم متعلقة بالدنيا مثلَنا ولا كانت همَمُهم متعلقة بجمعِ المالِ مثلَنا ما كانوا غارقين في الدنيا مثلَنا بل كانت همتُهم في طلبِ الآخرة في نصرةِ الدين والإسلام بل هم قدّموا الغالي والنفيس والأنفس في سبيل الله تعالى، لذلك انتصر الإسلام وانتشر الدين.

 أما لو كانوا مثلَنا رغبتُهم في الدنيا والمال وتكثير المال لبقيَت الدعوة منحصِرة في الجزيرة العربية.

إذًا فلنقْتَدِ بالصحابة الكرام ولنتابع خطة ونهج الصحابة، فلنقتدِ بهؤلاء الكبار الذين تخلَّوا عن الدنيا وعن زخارفِها وكنوزِها وعما فيها من ملذات واشتغلوا للآخرة.

انظروا في سيرة أبي بكر كان من أغنى قريش ماذا فعل بأموالِه؟ بدّدَها في سبيل الله في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم في نصرة الدين والإسلام في شراء العبيد الأرِقاء المُعَذّبين في الله يشتريهم بالذهب بالفضة ثم يحرّرهم يُعتقُهم لله تعالى.

هذا أبو بكر الذي كان من أكثر الناسِ مالًا أنفقَ أموالَه في سبيل الله.

انظروا في سيرة عمر، انظروا في سيرة عثمان، انظروا في سيرة طلحة وحتى  في سيرة علي رضي الله عنه. سيدنا علي في أول الأمر ما كان عندَه مال لكنْ بعد الفتوحات والانتصارات وبعد توسّع البقعة التي وصلوا إليها في نشر الإسلام وقهر الكافرين صار له أموالًا كثيرة، كان في الأول رضي الله عنه وأرضاه عندما تزوّجَ السيدة فاطمة رضي الله عنها كان عندهما نِطَع على قسم منه ينامون وعلى قسمٍ منه تعجن أو تشتغل ثم بعد ذلك تنظّفه رضي الله عنها وكانت بيديها تطحن الشعير والقمح على الرحى إلى أنْ تورَّمت وكان شعرُها يعلق في الرّحى رضي الله عنها وتتألم، هذه السيدة الطاهرة الشريفة المباركة الجليلة الصديقة النقية الهنيةُ الولية، وليةُ الله حبيبةُ أبيها الرسول السيدة فاطمة صلى الله على أبيها ورضي الله عنها، انظروا كيف كان حالهم، بعد ذلك وبعد الفتوحات وبعدما صار خليفة رضي الله عنه صار له أموال، وهذه الأموال ما استعملَها للدنيا كان يُبَدِّدُها في سبيل الله.

تخيّلوا معي المال الذي كان مع سيدنا علي كم كان، الزكاة التي كان يخرجها عن ماله أربعون ألفًا، كم تكون أموالُه؟ مع ذلك كان يصرفُها في سبيل الله.

انظروا في سخاء وجود وعطاء وإنفاق طلحة وعثمان وفلان وفلان وعبد الرحمن بن عوف، هذا كان حالُهم هم ما دخلوا في الإسلام لأجل المال ولا اتّبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم لأجل المال، إنما دخلوا في الإسلام رغبةً في الإسلام وتصديقًا لله ولرسولِه ولكتابِه ولدينِه، رغبةً بما عند الله وإلا فهم أنفقوا الأموال التي هي عندهم.

فالشيخُ  رضي الله عنه هذا كان حالُه ورأيْنا كيف كان يُنفقُ وكيف كان يعطي، أحيانًا يعطي الذي عنده ولا يُبقي غيرُه له متوكّل على الله.

مرةً أنا كنتُ حاضرًا جاءَه شخص من أهالي بيروت صار يشكو حالَه وأهلي كذا وليس عندهم، فالشيخ أرسلَ معي مبلغًا من المال لما كان الدولار دولار، أعطاني مبلغًا بالدولار قال لي اذهب إلى فلان وأعطِه هذا المال وقل له اتْجَرْ به واشتغِلْ لأجلِ أنْ تنفقَ على أهلِك، انظروا يساعدُه على تحصيل النفقة الواجبة.

أخذتُ المال وذهبتُ إلى هذا الأخ وقلتُ له الشيخ يسلم عليك ويقول لك هذا المال لك اتجر به واعمل من أجل أنْ تُنفِق على أهلِك، ورجعتُ أنا.

بعد مدة لعل نحو ثلاث سنوات أو أقل جاء الرجل بهذا المال وقال لي سلّم لي على الشيخ وردَّ له هذا المال الحمد لله اشتغلتُ وصار عندي مال وسلّم لي عليه واشكرْه.

أنا أخذتُ المال ورجعتُ إلى الشيخ وقلتُ له هذا من فلان يسلم عليك ويقول كذا كذا، تبسّم الشيخ رحمه الله قال لي ردَّه له نحن لا نَرجِع في شىءٍ أخرجْناه لله.

انظروا إلى الجود والكرم والعطاء والبذل، هذه سيرة الأنبياء والكبار من الأولياء.

وهذا يُذكِّرُنا بحديث في صحيح البخاري أنّ عمرًا رضي الله عنه كان أغزى على فرسٍ له في سبيل الله، يعني أعطى فرسًا لبعض الغزاة والمجاهدين ليقاتلوا في سبيل الله على هذا الفرس، أخرجه تبرّع به لبعض الصحابة، صار لهذا الصحابي، ثم عمر رآه يُباع وعمر يعرف هذا الفرس والصفات التي فيه والقوة وما شابه فأراد عمرَ أنْ يشتريَه فمنَعه الرسول وقال له “لا تفعل” لماذا؟ لأجلِ أنْ لا يرجع في شىءٍ كان أخرجَه في سبيل الله.

هذه سيرةُ شيخِنا رضي الله عنه وأرضاه، هذه هي أخلاقُه.

وكان من أخلاقِه ووفائِه وحفظِه للودّ وللجميل كان يُكرِم ويعطي كلّ مَن أحسنوا إليه في أيام أول دخولِه إلى بيروت أول ما جاء وكان وحدَه وكان أحيانَا يَبيت عند بعض الأصدقاء وأحيانًا يبيت في المسجد رضي الله عنه.

لما مضَت الأيام والأعوام وبعض هؤلاء الناس ماتوا وتركوا أولادًا وتركوا أحفادًا صار الشيخ يسأل عنهم من يعرف بيت فلان مَن يعرف أولاد فلان؟ يرسل الهدايا المال لهؤلاء الذين كانوا أحسنوا إليه.

اسمعوا هذه القصة الشيخ طلب مني أن أبحث عن إنسان مرةَ كان الشيخ رحمه الله في فرنسا، وهو في فرنسا اتصل إلى الجمعية وقال أريد أن أتكلم مع جميل فطلبوني أنا كنتُ في محلةِ البسطة الفوقا جئتُ اتصلوا بالشيخ كلّمني الشيخ على الهاتف قال لي الشيخ رضي الله عنه: تذهب إلى غربيِّ المصيطبة (اسم منطقة) وتبحث وتفتّش عن الحاج عبد الرحمن أبو عمر عيتاني، هذه عائلة بيروتية مشهورة وكبيرة في البلد، لعله يوجد في بيت العيتاني ألف واحد بهذا الاسم.

رحت أنا وبعض أحبابنا صرنا نبحث كيف نصل إلى هذا الشخص، قلت لهم ندخل إلى مداخل الأبنية وننظر الأسماء التي على هذا الذي يقال له الإنترفون بدل أن نفتش في كلّ البناية ننظر إليه ونرى الأسماء، صرنا ندخل من منطقة لمنطقة تقريبًا درنا على كثير من الأبنية في المنطقة، في الآخر وصلنا لناس من بيت العيتاني غربي المصيطبة قالوا هذا قريبنا لكن انتقل إلى محلة أخرى في بيروت اسمها الضناوي.

ذهبنا سألنا وصلْنا إليه، دخلتُ عرّفتُه بنفسي قلت له أنا فلان الفلاني وهذا فلان والشيخ في فرنسا واتصل به وحكيت له القصة التي طلبها الشيخ.

اسمعوا الآن ما هو طلبُ الشيخ

قلتُ له يا شيخنا إن وصلْنا إليه ماذا تريد منه؟ قال: من ثلاثين سنة كان الشيخ ضيفًا عنده في الغرفة التي على السطح وكان أعطاه مفتاح الغرفة وهذا المفتاح مع شيخِنا إما أنه ضاع أو انكسر، لعله كان سعر فرنك،  شىء لا يُذكَر، هذا من عشرين سنة لما ذهبنا إليه، والقصة من ثلاثين سنة.

قال لي الشيخ رحمه الله: تقول للحاج عبد الرحمن يقول لك الشيخ إما أنْ تسامح أو أن تأخذ القيمة والمال بدل المفتاح الذي ضاع أو انكسر.

أنا أعرف بحسب العادة أعرف أنه لا يتعلق به قلب الإنسان.

لما وصلنا عند الرجل وحكينا له القصة صار يبكي، هذا الحاج الطيب عبد الرحمن لا أعرف الآن إن كان على قيد الحياة أو مات، إن كان على قيد الحياة الله تعالى يبارك في عمرِه وإن كان مات الله يرحمه ويرحمنا جميعًا أحياءَ وأمواتًا، الحاصل صار يبكي هذا الرجل، قال أنا أسامح الشيخ ويبكي صرتُ أهدِّؤُه يا حبيبنا يا حاج الشيخ هكذا يريد، الشيخ عنده خوف من الله يفكر في الآخرة يفكر بالسؤال يفكر بالحساب، يريد أنْ يبَرِّىءَ ذمّتَه وهذا الموضوع عمل له قلقًا من ثلاثين سنة، لأجل قطعة حديد صغيرة يمكن لا قيمة لها أو بالعملة التي كانت موجودة فرنك.

هدأ الحاج وقال نحن قصّرْنا مع الشيخ نحن نسامحُه؟ نحن نطلب منه هو أنْ يُسامحَنا، نحن ما عرَفنا قدرَه ما عرفنا قيمتَه وصار يبكي، رجعتُ أهدّؤُه إلى أنْ بقيتُ عليه وأصرّ إلى أنْ قال سامحتُه.

بعدما رجَعنا اتصلتُ بالشيخ إلى فرنسا، كل هذا العمل لأجل مفتاح، هذا الذي عنده خوف من الله مراقبة وأمانة يريد أنْ يُبَرِّىءَ ذمّتهُ ليوم القيامة، وأخبرتُه ففرحَ فرحًا عظيمًا يمكن كأنني في ذلك الوقت أعطيتُه جبلًا من ذهب مع أنه لا يفرح بالذهب للدنيا لكن يُنفقه على الفقراء أو على الدعوة.

تخيّلوا كم فرِحَ، فرح فرحًا عظيمًا وصار يدعو لي ويدعو ويدعو لأني قضيتُ له هذه الحاجة.

وحوادث نعرفُها من شيخِنا في طلب المسامحة في طلب أنْ يدفعَ الغرامة.

تخيّلوا مرة من المرات كان الشيخ قبل خمسين أو ستون سنة في دمشق فكان أخذ شيئًا من العملة السورية قليل جدا جدا جدا يمكن ليرة سورية، الشيخ صار يقول من يعرف فلان؟ من يعرف بيت أولاد فلان؟ كنا معه في الشام وهو يسأل وأرسل أشخاصًا يبحثوا في المناطق في المهاجرين في المناطق التي داخل دمشق يسأل المشايخ أين أولاده أين أحفاده، قال الشيخ لما كنت في دمشق اقترضْتُ منه هذا المبلغ، طلع هذا الشخص ميت، سألوا عن أولاده ماتوا، سأل عن أحفاده قال نعم نرسل إليهم هم من الورثة ما بقي إلا هم، فأرسل إليهم مبلغًا كبيرًا يساوي أضعاف أضعاف أضعاف كثيرة عن ذلك الذي اقترضَه منه، هذا من باب رد القرض بأحسن منه.

مرة كان الشيخ في الباكستان وكان مريضًا، كتب في وصيتِه مبالغ كالليرة السورية، كتبها في وصيته. هذا الشيخ عبد الله رضي الله عنه.

هنا يضع نفسه معنا يقول لو كان الصحابة مثلَنا رغبتُهم في الدنيا وتكثير وجمع المال، نحن الذي رأيناه منه نسمعه عن كبار السلف من الزهاد والأولياء، شىء عجيب رأينا منه.

مرة كنت عند الشيخ جاء رجل تاجر من أهل بيروت من كبار التجار عندهم تجارة ذهب وعندهم تجارة في الموانىء، جاء بشىء من السمك من النوع الفاخر الغالي وبشىء من الزيت، قال لي أريد أن أعطي هذا للشيخ، فأنا أخبرتُ الشيخ، دخل الرجل قدّم الهدية للشيخ ماذا قال له الشيخ؟ هذا يكلّفُك، قال يا شيخنا هذا بالنسبة لي كلا شىء أنا أحببتُ هديةً لك، بقي هو يتكلم والشيخ يرد عليه، في الأخير قال له إذا أردت نشتريه منك، انظروا خاف الشيخ أنْ يكون كلّفَه مبلغًا وهو بالنسبة له لا شىء، ماذا يكون شىء من السمك والزيت بالنسبة له؟

انظروا الشيخ كيف كان يفكر.

مرة واحد تاجر أيضًا من آل سنو في بيروت جاء بمبلغ من الناس قال لشيخنا وزّعه على الناس، قال له الشيخ: وزّعه أنت بيدِك أنت توصلُه إلى مَن تريد ثم هؤلاء الناس يدعونَ لك.

هكذا كان الشيخ رحمه الله في الورع في الدقة في الزهد في المتابعة في المحاسبة في المراقبة  في شدة الحرص على تبرئة الذمة.

أنا مرةً من نحو ثلاثين سنة كان عندي رداء هذا ما يوضع على الأكتاف فأنا أعجبَني منظره فأخذتُه إلى الشيخ رحمه الله وصلّينا الظهر مع الشيخ وأردتُ أن أرجع إلى البسطة من الطريق الجديدة، فقال لي الشيخ لا تذهب، فبعدما صلينا وانتهى المجلس العام طلبني الشيخ فدخلتُ قال هذا الرداء أنت أحوج إليه، قلتُ له يا شيخنا هذا الرداء ماذا يكون ثمنُه، شىء قليل، قال لي أنت عندك زوجة لأجل النفقة، قلتُ له هذا لا يؤثر على النفقة، ما كان يقبل، قلتُ له أنذرُه لك ما كان يقبل، انظروا رداء، هذا حال الشيخ رضي الله عنه وأرضاه.

شىءٌ عجيب في الزهد والسخاء والجود والعطاء بنفس الوقت. كنا نراه يُعطي عطاءَ مَن لا يخشى الفقر، انظروا هنا ماذا يقول يُدخل نفسه معنا نحن أهل الدنيا. وهؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم همتُهم كانت في الآخرة ليس في تكثير المال وجمع الدنيا إنما كانت همّتُهم في الآخرة).

قال: فإنهم لو كانوا على مثلِ حالِنا اليوم من تتبُّعِ الراحات وتكثيرِ المال ما انتشر الإسلامُ في الشرقِ والغرب، وكان الإسلامُ مقتصرًا على الحجاز والجزيرةِ العربية.

كان عبدُ اللهِ بنُ الزبير رضي الله عنه في جيشٍ موَجَّهًا إلى خارجِ الجزيرةِ العربية وكان العدوّ الذي يقصدونَه ملِكُهم أرسلَ في الجيش بنتًا له بارعةَ الجمال وكان ألبسَها التاجَ والجواهر وقال لتشجيعِ الجيشِ في قتالِ المسلمين: من نجحَ في هذه المعركة فله بنتي هذه، ثم كان النصرُ للمسلمين وكان قائدُ المسلمين وعدَ أيضًا بأنّ مَن جاءَني برأس هذا المِلك فله بنتُه هذه، ثم انتصر المسلمون فقُتل الملكُ وأُسرَت البنت، فقال قائدُ المسلمين: من الذي قتل الملِك؟ فعبدُ الله ابنُ الزبير (هو عبدُ الله بنُ الزبير أخفى نفسَه، في الأول ما شهرَ بين الجيش أنا قتلتُ الملِك، لأجل أنْ يحصل على ابنتِه وليأخذ التاج والمال والمجوهرات مع البنت لا، أخفى نفسه وسكت) فعبدُ الله بنُ الزبير ما قال أنا فأخفى نفسَه فقال قائدُ المسلمين: مَن الذي قتلَ أباكِ الملِك تعرفينَه؟ فقالت: نعم، فتصفّحت الوجوه حتى أشارت إليه.

انظروا إلى رغبة الصحابة في الآخرة وإخلاصِ العملِ لله.

(هذا عبد الله بنُ الزبير رضي الله عنه وعن أبيه وعن أمه وعن خالتِه وعن جدِّه الصديق، هذا الرجل العظيم المبارك الذي له قرابة من ناحية إلى النبي ومن ناحيةٍ إلى أبي بكر ولعائشة، هذا عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وأرضاه كان من أقوى الصحابة في العبادة ومن أقوى الصحابة في الجهاد، كان إذا قام يصلي كأنه سارية يعني كأنه عمود لا يتحرك، بل كان مرةً يصلي عند الكعبة أيام الحجاج صاروا يقصفون الكعبة والمسجد الحرام بالمنجنيق بالصخور وهو عند الكعبة ما كان يتحرك ولا هرب ولا ترك الصلاة بل تنزل الصخرة عنده ولا يلتفت، بل ربما نزلت وهو في الركوع بينه وبين وجهِه في الأرض تحت وجهه لا يتحرك، هو الذي شرب دمَ الرسول صلى الله عليه وسلم عندما احتجمَ.

وقتها قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن الزبير اذهب وأخفِه في أخفى مكان، يعني ضعه في مكان لا يصل إليه الناس، فذهب عبد الله بن الزبير وهذا الدم الذي معه من جسد الرسول صلى الله عليه وسلم قال أضعُه في بطني يعني أشربُه، لأجل أن يدخلَ في جسدِه شىء خرج من جسد الرسول صلى الله عليه وسلم، فشربَه، ثم جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال له الرسول: ما فعلتَ بالدم؟ قال: وضعتُه في أخفى موضع، شربتُه، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم “ويلٌ لك من الناس وويلٌ للناسِ منك” معناه تُقتَلُ شهيدًا ويظلمُك الحجاجُ ومَن معه وويلٌ لهم منك من جرأتِك وشجاعتِك وبسالتِك وقوّتِك وثباتِك في الجهاد.

هذا عبد الله بن الزبير كان مرة يصلي فوقعَ ثعبان من سقف البيت أمامه ما تحرّك، الناس الذين في البيت بعضُهم هرب وبعضُهم فزِع، هذا عبد الله بن الزبير انظروا ماذا فعل، ما قال أنا قتلتُ الملِك الكافر لأجل أنْ يحصلَ على ابنتِه، هي بنت الملك تعتبَر ملكة، هذا التاج الذي يكون معها كم يكون فيه من الأموال والمجوهرات، بل أخفى نفسَه حتى هي اعترفَت قالت هذا الذي قتل أبي، هذا من شدة زهدِه وإخلاصِه لا يريد أنْ يُشهَر بين الناس أنه هو قتل الملِك الخبيث الكافر.

فهذا كان حالُهم في الدنيا في الزهد في الجرأة في الإخلاص في الشجاعة في البسالة في الإقدام في الإعطاء في الإنفاق في الجود والسخاء رضي الله عنهم).

 

قال: ومن مناقبِه أنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم احتجمَ ذات يوم ثم أعطى دمَه إلى عبدِ الله ابن الزبير رضي الله عنه وقال له “غيِّبْه في أخفى مكان” فشربَه، فقال الرسولُ صلى الله عليه وسلم “ماذا فعلتَ بالدم؟” قال رضي الله عنه: غيّبْتُه في أخفى مكان شربْتُه.

(هذا الحديث رواه الحافظ الدارقطني في سننِه)

فكان من بركةِ هذا الدم من أقوى الناسِ قلبًا وصبرًا على العبادة، كان إذا قام للصلاة كأنه شجرةٌ نابتةٌ في مكانِها. رزقَنا اللهُ حُسنَ اتّباعِهم والفوزَ بالنجاة والنعيمِ المقيم في الدار الآخرة آمين.

 

علامةُ حبِّ اللهِ تعالى هو اتّباعُ سيّدِنا محمد صلى الله عليه وسلم

قال الإمام الهرري رضي الله عنه: قال اللهُ تبارك وتعالى {قل إنْ كنتم تحبّونَ الله فاتّبعوني يُحْبِبْكُمُ الله}-سورة آل عمران/31- علامةُ حبِّ اللهِ تعالى هو اتّباعُ سيِّدنا محمد صلى الله عليه وسلم فمَن اتّبعَ سيّدَنا محمدًا صلى الله عليه وسلم اتّباعًا كاملًا فهو من أولياءِ الله من أحبابِ الله الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزَنون سواءٌ كانوا رجالًا أو نساءً.

(بعضُ الناسِ اليوم من شدةِ الجهل ومن شدة الغفلة ولأنّ الجهلَ غلبَ على عقول وقلوب الكثير من الناس صاروا لا يميّزونَ من هو من أحبابِ الله ومَن هو من أعداء الله، صاروا ونعوذ بالله من الفساد يقولون عن بعض رؤوس الكفر هذا من أحباب الله له خوارق الناسُ يُشفَوْنَ عنده وعلى زعمِهم ينذرونَ له النذور وهو يكون رأسًا من رؤوس الكفر والإشراك والدعوة إلى عبادة غير الله.

بعض الحمقى الذين صاروا من الكافرين وإن ادّعَوا الإسلام يقولون هذا الله يحبه لولا أنّ اللهَ يحبّه كيف يُشفى الناسُ عند صنمِه؟ لعنةُ الله عليكم وعليه، هؤلاء كفار يذهبون إلى الصنم ينذرونَ النذور ويقولون هذا من أحباب الله والله يحبه لأن الناس يُشفَونَ عنده –على زعمهم-

أولًا لا تكن كرامة ولا استقامة ولا يكونُ الإنسانُ من أحباب الله إلا بالإسلام إلا بالتقوى والصلاح.

الله قال في القرآن الكريم {ومَن يُهِنِ اللهُ فما له مِن مُكرِم}-سورة الحج/18- إن كان الله أهانَه ولعنَه وطردَه وأبعدَه وسخطَ عليه وغضبَ عليه كيف يكونُ من أحبابِه؟ وكيف يكونُ من أوليائِه وكيف تحصل له الكرامات؟

ما الذي يحصل أحيانًا؟ شياطينُ الإنس والجنّ لهم حيَل يخدَعونَ الناسَ بها، أحيانًا هذا الشيطان الذي من ملةِ هذا الكافر، كما أنه يوجد في البشر طوائف في الشياطين والجن يوجد طوائف، فيكون شيطان ملعون نجِس من طائفةِ هذا الكافر ماذا يفعل هذا الشيطان؟ يدخل في إنسان ثم يعَطّلُ رجلَه عن المشي شهر شهران سنة سنتين أكثر، فيُعرَف بين الناس أنه مشلول مفلوج مُقعَد لا يمشي لا يتكلم، أحيانًا يكون عن طريق الشيطان دخل فيه فعطّل رجلَه أو يدَه أو لسانَه ثم عندما يأخذونَه إلى هذا الملعونَ الكافر إلى هذا الصنم أو إلى بيت الشرك والكفر أو إلى تلك المواضع الكفرية، ماذا يفعل الشيطان فيه وهو مِن ملةِ هؤلاء الكفار؟ يطير عن هذا المريض يخرج فيقوم يمشي هذا المريض.

فهؤلاء السفهاء يقولون كرامة ولي الله يحبه، بعضهم يقول معجزة، بعضهم يقول شفاء وبركة، الذي حصل أنّ الشيطان طار عنه ليقوم واقفًا ويمشي أو يحرّك يدَه ليُوصلَ الناسَ بهذه الحيلة إلى اتباعِ هذا الدين الكفري.

الله قال في القرآن {وزيّنَ لهمُ الشيطانُ أعمالَهم}-سورة العنكبوت/38-

ثم هؤلاء الكفَرة من كثير من الفئات والفرق والجماعات عندَهم حيَل والكثير منها قد انكشف وانفضح ووُضِعَ في التلفزيونات والمواقع، يعملون حيَلًا يموّهون على بعض الناس مثل هذا الموقع الذي حصل فيه في بلد من البلاد –مكان للشرك والكفر- ظهر الشيطان على رأس هذا المكان ثم تشكّل بصورةِ مَن يحبّونهم ووقفَ هناك في الهواء واحتشد الناسُ هناك صاروا يقولون ظهر فلان جاء فلان، بعض الناس تركوا الإسلام صاروا كافرين، وهذا الشيطان يكونُ واقفًا يبولُ عليهم.

ثم لا يعتبرون ولا يتّعظون.

القاعدةُ القرآنية المتفق عليها {قل إنْ كنتم تحبونَ اللهَ فاتّبعوني يُحْبِبْكمُ الله}-سورة آل عمران/31-

إسلام إيمان اتّباع الرسول صلى الله عليه وسلم اتّباعًا كاملًا بالتقوى والصلاح يصيرُ الإنسانُ من الأولياء من أحبابِ الله تعالى.

هذا الإنسان مَن اعتقدَ فيه الولاية أو أنه من أحباب الله وهو يعرفُه أنه كافر على غير الإسلام  فهذا صار هو من الكافرين، {ومَن يُهِنِ اللهُ فما له مِنْ مُكْرِم}-سورة الحج/18-

من أين تأتيه الكرامات؟ هذا الذي أهانه الله ولعنه من أين تأتيه الكرامات؟

وقد قال الله تعالى عن كل الكافرين {أولئك هم شرُّ البَرِيّة}-سورة البينة/6- وقال {إنّ شرَّ الدوآبِّ عندَ اللهِ الذين كفروا فهم لا يؤمنون}-سورة الأنفال/55-

فهذه الآية هي الفيصل هي الدليل القاطع على أنّ مَن أرادَ أن يكونَ من أحبابِ الله لا بدّ أنْ يتّبِعَ الرسول صلى الله عليه وسلم اتّباعًا كاملًا، فالعاقلُ الذكيُّ هو الذي يتّبعُ الرسول صلى الله عليه وسلم.

ثم هذا الإنسان الذي يقول عن هؤلاء الكفار إنهم من أولياء الله ومن أحباب الله قولُه هذا يؤدّي إلى تكذيب الإسلام وإلى التسوية بين الشرك والإيمان، وإلى التسوية بين التوحيد والكفر، وإلى التسوية بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وهذا من أصرح الصريح في الكفر.

 بعضُ الناس في بعض الضيَع مرةً كنا في ضيعة خارج لبنان واحد يدّعي المشيخة يلبس اللفة ولحيتُه بيضاء كبيرة قال: مرةً كان واحدًا من هؤلاء الذين يخدمونَ في هذه المعابد الكفرية –يعتبرونَه مرجِعًا في الكفر- قال عليه إنسان يتظاهر بالمسْكَنة ثم نظرَ إليه هذا الذي في بيت الكفر وقال له أخرِج السكين أخرِج السكين، قال رأيتم؟ الله أعطاه كرامة، الله أعطاه الكشف.

لعنة الله عليك أنت تدّعي المشيخة وتقول عن رأس من رؤوس الكفر الله أعطاه كرامة والكشف وجعلتَه وليًّا مباركًا؟ تجعل هذا الذي من رؤوس الكفر كالسيّدة مريم؟ كأبي بكر وعمر؟ كعلي وفاطمة؟ حاشا وكلّا.

فإذًا الشرطُ الأساس هو أنْ يكونَ الإنسانُ على الإسلام على الإيمان على التوحيد على العقيدة الصحيحة مُتَجَنِّبًا الكفريات خاليًا من كل الكفريات، يعني أن يكونَ على دين الإسلام باطنًا وظاهرًا، هذا الشرط الأول.

الشرط الثاني أن يتعلمَ الفرضَ العينيَّ ويعمل به، يؤدّي الواجبات ويجتنب المحرّمات.

الشرط الثالث أنْ يُكثرَ من نوافل الطاعات والعبادات، وبهذا يصلُ إلى الولاية.

ما الدليلُ على ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم “يقول اللهُ عزّ وجل [[وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشىءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضْتُ عليه]]

هذا حديث قدسي يبيّن لنا فيه الله عز وجل أنّ الإنسان تعلو مراتبُه بالفرائض ومتابعةِ الشريعة أكثر من النوافل، وبالاستقامة يصيرُ وليًّا، {إنّ الذين قالوا ربُّنا الله ثم استقاموا}-سورة فصلت/30-

وكما قال الرسولُ عليه السلام “قلْ آمنتُ باللهِ ثم استقِم”

هذه هي الشروط، لذلك علينا أنْ ننتبه وأن نعملَ للآخرة قبل فواتِ الأوان لأنّ الإنسان إذا كان على الكفر لا يصل إلى الولاية ولو عاش إلى ألف سنة، مستحيل وإلا إذا كان الكافرُ يصيرُ وليًّا على قول هؤلاء السفهاء الماجنين الساقطين المنحطين جهنم لمَن؟؟

فإذًا العبرة باتّباعِ الإسلام وبالثباتِ على الإسلام وبالبقاءِ على الإسلام ثم يعمل بطاعة الله يؤدي الواجبات ويجتنب المحرّمات.

أما ما دام على الكفر مستحيل أنْ يصيرَ وليًّا.

قال ساداتُنا العلماء الأكابر رضوانُ الله عليهم –كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والأوزاعي والليث بن سعد ومَن كان على هذه المراتب وهذه الطبقات الكريمة- “ما اتخذَ اللهُ وليًّا جاهلًا “

وسيّدنا وإمامُنا وقدوتُنا الشافعي رضي الله عنه وأرضاه يقول ” إن لم يكن العلماءُ همُ الأولياء فليس لله مِن وليّ”

فكيف هذا الكافر يكونُ وليًّا؟ مستحيل. ثم ماذا يعني العلماء؟ أي العاملون بعلمِهم، فالعالِمُ الربانيُّ هو الوليُّ، العالمُ الربانيُّ هو العالم العاملُ بعلمِه يعني التقي.

وهؤلاء السادات الكرام الأجِلاء العِظام رضوان الله عليهم ونفعَنا الله بهم وأمدّنا ببركاتِهم وإمداداتِهم هم الذين قال فيهم سيدُنا رسولُ الله نبيُّ الله حبيبُ الله عيسى المسيح عليه الصلاة والسلام قال في علماءِ أمةِ محمدٍ الأتقياء “علماءُ حُلَماء برَرةٌ أتقياء من الفقهِ كأنهم أنبياء” ما وصفَهم بالنبوة ولا جعلهم في مراتب النبيين ولا قال فيهم إنهم أنبياء إنما شبّه قوة علم هؤلاء العلماء من أمةِ محمدٍ الأتقياء بقوةِ علم الأنبياء.

هؤلاء العلماء الأتقياء الصلَحاء العاملونَ  بعلمِهم هم العلماءُ الأولياء وليسَ مُطلَقَ عالم، لأنّ الإنسان قد يحفظ العلم لكنْ لا يعمل وهذا له أمثلةٌ كثيرة.

كيف يكون الإنسان من أحباب الله؟ بمتابعةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم اتّباعًا كاملًا وهذا لا يكون إلا مع العلم والعمل.

النبيُّ صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح الذي رواه ابنُ حبان قال [قل آمنتُ باللهِ ثم استقم] هذا الشرط الإيمان والاستقامة.

الله يقول في القرآن في سورة يونس {ألآ إنّ أوليآءَ اللهِ لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزَنون الذين ءامنوا وكانوا يتّقون لهمُ البشرى}-سورة يونس/64-

أما إذا كان إنسان كافر يعبدُ غيرَ الله مشركًا بالله يكذّبُ بمحمد والقرآن منْ أين يصيرُ وليًّا؟ هذا من أولياء الشيطان كما أخبر اللهُ تعالى في القرآن أنه أمرَنا أن نقاتلَ أولياءَ الشيطان {وقاتِلوا أولياءَ الشيطان}-سورة النساء/76-

هذا من أولياء الشيطان ليس من أولياء الرحمن، إنما وليُّ الرحمنِ هو المسلمُ السنيُّ الذي تعلّم الفرضَ العيني أدّى الواجبات اجتنبَ المحرّمات أكثرَ منْ نوافل الطاعات، بغيرِ هذا لا يصل إلى الولاية، “ما اتّخَذَ اللهُ وليًّا جاهلًا”

 

والحمد لله رب العالمين