الجمعة أبريل 19, 2024

لا دِينَ صَحِيحٌ إِلَّا الإِسْلامُ

 

   (الدِّينُ الْحَقُّ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ) وَالَّذِى يَطْلُبُ دِينًا غَيْرَ الإِسْلامِ يَدِينُ بِهِ فَلَنْ يَقْبَلَهُ اللَّهُ مِنْهُ (قَالَ تَعَالَى ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾) وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لا يُسَمَّى مَا سِوَى الإِسْلامِ دِينًا بَلْ يُقَالُ دِينُ الْيَهُودِ وَدِينُ الْمَجُوسِ لَكِنَّهُ دِينٌ بَاطِلٌ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الرَّسُولَ أَنْ يَقُولَ ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ﴾ أَىْ أَنَا مَا أَزَالُ عَلَى دِينِى الَّذِى هُوَ حَقٌّ وَأَنْتُمْ لَكُمْ دِينُكُمُ الْبَاطِلُ فَعَلَيْكُمْ أَنْ تَتْرُكُوهُ (وَقَالَ تَعَالَى أَيْضًا ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ﴾) أَىْ أَنَّ الدِّينَ الصَّحِيحَ الَّذِى ارْتَضَاهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ مِنَ الْبَشَرِ وَالْجِنِّ وَالْمَلائِكَةِ الإِسْلامُ لا غَيْرُ وَمَا سِوَاهُ مِنَ الأَدْيَانِ فَهُوَ بَاطِلٌ (فَكُلُّ الأَنْبِيَاءِ) مِنْ ءَادَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مُسْلِمُونَ) يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَلا يُشْرِكُونَ بِهِ شَيْئًا (فَمَنْ كَانَ) فِى زَمَنِ مُوسَى مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَ(مُتَّبِعًا لِمُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مُسْلِمٌ مُوسَوِىٌّ وَ)كَذَلِكَ الأَمْرُ فِى (مَنْ كَانَ) فِى أَيَّامِ عِيسَى مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَ(مُتَّبِعًا لِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مُسْلِمٌ عِيسَوِىٌّ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لِمَنِ اتَّبَعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَتَصْدِيقِ الأَنْبِيَاءِ وَالإِيمَانِ بِوُجُودِ الْمَلائِكَةِ الْمُكْرَمِينَ وَالإِيمَانِ بِالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الآخِرِ (مُسْلِمٌ مُحَمَّدِىٌّ) فَكُلُّ الأَنْبِيَاءِ جَاءُوا بِهَذَا لا يَخْتَلِفُونَ فِى هَذَا إِنَّمَا تَخْتَلِفُ الأَحْكَامُ الَّتِى أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ (وَالإِسْلامُ هُوَ الدِّينُ الَّذِى رَضِيَهُ اللَّهُ) أَىْ أَحَبَّهُ (لِعِبَادِهِ وَأَمَرَنَا بِاتِّبَاعِهِ وَلا) يَجُوزُ أَنْ (يُسَمَّى اللَّهُ مُسْلِمًا كَمَا تَلَفَّظَ بِهِ بَعْضُ الْجُهَّالِ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مَعْنَاهُ الْمُنْقَادُ وَاللَّهُ لا يَنْقَادُ بَلْ يُنْقَادُ لَهُ فَلَيْسَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى مُسْلِمٌ بَلِ اسْمُهُ السَّلامُ أَىِ السَّالِمُ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ وَعَيْبٍ. وَلا يَجُوزُ تَسْمِيَةُ اللَّهِ إِلَّا بِمَا جَاءَ فِى الْقُرْءَانِ أَوْ فِى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ الثَّابِتِ أَوْ أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الأُمَّةُ (فَقَدِيمًا كَانَ الْبَشَرُ جَمِيعُهُمْ) فِى زَمَنِ ءَادَمَ (عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ هُوَ الإِسْلامُ) لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ كَافِرٌ (وَإِنَّمَا حَدَثَ الشِّرْكُ وَالْكُفْرُ بِاللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ) وَفَاةِ (النَّبِىِّ إِدْرِيسَ) أَىْ بَعْدَ ءَادَمَ بِأَلْفِ سَنَةٍ وَاسْتَمَرُّوا عَلَى هَذَا زَمَانًا إِلَى أَنْ بَعَثَ اللَّهُ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلامُ (فَكَانَ نُوحٌ أَوَّلَ نَبِىٍّ أُرْسِلَ إِلَى الْكُفَّارِ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ الْوَاحِدِ الَّذِى لا شَرِيكَ لَهُ) وَلا مَعْنَى لإِنْكَارِ الْوَهَّابِيَّةِ رِسَالَةَ ءَادَمَ وَلَعَلَّ بَعْضَهُمْ يُنْكِرُ نُبُوَّتَهُ وَلا حُجَّةَ لَهُمْ فِى حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ الَّذِى فِيهِ أَنَّ النَّاسَ يَأْتُونَ ءَادَمَ لِيَشْفَعَ لَهُمْ ثُمَّ نُوحًا فَيَقُولُونَ لِنُوحٍ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى قَوْمِهِ الْمُنْتَشِرِينَ فِى الأَرْضِ لِأَنَّ الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ بَعْدَهُ كَانَ النَّبِىُّ يُرْسَلُ إِلَى قَوْمِهِ (وَقَدْ حَذَّرَ اللَّهُ جَمِيعَ الرُّسُل ِمِنْ بَعْدِهِ مِنَ الشِّرْكِ) وَتَحْذِيرُ الرُّسُلِ مِنَ الشِّرْكِ الْمَقْصُودُ بِهِ تَحْذِيرُ أُمَمِهِمْ لِأَنَّ الأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ مِنَ الشِّرْكِ (فَقَامَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَجْدِيدِ الدَّعْوَةِ إِلَى الإِسْلامِ بَعْدَ أَنِ انْقَطَعَ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ فِى الأَرْضِ) لِأَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ الْوَحْىُ عَلَى النَّبِىِّ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْبَشَرِ عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ غَيْرُهُ فَسَائِرُ أَهْلِ الأَرْضِ كَانَتْ لَهُمْ أَصْنَامٌ أَوْ أَشْيَاءُ أُخْرَى يَعْبُدُونَهَا فَقَامَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو إِلَى الإِسْلامِ (مُؤَيَّدًا بِالْمُعْجِزَاتِ الدَّالَةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ فَدَخَلَ الْبَعْضُ فِى الإِسْلامِ) كَالْجَعْدِ بنِ قَيْسٍ الْمُرَادِىِّ الَّذِى أَسْلَمَ بِسَبَبِ مَا سَمِعَهُ مِنَ الْجِنِّىِّ الَّذِى كَانَ فِى أَيَّامِ كَانَ عِيسَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ وَدَعَا إِلَى الإِسْلامِ إِلَى أَنْ أَدْرَكَ زَمَانَ مُحَمَّدٍ فَآمَنَ بِعِيسَى وَبِمُحَمَّدٍ (وَجَحَدَ بِنُبُوَّتِهِ) أَىْ أَنْكَرَهَا (أَهْلُ الضَّلالِ الَّذِينَ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ مُشْرِكًا قَبْلًا كَفِرْقَةٍ مِنَ الْيَهُودِ عَبَدَتْ عُزَيْرًا فَازْدَادُوا كُفْرًا إِلَى كُفْرِهِمْ) وَعُزَيْرٌ رَجُلٌ مِنَ الصَّالِحِينَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِنُبُوَّتِهِ (وَءَامَنَ بِهِ) أَىْ بِمُحَمَّدٍ (بَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَعَبْدِ اللَّهِ بنِ سَلامٍ عَالِمِ الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ) وَهُوَ مِنَ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ (وَأَصْحَمَةَ النَّجَاشِىِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا ثُمَّ) أَسْلَمَ وَ(اتَّبَعَ الرَّسُولَ اتِّبَاعًا كَامِلًا) وَعَاشَ بَعْدَ إِسْلامِهِ سَبْعَ سَنَوَاتٍ (وَمَاتَ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّى عَلَيْهِ الرَّسُولُ صَلاةَ الْغَائِبِ يَوْمَ مَاتَ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِى سُنَنِهِ (أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ بِمَوْتِهِ) فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »مَاتَ الْيَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَى أَخِيكُمْ أَصْحَمَةَ« رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ (ثُمَّ كَانَ يُرَى عَلَى قَبْرِهِ فِى اللَّيَالِى نُورٌ وَهَذَا دَلِيلٌ أَنَّهُ صَارَ مُسْلِمًا كَامِلًا وَلِيًّا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ. وَالْمَبْدَأُ) أَىِ الأَسَاسُ (الإِسْلامِىُّ الْجَامِعُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الإِسْلامِ) مِنْ لَدُنِ ءَادَمَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ هُوَ (عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ) وَأَنْ لا يُشْرَكَ بِهِ شَىْءٌ ثُمَّ هَؤُلاءِ لا يَصِحُّ إِيمَانُهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِنَبِىِّ عَصْرِهِمْ.