فقال الشَّيخُ: هذه مَسئلةٌ مهمّةٌ، يُقَال إنْ كانَ عمَلُه هَذا مُضطَرًّا إليه لا يَستَغني عنهُ وإن كانَ إنْ تركَه لا يجِدُ قُوتَه وقُوتَ عِيالِه الأطفالِ وزوجَتِه هذا باللّيلِ يَنوي أنّهُ يَصومُ نِيّةً جَازمَةً ثم بالنّهارِ يَنظُر في حَالِه إنْ حَصَلَ لهُ انهيارٌ يَأكُلُ وإنْ وجَدَ جِسمَهُ متَمَاسِكًا يُثَابِرُ على الصّيام، أمّا الشَّخصُ الذي يَملِكُ ما يَكفيْه لهذا الشّهر يَترُك عمَلَه هذا الذي يمنَعُه منَ الصّيام ولا يُفطِرُ مِنْ أجْلِه.
فقال الشَّيخُ: إنْ كانَ عمَلهُ هذا مُضطَرّا إليه لا يستَغني عنه، هذا باللّيل يَنوي أن يصومَ ثم بالنّهارِ يَنظُر في حالِ نفسِه إن حَصَل لهُ انهيارٌ يَأكلُ وإلا يَصوم.
فقال الشَّيخُ: واجِبٌ تَذكِيرُه.
عندَ الشّافعِيّ مَن أكَل يَومًا بلا عُذر يَقضِي يومًا واحِدًا ليسَ عليه فِديَةٌ ولا كفّارةٌ، أمّا عندَ أبي حنيفةَ وبعضٍ ءاخَرِينَ مَن أفطَر يومًا بلا عُذر علَيهِ كَفّارةٌ وكفَّارتُه صَعبَةٌ، بَعضُ الكفّاراتِ فيها تَرتيبٌ وبعضُ الكفّاراتِ فيها تخيِيرٌ بينَ ثلاثَةِ أمُورٍ، كفّارةُ اليَمِينِ فِيها تَخيِيرٌ، القرءانُ خَيّرَ فيها بينَ الإعتاقِ إعتاقِ رقَبَةٍ وبَينَ إطعامِ عشَرَةِ مسَاكِينَ وبينَ كِسوةِ عشَرةٍ مِنَ الفُقَراءِ، ثم جَعَلَ مَرحَلةً ثانيَةً لمن عَجَز عن هؤلاءِ الثّلاثِ وهيَ أن يصُومَ ثلاثَةَ أيّام، ثم أيضًا اختَلَفُوا هل الثّلاثَةُ أيامٍ تكونُ متَواليةً أم يصِحّ ولو كانَت متَفَرّقةً.
فقال الشَّيخُ: هذه المسئلةُ تجُوز عندَ بعضِ العُلَماء، إذا نَوى الشّخصُ قَضاءَ رمَضانَ وسُنّةَ عرَفَةَ مثَلا، لكنّه خلافُ المُعتَمَد.
فقال الشَّيخُ: ليسَ في كُلّ شَىء، في بعضِ الأشياءِ هوَ كما يتصَوّرُه النّاسُ وفي بَعضِ الأشيَاءِ هوَ أكثَرُهم تَسهِيلًا مثلُ مسئلة دخُولِ الماء في الأذُنِ أو انبِلاع شَىءٍ مِنَ الماء بطَريقِ الفَم بالنّسبَةِ للّذي يَسبَحُ وغَيرِه، عندَه مَا لم يتَعمَّد لا يُفطِر.
فقال الشَّيخُ: يُمسِكُ ويَقضِي.
فقال الشَّيخُ: لم تُفطِر، لكن إذا كانَت القابِلَةُ أدخَلَت يدَها في الفَرج أفطَرَت، أمّا إن كانَ خرَج الولدُ هكذا مِن دونِ قَابِلَةٍ مِن دونِ معَالجَةٍ لا تُفطِر.
([1]) قالَ ابن الأثير في «النّهاية»: “أكثرُ ما يُروَى بالفَتح، وقيلَ الصّوابُ بالضّمّ لأنّهُ المصدَر والأجْرُ في الفِعْل لا في الطّعام” اهـ.
وقالَ الحافظُ في «الفَتح»: “هو بفَتح السّينِ وبضَمّها لأنَّ المرادَ بالبَركةِ الأجْرُ والثّوابُ فيتَناسَبُ الضّمُّ لأنّهُ مَصدَرٌ بمَعنى التّسَحُّر أو البَركةُ لكَونِه يُقَوّي على الصّوم ويُنَشّطُ لهُ ويُخَفّفُ المشَقّةَ فيه فيُنَاسِبُ الفَتْحُ لأنّهُ ما يُتَسَحَّر بهِ، وقيلَ البَركةُ ما يتَضَمّن منَ الاستيقاظِ والدّعاءِ في السَّحَر، والأَولَى أنّ البَركةَ في السَّحُور تَحصُل بجِهاتٍ متعَدّدةٍ وهي اتّباعُ السُّنّةِ ومُخَالَفةُ أهلِ الكِتاب والتّقَوّي به على العبادةِ والزّيادةُ في النّشَاط ومُدافَعةُ سُوءِ الخُلُق الذي يُثِيرُه الجُوعُ والتّسَبُّبُ بالصَّدقَةِ على مَن يَسأل إذْ ذاكَ، أو يَجتمِعُ معَه الأكلُ والتّسبُّب للذّكْر والدّعاءِ وقتَ مَظِنّةِ الإجابَةِ وتَدارُكِ نيّةِ الصّوم لمَن أغفَلَها قبلَ أن ينَام” اهـ
وقال المناويّ في «شرح الجامع الصغير»: “قال الحافظُ العِراقيّ رُويَ بفتح السّين وضمّها فبالضّم الفِعلُ وبالفَتْح ما يُتَسَحَّرُ به، والمرادُ بالبَركةِ الأجرُ فيُناسِب الضّم، أو التَّقَوّي على الصّوْم فيُناسِبُ الفَتْح” اهـ
([2]) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله ﷺ: «لَئِنْ بَقِيْتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» وفي رواية أبي غَطَفان بنِ طَرِيف الْمُرّي عن ابنِ عبّاس قالَ حِينَ صَامَ رسولُ الله ﷺ يومَ عَاشُوراءَ وأمَرَ بصِيامِه قالوا: يا رسول الله إنّه يومٌ يُعَظّمُه اليهودُ والنصَارى، فقال رسول الله ﷺ: «فَإِذَا كَانَ العَامُ المُقْبِلُ إِنْ شاءَ اللهُ صُمْتُ اليَوْمَ التَّاسِعَ» قال فلم يأتِ العامُ المقبِل حتى توفّي رسولُ الله ﷺ، رواه البخاري ومسلم.