الخميس مارس 28, 2024

المبحث الحادي عشر

قول الوهابية بأزليَّة العالَم وبحوادث لا أول لها لم تزل مع الله

الوهابية تقول بأزلية نوع العالم وبحوادث لا أول لها لم تزل مع الله، أي على زعمهم لم يتقدَّم الله جنس الحوادث، وإنما تقدم أفراده المعينة، أي: أن كل فرد من أفراد الحوادث بعينه حادث مخلوق، وأما جنس الحوادث فهو أزلي كما أن الله أزلي والعياذ بالله، وهذه المسألة من أبشع المسائل الاعتقادية التي فيها خروج عن صحيح العقل وصريح النقل وإجماع المسلمين.

وقولهم هذا موافق لقول متأخرة الفلاسفة حيث إنهم قالوا بأزلية نوع العالم دون أفراده، إلا أن ابن تيمية يَرْبَأُ بنفسه أن ينسب قوله هذا إلى الفلاسفة، فينسبه بهتانًا وزورًا إلى أئمة أهل السُّنَّة والجماعة.

وقد نقل المحدث الأصولي بدر الدين الزركشي([1]) في كتاب «تشنيف المسامع»([2]) اتفاق المسلمين على كفر من يقول بأزلية نوع العالم، فقال بعد أن ذكر الفريقين من الفلاسفة: الفريق القائل بأزلية العالم بمادته وصورته، والفريق القائل بأن العالم أزلي المادة محدث الصورة: «ضللهم المسلمون في ذلك وكفروهم». فابن تيمية يشمله هذا القول، فإنه قال بأزلية نوع العالم في خمسة من كتبه([3]) بل أكثر.

 

 

[1])) بدر الدين الزركشيّ، محمّد بن بهادر بن عبد الله الزركشيّ، أبو عبد الله، عالم بفقه الشافعيّة والأصول، تركيّ الأصل، مصريّ المولد والوفاة، له تصانيف كثيرة في عدّة فنون، منها: «الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة»، «ولقطة العجلان»، «وإعلام الساجد بأحكام المساجد»، و«الديباج في توضيح المنهاج»، و«المنثور»، ويعرف بقواعد الزركشيّ في أصول الفقه، و«التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح». ولد سنة 745هـ، وتوفي سنة 794هـ. الزركلي، الأعلام، ج6، ص60، 61.

[2])) الزركشي، تشنيف المسامع، ج4، ص631 – 633.

[3])) ابن تيمية، الكتاب المسمّى موافقة صريح المعقول، ج2، ص249. ابن تيمية، الكتاب المسمّى منهاج السُّنَّة النبوية، ج2، ص276. ابن تيمية، شرح حديث عمران بن حصين، ص193. ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج18، ص239. ابن تيمية، نقد مراتب الإجماع، ص168 (نص في هذا الكتاب على عدم كفر من قال بأزلية العالم، والعياذ بالله). وكل هذه الكتب لأحمد ابن تيمية الذي تسمّيه الوهابية «شيخ الإسلام».