الخميس أبريل 18, 2024

الْفَصْلُ التَّاسِعُ

فِي صِفَاتِ الْحُرُوفِ

   اعْلَمْ أَنَّ لِلْحُرُوفِ صِفَاتٌ تَتَمَيَّزُ بِهَا الْحُرُوفُ الْمُشْتَرَكَةُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ وَهِيَ سَبْعَ عَشَرَ صِفَةً عَلَى الْمَشْهُورِ قِسْمٌ مِنْهَا لَهُ ضِدٌّ وَقِسْمٌ مِنْهَا لا ضِدَّ لَهُ.

   وَذَوَاتُ الضِّدِّ هِيَ الْجَهْرُ وَضِدُّهُ الْهَمْسُ وَالشِّدَّةُ وَضِدُّهَا الرَّخَاوَةُ وَمَا بَيْنَهُمَا وَالِاسْتِعْلاءُ وَضِدُّهُ الِاسْتِفَالُ وَالإِطْبَاقُ وَضِدُّهُ الِانْفِتَاحُ وَالإِذْلاقُ وَضِدُّهُ الإِصْمَاتُ وَجُمْلَتُهَا عَشَرَةٌ.

   أَمَّا الَّتِي ضِدٌّ لَهَا فَهِيَ الصَّفِيرُ وَالْقَلْقَلَةُ وَاللِّينُ وَالِانْحِرَافُ وَالتَّكْرِيرُ وَالتَّفَشِّي وَالِاسْتِطَالَةُ وَجُمْلَتُهَا سَبْعَةٌ.

   (1) حُرُوفُ الْهَمْسِ

   الْهَمْسُ لُغَةً الْخَفَاءُ وَسُمِّيَتْ حُرُوفُهُ مَهْمُوسَةً لِضَعْفِهَا وَجَرَيَانِ النَّفَسِ عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا لِضَعْفِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا فِي مَخَارِجِهَا. وَهِيَ عَشَرَةٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ »فَحَثَّهُ شَخْصٌ سَكَت« وَبَعْضُ الْحُرُوفِ الْمَهْمُوسَةِ أَضْعَفُ مِنْ بَعْضٍ فَالصَّادُ وَالْخَاءُ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِمَا.

   (2) حُرُوفُ الْجَهْرِ

   وَهُوَ لُغَةً الإِعْلانُ وَسُمِّيَتْ حُرُوفُهُ مَجْهُورَةً لِقُوَّتِهَا وَمَنْعِ النَّفَسِ أَنْ يَجْرِيَ مَعَهَا عِنْدَ النُّطْقِ لِقُوَّةِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا فِي مَخَارِجِهَا وَهِيَ أَقْوَى مِنَ الْمَهْمُوسَةِ وَبَعْضُهَا أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ. وَهِيَ تِسْعَةَ عَشَرَ حَرْفًا مَا عَدَا حُرُوفِ الْهَمْسِ.

   (3) الْحُرُوفُ الشَّدِيدَةُ

   الشِّدَّةُ لُغَةً القُوَّةُ وَسُمِّيَتْ شَدِيدَةً لِمَنْعِهَا الصَّوْتَ أَنْ يَجْرِيَ مَعَهَا عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا لِقُوَّتِهَا فِي مَخَارِجِهَا. وَهِيَ ثَمَانِيَةُ أَحْرُفٍ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ »أَجِدْ قَطٍ بَكَتْ«.

   (4) الْحُرُوفُ الرِّخْوَةُ

   الرَّخَاوَةُ لُغَةً اللِّينُ وَسُمِّيَتْ رِخْوَةً لِجَرَيَانِ الصَّوْتِ مَعَهَا وَضَعْفِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا فلانت. وَهِيَ مَا عَدَا الْحُرُوفِ الشَّدِيدَةِ وَلَكِنْ حُرُوفُ الرَّخْوِ مِنْهَا سَتَّةَ عَشَرَ حَرْفًا وَالْمُتَوَسِّطُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّدِيدِ خَمْسَةٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ »لِنْ عُمَرْ«.

   (5) حُرُوفُ الِاسْتِعْلاءِ

   الِاسْتِعْلاءُ لُغَةً الِارْتِفَاعُ وَسُمِّيَتْ حُرُوفُهُ مُسْتَعْلِيَةً لِأَنَّ اللِّسَانَ يَعْلُو عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا إِلَى الْحَنَكِ وَهِيَ سَبْعَةُ أَحْرُفٍ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ »خُصَّ ضَغْطٍ قِظ« وَهِيَ أَقْوَى الْحُرُوفِ وَأَقْوَاهَا الصَّادُ وَالضَّادُ وَالطَّاءَ وَالظَّاءُ وَمِنْ ثَمَّ مَنَعَتِ الإِمَالَةَ لِاسْتِحْقَاقِهَا التَّفْخِيمَ الْمُنَافِي الإِمَالَة.

   (6) حُرُوفُ الِاسْتِفَالِ

   الِاسْتِفَالُ لُغَةً الِانْخِفَاضُ وَسُمِّيَتْ حُرُوفُهُ مُسْتَفِلَةً لِأَنَّ اللِّسَانَ يَنْخَفِضُ بِهَا عَنِ الْحَنَكِ عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا وَهِيَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ حَرْفًا مَا عَدَا حُرُوفِ الِاسْتِعْلاءِ.

   (7) حُرُوفُ الإِطْبَاقِ

الإِطْبَاقُ لُغَةً الِالْتِصَاقُ وَسُمِّيَتْ حُرُوفُهُ مُطْبِقَةً لِانْطِبَاقِ طَائِفَةٍ مِنَ اللِّسَانِ عَلَى الْحَنَكِ عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ الطَّاءُ وَالظَّاءُ وَالصَّادُ وَالضَّادُ وَبَعْضُهَا أَقْوَى مِنْ بَعْضٍ فَالطَّاءُ أَقْوَاهَا فِي الإِطْبَاقِ وَالظَّاءُ أَضْعَفُهَا وَالصَّادُ وَالضَّادُ مُتَوَسِطَتَانِ.

   (8) حُرُوفُ الِانْفِتَاحِ

   الِانْفِتَاحُ لُغَةً الِافْتِرَاقُ وَسُمِّيَتْ حُرُوفُهُ مُنْفَتِحَةً لِأَنَّ اللِّسَانَ لا يَنْطَبِقُ إِلَى الْحَنَكِ عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا وَهِيَ مَا عَدَا حُرُوفِ الإِطْبَاقِ.

   (9) الْحُرُوفُ الْمذلقة

   الذَّلَقُ لُغَةً الطَّرَفُ وَسُمِّيَتْ حُرُوفُهُ مذلقة لِخُرُوجِ بَعْضِهَا مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ وَبَعْضِهَا مِنْ طَرَفِ الشَّفَةِ وَهِيَ سِتَّةٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ »فَرَّ مِنْ لُبّ« فَالْفَاءُ وَالْبَاءُ وَالْمِيمُ تَخْرُجُ مِنْ طَرَفِ الشَّفَةِ وَالرَّاءُ وَالنُّونُ وَاللَّامُ تَخْرُجُ مِنْ طَرَفِ اللِّسَانِ.

(10) الْحُرُوفُ الْمُصْمَتَةُ

الإِصْمَاتُ مِنَ الصَّمْتِ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ وَسُمِّيَتْ حُرُوفُهُ مُصْمَتَةً لِأَنَّهَا مَنَعَتْ مِنْ أَنْ تَخْتَصَّ بِبِنَاءِ كَلِمَةٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةِ أَحْرُفٍ أَيْ أَنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ أَوْ خَمْسَةٍ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَعَ الْحُرُوفِ الْمُصْمَتَةِ حَرْفٌ مِنَ الْحُرُوفِ الْمذلقة.

وَهِيَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ حَرْفًا مَا عَدَا الْحُرُوفِ الْمذلقة.

   (11) حُرُوفُ الصَّفِيرِ

   وَهِيَ ثَلاثَةٌ الزَّايُ وَالسِّينُ وَالصَّادُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الصَّوْتَ يَخْرُجُ مَعَهَا عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا بِصَفِيرٍ يُشْبِهُ صَفِيرَ الطَّائِرِ وَأَقْوَاهَا الصَّادُ لِلإِطْبَاقِ وَالِاسْتِعْلاءِ ثُمَّ الزَّايُ لِلْجَهْرِ ثُمَّ السِّينُ لِهَمْسٍ فِيهَا.

   (12) حُرُوفُ الْقَلْقَلَةِ

   وَيُقَالُ اللَّقْلَقَةُ وَهِيَ خَمْسَةُ أَحْرُفٍ يَجْمَعُهَا قَوْلُكَ »قُطْبُ جَدٍ«. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِظُهُورِ صَوْتٍ يُشْبِهُ النَّبْرَةَ عِنْدَ سُكُونِهَا وَهِيَ أَمْيَلُ لِلْكَسْرِ فِي الْبَاءِ وَالْجِيمِ وَالدَّالِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالضَّمِّ فِي الْقَافِ وَالطَّاءِ. وَذَلِكَ الصَّوْتُ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِنَّ أَبْيَنُ مِنْهُ فِي الْوَصْلِ بِهِنَّ وَلِذَلِكَ عِنْدَ الْوَقْفِ سُمِّيَتْ قَلْقَلَةً كُبْرَى وَفِي وَسَطِ الْكَلِمَةِ صُغْرَى نَحْوُ ﴿الْفَلْقِ﴾ وَ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ﴾.

   (13) حَرْفَا اللِّينِ

   وَهُمَا الْيَاءُ السَّاكِنَةُ الَّتِي قَبْلَهَا فَتْحَةٌ وَالْوَاوُ السَّاكِنَةُ الَّتِي قَبْلَهَا فَتْحَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلامُ عَلَيْهِمَا.

   (14) حَرْفَا الِانْحِرَافِ        

   الِانْحِرَافُ لُغَةً الْمَيْلُ وَسُمِّيَ حَرْفَاهُ مُنْحَرِفَيْنِ لِأَنَّهُمَا انْحَرَفَا عَنْ مَخْرَجِهِمَا إِلَى طَرَفِ اللِّسَانِ وَهُمَا اللَّامُ وَالرَّاءُ.

   (15) حَرْفُ التَّكْرِيرِ

   وَهُوَ الرَّاءُ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ عَلَى اللِّسَانِ عِنْدَ النُّطْقِ بِهِ وَأَظْهَرُ مَا يَكُونُ إِذَا اشْتَدَّ وَلا بُدَّ مِنْ إِخْفَاءِ تَكْرِيرِهِ.

   فَائِدَةٌ يَنْبَغِي لِلْقَارِئِ إِخْفَاءُ تَكْرِيرِ الرَّاءِ، فَمَتَى أَظْهَرَهُ فَقَدْ حَصَلَ مِنَ الْحَرْفِ الْمُشَدَّدِ حُرُوفٌ وَمِنَ الْمُخَفَّفِ حَرْفَانِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ عُلَمَاءُ الْقِرَاءَةِ كَمَكِّيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ الْقَيْسِيِّ وَغَيْرِهِ.

   (16) حَرْفُ التَّفَشِّي

   وَهُوَ الشِّينُ، وَالتَّفَشِّي لُغَةً الِاتِّسَاعُ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الصَّوْتَ يَتَفَشَّى وَيَنْتَشِرُ فِي مَخْرَجِهِ عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا حَتَّى اتَّصَلَتْ بِمَخْرَجِ الظَّاءِ. وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ حُرُوفُ التَّفَشِّي ثَمَانِيَةٌ الْمِيمُ وَالشِّينُ وَالْفَاءُ وَالرَّاءُ وَالثَّاءُ وَالصَّادُ وَالسِّينُ وَالضَّادُ.

   (17) حَرْفُ الِاسْتِطَالَةِ

   وَهُوَ الضَّادُ الْمُعْجَمَةُ، وَالِاسْتِطَالَةُ لُغَةً الِامْتِدَادُ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا اسْتَطَالَتْ عِنْدَ النُّطْقِ بِهَا حَتَّى اتَّصَلَتْ بِمَخْرَجِ اللَّامِ وَذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنَ الْقُوَّةِ بِالْجَهْرِ وَالِاسْتِعْلاءِ وَالإِطْبَاقِ.