الخميس مارس 28, 2024

سُورَةُ النَبَأ

مَكِيَّةٌ وَهِيَ إِحدَى وَأَربَعُونَ آيَةً

بِسْمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحِيمِ

عَمَّ يَتَسَاءَلُوْنَ: رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بُعِثَ جَعَلَ المشرِكُونَ يَتَسَاءَلُوْنَ بَيْنَهُمْ فَيَقُولُونَ مَا الَّذِي أَتَى بِهِ وَيَتَجَادَلُونَ فِيمَا بُعِثَ بِهِ.

عَنِ النَّبَإِ العَظِيمِ: وَهُوَ أَمْرُ رَسُولِ اللهِ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنَ القُرْءَانِ العَظِيْمِ

الَّذِي هُمْ فِيْهِ مُخْتَلِفُوْنَ: فَالمُؤمِنُونَ يُثبِتُونَهُ وَالكَافِرُونَ يُنْكِرُونَهُ هُوَ عَنْ يَوْمِ القِيَامَةِ

الَّذِي هُمْ فِيْهِ مُخْتَلِفُوْنَ: كُفَارُ مَكَّةَ كَانُوا يُنْكِرُونَهُ.

كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُوْنَ: رَدْعٌ لِلمُتَسَائِلِينَ وَهَذَا التَكْرَارُ تَوكِيدٌ فِي الوَعِيدِ وَحُذِفُ مَا يُتَعَلَّقُ بِهِ.

أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا: فَبَدَأَ بِمَا هُمْ دَائِمًا يُبَاشِرُونَهُ وَالِمهَادُ الفِرَاشُ  المَوطُوءُ.

وَالجِبَالَ أَوتَادًا: أَيْ ثَبَّتنَا الأَرضَ بِالِجبَالِ[1].

وَخَلَقنَاكُمْ أَزْوَاجًا: أَيْ أَنوَاعًا فِي اللَّونِ وَالصُورَةِ وَاللِّسَانِ.

وَجَعَلنَا نَومَكُمْ سُبَاتًا: سُكُونًا وَرَاحَةً.

وَجَعَلنَا اللَّيلَ لِبَاسًا: أَيْ تَستَتِرُونَ بِهِ عَنِ العُيُونِ فِيمَا لَا تُحِبُونَ أَنْ يُظْهَرَ عَلَيهِ.

وَجَعَلنَا النَّهَارَ مَعَاشًا: وَقتَ عَيشٍ وَهُوَ الحَيَاةُ تَتَصَرَّفُونَ فِيهِ فِي حَوَائِجِكُمْ.

وَبَنَينَا فَوقَكُمْ سَبعًا شِدَادًا: سَمَوَاتٍ مُحكَمَةَ الخَلْقِ قَوِيَةً لَا تَتَأَثَّرُ بِمُرُورِ الإِعصَارِ إِلَّا إِذَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى.

وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا[2]: وَهُوَ الشَمْسُ ” وَهَّاجًا ” أَيْ حَارًا مُضطَرِمَ الاِتِقَادِ (مِنَ الوَقُودِ)

وَأَنزَلنَا مِنَ المُعصِرَاتِ: الرَيحِ لِأَنَّهَا تَعصِرُ السَحَاب، جَعَلَ الإِنزَالَ لَمَّا كَانَتْ فِيهِ سَبَبًا.

مَاءً ثَجَّاجًا: مُنْصَبًا بِكَثرَةٍ.

لِنُخرِجَ بِهِ حَبًا وَنَبَاتًا: بَدَأَ بِالحَبِّ لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَقَوَّتُ بِهِ كَالحِنطَةِ وَالشَعِيرِ وَثَنَّى بِالنَبَاتِ فَيَشمَلُ كُلَّ مَا يَنبُتُ مِنْ شَجَرٍ وَحَشِيشٍ وَدَخَلَ فِي الحَبِّ.

وَجَنَّاتٍ[3] أَلفَافًا: أَي مُلتَفَةً.

إِنِّ يَومَ الفَصلِ: هُوَ يَومُ القِيَامَةِ يُفصَلُ فِيهِ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ.

كَانَ مِيقَاتًا: أَي فِي تَقدِيرِ اللهِ تَعَالَى وَحُكمِهِ.

يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُورِ: بَدَلٌ مِنْ يَومَ الفَصلِ.

فَتَأتُونَ: مِنَ القُبُورِ إِلَى المَوقِفِ.

أَفوَاجًا: أُمَمًا كُلُّ أُمَّةٍ بِإِمَامِهَا.

وَفُتِحَتِ السَمَاءُ فَكَانَتْ أَبوَابًا: أَي تَتَشَقَقُ حَتَّى يَكُونَ فِيهَا شُقُوقٌ (فُتُوحٌ كَالأَبوَابِ فِي الجِدَرَاتِ) هَذَا التَعبِيرُ غَيرُ صَحِيحٍ[4].

وَسُيِّرَتِ الجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا: أَي فَكَانَتْ شَيئًا كَلَا شَىءٍ.

إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرصَادًا: الآيَةُ مَرصَادًا مِفعَالٌ مِنَ الرَصْدِ، تَرصُدُ مَنْ حَقَّتْ عَلَيهِ كَلِمَةُ العَذَابِ.

لِلطَاغِينَ مَئَابًا: مَرجِعًا لَهُمْ

لَابِثِينَ فِيهَا أَحقَابًا: جَمعُ حُقْبٍ وَالحُقْبُ ثَمَانُونَ سَنَةٍ أَي فَتَرَاتٌ لَا نِهَايَةَ لَهَا[5].

لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَردًا وَلَا شرابًا : قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: البَرْدُ الشَرَابُ البَارِدُ المُستَلَذُّ.

إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا: استِثنَاءٌ مُتَصِلٌ مِنْ قَولِهِ { وَلَا شَرَابًا } .

جَزَاءً وِفَاقًا: أَي لِأَعمَالِهِمْ وَكُفرِهِمْ.

إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرجُونَ حِسَابًا: لَا يَخَافُون وَالمَعنَى هُنَا لَا يُصَدِّقُونَ بِيَومِ الحِسَابِ.

وَكَذَّبُوْا بَآيَاتِنَا: القُرآنِ.

كِذَّابًا: تَكذِيبًا.

وَكُلَّ شِىءٍ: مِنَ الأَعمَالِ.

أَحصَينَاهُ: كُلَّ شَىءٍ ضَبَطنَاهُ.

كِتَابًا: كَتْبًا فِي اللَّوحِ المَحفُوظِ لِنُجَازِيَ عَلَيهِ وَمِنْ ذَلِك تَكذِيبُهُم بِالقُرءَانِ.

فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا: مُسَبَبٌ عَنْ كُفرِهِمْ بِالحِسَابِ وَتَكذِيبِهِمْ بِالآيَاتِ وِفِي خِطَابِهِمْ بِذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ الالتِفَاتِ تَوبِيخٌ لَهُم وَشِدَّةُ غَضَبٍ عَلَيهِم. وَلَمَّا ذَكَرَ شَيئًا مِنْ حَالِ أَهلِ النَّارِ ذَكَرَ مَا لِأَهلِ الجَنَّةِ فَقَالَ …

إِنَّ لِلمُتَّقِينَ مَفَازًا: أَي مَوضِعَ فَوزٍ وَظَفَرٍ حَيثُ زُحزِحُوا عَنِ النَّارِ وَأُدخِلُوا الجَنَّةَ.

حَدَائِقَ وَأَعنَابًا: أَي بَسَاتِينَ.

وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا: جَوَارِيَ عَلَى سِنٍّ وَاحِدٍ.

وَكَأَسًا دِهَاقًا: أَي كَأَسًا مُمتَلِئَةً بِالشَرَابِ.

لَا يَسمَعُونَ فِيهَا: أَي الجَنَّةِ.

لَغوًا: بَاطِلًا مِنَ القَولِ.

وَلَا كِذَّابًا: أَي كَذِبًا.

جَزَاءً مِنٍ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا: أَي جَزَاهُمُ اللهُ بِذَلِك جَزَاءً كَثِيرًا.

رَبِّ السَمَوَاتِ وَالأَرضِ وَمَا بَينَهُمَا الرَحمَنِ لَا يَملِكُونَ: أَي الخَلْقُ

مِنهُ: تَعَالَى.

خِطَابًا: أَي لَا يَقدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُخَاطِبَهُ خَوفًا مِنْهُ.

يَومَ يَقُومُ الرُوحُ وَالمَلَائِكَةُ: وَرَدَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ الرُوحَ مَلَكٌ عَظِيمٌ لَهُ سَبعُونَ أَلفَ وَجهٍ فِي كُلِ وَجهٍ سَبعُونَ أَلفَ لِسَانٍ يُسَبِّحُ اللهَ بِكُلِّهَا. لَيسَ ثَابِتًا لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُروَى .

صَفًّا: أَي مُصطَفِينَ.

لَا يَتَكَلَّمُونَ: أَي الخَلْقُ.

إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَحمَنُ: فِي الكَلَامِ.

وَقَالَ: قَولًا

صَوَابًا: مِنَ المُؤمِنِينَ وَالمَلَائِكَةِ كَأَنْ يَشفَعُوا لِمَنِ ارتَضَى.

ذَلِكَ اليَومُ الحَقُّ: أَي الثَابِتُ وُجُودُهٌ. الَّذِي لَيسَ فِيهِ تَخَلُّفٌ.

فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَئَابًا: وَعِيدٌ وَتَهدِيدٌ.

إِنَّا أَنذَرنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا: هُوَ عَذَابُ الآخِرَةِ.

قَرِيبًا: لِتَحَقُقِ وُقُوعِهِ وُكُلُّ آتٍ قَرِيبٍ.

يَومَ يَنظُرُ المَرءُ: عَامٌ فِي المُؤمِنِ وَالكَافِرِ.

مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ: مِنْ خَيرٍ أَوْ شَرٍ لِقِيَامِ الحُجَةِ لَهُ أَوْ عَلَيهِ وَقَالَ أَبُو هُرَيرَةَ وَعَبدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحضِرُ البَهَائِمَ يَومَ القِيَامَةِ فَيُقتَصُّ مِنْ بَعضِهَا لِبَعضٍ ثُمَّ يُقَالُ لَهَا بَعدَ ذَلِكَ كُونِي تُرَابًا فَيَعُودُ جَمِيعُهَا تُرَابًا[6].

وَيَقُولُ الكَافِرُ يَا لَيتَنِي كُنْتُ تُرَابًا: فَإِذَا رَأَى الكَافِرُ ذَلِكَ تَمَنَّى مِثلَهُ لَهَ.

 وَاللهُ أَعلَمُ وَأَحكَمُ.

[1] – قال: هُنَا دليلٌ على أنَّ الأرضَ ثَابِتَة

[2] – قَالَ قَالَ: لَا يُقَالُ الشَمْسُ جِسمٌ مُشتَعِلٌ يُقَالُ جِسمٌ كَبِيرٌ يَنبَعِثُ مِنهُ ضَوءٌ حَارٌّ, والقَمَرُ جِسمٌ مُنِيرٌ يَنبَعِثُ مِنْهُ ضَوءٌ مُعتَدِلٌ.

[3] – قَالَ: المُرَادُ بِهِ بَسَاتِينُ الدُنيَا فِي هَذَا المَوضِع

[4] – قَالَ: الشَيخُ نَبَّهَ أنَّ هَذا التعبيرُ فِي الجِدارَاتِ لَيسَ صَحِيحا. قالَ في  العَادةِ يَقولون جدران هم يَقولون في الجِدَارَات. قال قال: هذا غير صحيح

[5] – قالَ هَذَا رَدٌ عَلى ابنِ تَيمِييَة هو عَلى زَعمهِ يقُولُ بفَنَاءِ النَّارِ. وهنا يقول فَتَراتٍ لَا نِهَايَةَ لَهَا.

[6] – قَالَ: هَذَا رَدٌّ على مُحَمد مِتوَلِّي الشَعرَاوي المِصرِي يَقُولُ البَهَائِمُ لَا أَروَاحَ لَهَا وَالعِيَاذُ بَاللهِ