الخميس أبريل 18, 2024

أردنا قبل الشروع في بيان تأويل بعض الأحاديث في الصحيحين وذكر كلام أهل الشأن فيها أن نقدم لذلك بنقول مفيدة من كتب أهل الحديث نمشي على نورها بإذن الله.

قال الحافظ أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمـن بن الصلاح الشهرزوري (643هـ) في كتابه «صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسَّقَط»[(25)]: قال: وسمعت مسلمًا يقول: عرضت كتابي هذا المسند على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار إليَّ أن له علة تركته»، وقال[(26)]: «على خلاف كتاب البخاري فإنه أودع تراجم أبواب كتابه كثيرا من موقوفات الصحابة ومقطوعات التابعين وغير ذلك مما ليس من جنس الصحيح» وقال[(27)]: «قرأت بخط الحاكم أبي عبد الله الحافظ في كتابه المدخل إلى معرفة المستدرك أن عدد من أخرجهم البخاري في الجامع الصحيح ولم يخرجهم مسلم أربعمائة وأربعة وثلاثون شيخًا، وعدد من احتج بهم مسلم في المسند الصحيح ولم يحتج بهم البخاري في الجامع الصحيح ستمائة وخمسة وعشرون شيخًا، وقد روينا عن مسلم في باب صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من صحيحه أنه قال: ليس كل شىء عندي صحيح وضعته هاهنا يعني في كتابه الصحيح، وإنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه. وهذا مشكل جدًا؛ فإنه قد وضع فيه أحاديث قد اختلفوا في صحتها لكونها من حديث من ذكرناه ومن لم نذكره ممن اختلفوا في صحة حديثه ولم يجمعوا عليه» ثم قال: «ومع هذا قد اشتمل كتابه على أحاديث اختلفوا في إسنادها أو متنها عن هذا الشرط لصحتها عنده وفي ذلك ذهول منه رحمنا الله وإياه عن هذا الشرط أو سبب آخر، وقد استُدرِكَت عليه وعُلِّلَت، والله أعلم» وقال[(28)]: «وقد سبق عن مكي بن عبدان أحد حفاظ نيسابور قال: سمعت مسلما يقول: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار أن له علة تركته، وكل ما قال إنه صحيح وليس له علة فهو الذي أخرجه. هذا مقام وعر وقد مهدته بواضح من القول لم تره مجتمعًا في مؤلف سبق ولله الحمد، وفيما ذكرته دليل على أن من حكم لشخص بمجرد رواية مسلم عنه في صحيحه بأنه من شرط الصحيح عند مسلم فقد غفل وأخطأ، بل ذلك يتوقف على النظر في أنه كيف روى عنه وعلى أي وجه روى عنه على ما بيناه من انقسام ذلك، والله سبحانه أعلم» اهـ. وقال أيضًا في كتابه «معرفة أنواع علم الحديث»[(29)]: وَرُوِّينَا عَنْ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ: (لَيْسَ كُلُّ شىء عِنْدِي صَحِيحٌ وَضَعْتُهُ هَاهُنَا – يَعْنِي فِي كِتَابِهِ الصَّحِيحِ – إِنَّمَا وَضَعْتُ هَاهُنَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ). قُلتُ: أَرَادَ – وَاللَّهُ أَعْلَمُ – أَنَّهُ لَمْ يَضَعْ فِي كِتَابِهِ إِلاَّ الأَحَادِيثَ الَّتِي وَجَدَ عِنْدَهُ فِيهَا شَرَائِطَ الصَّحِيحِ المُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرِ اجْتِمَاعُهَا فِي بَعْضِهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ» وفي الحاشية[(30)]:

قال الزركشي [(31)] في نكته: قال النووي: باتفاق العلماء، فإن قيل: قد روى مسلم في صحيحه عن جماعة من الضعفاء أو المتوسطين أهل الطبقة الثانية الذين ليسوا من شيوخ الصحيح..» وفي الحاشية[(32)]: إذ قال القرطبي في مفهمه[(33)]: مراده إجماع من لقيه من أهل النقل والعلم بالحديث.

وقال الميانشي [(34)] يعني – إجماع – أئمة الحديث كمالك والثوري وشعبة وأحمد بن حنبل وابن مهدي وغيرهم.

وقال البلقيني في محاسنه 91: وقيل: أراد مسلم بقوله: (ما أجمعوا عليه) أربعة: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعثمان ابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور الخراساني» اهـ.

وقال الحافظ النووي الشافعي في كتابه «التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير»[(35)]: وذكر الشيخ تقي الدين أن ما روياه – أي البخاري ومسلم – أو أحدهما فهو مقطوع بصحته والعلم القطعي حاصل فيه، وخالفه المحققون والأكثرون، فقالوا: يفيد الظن ما لم يتواتر» اهـ.

وقال الكمال بن الهمام الحنفي (681هـ) في كتابه «شرح فتح القدير»[(36)]: وقول من قال أصح الأحاديث ما في الصحيحين ثم ما انفرد به البخاري ثم ما انفرد به مسلم ثم ما اشتمل على شرطهما من غيرهما ثم ما اشتمل على شرط أحدهما تحَكُّم لا يجوز التقليد فيه، إذ الأصحية ليس إلا لاشتمال رواتهما على الشروط التي اعتبراها؛ فإذا فرض وجود تلك الشروط في رواة حديث في غير الكتابين أفلا يكون الحكم بأصحية ما في الكتابين عين التحكم ثم حكمهما أو أحدهما بأن الراوي المعين مجتمع تلك الشروط ليس مما يقطع فيه بمطابقة الواقع فيجوز كون الواقع خلافه.

وقد أخرج مسلم عن كثير في كتابه ممن لم يسلم من غوائل الجرح، وكذا في البخاري جماعة تُكُلِّمَ فيهم، فدار الأمر في الرواة على اجتهاد العلماء فيهم وكذا في الشروط حتى إن من اعتبر شرطا وألغاه آخر يكون ما رواه الآخر مما ليس فيه ذلك الشرط عنده مكافئا لمعارضة المشتمل على ذلك الشرط، وكذا فيمن ضعف راويا ووثقه الآخر» اهـ.

وقال تاج الدين السبكي (771هـ) ابن الحافظ تقي الدين السبكي في كتابه «طبقات الشافعية الكبرى»[(37)]: وفي كتاب إمام الشرق والغرب أوهام أخر تركت ذكرها اختصارا وكنت عزمت على جمعها في كتاب، فإن يسر الله فعلت وأما إمام الدنيا أبو عبد الله البخاري ففي جامعه الصحيح أوهام» اهـ.

وقال محمد بن يوسف الكرماني (786هـ) في كتابه «شرح الكرماني على صحيح البخاري[(38)]»: «وقد يخرج البخاري أحيانًا عن أعيان الطبقة الثانية ومسلم عن أعيان الطبقة الثالثة وأبو داود عن مشاهير الرابعة وذلك لأسباب اقتضته، وقال ابن طاهر: شرط البخاري ومسلم أن يخرجا الحديث المجمع على ثقة رجاله إلى الصحابي المشهور، قال العراقي وليس ما قاله بجيد لأن النسائي ضعف رجالا أخرج لهم الشيخان أو أحدهما وأجيب: بأنهما أخرجا من أجمع على ثقته إلى حين تصنيفهما، ولا يقدح في ذلك تضعيف النسائي بعد وجود الكتابين.

قال الحافظ ابن حجر: تضعيف النسائي إن كان باجتهاده أو نقله عن معاصر فالجواب ذلك، وإن نقله عن متقدم فلا، قال: ويمكن أن يجاب بأن ما قاله ابن طاهر هو الأصل الذي بنيا عليه أمرهما، وقد يخرجان عنه لمرجح يقوم مقامه» وقال[(39)]: «وقد تعرض الحافظ السيوطي في التوشيح لبيان شروط البخاري وموضوع كتابه فأحببت إيراده بتمامه لما فيه من الفوائد المهمة، قال في أوله: «فصل في بيان شروط البخاري وموضوعه: اعلم أن البخاري لم يوجد عنده تصريح بشرط معين وإنما أخذ ذلك من تسمية الكتاب والاستقراء من تصرفه.

أما أولا فإنه سماه الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه.

فعلم من قوله الجامع أنه لم يخصه بصنف دون صنف ولهذا أورد فيه الأحكام والفضائل والأخبار عن الأمور الماضية والآتية وغير ذلك من الآداب والرقائق.

ومن قوله الصحيح أنه ليس فيه شىء ضعيف عنده وإن كان فيه مواضع قد انتقدها غيره فقد أجيب عنها، وقد صح عنه أنه قال: ما أدخلت في الجامع إلا ما صح.

ومن قوله المسند أن مقصوده الأصلي الأحاديث التي اتصل إسنادها ببعض الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، سواء كانت من قوله أم فعله أم تقريره، وأما ما وقع في الكتاب من غير ذلك فإنما وقع عرضًا وتبعًا لا أصلاً مقصودا» اهـ.

وقال بدر الدين الزركشي (794هـ) في كتابه «النُّكَت على مقدمة ابن الصلاح»[(40)]: «وقال بعض المتأخرين: قد تكلم جماعة من الحفاظ على بعض أحاديثهما فأين التلقي بالقبول؟! وفيهما المتعارض، والقطعي لا تعارض فيه» وقال[(41)]: «وقد اتفق البخاري ومسلم على إخراج حديث محمد بن بشار بندار وأكثرا من الاحتجاج به، وتكلم فيه غير واحد من الحفاظ وغير ذلك من رجالهما الذين تكلم فيهم، فتلك الأحاديث عند هؤلاء لا يتلقونها بالقبول» اهـ.

وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي (795هـ) ضمن مؤلفاته[(42)]: «أفراد الصحيح جزء، وغرائبه تسعة أجزاء».

وفي «منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها»[(43)]: «لقد تكلم بعض الأئمة في جملة من الأحاديث في صحيح البخاري ووصفوها بالغرابة أو الانفراد، على أن وجود الغرائب والأفراد في الصحيحين هو أمر نادر، لذا كانت الأحاديث المستغربة أو المستنكرة من قبل الأئمة قليلة بالنسبة إلى الأحاديث الصحيحة المشهورة» اهـ.

وقال الحافظ زين الدين العراقي (806هـ) في كتابه «التقييد والإيضاح لما أُطلق وأُغلق من مقدمة ابن الصلاح»[(44)]: وهذه نكتة نفيسة نافعة ومن فوائدها: القول بأن ما انفرد به البخاري أو مسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول على الوجه الذي فصلناه من حالهما فيما سبق سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني وغيره وهي معروفة عند أهل هذا الشأن والله أعلم» وفي بعض حواشي[(45)]: «وفيه أمران أحدهما: أن ما ادعاه من أن ما أخرجه الشيخان مقطوع بصحته قد سبقه إليه الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي، وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق بن يوسف، فقالا: إنه مقطوع به، وقد عاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام على ابن الصلاح هذا، وذكر أن بعض المعتزلة يرون أن الأمة إذا عملت بحديث اقتضى ذلك القطع بصحته، قال: وهو مذهب رديء.

وقال الحافظ النووي في شرح مسلم نحو ذلك بزيادة قال: ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على أنه مقطوع بأنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: وقد اشتد إنكار ابن برهان الإمام على من قال بما قاله الشيخ، وبالغ في تغليظه.

الأمر الثاني: إن ما استثناه من المواضع اليسيرة قد أجاب العلماء عنها بأجوبة، ومع ذلك فليست بيسيرة بل هي مواضع كثيرة، وقد جمعتها في تصنيف مع الجواب عنها، وقد ادعى ابن حزم في أحاديث من الصحيحين أنها موضوعة، ورد عليه ذلك كما بينته في التصنيف المذكور والله أعلم» ويقول[(46)]: «ثم إن بعضهم أطلق اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف نحو إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط حتى قال: من أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول كما قال بعضهم: من الصحيح ما هو صحيح شاذ والله أعلم» اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني (852هـ) في كتابه «هَديُ السَّاري مقدمة فتح الباري»[(47)]: وقال أبو جعفر محمود بن عمرو العقيلي لما ألف البخاري كتاب الصحيح عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث» ويقول[(48)] : «وعند التأمل يظهر أن كتاب البخاري أتقن رجالاً وأشد اتصالاً، وبيان ذلك من أوجه أحدها: أن الذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم أربعمائة وبضعةٌ وثلاثون رجلاً، المتكلم فيه بالضَّعف منهم ثمانون رجلاً، والذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري ستمائة رجلٍ، المتكلم فيه بالضعف منهم مائة وستون رجلاً، ولا شك أن التخريج عمن لم يتكلم فيه أصلا أولى من التخريج عمن تكلم فيه، وإن لم يكن ذلك الكلام قادحا» ويقول[(49)]: «وأما ما يتعلق بعدم العلة وهو الوجه السادس فإن الأحاديث التي انتقدت عليهما بلغت مائتي حديث وعشرة أحاديث كما سيأتي ذكر ذلك مفصلا في فصل مفرد، اختص البخاري منها بأقل من ثمانين، وباقي ذلك يختص بمسلم، ولا شك أن ما قل الانتقاد فيه أرجح مما كثر، والله أعلم» اهـ.

وقال العسقلاني أيضًا في كتابه «النكت على كتاب ابن الصلاح»[(50)]: «وأما قوله – يعني الحاكم النيسابوري -: «إن الغرائب الأفراد ليس في الصحيحين منها شىء»، فليس كذلك بل فيهما قدر مائتي حديث قد جمعها الحافظ ضياء الدين المقدسي في جزء مفرد» اهـ.

وقال بدر الدين العيني الحنفي (855هـ) في كتابه «عمدة القاري شرح صحيح البخاري»[(51)]: واتفق العلماء على أن أصحّ الكتب المصنّفة صحيحا البخاري ومسلم. واتفق الجمهور على أن صحيح البخاري أصحّهما صحيحًا وأكثرهما فوائد، وقال الحافظ أبو علي النيسابوري شيخ الحاكم أبي عبد الله: صحيح مسلم أصحّ» اهـ.

وقال الحافظ السخاوي (902هـ) في كتابه «فتح المغيث شرح ألفية الحديث»[(52)]: قيل في الصحيح لكل من البخاري ومسلم بعض شىء، وهو يزيد على مائتي حديث قد روى حال كونه مضعفا بالنسبة لبعض من تأخر عنهما، وفات بذلك فيه تلقي كل الأئمة المشار إليه من ثم استثناءة ابن الصلاح من المقطع بقوله سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدارقطني وغيره وهي معروفة عند أهل هذا الشأن» اهـ. وقال الحافظ السيوطي (911هـ) في كتابه «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج»[(53)]: فصل في شرط مسلم ومصطلحه في كتابه: قال ابن الصلاح: شرط مسلم في صحيحه أن يخرج الحديث متصل الإسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه سالمًا من الشذوذ والعلة. والمراد: الثقة عنده، وإن كان غير ثقة عند غيره، ولهذا أخرج لستمائة وخمسة وعشرين شيخًا لم يحتج بهم البخاري، كما أخرج البخاري لأربعمائة وأربعة وثلاثين شيخًا لم يحتج بهم مسلم. قال: وأما قول مسلم في اصطلاحه من صحيحه: ليس كل شىء عندي صحيح وضعته ها هنا، وإنما وضعت ما أجمعوا عليه، مع أن فيه أحاديثَ كثيرة مختلفًا في صحتها لكونها من حديث من ذكرناه، فالجواب: أن مراده ما وجد عنده فيه شروط الصحيح المجمع عليه وإن لم يظهر اجتماعها في بعضها عند بعضهم. أو ما لم يختلف فيه الثقات في نفس الحديث متنًا وإسنادًا، أو إن كان فيه أحاديث قد اختلفوا في إسنادها أو متنها خرَّجها لصحة إسنادها عنده، وفي ذلك ذهول منه عن هذا الشرط، أو لسبب آخر، وقد استدركت وعللت» اهـ.

وقال أيضًا في كتابه «التوشيح شرح الجامع الصحيح»[(54)]: ومن قوله – أي البخاري – (الصحيح): أنه ليس فيه شىء ضعيف عنده، وإن كان فيه مواضع قد انتقدها غيره، فقد أجيب عنها، وقد صح عنه أنه قال: ما أدخلتُ في (الجامع) إلا ما صح» اهـ.

وقال شهاب الدين أحمد بن محمد الشافعي القسطلاني (923هـ) في كتابه «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري»[(55)]: الفصل الرابع: فيما يتعلق بالبخاري في صحيحه من تقرير شرطه وتحريره وضبطه وترجيحه على غيره كصحيح مسلم ومن سار كسَيره والجواب عما انتقده عليه النقاد من الأحاديث ورجال الإسناد وبيان موضوعه، وتفرده بمجموعه، وتراجمه البديعة المثال، المنيعة المنال وسبب تقطيعه للحديث واختصاره وإعادته له في الأبواب وتكراره، وعدة أحاديثه الأصول والمكرّرة حسبما ضبطه الحافظ ابن حجر وحرره» ثم قال[(56)]: «الرجال الذين تكلم فيهم من رجال مسلم أكثر عددًا من الرجال الذين تكلم فيهم من رجال البخاري، مع أن البخاري لم يكثر من إخراج حديثهم، بل غالبهم من شيوخه الذين أخذ عنهم ومارس حديثهم وميز جيدها من موهومها، بخلاف مسلم، فإن أكثر من تفرّد بتخريج حديثه ممن تكلم فيه ممن تقدّم عصره من التابعين ومن بعدهم، ولا ريب أن المحدث أعرف بحديث شيوخه ممن تقدّم عنهم. وأما رجحانه من حيث عدم الشذوذ والإعلال فلأن ما انتقد على البخاري من الأحاديث أقل عددًا مما انتقد على مسلم» وقال[(57)]: «وقد علم أن الإجماع واقع على تلقي كتابيهما بالقبول والتسليم، إلا ما انتقد عليهما فيه» ثم قال: «وقال مكّي بن عبدان: كان مسلم يقول عرضت كتابي على أبي زرعة، فكل ما أشار إليّ أن له علة تركته» ثم قال: «وأما من حيث التفصيل فالأحاديث التي انتقدت عليهما تنقسم إلى ستة أقسام» وقال[(58)]: «وقد وقع في بعض نسخ الكتاب ضم باب لم يذكر فيه حديث إلى حديث لم يذكر فيه باب، فاستشكله بعضهم، لكن أزال الإشكال الحافظ أبو ذر الهروي بما رواه عن الحافظ أبي إسحق المستملي، مما ذكره أبو الوليد الباجي – بالموحدة والجيم – في كتابه أسماء رجال البخاري، قال: استنسخت كتاب البخاري من أصله الذي كان عند الفربري، فرأيت أشياء لم تتم وأشياء مبيضة، منها تراجم لم يثبت بعدها شيئًا وأحاديث لم يترجم لها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض» اهـ.

وقال علي بن سلطان محمد الهروي القاري (1014هـ) في كتابه «شرحُ شرحِ نخبة الفِكَر في مصطلحات أهل الأثر»[(59)] عند شرح قول الحافظ ابن حجر «إلا أنَّ هذا يختصُّ بما لم ينتقدْه أحد من الحفاظ مما في الكتابين» وفي الحواشي: «قال النووي: ما ذكره ابن الصلاح خلاف ما قاله المحققون والأكثرون، فإنهم قالوا: أحاديث الصحيحين التي ليست بمتواترة إنما تفيد الظن، فإنها آحاد، والآحاد إنما يفيد الظنّ على ما تقرر. ولا فرق بين البخاري ومسلم وغيرهما في ذلك، وتلقي الأمة إنما أفاد وجوب العمل بما فيهما من غير توقف على النظر فيه بخلاف غيرهما. فلا يعمل به حتى ينظر ويوجد فيه شرط الصحيح. ولا يلزم من إجماع العلماء على العمل بما فيها إجماعهم على القطع بأنه كلام النبي عليه الصلاة والسلام»، ثم قال: «والمعنى: لم يعترض عليه أحد من الحفاظ كالدَّارَقُطْنِي وغيره. (مما في الكتابين) لفقد الإجماع على التلقي. قال تلميذه: وفيه إشارة إلى أن العلماء لم يتلقوا كل ما في الكتابين بالقَبول. انتهى. وهذا كما استثناه ابن الصلاح حيث قال: سِوى أحرفٍ يسيرةٍ تكلم عليها الحفاظ وهي معروفة. قال السخاوي: وتزيد على مئتي حديث. قال النووي: إنه أجاب عنها آخرون. قال السخاوي: يعني كما أفرده العراقي في تأليف عدمت مُسَوَّدَتُه قبل أن يبيضها»… «وتكفل شيخنا في مقدمة شرح البخاري بما فيه من ذلك. والمولى العراقي بما في مسلم. وقال البِقَاعي: في (النكت الوفية): قال شيخنا الدارقطني: ضُعّف من أحاديثهما مئتان وعشرة، يختص البخاري بثمانين، واشتركا في ثلاثين، وانفرد مسلم بمائة. قال: وقد ضعف غيره أيضًا غير هذه الأحاديث. وقال النووي في خطبة (شرح صحيح مسلم): إنّ ما ضُعّف من أحاديثهما مبني على علل ليست بقادحة. قال: فكأنه مال إلى أنه ليس فيهما ضعيف. وكلامه في خطبة (شرح مسلم) يقتضي تقرير قول من ضعف. قال شيخنا: وأظن هذا بالنسبة إلى مقام الرجلين، وأن الشيخ يرفع عن البخاري، ويقرر على مسلم انتهى. وبالجملة هذا مستثنى من التلقي لاختلاف العلماء فيه. ويفيد أنه لا بد من النظر للمجتهد في رجالهما حتى يظهر المعلول من غيره. وهذا يُعَكر على ما قال النووي عن الأكثرين: إن تلقي الأمة إنما أفاد وجوب العمل بما فيهما من غير توقف على النظر فيهما بخلاف غيرهما، فلا يُعمل به حتى ينظر، ويوجد فيه شرط الصحيح انتهى» اهـ.

وقال العجلوني (1162هـ) في «كشف الخفاء ومزيل الألباس»[(60)]: هذا والحكم على الحديث بالوضع أو الصحة أو غيرهما إنما هو بحسب الظاهر للمحدثين باعتبار الإسناد أو غيره، لا باعتبار نفس الأمر والقطع لجواز أن يكون الصحيح مثلاً – باعتبار نظر المحدث – موضوعًا أو ضعيفًا في نفس الأمر، وبالعكس ولو لما في الصحيحين على الصحيح» اهـ.

وقال محمد بن عبد الحيّ اللكنوي الهندي (1304هـ) في كتابه «ظفر الأماني»[(61)]: واعلم أنه إذا قال أهلُ الحديث: هذا حديثٌ صحيحٌ، فمرادُهم ما ظَهَر لنا بظاهر الإسناد، لا أنه مقطوع بصحتِه في نفس الأمر، لجوازِ الخطأ والنسيان على الثقة. هذا هو الصحيح الذي عليه أكثرُ أهل العلم، خلافًا لمن قال: إنَّ خَبَرَ الواحد يُوجب العِلمَ، كحُسَينٍ الكرابيسي وغيره، وحكاه ابنُ الصباغ في (العُدَّة) عن قوم من أصحاب الحديث. قال القاضي أبو بكر الباقلاني: هو قولُ من لا يُحَصِّلُ عِلمَ هذا الباب». وقال[(62)]: وقال أبو جعفر محمد بن عَمْرو العُقَيلي: لمَّا ألَّف البخاري (كتاب الصحيح)، عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرِهم، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة، إلا في أربعة أحاديث، والقولُ فيها قولُ البخاري، وهي صحيحة. انتهى كلامُ الحافظ ابن حجر». وقال[(63)]: ولم يتَعرَّض لذكر التفاوت بينهما – بين صحيحَي البخاري ومسلم -، فالذي عليه الجمهورُ وصوَّبه النووي وغيرُه هو أنَّ صحيح البخاري أصحُّ من صحيح مسلم. ورُوِيَ عن الحافظ أبي عبد الرحمـن النسائي صاحب (المُجتَبَى) أنه قال: ما في هذه الكتب كلِّها أجوَدُ من كتاب محمد بن إسماعيل. والنسائي لا يعني بالجودة إلا جودة الإسناد. قال ابن حجر في مقدمة فتح الباري: مثلُ هذا من مثلِ النسائي غايةٌ في الوصف، مع شدةِ تحرّيه وتوقّيه وتَثَبُّتِهِ في نَقْدِ الرجال، وتقدُّمِهِ في ذلك على أهل عصرِه، حتى قدَّمه قوم من الحُذَّاق في معرفة ذلك على مسلم» ثم قال: «ورُوي عن الحافظ أبي علي النيسابوري تلميذ النسائي وأستاذ الحاكم أنه قال: ما تحتَ أديم السماء كتابٌ أصحُّ من كتاب مسلم. قال ابن الصلاح في كتابه في علوم الحديث: هذا وقولُ بعض المغاربة من الذين فَضَّلوا كتابَ مسلم على كتاب البخاري». وقال[(64)]: منها: أن الذين انفرد بهم البخاري بالإخراج دون مسلم أربعُمائة وبِضْعةٌ وثلاثون رجلاً. والمتكلَّمُ فيه بالضعف منهم: ثمانون رجلاً فحسب. والذين انفرد بهم مسلم من دون البخاري: ستّمائة وعشرون رجلاً، والمتكلَّمُ فيه بالضعف منهم: مائةٌ وستون رجلاً. ولا شَكَّ في أن التخريج عمن لم يُتكلَّم فيه أصلاً أولى من التخريج عمن تُكُلِّم فيه وإن لم يكن ذلك الكلامُ قادِحًا». وقال[(65)]: ومنها أنه قد انتَقَد بعضُ الحفاظ كالدارقطني على البخاري ومسلم أحاديثَ، لاختلافها عن شروطهما، ونُزولِها عن درجة ما التزماه. وقد أُجِيبَ عن كلِّ ذلك أو أكثرِه. وجملةُ المنتَقَداتِ تَبلُغُ مائتَيْ حديثٍ وعشرةَ أحاديث، كما ذكرها الحافظ ابن حجر، كل ذلك مفصَّلاً في فصلٍ مفردٍ من مقدمة شرح الصحيح. واختَصَّ البخاري منها بأقلَّ من ثمانين، وباقي ذلك يَختصُّ بمسلم. وظاهرٌ أنَّ ما قلَّ الانتقاد فيه أرجَحُ مما كَثُرَ فيه. فهذه الوجوه وغيرُها كلُّها تدلُّ على أرجحية صحيح البخاري على صحيح مسلم بدرجات. ومن ثَمَّ قيل: لولا البخاريُّ لما ذَهَبَ مسلمٌ ولا جاء. قال ابن حجر: وأما قولُ أبي علي النيسابوري، فلم نقف قطُّ على تصريحه بأن كتاب مسلم أصحُّ من كتاب البخاري، بخلاف ما يقتضيه إطلاقُ الشيخ محي الدين النووي في مختصره في علوم الحديث وفي مقدمة شرح صحيح البخاري حيث يقول: اتفق الجمهور على أن صحيح البخاري أصحُّهما صحيحًا وأكثرُهما فوائد، وقال أبو علي النيسابوري، وبعضُ علماء المَغرب: صحيحُ مسلم أصحُّ». وقال[(66)]: وتلقِّي الأمة إنما أفاد وجوبَ العمل بما فيهما من غير توقف على النظر فيه، بخلاف غيرهما، فلا يُعمَلُ به حتى يُنظَرَ ويوجَدَ فيه شرطُ الصحيح. ولا يَلزمُ من إجماع العلماء على العمل بما فيهما إجماعُهم على القطع بأنه كلامُ النبي صلى الله عليه وسلم » وقال[(67)]: إلا أنَّ هذا يَختَصُّ بما لم يُنتَقَد – أي لم يُزَيِّفه أحَدٌ من الحفاظ – مما في الكتابين، وبما لم يقع التجاذُبُ بين مدلوليه، مما وقع فيهما حيث لا ترجيح، لاستحالةِ أن يفيد المتناقضانِ العِلمَ بصدقِهما. وما عدا ذلك فالإجماعُ حاصل على تسليم ذلك» ثم قال: «وردَّه الحافظ العراقي حيث قال في شرح ألفيته: ليس ما قاله بجيِّد، لأن النسائي ضَعَّف جماعةً أخرج لهم الشيخَان أو أحدُهما». وقال[(68)]: وكذلك رُوِي عن مسلم: ليس كلُّ صحيح وضعتُه – ههنا -، إنما وضعتُ – ههنا – ما أجمعوا عليه. يُريدُ به ما وُجِدَ عنده فيها شرائطُ الصحيح المجمَع عليه، وإن لم يَظهر اجتماعُها في بعضها عند بعضهم».

وقال[(69)]: ومنه ما هو ضعيفٌ لا جابرَ له أصلاً، وهو في صحيح البخاري قليلٌ جدًا، وحيث يقع ذلك يتعقَّبُه بالتضعيف، بخلاف ما قبلَه».

وقال المحدث أحمد بن محمد بن الصديق الغماري (1380هـ) في كتابه «الجواب المفيد للسائل المستفيد»[(70)]: وليس كل الكتب مشتملة على الصحيح إلا كتاب الله تعالى وحده. وهذا صحيح البخاري ومسلم فيه الكثير من الغلط، والباطل المحقق!! فعليك بقبول الحق والصواب ورد ما هو باطل بحسب ميزان العلم والعقل، ونحن إذا مدحنا كتابًا فليس معنى ذلك أنه مبرَّأ من جميع العيوب، حتى كأنه قرآن يُتلى، لا لا، بل معنى ذلك ما في الكتاب من الفوائد المتعلقة بموضوعه التي توجد مجموعة أو مرتبة في غيره، أو بتوسع، ونحو ذلك فقط. اهـ.

وقال في كتابه «المُغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير»[(71)]: فكم حديث صححه الحفاظ وهو باطل بالنظر إلى معناه ومعارضته للقرءان أو السنة الصحيحة أو مخالفة الواقع والتاريخ، وذلك لدخول الوهم والغلط فيه على المعروف بالعدالة، بل قد يتعمد الكذب، فإن الشهرة بالعدالة لا تفيد القطع في الواقع، ومنها أحاديث الصحيحين فإن فيها ما هو مقطوع ببطلانه، فلا تغتر بذلك، ولا تتهيب الحكم عليه بالوضع لما يذكرونه من الإجماع على صحة ما فيهما، فإنها دعوى فارغة لا تثبت عند البحث والتمحيص؛ فإن الإجماع على صحة جميع أحاديث الصحيحين غير معقول ولا واقع. ولتقرير ذلك موضع ءاخر، وليس معنى هذا أن أحاديثهما ضعيفة أو باطلة، أو يوجد فيها ذلك بكثرة كغيرهما» اهـ. وقال في كتابه «فتح الملك العلي»[(72)] : وصحح البخاري لأسيد بن زيد الجمال، قال ابن معين: كذاب أتيته ببغداد فسمعته يحدّث بأحاديث كذب. وقال النسائي: متروك. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات المناكير ويسرق الحديث. وقال ابن عدي: يتبين على روايته الضعف، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال أبو حاتم: يتكلمون فيه. وقال الدارقطني: ضعيف الحديث. وقال ابن ماكولا: ضعفوه. وقال الخطيب: كان غير مرضي في الرواية. وقال البزار: حدث لأحاديث لم يتابع عليها، وقد احتمل حديثه مع شيعة شديدة فيه. وقال الساجي: سمعت أحمد بن يحيى الصوفي يحدث عنه بمناكير.

وصحح البخاري للحسن بن مدرك السدوسي. قال فيه أبو داود: كذاب كان يأخذ أحاديث فهد بن عوف فيلقيها على يحيى بن حماد.

وصحح البخاري ومسلم لأحمد بن عيسى بن حسان المصري، قال أبو داود: كان ابن معين يحلف أنه كذاب. وقال أبو حاتم: تكلم الناس فيه. وقال سعيد بن عمرو البردعي: أنكر أبو زرعة على مسلم روايته عنه في الصحيح، وقال: ما رأيتُ أهل مصر يشكون في أنه – وأشار إلى لسانه – يعني كأنه يكذب.

وصحح البخاري للحسن بن ذكوان، قال ابن معين: صاحب الأوابد، منكر الحديث. وقال أحمد بن حنبل: أحاديثه أباطيل. وضعفه أبو حاتم والنسائي وابن المديني والساجي وآخرون.

وصحح أيضًا لنعيم بن حماد، قال الدولابي: كان يضع الحديث. وقال الأزدي: قالوا كان يضع الحديث في تقوية السنة. وحكم ابن الجوزي بوضع أحاديث كثيرة أعلها بنعيم، ويكاد يجزم من يعتبر حديثه بذلك لكثرة ما فيه من المناكير. وقد قال الحافظ السيوطي في (ذيل الموضوعات): أتعبنا نعيم بن حماد من كثرة ما يأتي بهذه الطامات.

وصحح أيضًا لعكرمة مولى ابن عباس، وقد كذَّبه جماعة من الأئمة وبينوا أدلة ذلك، بل نقلوا عنه الاعتراف بالكذب في مسألة أو مسألتين، هذا مع البدعة الشديدة التي كانت فيه.

وصحح مسلم لأفلح بن سعيد، الذي اتهمه ابن حبان بالوضع، بل بوضع الحديث الذي أخرجه مسلم عنه.

وصحح أيضًا لقطن بن نسير، قال ابن عدي: يسرق الأحاديث واتهمه أبو زرعة والقواريري وابن عدي بوضع حديث.

وصحح البخاري لحريز بن عثمان، وقد وصل في البدعة إلى حد مفسق بالإجماع، أو مكفر على رأي البعض.

وكذلك صحح البخاري لعمران بن حطان، وهو مثله.

وصحح مالك ومسلم لعبد الكريم بن أبي المخارق، وهو مجمع على ضعفه كما قال ابن عبد البر وغيره، وصحح الإمام الشافعي لإبراهيم بن أبي يحيى، قال فيه مالك: لم يكن بثقة في دينه ولا في حديثه. وقال يحيى بن معين: سمعت القطان يقول: إنه كذاب، وقال أحمد: تركوا حديثه، قدري معتزلي يروي أحاديث ليس لها أصل، وقال البخاري: تركه ابن المبارك والناس». ثم قال الغماري[(73)]: «كما نقل ابن الجوزي عن بعضهم أنه قال: إذا رأيتَ الحديث يباين المعقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول فاعلم أنه موضوع. فإذا وجدوا الحديث كذلك حكموا بوضعه ولو كان رجاله ثقات أو مخرجًا في الصحيح» اهـ.

وقال في كتابه «الفوائد المقصودة في بيان الأحاديث الشاذة المردودة» والمقصود أن العمل بالحديث الصحيح السالم من العلة واجب، ولكن يظن كثير من أهل العلم أن الحديث إذا صح وجب العمل به مطلقًا، وهذا غير صحيح، بل يشترط وجوب العمل به ألا يكون شاذًا، وألا يكون له معارض، ونعني بالشذوذ: مخالفة الحديث لما تواتر، أو للقواعد المقررة» اهـ.

وبعد هذه النقول والنصوص الواضحات الصريحات من حفاظ الأمة وعلمائها لتضعيف بعض ما في البخاري ومسلم – كما أسلفنا – لا يقدح في علو قدرهما ولا عظيم فضلهما وشأنهما رضي الله عنهما؛ فمن الثابت عند أهل السنة والجماعة – نصرهم الله وأيدهم – أن العصمة الكاملة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأما العلماء والأولياء فمهما علا قدرهم وعظم شأنهم واتسع علمهم وفهمهم فإنهم ليسوا في مرتبة الأنبياء، لذلك يجوز عليهم الخطأ، ومرادنا من هذه الرسالة المختصرة تبيان الحق؛ فالحق أحق أن يتبع.

على أننا سنقتصر إن شاء الله في أثناء تعرضنا لهذه الأحاديث على كلام أهل الشأن من أهل الحفظ والنقد المعتبرين، كما ستراه إن شاء الله في محله؛ لأن الأصل فيما نحن فيه اعتماد كلام أمثالهم، حتى لا تصير أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ألعوبة بيد من لا باع له، بل ولا ناقة له ولا جمل كالألباني مدّعي المحدّثية والحويني المعروف بأبي إسحاق، أجارنا الله من الدعوى بلا دليل.

وهذا أوان بيان بعض هذه الأحاديث المتكلم فيها، ونبدأ بصحيح البخاري أولاً، والله من وراء القصد وعليه سبحانه التوكل والاعتماد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ـ[25] صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسَّقَط (دار الكتب العلمية، تحقيق فريد عبد العزيز الجندي، الطبعة الأولى 1424هـ ص11).

ـ[26] صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسَّقَط (ص/12).

ـ[27] صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسَّقَط (ص/14 – 15).

ـ[28] صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسَّقَط (ص/30 – 31).

ـ[29] معرفة أنواع علم الحديث (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1423هـ، بتعليق عبد اللطيف الهميم وماهر ياسين الفحل، ص85 – 86).

ـ[30] الحاشية (ص/84).

ـ[31] الحاشية (1/163).

ـ[32] الحاشية (ص/86).

ـ[33] انظر «البحر» (الذي زخر 2/570).

ـ[34] انظر «ما لا يسع المحدث جهله» (27).

ـ[35] التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير (دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1407هـ، ص18).

ـ[36] شرح فتح القدير (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1415هـ، الجزء الأول ص462).

ـ[37] طبقات الشافعية الكبرى (دار المعرفة، الطبعة الثانية الجزء السادس ص138).

ـ[38] شرح الكرماني على صحيح البخاري (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1431هـ الجزء الأول ص108).

ـ[39] (ص/109-110).

ـ[40] النُّكَت على مقدمة ابن الصلاح (دار الكتب العلمية، ص89).

ـ[41] (ص/90).

ـ[42] ذيل طبقات الحنابلة (2/239).

ـ[43] منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها (ص/229 – 230).

ـ[44] التقييد والإيضاح لما أُطلق وأُغلق من مقدمة ابن الصلاح (دار الكتب العلمية، وضع حواشيه محمد عبد الله شاهين، الطبعة الأولى 1417هـ ص37).

ـ[45] حواشي (ص/38).

ـ[46] التقريب والتيسير (ص/102).

ـ[47] هَديُ السَّاري مقدمة فتح الباري (دار الريان للتراث – القاهرة، الطبعة الأولى 1407هـ ص9).

ـ[48] هَديُ السَّاري مقدمة فتح الباري (ص/13).

ـ[49] هَديُ السَّاري مقدمة فتح الباري (ص/14).

ـ[50] النكت على كتاب ابن الصلاح (ج1/ص368).

ـ[51] عمدة القاري شرح صحيح البخاري (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1421هـ، الجزء الأول ص4).

ـ[52] فتح المغيث شرح ألفية الحديث (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1414هـ، الجزء الأول ص65 – 66).

ـ[53] الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج (دار الأرقم بن أبي الأرقم، المجلد الأول ص20 – 21).

ـ[54] التوشيح شرح الجامع الصحيح (مكتبة الرشد – الرياض، شركة الرياض للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1419هـ، الجزء الأول ص43).

ـ[55] إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1416هـ، الجزء الأول ص29).

ـ[56] إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (ص/30).

ـ[57] إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (ص/31).

ـ[58] إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (ص/34).

ـ[59] شرحُ شرحِ نخبة الفِكَر في مصطلحات أهل الأثر (دار الأرقم بن أبي الأرقم، ص220 – 221 – 222).

ـ[60] كشف الخفاء ومزيل الألباس (مؤسسة الرسالة، الطبعة السادسة 1416هـ، الجزء الأول ص8).

ـ[61] ظفر الأماني (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1418هـ ص66).

ـ[62] ظفر الأماني (ص/71 – 72).

ـ[63] ظفر الأماني (ص/73).

ـ[64] ظفر الأماني (ص/74).

ـ[65] ظفر الأماني (ص/75).

ـ[66] ظفر الأماني (ص/77).

ـ[67] ظفر الأماني (ص/78).

ـ[68] ظفر الأماني (ص/80).

ـ[69] ظفر الأماني (ص/85).

ـ[70] الجواب المفيد للسائل المستفيد (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1423هـ، ص83).

ـ[71] المُغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير (شركة دار المشاريع، الطبعة الأولى 1429هـ ص300).

ـ[72] فتح الملك العلي (الطبعة الثانية 1428هـ، ص/31 – 32 – 33 – 34).

ـ[73] فتح الملك العلي (ص/129).