الخميس مارس 28, 2024

خالد الجندي يقول:
إن مريم علَّمت نبي الله زكريا درسًا

قال خالد الجندي في شريط الرزق وإنفاقه: {قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [سورة ءال عمران: 37]. فقال: «إنّ مريم علمت زكريا درسًا في ذلك كيف قال أنّى لك هذا». وعلق على كلمة أنّى، فلما بشرها جبريل بعيسى قالت أنّى يكون لي غلام. فقال: «وقعت في الخطأ الذي كانت نهت عنه».

الرَّدُّ: ليعلم أنّ سيدنا زكريا صلى الله عليه وسلم لما كان يدخل على مريم عليها السلام في المحراب وهو مكان عبادتها الذي تعبد الله تعالى فيه وهو سيد المجالس وأشرفها في المسجد يجد عندها من الرزق وهو الفاكهة، ما لا يوجد مثله في البلد أو عند سائر الناس، فقد كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف، وهذه من الكرامات التي يكرم الله بها أولياءه وولياته، قال النسفي رحمه الله: «كان رزقها ينزل عليها من الجنة». قال لها زكريا عليها السلام من أين لك هذا الرزق الذي لا يشبه أرزاق الدنيا وهو ءات في غير حينه؟ قالت: هو من عند الله فلا تستبعِد إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب. فهذا القول من زكريا صلى الله عليه وسلم لا يقدح في منصب نبوته وليس فيه غلط وخطأ كما زعم خالد. فهذا لا يكون شكًّا في قدرة الله ولا يكون غلطًا من سيدنا زكريا صلى الله عليه وسلم وليست السيدة مريم تعلّم سيدنا زكريا صلى الله عليه وسلم، فلما رأى سيدنا زكريا حال مريم في كرامتها على الله ومنزلتها رغب أن يكون له ولد وإن كانت زوجته عاقرًا لا تلد، فقد كانت أم مريم لا تلد أيضًا ثم الله رزقها مريم، فدعا الله تعالى أن يرزقه الذرية الطيبة، فبشره الله تعالى بواسطة الملائكة وهو قائم في محراب المسجد يصلي لله تعالى بيحيى نبيًّا من الصالحين. فشرع سيدنا زكريا يستعلم على وجه التعجب وسرورًا بالأمر العجيب وجود الولد له وليس على وجه الشك في قدرة الله على ذلك فالأنبياء عليهم السلام عارفون بالله تعالى ويعلمون يقينًا أنّ الله على كل شيء قدير لا يعجزه شيء.

فكلمة «أنّى» ليست شكًّا في قدرة الله قال النسفي في تفسيره في قوله تعالى عن زكريا مخبرًا: {أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ} [سورة ءال عمران: 40]: «استبعاد من حيث العادة واستعظام للقدرة لا شكّا»، وذلك لأنّ سيدنا زكريا أثّر فيه الكِبَرُ وأضعفه وقد بلغ تسعًا وتسعين سنة وامرأته ثمانٍ وتسعين سنة ولا تلد. فأجيب: {قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء} وفي ءاية سورة مريم: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا}.

أيضًا السيدة مريم لم تغلط حين قالت ما ذكر عنها في القرءان: {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّ} ومعنى: {أَنّى} هنا، أي: كيف يكون لي غلام وعلى أي صفة يوجد هذا الغلام مني أي الابن {وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ}، أي: زوج بالنكاح {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}، أي: فاجرة تبغي الرجال، أي: تطلب الشهوة من أي رجل كان ولا يكون الولد عادة إلا من هذين فمريم لم تقع في الخطأ في قولها أنى يكون لي غلام وأي ضير في هذا.