الجمعة مارس 29, 2024

حُكْمُ مَنْ يَدَّعِى الإِسْلامَ لَفْظًا وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِلإِسْلامِ مَعْنًى

 

   أَىْ هَذَا بَيَانُ حُكْمِ مَنْ يَزْعُمُ الإِسْلامَ بِلِسَانِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلإِسْلامِ فِى الْحَقِيقَةِ.

   (هُنَاكَ طَوَائِفُ عَدِيدَةٌ) أَىْ فِرَقٌ مُتَعَدِّدَةٌ (كَذَّبَتِ الإِسْلامَ مَعْنًى وَلَوِ انْتَمَوْا لِلإِسْلامِ بِقَوْلِهِمُ الشَّهَادَتَيْنِ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَصَلَّوْا وَصَامُوا) أَىْ صُورَةً (لِأَنَّهُمْ نَاقَضُوا الشَّهَادَتَيْنِ بِاعْتِقَادِ) أَوْ قَوْلِ أَوْ فِعْلِ (مَا يُنَافِيهِمَا فَإِنَّهُمْ خَرَجُوا مِنَ التَّوْحِيدِ بِعِبَادَتِهِمْ لِغَيْرِ اللَّهِ فَهُمْ كُفَّارٌ لَيْسُوا مُسْلِمِينَ كَالَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أُلُوهِيَّةَ عَلِىِّ بنِ أَبِى طَالِبٍ) وَهُوَ الْخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَوْ) أُنَاسٍ يَعْبُدُونَ (الْخَضِرَ) وَهُوَ نَبِىٌّ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ (أَوْ) أُنَاسٍ يَعْتَقِدُونَ الأُلُوهِيَّةَ لِلسُّلْطَانِ العُبَيْدِىِّ الْمُلَقَّبِ بـِ(الْحَاكِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ) الَّذِى كَانَ فِى الْقَاهِرَةِ يَعْبُدُ الشَّيَاطِينَ (وَغَيْرِهِمْ أَوْ بِمَا فِى حُكْمِ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. وَحُكْمُ مَنْ يَجْحَدُ) أَىْ يُنْكِرُ مَعْنَى (الشَّهَادَتَيْنِ التَّكْفِيرُ قَطْعًا) بِلا شَكٍّ (وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا لا يَنْقَطِعُ فِى الآخِرَةِ عَنْهُ الْعَذَابُ إِلَى مَا لا نِهَايَةَ لَهُ وَمَا هُوَ بِخَارِجٍ مِنَ النَّارِ) لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ وَفِى هَذِهِ الْمَسْئَلَةِ خَالَفَ جَهْمٌ وَابْنُ تَيْمِيَةَ وَكَانَ ابْنُ تَيْمِيَةَ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ هَذَا كَفَّرَ جَهْمًا لِقَوْلِهِ بِفَنَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ثُمَّ شَارَكَهُ فِى نِصْفِ عَقِيدَتِهِ فَقَالَ بِفَنَاءِ النَّارِ فَهُوَ أَخُو جَهْمٍ. (وَمَنْ أَدَّى أَعْظَمَ حُقُوقِ اللَّهِ بِتَوْحِيدِهِ تَعَالَى أَىْ تَرْكِ الإِشْرَاكِ بِهِ شَيْئًا وَتَصْدِيقِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَاجْتَنَبَ الْكُفْرَ هَذَا إِنْ مَاتَ (لا يَخْلُدُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خُلُودًا أَبَدِيًّا وَإِنْ دَخَلَهَا بِمَعَاصِيهِ) الَّتِى كَانَ اقْتَرَفَهَا (وَمَآلُهُ فِى النِّهَايَةِ عَلَى أَىِّ حَالٍ كَانَ الْخُرُوجُ مِنَ النَّارِ وَدُخُولُ الْجَنَّةِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَالَ الْعِقَابَ الَّذِى يَسْتَحِقُّ) هَذَا (إِنْ لَمْ يَعْفُ اللَّهُ عَنْهُ) فَحُكْمُ الْمُسْلِمِ الْعَاصِى الَّذِى مَاتَ قَبْلَ التَّوْبَةِ أَنَّهُ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ إِمَّا أَنْ يُعَذِّبَهُ اللَّهُ ثُمَّ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَإِمَّا أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ« رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ) أَىْ مَنْ مَاتَ وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ أَىْ أَقَلُّ الإِيمَانِ لا بُدَّ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ النَّارِ وَإِنْ دَخَلَهَا بِمَعَاصِيهِ. وَالذَّرُّ هُوَ الَّذِى مِثْلُ الْغُبَارِ يُرَى عِنْدَمَا يَدْخُلُ نُورُ الشَّمْسِ مِنَ الْكَوَّةِ (وَأَمَّا الَّذِى قَامَ بِتَوْحِيدِهِ تَعَالَى) بِأَنْ ءَامَنَ بِهِ وَنَزَّهَهُ عَنْ مُشَابَهَةِ خَلْقِهِ (وَاجْتَنَبَ مَعَاصِيَهُ وَقَامَ بِأَوَامِرِهِ) أَىْ أَدَّى الْفَرَائِضَ وَاجْتَنَبَ الْمُحَرَّمَاتِ فَهُوَ التَّقِىُّ الَّذِى مَآلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ لا يَلْقَى جُوعًا وَلا عَطَشًا وَلا نَكَدًا فِى الْقَبْرِ وَلا فِى الآخِرَةِ (فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِلا عَذَابٍ حَيْثُ النَّعِيمُ الْمُقِيمُ الْخَالِدُ) فَيَكُونُ مَأْوَاهُ الَّذِى لا يَخْرُجُ مِنْهُ (بِدِلالَةِ الْحَدِيثِ الْقُدْسِىِّ الَّذِى رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ »أَعْدَدْتُ لِعِبَادِىَ الصَّالِحِينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ«. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ »اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مِّنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) أَىْ شَىْءٍ تَقَرُّ بِهِ أَعْيُنُهُمْ أَىْ تَفْرَحُ بِهِ مِمَّا لَمْ يُطْلِعِ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلائِكَتَهُ وَلا أَنْبِيَاءَهُ فَالنَّعِيمُ الْخَاصُّ الْمُعَدُّ لِلصَّالِحِينَ لَمْ يَرَهُ الرَّسُولُ وَلا الْمَلائِكَةُ وَلا خُزَّانُ الْجَنَّةِ الْمُوَظَّفُونَ هُنَاكَ (﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ فِى الصَّحِيحِ).