الأحد ديسمبر 7, 2025

باب فيه (ذكر مرضه) الذي توفي فيه ﷺ (و)ذكر (وفاته ﷺ) وما ولي
ذلك من غسله وكفنه ودفنه ﷺ

قال الله تعالى مخاطبا نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: {إذا جاء نصر الله والفتح} إلى ءاخر السورة، والمراد بالفتح هنا فتح مكة وما داناها. وجعل الناس يأتونه من أنحاء الجزيرة العربية يدخلون طائعين في دين الله فرادى وأزواجا، فلما رأى النبي ﷺ ذلك علم أن الأجل قريب، فاستبشر بالانتقال إلى الحياة الأخرى.

ولما نزلت سورة النصر وعلم ﷺ أنه قد نعيت إليه نفسه الشريفة، دخلت فاطمة بنت النبي ﷺ عليه فقال: «مرحبا بابنتي» فأجلسها عن يمينه أو ع، شماله ثم أسر إليها حديثا فبكت فاطمة، ثم سارها([1]) ثانية فضحكت، فقالت لها عائشة رضي الله عنه: ما يبكيك؟ فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله ﷺ، فقالت لها: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن، فلما قبض رسول الله ﷺ سألتها عائشة فقالت: إنه كان حدثني أن جبريل كان يعارضه بالقرءان([2]) كل عام مرة، وإنه عارضه به في العام مرتين وأنه لا يرى ذلك إلا أنه قد حضر أجله ﷺ، وأخبرني أني أول أهلي لحوقا به وقال لي: «ونعم السلف أنا لك» فبكيت لذلك، ثم إنه سارني فقال: «ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة» فضحكت لذلك.

مرض النبي ﷺ

997- مرض في العشر الأخير من صفر

 

……………………………..

 بعد أن نزلت ءاية الإكمال: {اليوم أكملت لكم دينكم} الآية، رجع الرسول ﷺ من حجته إلى الـمدينة فوجد يوم قدم صداعا في رأسه الشريف وفي بدنه فترة لا يفارقه ذلك، ثم عافاه الله عز وجل ثم (مرض) ﷺ ثانية (في العشر الأخير من) شهر (صفر) سنة إحدى عشرة للهجرة الشريفة.

روى الـمعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه قال: إن النبي ﷺ مرض لاثنتين وعشرين ليلة من صفر، وبدأ وجعه ﷺ عند ريحانة، وكان ﷺ أول يوم مرضه يوم السبت، وفي ليلة هذا السبت خرج ﷺ إلى البقيع فاستغفر لأهل القبور.

وجع النبي في مرض وفاته ﷺ

وكان وجعه الذي بدئ به ﷺ أنه دخل على عائشة وهو يجد صداعا فوجدها هي تصدع أيضا وتقول: وا رأساه، فقال ﷺ: «بل أنا والله يا عائشة وا رأساه»، قالت عائشة: فوالله لطار عني ما أجد وكدت أن أستطار([3]) فسكنني بالـمزاج على تجشم([4]) منه ﷺ فقال: «وما ضرك([5]) يا عائشة لو مت قبلي فأقوم عليك وأليك وأصلي عليك».

 

 

ثم تمادى برسول الله ﷺ وجعه وهو في ذلك يدور على نسائه حتى استعز برسول الله([6]) ﷺ وهو في بيت ميمونة رضي الله عنها، فلما رأوا ما به اجتمع رأي من في البيت على أن يلدوه([7]) وتخوفوا أن يكون به ذات الجنب([8])، فلما لدوه فرج عن رسول الله ﷺ، فسألهم ﷺ عمن فعل ذلك فهبنه واعتللن([9]) بالعباس رضي الله عنه قالوا: يا رسول الله، عمك العباس أمر بذلك، وتخوفنا أن تكون بك ذات الجنب فقال ﷺ: «ألم أنهكم أن تلدوني»، فأخبروه أنهم فهموا منه ﷺ أنه كره إكراه المريض على ذلك إذا كان يكره اخذ الدواء وأنهم خافوا عليه ذات الجنب فقال ﷺ بأن ذات الجنب تكون من أذى الشيطان وأنه ﷺ قد حفظه عز وجل من ذلك([10]).

ثم خرج رسول الله ﷺ إلى بيت عائشة – وكان يومها – وهو ﷺ بين العباس وعلي والفضل ممسك بظهره الشريف، ورجلاه ﷺ تخطان في الأرض حتى دخل على عائشة ولم يزل عندها يوعك في حمى شديدة لا يقدر على الخروج، وسيأتي خبر ذلك.

رغبة أبي بكر رضي الله عنه في تمريض النبي ﷺ

ولما أصاب رسول الله ﷺ ما أصابه من شدة الحمى سأله أبو بكر رضي الله عنه أن يمرضه عنده فقال: يا رسول الله، ائذن لي فأمرضك وأكون الذي أقوم عليك، فاخبره ﷺ بأن أمر علاجه يكون في أزواجه وبناته وأن أجر أبي بكر ثابت عند الله تعالى فيما نواه أبو بكر وعزم عليه.

وكان رسول الله ﷺ يقسم بين نسائه حظهن من الأيام إلى أن ضعف عن الـمشي من شدة مرضه، فكان ﷺ يحمل ليقضي نوب نسائه.

تمريضه ﷺ في بيت عائشة رضي الله عنها

لما اشتكى رسول الله ﷺ في مرض وفاته جعل يدور بين نسائه ويتحامل، فقال يوما لهن وهن مجتمعات عنده: «قد ترين ما أصابني من الشكوى وهو يشتد علي أن أدور بينكن، فلو أذنتن لي فكنت في بيت إحداكن حتى أعلم ما يصنع الله بي»، فقالت إحداهن: أي نبي الله قد أذنا لك، وعرفنا البيت الذي تريد، فتحول إليه فالزمه فإنا لو قدرنا أن نفديك بأنفسنا فديناك وسررناك، فقال ﷺ: «فأي بيت هو؟» قالت: بيت عائشة لا تعدل به، فقال: «صدقت».

فتحول ﷺ إلى بيت عائشة رضي الله عنها بما به من شدة متكئا على علي والعباس والفضل بن العباس ءاخذ بظهره الشريف ورجلاه تخطان الأرض من شدة ما به، فكانت عائشة رضي الله عنها تعالجه بالأدوية وتعوذه بالمعوذات.

وكانت عائشة رضي الله عنها ذات علم بالطب، فقد روى أحمد في «مسنده» عن عروة ابن الزبير – وهو ابن أسماء أخت عائشة رضي الله عنهم – أنه كان يقول لخالته عائشة: يا أمتاه، لا أعجب من فهمك، أقول: زوجة رسول الله ﷺ وبنت أبي بكر، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس، أقول ابنة أبي بكر وكان أعلم الناس أو من أعلم الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب كيف هو ومن أين هو! فضربت على منكبه وقالت: أي عرية، إن رسول الله ﷺ كان يسقم عند ءاخر عمره فكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه فتنعت له الأنعات([11]) وكنت أعالجها له، فمن ثم([12]).

قالت عائشة رضي الله عنها: «إن رسول الله ﷺ كان إذا أوى إلى فراشه، جمع كفيه، ثم نفث فيهما بـ{قل هو الله أحد}، و{قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس}، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات، فلما اشتكى رسول الله ﷺ كان يأمرني أن أفعل ذلك به».

روى ابن ماجه والبيهقي والنسائي في «سننهم» – واللفظ للأول – عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي ﷺ يتعوذ بهؤلاء الكلمات «أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما([13])» فلما ثقل النبي ﷺ في مرضه الذي مات فيه أخذت بيده فجعلت أمسحه وأقولها، فنزع يده من يدي([14]) ثم قال: «اللهم اغفر لي وألحقني بالرفيق الأعلى([15])»، قالت عائشة، فكان هذا ءاخر ما سمعت من كلامه ﷺ.

وقد جعل رسول الله ﷺ يستذكر في مرض وفاته ما حصل له من أكله من الشاة المسمومة، وقد سبق خبرها في هذا الكتاب، فلما استذكر ﷺ ذلك قال: «يا عائشة إني أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا([16]) أوان انقطاع أبهري([17]) من ذلك السم».

وصح عن أنس رضي الله عنه قال: لما ثقل النبي ﷺ جعل يتغشاه الكرب، فقالت فاطمة رضي الله عنها: وا كرب أباه، فقال لها: «ليس على أبيك كرب بعد اليوم».

وكان رسول الله ﷺ إذا أحس بخفة خرج إلى الناس، فقد روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن النبي ﷺ بعدما دخل بيتي واشتد وجعه قال: «هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أو كيتهن لعلي أعهد إلى الناس»، وأجلس في مخضب لحفصة زوج النبي ﷺ، ثم طفقنا نصب عليه تلك حتى طفق يشير إلينا «أن قد فعلتن» ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم.

خبر الكتاب الذي أراد رسول الله ﷺ كتابته لأمته

ومن حرصه ﷺ على اجتماع أمته على الحق أراد أن يكتب لهم ما يرفع بعده من بينهم الاختلاف الـمهلك، فكان كما صح في الحديث عن سليمان الأحول عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: يوم الخميس وما يوم الخميس، اشتد برسول الله ﷺ وجعه فقال: «ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا»، فتنازعوا([18]) ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا: ما شأنه أهجر([19])، استفهموه؟ فذهبوا يردون عليه([20]) فقال: «دعوني، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه([21])»، وأوصاهم بثلاث قال: «أخرجوا الـمشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد([22]) بنحو مأ كنت أجيزهم»، وسكت([23]) عن الثالثة([24]) أو قالها فنسيتها([25]).

وقد جاء هذا الحديث عند البخاري وغيره برواية أن النبي ﷺ قال: «هلم أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده» فقال عمر: إن النبي ﷺ قد غلب عليه الوجع وعندكم القرءان([26])، حسبنا كتاب الله، الحديث، وليس في ذلك طعن من عمر رضي الله عنه في رأي رسول الله ﷺ حاشاه، ولا هو اعتراض من عمر على أمر رسول الله ﷺ، فإن عمر رضي الله عنه لو فهم من كلامه ﷺ أمر الإيجاب والتحتم لانصرف طائعا منقادا. فعمر رضي الله عنه أحد المبشرين بالجنة ولا يجوز عليه أن يتوهم الغلط على النبي ﷺ أو يظن به التهمة في حال من الأحوال، إلا أنه لما نظر وقد أكمل الله الدين وتمم شرائعه واستقر الأمر فيها على منهاج معلوم، وقد غلب الرسول ﷺ الوجع وأظلته الوفاة، وهو بشر يعتريه من الآلام أشفق عليه عمر رضي الله عنه، كما قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله([27])، ولم يرد بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه يكتفى بالقرءان عن بيان السنة والعلوم التي فيها([28])، فلا مطعن في عمر بذلك لحاقد([29]).

وقال الحافظ البيهقي([30]): «إنما قصد عمر رضي الله عنه بما قال التخفيف على رسول الله ﷺ حين رءاه قد غلب عليه الوجع، ولو كان ما يريد النبي ﷺ أن يكتب لهم شيئا مفروضا لا يستغنون عنه لم يتركه باختلافهم ولغطهم لقول الله عز وجل: {بلغ ما أنزل إليك من ربك} كما لم يترك تبليغ غيره بمخالفة من خالفه ومعاداة من عاداه».

وقال شيخنا الإمام المحقق عبد الله الهرري رحمه الله: «قول عمر رضي الله عنه: «حسبنا كتاب الله» رواه البخاري ومسلم وابن حبان والنسائي، وذلك أن الرسول ﷺ كان قد غلبه الوجع، فقال عمر ذلك ومعناه القرءان يكفينا، لأنه لو كان كلام عمر باطلا ما سكت له الرسول ﷺ، إنما مراد عمر التخفيف عن الرسول ﷺ لأنه كان مريضا. ومعنى «القرءان يكفينا» أنه كافل بأصول قواعد العقيدة والأحكام. ثم إن الكتاب الذي قاله فيه ﷺ: «أكتب لكم» لم يكن المراد به حكما من الأحكام الشرعية أي القواعد؛ لأن الأحكام الشرعية قواعدها تمت قبل ذلك بزمان عند نزول: {اليوم أكملت لكم دينكم}، فالذي أراده الرسول ﷺ إنما هو فيمن يأتي بعده من الحكام من ذكر صفاتهم، فلم يره الرسول ﷺ أمرا لازما وإلا لما سكت عنه».

صلاته ﷺ في مرضه وأمره أبا بكر أن يصلي بالناس

وأخرج البخاري ومسلم من حديث زائدة عن موسى عن عائشة قال لها: ألا تحدثيني عن مرض رسول الله ﷺ؟ قالت: بلى، ثقل رسول الله ﷺ فقال: «أصلى الناس؟» قلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله قال: «ضعوا لي ماء في الـمخضب([31])» ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء([32]) فأغمي عليه ثم أفاق فقال: «أصلى الناس؟» قلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: «ضعوا لي ماء في المخضب»، ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال: «أصلى الناس؟» قلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله، فقال: «ضعوا لي ماء في المخضب»، ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال: «أصلى الناس؟» فقلنا: لا، وهم ينتظرونك يا رسول الله، قالت: والناس عكوف في الـمسجد ينتظرون رسول الله ﷺ لصلاة العشاء الآخرة، فأرسل رسول الله ﷺ إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، فاتاه الرسول فقال: إن رسول الله ﷺ يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر وكان رجلا رقيقا: يا عمر صل بالناس، فقال عمر: أنت أحق بذلك، قالت: فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام، ثم إن رسول الله ﷺ وجد من نفسه خفة([33]) فخرج بين رجلين([34]) أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رءاه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي ﷺ أن لا يتأخر وقال لهما: «أجلساني إلى جنبه» فأجلساه إلى جنب أبي بكر، وكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي ﷺ والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي ﷺ قاعد.

وكان رسول الله ﷺ يخرج إلى الصلاة إلا أنه انقطع ثلاثة أيام فقال ﷺ: «مروا أبا بكر فليصل بالناس».

وروى ابن حبان في «صحيحه» عن أنس رضي الله عنه أن الـمسلمين بينا هم في صلاة الفجر يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بهم، لم يفجأهم إلا رسول الله ﷺ وقد كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم صفوف في صلاتهم، ثم تبسم فضحك، فنكص أبو بكر على عقبه ليصل الصف وظن أن رسول الله ﷺ لا يريد أن يخرج إلى الصلاة. وهم الـمسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله ﷺ حين رأوه، فأشار إليهم رسول الله ﷺ أن اقضوا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر بينه وبينهم وتوفي ﷺ ذلك اليوم.

وقد اختلف في تعيين ءاخر صلاة صلاها رسول الله ﷺ مع الناس بالـمسجد على أقوال: الأول: أنها صلاة العشاء في الاثنين الأخير كما دل عليه حديث الشيخين المار، والثاني: أنها صلاة الظهر من يوم السبت أو الأحد، والثالث: أنها المغرب، وقال الحافظ البيهقي إنه يمكن الجمع بين الروايات فلا تنافي بينها بأن يقال: ءاخر صلاة ظهر صلاها وءاخر صلاة عشاء صلاها وهكذا([35]).

([1]) أي: أسر إليها حديثا.

([2]) أي: كان يدارسه جميع ما نزل من القرءان، من الـمعارضة بمعنى المقابلة.

([3]) أي مما سمعت منه ﷺ.

([4]) أي: مشقة.

([5]) أي: ليس يضرك في شيء، فهي رضي الله عنها من الـمبشرات بالجنة.

([6]) أي: اشتد به المرض وأشرف على الـموت، قاله أبو عبيد في «الغريبين» (4/1269).

([7]) أي: يجعلوا الدواء في شق فمه الشريف ﷺ.

([8]) هي الدبيلة والدمل الكبيرة التي تظهر في باطن الجنب وتنفجر إلى داخل وقلما يسلم صاحبها، قاله في «النهاية» (1/304).

([9]) أي: تحججن.

([10]) وجاء في بعض الأحاديث أنه ﷺ كان به ذات الجنب، وتتبعها الحافظ العسقلاني فقال: ثم ظهر لي أنه يمكن الجمع بينهما بان ذات الجنب تطلق بإزاء مرضين كما سيأتي بيانه في كتاب الطب: أحدهما ورم حار يعرض في الغشاء الـمستبطن، والآخر ريح محتقن بين الأضلاع، فالأول هو الـمنفي هنا وقد وقع في رواية الحاكم في «الـمستدرك»: «ذات الجنب من الشيطان»، والثاني هو الذي أثبت هنا وليس فيه محذور كالأول»، ينظر: فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، (8/148).

([11]) أي: يوصف له ما يتداوى به.

([12]) أي: من هنا تعلمت الطب.

([13]) أي: لا يترك مرضا، والسقم بضم السين وإسكان القاف وبفتحهما لغتان.

([14]) أي: ليفتح كفه في الدعاء.

([15]) ليس المراد به الله، والله عز وجل موجود أزلا وأبدا بلا مكان ولا جهة، لأن الاحتياج إلى الـمكان دلالة على العجز والحدوث، والله تعالى لا يحتاج إلى شيء ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء، إنما المقصود بالرفيق الأعلى في هذا الحديث الملائكة أو الملأ الكريم من الملائكة والنبيين، قاله أبو العباس القرطبي في «الـمفهم» (5/578). فإن قيل: لكن لفظ ابن حبان وغيره في حديث صحيح مرفوع: «أسأل الله الرفيق الأعلى مع جبريل وميكائيل وإسرافيل» فذكر الرفيق الأعلى موجودا غير الملائكة الثلاثة.

قلنا: هو كما قال الشهاب التوربشتي في «الـميسر في شرح المصابيح» (3/1088): «والرفيق ههنا جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين، اسم جاء على فعيل ومعناه الجماعة، ومنه قوله سبحانه: {وحسن أولئك رفيقا}، يقال للمرافق الرفيق، ويطلق الرفيق على الواحد والجمع، وقوله: «إن الله رفيق» لم يوجب إطلاق هذا الاسم عليه، كما لم يوجب: «إن الله حيي ستير» إطلاق ذلك عليه».

وقال القاضي عياض في «إكمال الـمعلم» (7/452): قيل: هو – أي الرفيق الأعلى – اسم من أسماء الله

تعالى، وخطأ هذا الأزهري.

([16]) أي: حين وجدت ذلك الألم.

([17]) والأبهر عرق مستبطن بالصلب متصل بالقلب ثم تتشعب منه سائر الشرايين، إذا انقطع مات صاحبه، قاله القسطلاني في «إرشاد الساري» (6/461).

([18]) أي: في شأن الإحضار.

([19]) والهجر بمعنى الهذيان مستحيل على النبي ﷺ.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في «الفتح» (8/133): «أي قال هجرا، والهجر بالضم ثم السكون الهذيان، والـمراد به هنا ما يقع من كلام الـمريض الذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم فائدته، ووقوع ذلك من النبي ﷺ مستحيل لأنه معصوم في صحته ومرضه لقوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى} ولقوله ﷺ: «إني لا أقول في الغضب والرضا إلا حقا»، وإذا عرف ذلك فإنما قاله من قاله منكرا على من توقف في امتثال أمره ﷺ بإحضار الكتف والدواة، فكأنه قال: كيف تتوقف، أتظن أنه كغيره يقول الهذيان في مرضه! امتثل أمره وأحضره ما طلب فإنه لا يقول إلا الحق».

([20]) أي: يعيدون عليه مقالته ﷺ يرون هل يرجع عن كتابة ذلك الكتاب لأنهم أشفقوا عليه وقد علموا أنه ترك فيهم ﷺ من الـمواعظ والوصايا من قبيل ما أراد أن يكتب لهم كما أنهم علموا أن بذلك جاء بع القرءان أيضا، وقد كان رضي الله عنهم أنهم يراجعونه في بعض الأمور أي يرون هل يخفف في ذلك قبل تحتم الإيجاب عليهم.

([21]) أي: طلب كتابة الوصية بما أريد خير من عدمها.

([22]) أي: أعطوهم.

([23]) أي: سعيد بن جبير راوي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما.

([24]) قيل الثالثة بعث جيش أسامة، وقيل: قوله ﷺ: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم».

([25]) أي: قالها سعيد لكن نسيها راوي الحديث عنه وهو سليمان الأحول.

([26]) أي: إن لم يكتب عندكم عنه ﷺ فيما سمعتم منه من قبل وصية في ذلك فإن هذه الوصية بعدم الاختلاف باطلا موجودة في القرءان الذي هو مكتوب في أكتاف وصحف بين يدي رسول الله ﷺ وهو محفوظ عندكم ناهيك عن أنه محفوظ في صدور حفظة القرءان وهم كثير.

([27]) أعلام الحديث، أبو سليمان الخطابي، (1/223).

([28]) ينظر التعليق ما قبل السابق.

([29]) وقد وفقنا الله تعالى لجمع رسالة في الرد على الطاعنين في سنة رسول الله ﷺ ممن يسمون «القرءانيين» وأمثالهم الذي يزعمون التمسك بالقرءان، أسميناها «تحذير الأمة من الطاعنين في الكتاب والسنة» فلينظر.

([30]) دلائل النبوة، أبو بكر البيهقي، (7/183).

([31]) إجانة تغسل فيها الثياب.

([32]) أي: لينهض.

([33]) أي: نشاطا للخروج.

([34]) أي: يتكئ عليهما.

([35]) دلائل النبوة، أبو بكر البيهقي، (7/192).