الْهِجْرَةُ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ
بَعْدَ أَنْ خَرَجَ نَبِىُّ اللَّهِ مِنْ بَيْتِهِ لِلْهِجْرَةِ ذَهَبَ إِلَى بَيْتِ أَبِى بَكْرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَهُ بِالْهِجْرَةِ فَطَلَبَ مِنَ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصْحَبَهُ مَعَهُ فَوَافَقَ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ بِذَلِكَ ثُمَّ رَكِبَا عَلَى نَاقَتَيْنِ كَانَ قَدْ أَعَدَّهُمَا أَبُو بَكْرٍ وَانْطَلَقَا حَتَّى وَصَلا إِلَى غَارِ ثَوْرٍ فَدَخَلاهُ.
وَأَمَرَ اللَّهُ شَجَرَةً فَنَبَتَتْ عِنْدَ مَدْخَلِ الْغَارِ فَسَتَرَتْهُ وَأَمَرَ اللَّهُ حَمَامَتَيْنِ وَحْشِيَّتَيْنِ فَوَقَفَتَا بِفَمِ الْغَارِ وَكَانَ الْكُفَّارُ يَتْبَعُونَهُمَا فَلَمَّا اقْتَرَبُوا مِنْهُمَا أَرْسَلُوا رَجُلًا لِيَنْظُرَ إِلَى الْغَارِ فَلَمَّا رَأَى الْحَمَامَتَيْنِ وَالشَّجَرَةَ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لا يُوجَدُ أَحَدٌ فِى الْغَارِ.
وَبَعْدَ أَنْ ذَهَبَ الْكُفَّارُ بِمُدَّةٍ أَكْمَلَ الرَّسُولُ وَصَاحِبُهُ طَرِيقَهُمَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَحِقَهُمَا سُرَاقَةُ بنُ مَالِكٍ بَعْدَ أَنْ عَلِمَ أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَدْ وَضَعُوا جَائِزَةً لِمَنْ يَأْتِيهِمْ بِهِمَا فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْهُمَا دَعَا النَّبِىُّ عَلَيْهِ فَسَاخَتْ فَرَسُهُ فِى الأَرْضِ فَطَلَبَ سُرَاقَةُ مِنَ النَّبِىِّ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ وَوَعَدَ النَّبِىَّ أَنَّهُ لَنْ يُخْبِرَ أَحَدًا عَنْهُمَا فَدَعَا لَهُ النَّبِىُّ فَرَجَعَتْ فَرَسُهُ إِلَى حَالِهَا وَرَجَعَ هُوَ إِلَى أَصْحَابِهِ.
وَفِى طَرِيقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ كَانَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعَامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ وَابْنُ أُرَيْقِطٍ يَدُلُّهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ وَمَرُّوا بِأُمِّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيَّةِ وَهِىَ لا تَعْرِفُهُمْ فَقَالَ لَهَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَا أُمَّ مَعْبَدٍ هَلْ عِنْدَكِ مِنْ لَبَنٍ» فَقَالَتْ لا وَاللَّهِ، فَرَأَى شَاةً فِى الْبَيْتِ فَسَأَلَهَا عَنْهَا فَقَالَتْ شَاةٌ خَلَّفَهَا الْجُهْدُ وَهِىَ لا تُحْلَبُ فَمَسَحَ ظَهْرَهَا وَضَرْعَهَا ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ فَحَلَبَ فِيهِ فَمَلَأَهُ فَسَقَى أَصْحَابَهُ ثُمَّ حَلَبَ فِى الإِنَاءِ وَتَرَكَهُ عِنْدَهَا وَارْتَحَلَ.
وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ فِى الْمَدِينَةِ قَدْ سَمِعُوا بِخُرُوجِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذُوا يَنْتَظِرُونَ قُدُومَهُ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى كَانَ الْيَوْمُ الَّذِى جَاءَ فِيهِ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَظَرُوا حَتَّى قَوِيَتْ عَلَيْهِمْ حَرَارَةُ الشَّمْسِ فَرَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ.
وَبَعْدَ رُجُوعِهِمْ قَدِمَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ فَرَءَاهُمَا رَجُلٌ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ يُخْبِرُ الأَنْصَارَ بِمَجِىءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجُوا لِاسْتِقْبَالِهِ.
وَدَخَلَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى نَاقَتِهِ فَتَرَكَهَا حَتَّى بَرَكَتْ عَلَى الْبُقْعَةِ الَّتِى بَنَى عَلَيْهَا مَسْجِدَهُ الشَّرِيفَ وَأَقَامَ عِنْدَ أَبِى أَيُّوبَ الأَنْصَارِىِّ وَهُوَ خَالِدُ بنُ زَيْدٍ حَتَّى انْتَهَى مِنْ بِنَاءِ مَسْجِدِهِ وَمَسَاكِنِ أَزْوَاجِهِ.
الأَسْئِلَةُ:
(1) بَعْدَ أَنْ خَرَجَ الرَّسُولُ مِنْ بَيْتِهِ لِلْهِجْرَةِ إِلَى أَيْنَ ذَهَبَ وَمَاذَا أَخْبَرَ أَبَا بَكْرٍ.
(2) مَاذَا طَلَبَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ الرَّسُولِ، هَلْ وَافَقَ النَّبِىُّ وَمَاذَا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ.
(3) هَلْ هَاجَرَ مَشْيًا، كَيْفَ.
(4) مَاذَا حَصَلَ عِنْدَ بَابِ الْغَارِ.
(5) مَنْ لَحِقَ بِالنَّبِىِّ وَصَاحِبِهِ وَمَاذَا حَصَلَ لِسُرَاقَةَ.
(6) اذْكُرْ قِصَّةَ أُمِّ مَعْبَدٍ بِاخْتِصَارٍ.
(7) مَاذَا فَعَلَ الْمُسْلِمُونَ لَمَّا عَلِمُوا بِخُرُوجِ الرَّسُولِ إِلَى الْمَدِينَةِ.
(8) عِنْدَ مَنْ أَقَامَ الرَّسُولُ فِى الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْنِىَ مَسْجِدَهُ وَمَسَاكِنَ أَزْوَاجِهِ.