الثلاثاء أبريل 16, 2024

الْبِدْعَةُ

   (الْبِدْعَةُ لُغَةً مَا أُحْدِثَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ وَشَرْعًا الْمُحْدَثُ الَّذِى لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ وَلا الْحَدِيثُ. وَتَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ) الْبُخَارِىِّ عَنْ (عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ« أَىْ مَرْدُودٌ) وَالْمَعْنَى إِحْدَاثُ مَا لَيْسَ مِنَ الدِّينِ أَىْ مَا لا يُوَافِقُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ فَأَفْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ بِقَوْلِهِ »مَا لَيْسَ مِنْهُ« أَنَّ الْمُحْدَثَ إِنَّمَا يَكُونُ رَدًّا أَىْ مَرْدُودًا إِذَا كَانَ عَلَى خِلافِ الشَّرِيعَةِ وَأَنَّ الْمُحْدَثَ الْمُوَافِقَ لِلشَّرِيعَةِ لَيْسَ مَرْدُودًا وَ(الْقِسْمُ الأَوَّلُ الْبِدْعَةُ الْحَسَنَةُ وَتُسَمَّى السُّنَّةَ الْحَسَنَةَ وَهِىَ الْمُحْدَثُ الَّذِى يُوَافِقُ الْقُرْءَانَ وَالسُّنَّةَ) كَإِحْدَاثِ الْمَحَارِيبِ الْمُجَوَّفَةِ وَالْمَآذِنِ فَالْمَسَاجِدُ مَسْجِدُ الرَّسُولِ وَغَيْرُهُ مَا كَانَ لَهُ مِحْرَابٌ مُجَوَّفٌ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلا كَانَ لَهُ مِئْذَنَةٌ وَقَدْ أُحْدِثَ فِى ءَاخِرِ الْقَرْنِ الأَوَّلِ أَحْدَثَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَقَرَّهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ. وَ(الْقِسْمُ الثَّانِى الْبِدْعَةُ السَّيِّئَةُ وَتُسَمَّى السُّنَّةَ السَّيِّئَةَ وَهِىَ الْمُحْدَثُ الَّذِى يُخَالِفُ الْقُرْءَانَ وَالْحَدِيثَ) كَعَقِيدَةِ الْمُشَبِّهَةِ الْقُدَمَاءِ وَالْمُحْدَثِينَ كَالْكَرَّامِيَّةِ مِنَ الْمُشَبِّهَةِ الْقُدَمَاءِ وَالْوَهَّابِيَّةِ مِنَ الْمُحْدَثِينَ وَالْمُعْتَزِلَةِ الْقَدَرِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْهُمْ وَالْمُتَأَخِّرِينَ كَأَتْبَاعِ سَيِّدِ قُطُب الْمُسَمَّيْنَ الْجَمَاعَةَ الإِسْلامِيَّةَ فَإِنَّ مِنَ الْخَوَارِجِ الْقُدَمَاءِ كَانَ أُنَاسٌ يُقَالُ لَهُمُ الْبَيْهَسِيَّةُ يَقُولُونَ إِذَا حَكَمَ الْمَلِكُ بِغَيْرِ الشَّرْعِ كَفَرَ وَكَفَرَتِ الرَّعِيَّةُ مَنْ تَابَعَهُ فِى الْحُكْمِ وَمَنْ لَمْ يُتَابِعْهُ وَفِرْقَةُ سَيِّدِ قُطُب أَحْيَوْا فِى هَذَا الْعَصْرِ هَذِهِ الْعَقِيدَةَ الْمُبْتَدَعَةَ فَاعْتَقَدُوا أَنَّ مَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ الشَّرْعِ وَلَوْ فِى حُكْمٍ وَاحِدٍ كَفَرَ وَالرَّعِيَّةُ الَّتِى تَعِيشُ تَحْتَ حُكْمِهِ كَفَرَتْ وَلا يَسْتَثْنُونَ أَحَدًا إِلَّا مَنْ قَامَ لِيَثُورَ عَلَيْهِ وَعَلَى ذَلِكَ يَسْتَحِلُّونَ قَتْلَ غَيْرِهِمْ كَمَا تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ فِي مِصْرَ وَالْجَزَائِرِ وَالشِّيشَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (وَهَذَا التَّقْسِيمُ مَفْهُومٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِىِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ »مَنْ سَنَّ فِى الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِى الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ« رَوَاهُ مُسْلِمٌ) فَإِنْ قِيلَ هَذَا مَعْنَاهُ مَنْ سَنَّ فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلا فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ لا تَثْبُتُ الْخُصُوصِيَّةُ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَهُنَا الدَّلِيلُ يُعْطِى خِلافَ مَا يَدَّعُونَ حَيْثُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ »مَنْ سَنَّ فِى الإِسْلامِ« وَلَمْ يَقُلْ مَنْ سَنَّ فِى حَيَاتِى وَلا قَالَ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَنَا عَمِلْتُهُ فَأَحْيَاهُ وَلَمْ يَكُنِ الإِسْلامُ مَقْصُورًا عَلَى الزَّمَنِ الَّذِى كَانَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ فَبَطَلَ زَعْمُهُمْ. وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِى فِيهِ »وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ« فَلا يَدْخُلُ فِيهِ الْبِدْعَةُ الْحَسَنَةُ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ أَىْ أَنَّ لَفْظَهُ عَامٌّ وَلَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْبِدْعَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرِيعَةِ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الَّذِى رَوَاهُ مُسْلِمٌ »مَنْ سَنَّ فِى الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا« الْحَدِيثَ وَذَلِكَ لِأَنَّ أَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ تَتَعَاضَدُ وَلا تَتَنَاقَضُ (فَمِنَ الْقِسْمِ الأَوَّلِ الِاحْتِفَالُ بِمَوْلِدِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ مَلِكُ إِرْبِل فِى الْقَرْنِ السَّابِعِ الْهِجْرِىِّ) وَكَانَ عَالِمًا تَقِيًّا شُجَاعًا وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ وَالصُّوفِيَّةُ الصَّادِقُونَ فِى مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا مِنْهُمُ الْحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلانِىُّ وَتِلْمِيذُهُ الْحَافِظُ السَّخَاوِىُّ وَكَذَلِكَ الْحَافِظُ السُّيُوطِىُّ وَلِلْحَافِظِ السُّيُوطِىِّ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا حُسْنَ الْمَقْصِدِ فِى عَمَلِ الْمَوْلِدِ. (وَ)مِنَ الْمُحْدَثَاتِ الْمُوَافِقَةِ لِلشَّرِيعَةِ أَيْضًا (تَنْقِيطُ التَّابِعِىِّ الْجَلِيلِ يَحْيَى بنِ يَعْمَرَ الْمُصْحَفَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالتَّقْوَى وَأَقَرَّ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ مِنْ مُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ وَاسْتَحْسَنُوهُ وَلَمْ يَكُنْ مُنَقَّطًا عِنْدَمَا أَمْلَى الرَّسُولُ عَلَى كَتَبَةِ الْوَحْىِ) فَالصَّحَابَةُ الَّذِينَ كَتَبُوا الْوَحْىَ الَّذِى أَمْلاهُ عَلَيْهِمُ الرَّسُولُ كَانُوا يَكْتُبُونَ الْبَاءَ وَالتَّاءَ وَنَحْوَهُمَا بِلا نَقْطٍ (وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ لَمَّا كَتَبَ الْمَصَاحِفَ الْخَمْسَةَ أَوِ السِّتَّةَ لَمْ تَكُنْ مُنَقَّطَةً وَمُنْذُ ذَلِكَ التَّنْقِيطِ لَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ فَهَلْ يُقَالُ فِى هَذَا إِنَّهُ بِدْعَةُ ضَلالَةٍ لِأَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَفْعَلْهُ فَإِنْ كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ فَلْيَتْرُكُوا هَذِهِ الْمَصَاحِفَ الْمُنَقَّطَةَ أَوْ لِيَكْشِطُوا هَذَا التَّنْقِيطَ مِنَ الْمَصَاحِفِ حَتَّى تَعُودَ مُجَرَّدَةً كَمَا فِى أَيَّامِ عُثْمَانَ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِى دَاوُدَ صَاحِبِ السُّنَنِ فِى كِتَابِهِ الْمَصَاحِفِ »أَوَّلُ مَنْ نَقَطَ الْمَصَاحِفَ يَحْيَى بنُ يَعْمَرَ« اهـ وَهُوَ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ) وَهَذَا الَّذِى ذُكِرَ هُنَا بَعْضُ الأَمْثِلَةِ عَنِ الْبِدْعَةِ الْحَسَنَةِ وَيَتَبَيَّنُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ خَالَفَ هَذَا فَهُوَ شَاذٌّ مُكَابِرٌ لِأَنَّ مُؤَدَّى كَلامِهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ الَّذِينَ بَشَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ بِالْجَنَّةِ كَعُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ كَانُوا عَلَى ضَلالٍ فَعُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى صَلاةِ التَّرَاوِيحِ فِى رَمَضَانَ وَكَانُوا فِى أَيَّامِ رَسُولِ اللَّهِ يُصَلُّونَهَا فُرَادَى وَقَاَلَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ »نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ« وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ الْبُخَارِىُّ فِى صَحِيحِهِ. وَعُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ أَحْدَثَ أَذَانًا ثَانِيًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الأَذَانُ الثَّانِى فِى أَيَّامِ رَسُولِ اللَّهِ وَمَا زَالَ النَّاسُ عَلَى هَذَا الأَذَانِ الثَّانِى يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِى مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ الْبُخَارِىُّ فِى صَحِيحِهِ أَيْضًا. وَكَذَلِكَ أَحْدَثَ الصَّحَابِىُّ الْجَلِيلُ خُبَيْبُ بنُ عَدِىٍّ صَلاةَ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِىُّ فِى صَحِيحِهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ »فَكَانَ خُبَيْبٌ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ« (وَمِنَ الْقِسْمِ الثَّانِى الْمُحْدَثَاتُ فِى الِاعْتِقَادِ كَبِدْعَةِ الْمُعْتَزِلَةِ) الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ أَفْعَالَهُ )وَالْخَوَارِجِ) الْقَائِلِينَ بِكُفْرِ مَنْ سِوَاهُمْ (وَغَيْرِهِمْ مِنْ) نَحْوِ هَذِهِ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ (الَّذِينَ خَرَجُوا عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِى الْمُعْتَقَدِ وَ)أَمَّا الْبِدَعُ الْعَمَلِيَّةُ فَمِنْهَا (كِتَابَةُ »ص« أَوْ »صَلْعَمْ« بَعْدَ اسْمِ النَّبِىِّ بَدَلَ »صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ« وَقَدْ نَصَّ الْمُحَدِّثُونَ فِى كُتُبِ مُصْطَلَحِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ كِتَابَةَ الصَّادِ مُجَرَّدَةً مَكْرُوهٌ وَمَعَ هَذَا لَمْ يُحَرِّمُوهَا) وَكِتَابَةُ صَلْعَمْ بَعْدَ اسْمِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَحُ مِنْ كِتَابَةِ ص (فَمِنْ أَيْنَ لِهَؤُلاءِ الْمُتَنَطِّعِينَ) وَهُمُ الَّذِينَ يَتَكَلَّفُونَ وَيَفْعَلُونَ وَيَقُولُونَ مَا لا فَائِدَةَ فِيهِ (الْمُشَوِّشِينَ) وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْوَهَّابِيَّةُ وَمَنْ تَبِعَهُمْ (أَنْ يَقُولُوا عَنْ عَمَلِ الْمَوْلِدِ بِدْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَعَنِ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِىِّ جَهْرًا) مِنَ الْمُؤَذِّنِ (عَقِبَ الأَذَانِ إِنَّهُ بِدْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ بِدَعْوَى أَنَّ الرَّسُولَ مَا فَعَلَهُ وَالصَّحَابَةَ لَمْ يَفْعَلُوهُ) وَهُمْ يُبَالِغُونَ فِى ذَلِكَ حَتَّى قَالَ أَحَدُهُمْ فِى الشَّامِ فِى جَامِعِ الدَّقَّاقِ حِينَ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا حَرَامٌ هَذَا كَالَّذِى يَنْكِحُ أُمَّهُ بَلْ أَمَرَ زَعِيمُهُمْ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بِقَتْلِ الْمُؤَذِّنِ الأَعْمَى الَّذِى صَلَّى عَلَى النَّبِىِّ عَقِبَ الأَذَانِ جَهْرًا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَيْنِـى دَحْلان مُفْتِى الشَّافِعِيَّةِ فِى الْحَرَمِ الْمَكِّىِّ فِى كِتَابِهِ فِتْنَةُ الْوَهَّابِيَّةِ. ثُمَّ ثَبَتَ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ مُسْلِمٍ »إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَمَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ« وَحَدِيثُ »مَنْ ذَكَرَنِى فَلْيُصَلِّ عَلَىَّ« أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى فِى مُسْنَدِهِ وَالْحَافِظُ السَّخَاوِىُّ فِى كِتَابِهِ الْقَوْلُ الْبَدِيعُ فِى الصَّلاةِ عَلَى النَّبِىِّ الشَّفِيعِ وَقَالَ لا بَأْسَ بِإِسْنَادِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَالْمُسْتَمِعَ كِلَيْهِمَا مَطْلُوبٌ مِنْهُ الصَّلاةُ عَلَى النَّبِىِّ وَهَذَا يَحْصُلُ بِالسِّرِّ وَالْجَهْرِ فَمَاذَا تَقُولُ الْوَهَّابِيَّةُ بَعْدَ هَذَا (وَمِنْهُ) أَىْ مِنَ الْقِسْمِ الثَّانِى (تَحْرِيفُ اسْمِ اللَّهِ إِلَى ءَاه وَنَحْوِهِ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الطُّرُقِ) الَّذِينَ يَعْتَبِرُونَ ءَاه اسْمًا لِلَّهِ (فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ) وَءَاه لَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ بِالِاتِّفَاقِ بَلْ هُوَ لَفْظٌ مِنْ أَلْفَاظِ الأَنِينِ وَالأَنِينُ لَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَمَا يَرْوِيهِ بَعْضُهُمْ حَدِيثًا وَفِيهِ أَنَّ الرَّسُولَ قَالَ عَنْ مَرِيضٍ يَئِنُّ دَعُوهُ يَئِنُّ فَإِنَّ الأَنِينَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَهُوَ مَكْذُوبٌ عَلَى الرَّسُولِ وَلا يَصِحُّ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ قَالَ تَعَالَى ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ (قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِىُّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ »الْمُحْدَثَاتُ مِنَ الأُمُورِ ضَرْبَانِ أَحَدُهُمَا مَا أُحْدِثَ مِمَّا يُخَالِفُ كِتَابًا) أَىَ الْقُرْءَانَ (أَوْ سُنَّةً) أَىِ الْحَدِيثَ (أَوْ إِجْمَاعًا) أَىْ إِجْمَاعَ مُجْتَهِدِى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ (أَوْ أَثَرًا) أَىْ أَثَرَ الصَّحَابَةِ أَىْ مَا ثَبَتَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ عِنْدَهُمْ (فَهَذِهِ الْبِدْعَةُ الضَّلالَةُ وَالثَّانِيَةُ مَا أُحْدِثَ مِنَ الْخَيْرِ وَلا يُخَالِفُ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ إِجْمَاعًا وَهَذِهِ مُحْدَثَةٌ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ« رَوَاهُ الْبَيْهَقِىُّ بِالإِسْنَادِ الصَّحِيحِ فِى كِتَابِهِ مَنَاقِبُ الشَّافِعِىِّ) وَكَلامُ الشَّافِعِىِّ هَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَقْسِيمِ الْبِدْعَةِ إِلَى قِسْمَيْنِ.