الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولميكن له كفوا أحد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى كل رسول أرسله.
وبعد، فقد قال الله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} [ءال عمران: 110]، وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان».
فعملا بذلك صنف الإمام العلامة الفقيه المحدث الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله تعالى كتابا عظيما في هذا الميدان مشتملا على نحو خمسين بابا وفصول عديدة ومسائل كثيرة في الأصول والفروع مبينا فيها مذهب أهل السنة والجماعة ومن خالفهم من أهل البدع الردية؛ فبدأ رحمه الله بالأهم من العلوم على الإطلاق وهو علم التوحيد، فبسط الكلام على مباحث كثيرة منه كتنزيه الله عن الحد والشبيه ومسألة القدر وتأويل النصوص المتشابهة وبيان معنى الإيمان والإسلام والردة، ثم رد رحمه الله على بدع ضلالة كثيرة بعضها له صلة بالأصول وأخرى بالفروع، كل ذلك مع بسطه الأدلة الشرعية الناصرة لمذهب أهل الحق وحشده جملة كثيرة من أقوال المتكلمين والمحدثين والفقهاء واللغويين، فجاء كتابه رحمه الله درة نفيسة وجوهرة ثمينة، وانتشر في مشارق الأرض ومغاربها، وقد أسماه رحمه الله: «صريح البيان في الرد على من خالف القرءان».
ولما كان كتابا عظيم الحجم عزير الفوائد كثير الأدلة واسع المباحث مشبعا بأقوال العلماء، رأينا أن ننتقي منه مباحث معينة مشتملة على مباحث في العقيدة والفروع كما بوب لها المصنف رحمه الله، وأن نختصرها ونهذبها تقريبا للقارئ المتعجل، وأسميناها «البحوث الحسان من صريح البيان في الرد على من خالف القرءان».
والله نسأل أن ينفع بهذه الرسالة كما نفع بأصلها، وأن يجزل الثواب لمن كان سببا في نشرها، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وحسبنا الله تعالى ونعم الوكيل.