الأحد ديسمبر 7, 2025

الدرس العشرون

الطهور أمر عظيم في دين الإسلام

الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف المرسلين.

أما بعد، فقد روينا بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود رحمه الله أن رسول الله ﷺ سئل: أتصلي المرأة في درع وخمار؟ قال: «نعم إذا كان سابغا لظهور قدميها».

الرسول عليه الصلاة والسلام سئل: أتصلي المرأة في درع وخمار؟ قال: «نعم إذا كان سابغا لظهور قدميها». الخمار شىء تغطي به المرأة رأسها، والله تعالى ذكره في القرءان الكريم بقوله: 24 سورة النور. الخمر هو جمع خمار.

لما سئل رسول الله ﷺ أتصلي المرأة في درع وخمار قال: «نعم إذا كان سابغا لظهور قدميها» معنى الحديث أنه يصح للمرأة أن تصلي في درع وخمار بشرط أن يكون هذا الدرع يغطي ظهور قدميها، الدرع([1]) هو درع المرأة معناه قميصها الطويل، قيل لرسول الله أتصلي المرأة في درع وخمار قال: «نعم إذا كان سابغا لظهور قدميها» إن كان يغطي يصل إلى هناك يجوز أن تصلي في هذين من الثياب، في هذين فقط، الخمار للرأس والعنق وأما الدرع فيغطي من أسفل الخمار إلى القدم.

من هنا يعلم أن الجلباب ليس فرضا على النساء، الجلباب هو شىء عريض تلبسه النساء فوق الثياب كلها من الرأس إلى أسفل، هذا زيادة في التستر شىء حسن، الله تعالى ذكره في القرءان: {يدنين عليهن من جلابيبهن} ([2]).59 سورة الأحزاب

هذا مذكور في القرءان لكن ليس معناه أنه فرض على النساء في جميع الحالات. ثم إن رسول الله ﷺ ذكر في حديث جبريل أي الحديث الذي جاءه جبريل به وهو متشكل بشكل إنسان لا يعرفه أحد، الرسول ما عرفه ذلك اليوم إلا بعد أن خرج ولا أحد من أصحاب الرسول عرفه، ذلك اليوم جاء وجلس اقترب من الرسول حتى إنه وضع يديه على فخذي الرسول من اقترابه منه، سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة، أما الإسلام ففسره له رسول الله ﷺ بأن: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا»رواه مسلم. في رواية لهذا الحديث أن الرسول عليه السلام قال: «تسبغ الوضوء وتغتسل من الجنابة»([3]).

الطهور أمر عظيم في دين الإسلام، الطهور هو الغسل من الجنابة وإسباغ الوضوء، معنى إسباغ الوضوء إتمام الوضوء، إتمام الوضوء أمر عظيم عند الله، أي أن يتوضأ الإنسان كما أمر الله، وأما الغسل من الجنابة فهو رفع الحدث الأكبر، الجنابة هي في الأصل إما خروج المني في المنام وإما الجماع، هذا الجنابة، الجنابة صنفان إما الجماع وإما خروج المني في المنام مثلا([4])، أو في غير المنام متى ما خرج المني فقد وجب الغسل.

فالطهارة هي أمر عظيم في دين الله تعالى يسأل عنه الإنسان يوم القيامة، الرجل يسأل عنه والمرأة تسأل عنه، فإذا لم تتعلم كيف تكون الطهارة موافقة لشرع الله تعالى فيا ويلها في الآخرة، إذا لم تتعلم الطهارة التي أمر الله بها ، الطهارة من الجنابة ومن الحيض والنفاس ورفع الحدث الأصغر، إذا لم تتقن هذه الأمور فيا ويلها.

الجماع متى ما دخلت الحشفة في الفرج هذا اسمه جماع ويوجب الغسل إن نزل المني أو لم ينزل، يوجب الغسل على الاثنين على الرجل وعلى المرأة، وكذلك انقطاع الحيض يوجب الغسل وكذلك انقطاع النفاس يوجب الغسل، كذلك خروج المني بأي شكل كان. فمن لم يتعلم أحكام الغسل والوضوء فإنه يستحق عذاب الله في الآخرة، الاستحياء ليس عذرا، امرأة من الصحابيات من الأنصار جاءت إلى رسول الله قالت: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت، بما أن هذا الأمر قد يستحى من سؤاله، هي قدمت هذه الجملة يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت، فأجابها رسول الله قال: «نعم إذا رأت الماء»([5]).

معناه إذا حصل جماع أو مداعبة في المنام ثم رأت المني أي علمت بخروج المني ليس مجرد حصول المداعبة في المنام من دون خروج المني وجب عليها الغسل، نساء الأنصار، هؤلاء نساء أهل المدينة كن حريصات على تعلم علم الدين، ما يمنعهن الحياء من تعلم علم الدين من أحكام الحيض، وأحكام الحيض متشعبة وأحكام النفاس، يجب تعلم هذا، فالاستحياء لا ينفع عند الله في الآخرة، فمن لم تتعلم فأخلت بأمور الطهارة فلها الويل عند الله، فعليكن أن تعلم بعضكن بعضا ولاسيما من تخصكن بقرابة فسيدنا جبريل عليه السلام لما سأل الرسول عن الإسلام ففسر له الرسول ﷺ الإسلام بهذه الأمور، في إحدى الروايتين مذكور: «إقام الصلاة وإيتاء الزكاة»، وفي الرواية الأخرى ذكر: «وإسباغ الوضوء والغسل من الجنابة» الرسول أدخل له في تفسير الإسلام إسباغ الوضوء والغسل من الجنابة لأن هذين من ضرورة الصلاة، الصلاة لا تصح مع الحدث، وهذا الحديث رواه عمر بن الخطاب عن رسول الله ﷺ ولم يكن عمر وحده في ذلك المجلس بل كان جمع من الصحابة.

فجبريل ليس قصده أن يتعلم إنما قصده أن يتعلم الناس الذين حول الرسول عليه السلام، جاءه بصورة رجل لا يعرفه أحد منهم حتى الرسول عليه السلام ما كان يأتيه بتلك الصورة قبل ذلك، لذلك لم يعرفه حتى ذهب، بعدما ذهب عرفه. لأن تعلم هذه الأمور أمر مهم جدا، سأل جبريل الرسول عليه السلام هذه الأسئلة، جلس قرب رسول الله فسأله قال له: يا محمد أخبرني ما الإسلام فقال له: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتسبغ الوضوء وتغتسل من الجنابة وتقيم الصلاة» ثم أكمل له الأمور الثلاثة التي هي صيام رمضان والزكاة والحج، المعنى أن معظم أمور الإسلام هي هؤلاء الخمسة.

وإسباغ الوضوء لأن الوضوء إذا بقي من العضو شىء قدر الظفر لم يصبه الماء ما صح هذا الوضوء، لذلك قال رسول الله «وإسباغ الوضوء»، معناه تتم الوضوء لا تنقص منه شيئا، لا تترك من العضو الذي هو فرض غسله شيئا، ثم القدر الذي يجب على الإنسان إيصال الماء إليه من جسده في الغسل من ذلك الأذنان فإنه يجب إيصال الماء إليهما إلى الظاهر ليس إدخال الماء إلى ما وراء الصماخ( أي خرق الأذن). ويجب على المرأة إيصال الماء إلى ما يظهر من فرجها إذا قعدت لقضاء الحاجة، لما تقعد لقضاء الحاجة(أي جلسة القرفصاء) القدر الذي يظهر يجب عليها أن توصل إليه الماء لا أكثر، وفي حال الصيام إذا أدخلت المرأة إصبعها في فرجها إلى ما وراء ما يظهر من فرجها عند قعودها لحاجتها أفطرت.

والحقنة التي تعمل من الخلف عند الشافعي تفطر لكنه عند أبي حنيفة الشىء الذي يصل إلى ما تصل إليه المحقنة هو الذي يفطر، من وصل إصبعه إلى ذلك الحد أفطر أما من أوصل إصبعه أو خشبة أو نحو ذلك إلى ما دون ذلك لا يفطر. فالذي يحتاج للحقنة بسبب المرض في نهار رمضان يجوز له أن يفطر لأن التداوي من المرض عذر، لأنها إن أخرت هذا التداوي إلى ما بعد رمضان قد يزيد مرضها، هذا إذا كان لا يمكنها عمل الحقنة بعد الغروب وقبل الفجر أما إذا كان يمكنها أن تفعل ذلك بعد الغروب وقبل الفجر فلا تفعل في النهار حتى لا تكون أفسدت صيامها.

عند الشافعي إذا أدخل الشخص شيئا قليلا في ذكره زائدا على قدر ما يجب غسله عند الاستنجاء أفطر، كذلك عند الشافعي إذا أدخل إصبعه في دبره ولو مقدارا قليلا وراء ما يفرك عند الاستنجاء أفطر.

ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة. وسبحان الله، والحمد لله، والله تعالى أعلم.

([1])  الفستان.

([2])  أي يرخين عليهن ويغطين. قال الزبيدي: والجلباب القميص مطلقا، وخصه بعضهم بالمشتمل على البدن كله، وفسره الجوهري بالملحفة قاله شيخنا، وفي لسان العرب: الجلباب: ثوب أوسع من الخمار دون الرداء، تغطي به المرأة رأسها وصدرها، وقيل: هو ثوب واسع للمرأة دون الملحفة والملحفة الملاءة واللحاف اللباس الذي فوق سائر اللباس من دثار البرد ونحوه الملحفة بالكسر هي الملاءة التي تلتحف بها المرأة واللحاف كل ثوب يتغطى به.

([3])  عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ: «ألا أدلكم على ما يرفع الله به الدرجات ويمحو به الخطايا كثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة وإسباغ الوضوء على المكاره» رواه أحمد وغيره. قال ابن الأثير: والمعنى أن يتوضأ مع البرد الشديد بمس الماء ومع إعوازه والحاجة إلى طلبه والسعي في تحصيله وما أشبه ذلك من الأسباب الشاقة.

([4])  أي خرج منه المني حقيقة وهو نائم.

([5])  عن أم سلمة قالت: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إن هي احتلمت ؟ فقال رسول الله: «نعم، إذا رأت الماء» متفق عليه.