الأربعاء أبريل 24, 2024

الردّ على الوهابيَّة الذين يَدْعون إلى هَدْمِ القبَّة الخَضْراء وإخراج قَبْر الرسول إلى خارج المسجد النبويّ الشريف:

اعلم أخي المسلم أنّ قلوبَ الوهابيَّةِ أدْعِياءِ السلفِيَّة مَليئة بالكراهِيَة والبَغْضاء على رسولِ الله وعقيدة التّشْبِيهِ التي في صُدورِهم سَوَّدَتْ قلوبَهم حتّى جَعَلَتْهُم يقولون عن النبيّ محمد وَثَن القبَّة الخَضْراء وعَن وُجود قَبْر النبيّ في المسجد النبويّ ظاهِرَة وَثَنِيَّة ويَتَمَنَوْنَ إزالةَ القبرِ الشريف وحَرْقَ الحُجْرَة النبوِيَّة وهَدْمَها فهم يَدْعون لِهَدْمِ القبَّةِ الخَضْراء التي تحتها قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى إخراجِ قَبْرِ النبيّ إلى خارج المسجد فقد قال زعيمُهم المَدْعو ناصِر الدِّين الألْبانيّ في كتابه المُسمَّى تحذير الساجد مِن اتّخاذ القبور مساجد: “فَعَجِبْت كَيْف ظَلَّتْ هذه الظاهِرَة الوَثَنِيَّة قائِمَة حتّى الآن” قال ذلك عن وُجود قَبْرِ النبيّ في المسجد النبويّ وصلاة الناس خَلْفَ الحُجْرَة النبويَّة. وفي كتابهم المُسمَّى مُغْني المُريد الجامِع لِشروح كتاب التوحيد تأليف الوهّابي عبد المُنْعِم إبراهيم يقولون: “وقال أبو حَفْص تحْرَق الحُجْرَة بل تهْدَم فإذا كانَ هذا كلامُه في الحُجْرَة فكَيْفَ بالقبَّة” انظروا حُجْرَة النبيّ محمد يُريدون أنْ يَحْرِقوها والألبانيّ يُطالِبُ بإزالةِ القَبْرِ النبويّ خارجَ المسجد ويُطالِبُ بهَدْمِ القبَّة الشريفة هؤلاء يَحْمِلون على النبيّ يَحْمِلون على الإسلام. وسؤالنا لهم: الأمَّة الإسلامِيَّة مِن عهد الصحابة إلى اليوم ما رأوا القبرَ في الحُجْرَة النبويَّة ولَمَّا وُسِّعَ المسجد صارتِ الحُجْرَة بَيْت عائِشة مُكْتَنَفًا ضِمْنَ المسجد؟ الأمَّة رأتْ ذلك أم لا؟ مَن مِنَ الأمَّة ومِن عُلماءِ الأمَّة قالَ إنّ حُجْرَةَ النبيّ تحْرَق أو تهْدَم أو قال أزيلوا القبرَ؟ حتى قال الوهّابي أبو بكر الجزائري: “والله لَنْ يَسْتَقيمَ الإسلامُ حتّى تخْرِجوا هذا القبرَ مِن هُنا” ومَرَّة عَمِلَ مُحاضرة في الرِياض فقال: “لقد اسْتَطَعْنا أن نزِيلَ كُلَّ أوْثانِ الجزيرة العربية ولم يَبْقَ عِنْدَنا إلاّ وَثَن القبَّة الخَضْراء يقولون عَن النبيّ محمد وَثَن لأنّ القبَّة الخَضْراء وتَحْتَها قَبْر النبيّ. هؤلاء يُكفِّرون المسلمين الذين يذهبون لزيارة قَبْره الشريف صلى الله عليه وسلم ويُنْكِرون وَضْعَ المسجد النبويّ الشريف لِوُجود قَبْرِ الرسولِ وقَبْرِ أبي بكر وقَبْرِ عُمر وهذا أمْرٌ رَضِيَه المسلمون سَلَفهم وخَلَفهم، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: “ما رَءاهُ المسلمون حَسَنا فهو عِنْد الله حَسَن، وما رءاه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح” حَسَّنَ إسْنادَه الحافظ ابن حَجَر فيستحيلُ أنْ يسكتَ كُلُّ الذين مضوا في هذه القرون على باطِل. وكلامُ الوهابيَّة يَنْطَبِق عليه ما اتّفق عليه العُلماء وهو أنّ مَن قال قَوْلا يُؤدِّي إلى تَضْليل الأمَّة فهو كافر ذكرَ ذلك القاضي عِياض والحافظ النَوَوي وغيرهما. وأمّا ما رواه البخاريّ مِن حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “قال رسول الله: قاتلَ الله اليهودَ والنّصارى اتّخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجد. يُحَذِّرُ ما صَنَعوا ولَوْلا ذلك لأبْرِزَ قَبْرُه” معناه لَوْلا أنّ الرسولَ نَهى عَن بناء المساجد على القبور تَعْظيما لها كان قَبْرُه يُبْرَز لكنْ بتَرْك إبْرازِه انْتَفَى المَحْظور فإذا كان بَيْن القَبْر وبين المُصلِّي حائِل كجدار فلا حُرْمَة في الصلاة إلى القبر كما هو الحال بالنِسْبَة لِقَبْر النبيّ صلى الله عليه وسلم، القَبْر مَسْتور والمُصلِّي لا يراهُ، فَفَهِمَتْ عائِشة مِن هذا الحديث أنّ المَنْعَ مِن الصلاةِ إلى القبر إنّما هو في حال كَوْنِه بارِزا، فاطْلاق الوهابيَّة التحْريم مُخالِف للشَرْع بل هم يُكفِّرون مَن يُصلِّي خَلْف المقام ولو أرادَ الله بهم خَيْرا لَهَداهُم لِعقيدة التَوْحيد لكنّهم حُرِمُوا ذلك فهم يَعْتقدون أن الله جِسْم فماذا يكون جوابُهم إذا قِيل لهم العقل لا يَقْبَل أن يَخْلقَ الجِسْمُ جِسْمًا فعَلَى زَعْمِكُم الله جِسْم خَلَقَ الأجْسامَ العَرْشَ وما سِواه وهذا خروج عَن دائرة العقل. وأما احْتِجاجُهم بهذا الحديث لإنْكار وَضْعِ القبور الثلاثة بَعْدَ تَوْسيع المسجد في أيام الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز فصار المسجد مُحيطا بالقبور الثلاثة مِن الجهات الأربعة فلا يُلْتَفَت إليه لأنّ القبورَ الثلاثةَ غَيْرُ بارِزَة بل مَسْتورة ضِمْنَ بَيْتِ الرسولِ الذي توفِّيَ فِيه، وكراهة الصلاةِ إلى القبرِ تَزولُ إذا كانَ القبرُ مَسْتورا غَيْر بارِز، فلا يجوز الإنْكار على مَن يُصلِّي وراء قَبْر غَيْر بارِز كما تظنّ هذه الفرقة الوهابيَّة التي تسَمِّي نَفْسَها سلفِيَّة. ولا يجوز تَسْمِيَتهم بهذا الاسْم كما أطْلَقوا هُم على أنْفسِهم.