الخميس مارس 28, 2024

التَّبَرُّكُ بِآثَارِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

   (اعْلَمْ أَنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ كَانُوا يَتَبَرَّكُونَ بِآثَارِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَلا زَالَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُمْ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا عَلَى ذَلِكَ) وَالتَّبَرُّكُ مَعْنَاهُ طَلَبُ زِيَادَةِ الْخَيْرِ (وَجَوَازُ هَذَا الأَمْرِ يُعْرَفُ مِنْ فِعْلِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ شَعَرَهُ حِينَ حَلَقَ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ) بَيْنَ أَصْحَابِهِ لِيَتَبَرَّكُوا بِهِ لا لِيَأْكُلُوهُ لِأَنَّ الشَّعَرَ لا يُؤْكَلُ إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِى غَيْرِ الأَكْلِ فَأَرْشَدَ الرَّسُولُ أُمَّتَهُ إِلَى التَّبَرُّكِ بِآثَارِهِ كُلِّهَا (وَ)كَذَلِكَ قَسَمَ (أَظْفَارَهُ. أَمَّا اقْتِسَامُ الشَّعَرِ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فَفِى لَفْظِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا رَمَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الأَيْمَنَ فَحَلَقَ ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الأَنْصَارِىَّ فَأَعْطَاهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الأَيْسَرَ فَقَالَ »احْلِقْ« فَحَلَقَ فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ فَقَالَ »اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ«. وَفِى رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ أَيْضًا »فَبَدَأَ بِالشِّقِّ الأَيْمَنِ فَوَزَّعَهُ الشَّعْرَةَ وَالشَّعْرَتَيْنِ بَيْنَ النَّاسِ« ثُمَّ قَالَ بِالأَيْسَرِ فَصَنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ »هَهُنَا أَبُو طَلْحَةَ« فَدَفَعَهُ إِلَى أَبِى طَلْحَةَ. وَفِى رِوَايَةٍ أُخْرَى لِمُسْلِمٍ أَيْضًا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ لِلْحَلَّاقِ »هَا« وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْجَانِبِ الأَيْمَنِ فَقَسَمَ شَعَرَهُ بَيْنَ مَنْ يَلِيهِ ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الْحَلَّاقِ إِلَى الْجَانِبِ الأَيْسَرِ فَحَلَقَهُ فَأَعْطَاهُ أُمَّ سُلَيْمٍ فَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ وَزَّعَ بِنَفْسِهِ بَعْضًا بَيْنَ النَّاسِ الَّذِينَ يَلُونَهُ وَأَعْطَى بَعْضًا لِأَبِى طَلْحَةَ لِيُوَزِّعَهُ فِى سَائِرِهِمْ وَأَعْطَى بَعْضًا أُمَّ سُلَيْمٍ فَفِيهِ التَّبَرُّكُ بِآثَارِ الرَّسُولِ فَقَدْ قَسَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَرَهُ لِيَتَبَرَّكُوا بِهِ وَلِيَسْتَشْفِعُوا إِلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ مِنْهُ وَيَتَقَرَّبُوا بِذَلِكَ إِلَيْهِ) حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَغْمِسُونَهُ فِى الْمَاءِ فَيَسْقُونَ هَذَا الْمَاءَ بَعْضَ الْمَرْضَى تَبَرُّكًا بِأَثَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِى الْبُخَارِىِّ وَمُسْلِمٍ وَأَبِى دَاوُدَ (قَسَمَ) شَعَرَهُ (بَيْنَهُمْ لِيَكُونَ بَرَكَةً بَاقِيَةً بَيْنَهُمْ وَتَذْكِرَةً لَهُمْ. ثُمَّ تَبِعَ الصَّحَابَةَ فِى خُطَّتِهِمْ) أَىْ خَصْلَتِهِمْ (فِى التَّبَرُّكِ بِآثَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَسْعَدَهُ اللَّهُ وَتَوَارَدَ ذَلِكَ الْخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ) وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ وَقَدْ رَوَى الذَّهَبِىُّ فِى كِتَابِ سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ الإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَ »رَأَيْتُ أَبِى يَأْخُذُ شَعْرَةً مِنْ شَعَرِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ فَيَضَعُهَا عَلَى فِيهِ يُقَبِّلُهَا وَأَحْسَبُ أَنِّى رَأَيْتُهُ يَضَعُهَا عَلَى عَيْنِهِ وَيَغْمِسُهَا فِى الْمَاءِ وَيَشْرَبُهُ يَسْتَشْفِى بِهِ وَرَأَيْتُهُ أَخَذَ قَصْعَةَ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ فَغَمَسَهَا فِى جُبِّ الْمَاءِ ثُمَّ شَرِبَ فِيهَا وَرَأَيْتُهُ يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ يَسْتَشْفِى بِهِ وَيَمْسَحُ بِهِ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ« (وَأَمَّا اقْتِسَامُ الأَظْفَارِ فَأَخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِى مُسْنَدِهِ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ وَقَسَمَهَا بَيْنَ النَّاسِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِيَأْكُلَهَا النَّاسُ بَلْ لِيَتَبَرَّكُوا بِهَا. أَمَّا جُبَّتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِى الصَّحِيحِ عَنْ مَوْلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ قَالَ »أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا جُبَّةً طَيَالِسَةً كِسْرَوَانِيَّةً لَهَا لَبِنَةُ دِيبَاجٍ وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ) قَالَ النَّوَوِىُّ فِى شَرْحِ مُسْلِمٍ »كَذَا وَقَعَ فِى جَمِيعِ النُّسَخِ وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ وَهُمَا مَنْصُوبَانِ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَىْ وَرَأَيْتُ فَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ« وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِى مُسْنَدِهِ لَفْظُ وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ (وَقَالَتْ هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا وَكَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ يَلْبَسُهَا فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى نَسْتَشْفِى بِهَا« وَفِى رِوَايَةٍ) لِأَحْمَدَ فِى مُسْنَدِهِ (نَغْسِلُهَا لِلْمَرِيضِ مِنَّا. وَعَنْ حَنْظَلَةَ بنِ حِذْيَمٍ قَالَ »وفَدْتُ مَعَ جَدِّى حِذْيَمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى بَنِينَ ذَوِى لِحًى وَغَيْرَهُمْ وَهَذَا أَصْغَرُهُمْ فَأَدْنَانِى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ وَمَسَحَ رَأْسِى وَقَالَ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ قَالَ الذَّيَّالُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ حَنْظَلَةَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْوَارِمِ وَجْهُهُ أَوِ الشَّاةِ الْوَارِمِ ضَرْعُهَا فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ عَلَى مَوْضِعِ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ فَيَمْسَحُهُ فَيَذْهَبُ الْوَرَمُ« رَوَاهُ الطَّبَرَانِىُّ فِى الأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ بِنَحْوِهِ وَأَحْمَدُ) فِى مُسْنَدِهِ (فِى حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَرِجَالُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ) قَالَهُ الْهَيْثَمِىُّ فِى مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ (وَعَنْ ثَابِتٍ قَالَ »كُنْتُ إِذَا أَتَيْتُ أَنَسًا يُخْبَرُ بِمَكَانِى فَأَدْخُلُ عَلَيْهِ فَآخُذُ بِيَدَيْهِ فَأُقَبِّلُهُمَا وَأَقُولُ بِأَبِى هَاتَانِ الْيَدَانِ اللَّتَانِ مَسَّتَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ وَأُقَبِّلُ عَيْنَيْهِ وَأَقُولُ بِأَبِى هَاتَانِ الْعَيْنَانِ اللَّتَانِ رَأَتَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ« رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى) فِى مُسْنَدِهِ (وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِى بَكْرٍ الْمُقَدَّمِىِّ وَهُوَ ثِقَةٌ) قَالَهُ الْحَافِظُ الْهَيْثَمِىُّ فِى الْمَجْمَعِ (وَعَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِى صَالِحٍ قَالَ »أَقْبَلَ مَرْوَانُ) يَعْنِى مَرْوَانَ بنَ الْحَكَمِ (يَوْمًا) وَكَانَ حَاكِمًا عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ وَلَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ كَمَا قَالَ الْبُخَارِىُّ (فَوَجَدَ رَجُلًا وَاضِعًا وَجْهَهُ عَلَى الْقَبْرِ فَقَالَ أَتَدْرِى مَا تَصْنَعُ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ أَبُو أَيُّوبَ) وَاسْمُهُ خَالِدُ بنُ زَيْدٍ (فَقَالَ نَعَمْ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ وَلَمْ ءَاتِ الْحَجَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ يَقُولُ لا تَبْكُوا عَلَى الدِّينِ إِذَا وَلِيَهُ أَهْلُهُ وَلَكِنِ ابْكُوا عَلَيْهِ إِذَا وَلِيَهُ غَيْرُ أَهْلِهِ« رَوَاهُ أَحْمَدُ) فِى مُسْنَدِهِ (وَالطَّبَرَانِىُّ فِى) الْمُعْجَمِ (الْكَبِيرِ وَالأَوْسَطِ) مَعْنَاهُ أَنْتَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ يَا مَرْوَانُ لَسْتَ أَهْلًا لِتَوَلِّى الأَمْرِ. وَهَذَا الَّذِى ذَكَرْنَاهُ كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّبَرُّكِ بِآثَارِ النَّبِىِّ وَبِقَبْرِهِ كَذَلِكَ فَإِذَا كَانَ وَضْعُ الْوَجْهِ عَلَى الْقَبْرِ مِنْ أَبِى أَيُّوبَ لَمْ يَسْتَنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَاذَا يَقُولُ أَتْبَاعُ ابْنِ تَيْمِيَةَ الَّذِينَ يَعْتَبِرُونَ قَصْدَ الْقَبْرِ لِلتَّبَرُّكِ شِرْكًا هَلْ يُكَفِّرُونَ أَبَا أَيُّوبَ أَمْ مَاذَا يَفْعَلُونَ فَتَكْفِيرُ الْوَهَّابِيَّةِ لِمَنْ يَقْصِدُ قُبُورَ الصَّالِحِينَ لِلتَّبَرُّكِ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْعَصْرِ يَنْعَطِفُ عَلَى مَنْ قَبْلَ هَذَا الْعَصْرِ إِلَى الصَّحَابَةِ فَيَكُونُونَ كَفَّرُوا السَّلَفَ وَالْخَلَفَ. وَقَالَ السَّمْهُودِىُّ فِى وَفَاءِ الْوَفَا مَا نَصُّهُ »لَمَّا قَدِمَ بِلالٌ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الشَّامِ لِزِيَارَةِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْقَبْرَ فَجَعَلَ يَبْكِى عِنْدَهُ وَيُـمَرِّغُ وَجْهَهُ عَلَيْهِ« وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ كَمَا سَبَقَ. وَفِى تُحْفَةِ ابْنِ عَسَاكِرَ عَنْ عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَوْرَدَهُ السَّمْهُودِىُّ فِى وَفَاءِ الْوَفَا قَالَ »لَمَّا رُمِسَ أَىْ دُفِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَتْ فَاطِمَةُ رَضِىَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فَوَقَفَتْ عَلَى قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَتْ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ الْقَبْرِ وَوَضَعَتْ عَلَى عَيْنِهَا وَبَكَتْ وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ

مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدٍ           أَنْ لا يَشَمَّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا

                صُبَّتْ عَلَىَّ مَصَائِبٌ لَوْ أَنَّهَا            صُبَّتْ عَلَى الأَيَّامِ عُدْنَ لَيَالِيَا

   (وَرَوَى الْبَيْهَقِىُّ فِى دَلائِلِ النُّبُوَّةِ وَالْحَاكِمُ فِى مُسْتَدْرَكِهِ وَغَيْرُهُمَا بِالإِسْنَادِ أَنَّ خَالِدَ بنَ الْوَلِيدِ فَقَدَ قَلَنْسُوَةً لَهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ فَقَالَ اطْلُبُوهَا فَلَمْ يَجِدُوهَا ثُمَّ طَلَبُوهَا فَوَجَدُوهَا فَقَالَ خَالِدٌ اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ فَابْتَدَرَ النَّاسُ جَوَانِبَ شَعَرِهِ فَسَبَقْتُهُمْ إِلَى نَاصِيَتِهِ فَجَعَلْتُهَا فِى هَذِهِ الْقَلَنْسُوَةِ فَلَمْ أَشْهَدْ قِتَالًا وَهِىَ مَعِى إِلَّا رُزِقْتُ النَّصْرَ. وَهَذِهِ الْقِصَّةُ صَحِيحَةٌ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ حَبِيبُ الرَّحْمٰنِ الأَعْظَمِىُّ فِى تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ فَقَالَ »قَالَ الْبُوصِيرِىُّ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَقَالَ الْهَيْثَمِىُّ) فِى مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ (رَوَاهُ الطَّبَرَانِىُّ وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ« اهـ فَلا الْتِفَاتَ بَعْدَ هَذَا إِلَى دَعْوَى مُنْكِرِى التَّوَسُّلِ وَالتَّبَرُّكِ بِآثَارِهِ الشَّرِيفَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ) فَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ ابْنَ تَيْمِيَةَ وَأَتْبَاعَهُ شَاذُّونَ عَنِ الأُمَّةِ سَلَفِهَا وَخَلَفِهَا وَتَسْمِيَةُ الْوَهَّابِيَّةِ أَنْفُسَهُمْ سَلَفِيَّةً كَذِبٌ ظَاهِرٌ فَلا يَجُوزُ تَسْمِيَتُهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ الَّذِى هُمْ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ بِهِ لِيُوهِمُوا النَّاسَ أَنَّهُمْ عَلَى مَذْهَبِ السَّلَفِ إِنَّمَا يُسَمَّوْنَ وَهَّابِيَّةً وَهَذَا الِاسْمُ هُوَ الِاسْمُ الَّذِى سَمَّاهُمْ بِهِ الْمُسْلِمُونَ مُنْذُ أَوَّلِ مَا ظَهَرُوا إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، وَهَذَا الَّذِى يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَلا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَلا مِنَ النَّحْوِيِّينَ لِذَلِكَ لَمْ يَعُدَّهُ مَنْ أَلَّفَ فِى طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ مِنْ فُقَهَائِهِمْ إِنَّمَا مَدَحَهُ مَنْ كَانَ مِنْ أَتْبَاعِهِ فَلا عِبْرَةَ بِذَلِكَ وَأَمَّا عُلَمَاءُ عَصْرِهِ وَمِنْهُمْ أَخُوهُ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَمُحَمَّدُ بنُ الأَمِيرِ الصَّنْعَانِىُّ فَقَدْ ذَمَّاهُ وَغَيْرُهُمَا وَأَخُوهُ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ أَلَّفَ فِى الرَّدِّ عَلَيْهِ تَأْلِيفًا سَمَّاهُ فَصْلَ الْخِطَابِ فِى الرَّدِّ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ.