الأحد ديسمبر 7, 2025

قال الله تعالى:
{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}
[الذاريات: 47]

قال عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما {بِأَيْدٍ} أي بقدرة، وليس المقصودُ باليد هنا الجارحةَ التي لنا فإن الله منزه عن ذلك. فاليدُ تأتي بمعنى القدرة، والقدرةُ هي القوةُ.

قال الإمام أبو بكر ابن فورك تلميذُ تلميذِ الأشعري في كتابه «مجرد مقالات أبي الحسن الأشعري»([1]) ناقلًا عن أبي الحسن الأشعري قوله في تفسير الآية: «والسماء بنيناها بأييد»، قال: «أي بقوة». اهـ.

وقوله تعالى: {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} أي قادرون، وليس كما قال بعض العصريين حيث زعموا أن الكون في اتِّساعٍ دائم، فهذا كذبٌ مردود.

وتأتي اليد بمعنى العَهدِ كما في قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10]، أي عَهدُ الله فوقَ عُهودِهم أي ثَبَتَ ووجب عليهم عَهدُ الله، لأن معاهدَتَهم للرسول تحتَ شجرةِ الرضوان في الحديبية على ألّا يَفِرُّوا معاهدةٌ لله تبارك وتعالى لأن الله تعالى هو الذي أَمَرَ نبيَّهُ بهذه المبايَعَة.

وأما قولُهُ تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64]، فمعناهُ غنيٌّ واسِعُ الكَرَم.

فمن حمل إضافة الوجه أو اليد أو العين الوارد في القرآن أو الحديث في حق الله تعالى على الحقيقة كما فعل ابن تيمية وابن عثيمين في كتابه المسمى «فتاوى العقيدة» وبقية المجسمة المشبهة فقد كذب الله تعالى وكفر به لأن حقيقة اليد وحقيقة العين وحقيقة الوجه هذه الأعضاء والجوارح المؤلفة والمركبة في الإنس والجن والملائكة والبهائم ومن وصف الله بشيء من ذلك فقد جعله حادثًا عاجزًا محتاجًا لمن جعله على هذه الصفة والاحتياجية تنافي الألوهية والوجه والعين واليد إذا أضيفت إلى الله فلها معنى يليق بالله تعالى ليس بجسم ولا حجم ولا جارحة ولا هيئة ولا صورة ولا كيفية ولا كمية والحمد لله الذي وفق أهل السُّنَّة لمعرفة العقيدة الصحيحة.

([1]) مجرد مقالات أبي الحسن الأشعري (دار المشرق ص44).