مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِنَّ الْمُعْجِزَاتِ الَّتِى حَصَلَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى حَالِ حَيَاتِهِ قِيلَ بَيْنَ الأَلْفِ وَالثَّلاثَةِ ءَالافٍ وَأَعْظَمُ الْمُعْجِزَاتِ مُعْجِزَةُ الْقُرْءَانِ الْكَرِيمِ الْمُعْجِزِ الْمُبِينِ وَحَبْلِ اللَّهِ الْمَتِينِ الَّذِى وَصَفَهُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [سُورَةَ فُصِّلَت] وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِىُّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ «مَا أَعْطَى اللَّهُ نَبِيًّا مُعْجِزَةً إِلَّا وَأَعْطَى مُحَمَّدًا مِثْلَهَا أَوْ أَعْظَمَ مِنْهَا» فَقِيلَ لِلشَّافِعِىِّ أَعْطَى اللَّهُ عِيسَى إِحْيَاءَ الْمَوْتَى فَقَالَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ «أُعْطِىَ مُحَمَّدٌ حَنِينَ الْجِذْعِ حَتَّى سُمِعَ صَوْتُهُ فَهَذَا أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ» فَقَدْ جَاءَ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا أَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ فَإِنَّ لِى غُلامًا نَجَّارًا قَالَ «إِنْ شِئْتِ» قَالَ فَعَمِلَتْ لَهُ مِنْبَرًا فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ الَّذِى صُنِعَ لَهُ فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِى كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا حَتَّى كَادَتْ تَنْشَقُّ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَخَذَهَا فَضَمَّهَا إِلَيْهِ فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِىِّ الَّذِي يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ وَكَانَ الْحَسَنُ لَمَّا يَرْوِى هَذِهِ الْحَادِثَةَ يَبْكِى وَيَقُولُ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ الْخَشَبَةُ تَحِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَوْقًا إِلَيْهِ أَفَلَيْسَ الرِّجَالُ الَّذِينَ يَرْجُونَ لِقَاءَهُ أَحَقَّ أَنْ يَشْتَاقُوا إِلَيْهِ.
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ مُحَمَّدٌ حَبِيبُ اللَّهِ الَّذِى اضْطَجَعَ يَوْمًا تَحْتَ شَجَرَةٍ فَجَاءَ إِلَيْهِ أَعْرَابِىٌّ مُشْرِكٌ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَقَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيْفِ مَشْهُورًا وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى الْيَوْمَ فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَلْبٍ ثَابِتٍ «اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» فَجَاءَ جِبْرِيلُ وَدَفَعَ الْمُشْرِكَ فِى صَدْرِهِ فَوَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّى فَقَالَ لا أَحَدَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.
وَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ يَحْفُرُونَ الْخَنْدَقَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَرَضَتْ لَهُمْ صَخْرَةٌ كَبِيرَةٌ فَأَخْبَرُوا بِذَلِكَ قَائِدَهُمْ مُحَمَّدًا فَجَاءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَسَمَّى ثَلاثًا ثُمَّ ضَرَبَ الصَّخْرَةَ فَنَزَلَتْ رَمْلًا سَائِلًا.
وَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ بِغُلامٍ يَوْمَ وُلِدَ وَقَدْ لَفَّهُ فِى خِرْقَةٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَا غُلامُ مَنْ أَنَا» فَأَنْطَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْغُلامَ فَقَالَ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ» فَكَانَ هَذَا الْغُلامُ يُسَمَّى مُبَارَكَ الْيَمَامَةِ.
وَمِنْ مُعْجِزَاتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَصْحَابَهُ وَهُمْ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى أَمَامَكُمْ فَلا تَسْبِقُونِى فِى الرُّكُوعِ وَلا فِى السُّجُودِ وَلا تَرْفَعُوا رُؤُسَكُمْ فَإِنِّى أَرَاكُمْ مِنْ أَمَامِى وَمِنْ خَلْفِى» الْحَدِيثَ.
وَفِى يَوْمِ حُنَيْنٍ هَزَمَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكُفَّارَ بِحَصَيَاتٍ رَمَاهُمْ بِهَا كَمَا رَوَى الْعَبَّاسُ عَمُّ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ فِى وُجُوهِ الْكُفَّارِ ثُمَّ قَالَ انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ».
فَائِدَةٌ إِنَّ الَّذِى يُظْهِرُهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَيْدِى الأَنْبِيَاءِ مِنَ الْخَوَارِقِ لا يُعَارَضُ بِالْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ سِحْرًا، السِّحْرُ يُعَارَضُ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ أَمَّا الْمُعْجِزَةُ لا تُعَارَضُ بِالْمِثْلِ فَالْمُعْجِزَةُ أَمْرٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ أَىْ مُخَالِفٌ لِلْعَادَةِ يَأْتِى عَلَى وَفْقِ دَعْوَى مَنِ ادَّعَوُا النُّبُوَّةَ سَالِمٌ مِنَ الْمُعَارَضَةِ بِالْمِثْلِ صَالِحٌ لِلتَّحَدِّى.