السبت مارس 22, 2025

مَنْ هُمُ الأَوْلِيَاءُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَمَا هِيَ صِفَتُهُمْ:

       قالَ رسولُ اللهِ فيمَا يرويهِ عنِ اللهِ تباركَ وتعالَى: ((مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا([1]) وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ)) ([2])، وَالوَلِيُّ هُوَ الَّذِي أَدَّى الوَاجِبَاتِ وَ اجْتَنَبَ المحَرَّمَاتِ وَأَكْثَرَ مِنَ النوافلِ فَالطَّبَقَةُ العُلْيَا مِنَ المؤْمِنِينَ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلبَشَرِ وَالْجِنِّ هُمُ الأَوْلِيَاءُ ثُمَّ سَائِرُ المؤْمِنِينَ، أَمَّا الملَائِكَةُ فَكُلُّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللهِ وَإِنْ كَانُوا عَلَى دَرَجَاتٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَأَكْبَرُ الأَوْلِيَاءِ فِي البَشَرِ وَأَعْلَاهُمْ دَرَجَةً هُمْ أَوْلِيَاءُ الصحابةِ وَأفضَلُهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصّدِّيقُ  ثُمَّ سَيِّدُنَا عَمَّرُ بنُ الخَطَّابِ  وَهؤلاءِ همْ أفضلُ أَوْلِيَاءِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ الَّذِينَ عَنَاهُمُ اللهُ بُقُولِهُ: ﭐﱡﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ  ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ  ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖﱗ  ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ([3]) وَالأَوْلِيَاءُ لَا يَنْقَطِعُونَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ثُمَّ إِنَّ مِنْ كراماتِ الأَوْلِيَاءِ أَيْ مِمَّا يُكْرِمُهُمُ اللهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا إِجَابَةَ الدَّعْوَةِ ([4]) وتكثيرَ القَليلِ مِنَ الطعام، وعَدمَ التَأَثُّرِ بالسمِّ القاتلِ([5]) وعدمَ الاحتراقِ بالنارِ([6]) واللهُ تعالى ينتقمُ لأوليائِهِ مِمَّنْ يعادِيهِم([7]) وَهُوَ المفْهُومُ مِنَ الحَدِيثِ سَالِفِ الذِّكْرِ، فَمَا أَعْظَمَ خُبْثَ مَنْ يُعَادِي وَاحِدًا مِنَ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ مِنَ المهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ وَمَا أَجْهَلَ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى الطَّعْنِ فِيمَنْ زَكَّاهُمُ اللهُ تَعَالَى كأبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ رضيَ اللهُ عنهمْ.

       والأولياءُ لا يُظهِرونَ كراماتِهِم إلَّا لِمَصلحَةٍ شرعِيَّةٍ فهذا عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ  لَمَّا نادَى قائدَ الجيشِ الَّذي بَعَثهُ إلى أرضِ العَجَمِ لِلجِهادِ في سبيلِ اللهِ وكانَ عُمَرُ بالمدينةِ على الـمِنبَرِ يومَ جُمُعَةٍ رأى وَضْعَ جَيشِهِ الَّذي بِأرضِ العَجَمِ بِحالةِ إِنِ انحازَ العَدُوُّ إلى الجَبَلِ وتَمَكَّنَ وارتَكَزَ على الجَبَلِ يَضُرُّ الـمُسلِمينَ فَنادَاهُ: يا سارِيَةُ الجَبَلَ الجَبَلَ، في أثناءِ الخطبةِ أيِ احذرِ الجيشَ الَّذي التَفَّ خَلْفَ الجَبَل النَّاسُ اندَهَشوا قالوا : “ما لِعُمَرَ يتكَلَّمُ بهذا الكلامِ وسارِيةُ بِأرضِ العَجَمِ؟ ثُمَّ راجَعُوهُ بعدَمَا نَزَلَ وانتَهَى مِن الصَّلاةِ، قالَ لهُ جماعةٌ مِنَ الـمُؤمِنينَ: “سَمعناكَ تقولُ يا ساريةُ الجَبَلَ الجَبَلَ”، فقالَ: “إنَّما ذَلِكَ شيءٌ وقَعَ في قلبِي” ما كشفَ لَهُم ([8]) .

         وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ اسْمِ اللهِ الوَدُودِ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ مِنْهَا مَا وَرَدَ فِي سُورَةِ البُرُوجِ فِي ذِكْرِ قِصَّةِ أَصْحَابِ الأُخْدُودِ التِي رَوَاهَا مُسْلِمٌ ([9]) بِتَفْصِيلِهَا وَهِيَ تَبَينُ أَنَّ الله تَعَالَى قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُجْرِيَ الكراماتِ عَلَى أَيْدِي أوليائِهِ الصَّالِحَيْنَ، فَاللهُ تَعَالَى أَجْرى الكراماتِ عَلَى يَدِ الغُلَامِ الَّذِي أَسْلَمَ بِسَبَبِهِ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ، فهوَ عزَّ وجلَّ يَوَدُّ أَوْلِيَاءَهُ بِأَنْ يُجْرِيَ الكراماتِ عَلَى أَيْدِيهِمْ.



 ([1]) هذا يُقالُ لَهُ فِى اللغَة العَرَبِيّة مِنَ المجاز، ليسَ عَلَى الحَقِيقَة وَلا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الحَقِيقَة، الحَدِيثُ مَعناهُ: أَنا أُيَسِّرُ لَهُ ما يُرِيدُ بِسَمْعِهِ وَأَحْفَظُ لَهُ سَمْعَهُ وأُيَسِّرُ لَهُ ما يُرِيدُ بِبَصَرِهِ وَأَحْفَظُ لَهُ بَصَرَهُ أَحْفَظُ لَهُ سَمْعَهُ فَلا يسْتَمِعُ إِلَى ما حَرَّمَ الله وَأَحْفَظُ لَهُ بَصَرَهُ فَلا يَنْظُرُ إِلَى ما حَرَّمَ اللهُ النَّظَرَ إِلَيْهِ تُحْفَظُ لَهُ يَدُهُ فَلا يَمُدُّها لا يسْتَعْمِلُها فِيما حَرَّمَ الله تُحْفَظُ رِجلُهُ فَلا يستَعْمِلُها فِيما حَرَّمَ الله يُحْفَظُ قَلْبُهُ فَلا يَعْتَقِدُ بِهِ ما يُخالِفُ شَرْعَ الله يُحْفَظُ لِسانُهُ فَلا يسْتَـعمِلُهُ فيما يُخالِفُ شَرْعَ الله وَمَع هذا يُيَسِّرُ اللهُ لَهُ ما يُرِيد بِلِسانِهِ بِيَدِهِ بِرِجْلِهِ بِقَلْبِهِ هذا شَأْنُ وَلِيّ اللهِ .اهـ  فتح الباري ج13 ص142.

صحيح البخاري كتاب الرقاق باب التواضع. ([2])

سورة التوبة / 100. ([3])

 ([4]) وأمثلة ذلك كثيرة منها سعد بن أبي وقاص t ففي “صفة الصفوة” لابن الجوزي عن قيس بن أبي حازم عن سعد بن أبي وقاص t أنه قال: قال لي رسول الله : ((اللهم سَدِّدْ رَمْيَتَهُ وَأَجِبْ دَعْوَتَهُ))، وكان مشهورًا بين الصحابة رضوان الله عليهم، وبين من جاء من بعدهم من التابعين والعلماء أن سعد بن أبي وقاص t كان مجاب الدعوة، وذلك ببركة دعاء النبي له، فكان الناس لا يتعرضون له خشية أن تصيبهم دعوته، وكان هناك من الناس من أصابته دعوته، منهم رجل يقال له أبو سعدة، وذلك عندما شكا أهل الكوفة سعدًا إلى عمر بن الخطاب فقالوا إنه لا يحسن الصلاة، فبعث عمر t رجالًا يسألون عنه بالكوفة، فكانوا لا يأتون مسجدًا من مساجد الكوفة إلا قيل لهم فيه خير، حتى أتوا مسجدًا لبني عبس، فقال رجل يقال له أبو سعدة: أما إذا نشدتمونا الله، فإنه كان لا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية ولا يسير بالسريّة، فقال سعد: اللهم إِنْ كَانَ كَاذِبًا فَأَعْمِ بَصَرَهُ وَأَطِلْ عُمُرَهُ وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ، قال عبد الملك، فأنا رأيته بعد ذلك يتعرض للإماء في السكك، فإذا سئل: كيف أنت؟ يقول: كبير مفتون أصابتني دعوة سعد”اهـ صفة الصفوة لابن الجوزي ج1 ص135.

 ([5]) وقَدْ أخرجَ ابنُ أبِي شيبةَ (المصنف ج8 ص6) أنَّ خالدَ بنَ الوليدَ لَمَّا نزَل الحِيْرَةَ، فَقَالُوا: احْذَرِ السُّمَّ، لاَ تَسْقِكَ الأَعَاجِمُ. فَقَالَ: ائْتُوْنِي بِهِ. فَأُتِيَ بِهِ، فَاقْتَحَمَهُ، وَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، فَلَمْ يَضُرَّهُ. قالَ الحافظُ ابنُ حجرٍ في شرحِ صحيحِ البخاريِّ عَنْ هذا: كرامةٌ لخالدِ بنِ الوليدِ، فلا يُتأسَّى به في ذلكَ لئلَّا يُفْضِي إلى قتلِ المرءِ نفسَهِ.اهـ فتح الباري ج11 ص415.

 كما سبق وذكرت ما حصل مع أبي مسلم الخولاني عندما ألقي في النار ولم يحترق.([6])

 ([7]) وَكانَ رَجُل يَنْتَسِبُ إِلَى الفِقْه يُكْثِرُ مِنْ غِيبَة الإمام النووي رحمه الله وَالطَّعْنِ فِيهِ. دائِمًا يَطْعَن فِى النووِيّ ثُمَّ مات هذا الرَّجُل فَجاءَ حَيوان يُشْبِهُ الهِرَّة دَخَلَ فَأَخَذَ لِسانَهُ قَطَعَهُ وَذَهَبَ بِهِ، هذا يدل على أن الله ينتقم ممن يعادي أولياءه.

 نقلها ابن حجر بإسنادها وبعد ذكر الإسناد قال: وهو إسناده حسن.اهـ الإصابة في تمييز الصحابة ج 3 ص 4.  ([8])

صحيح مسلم كتاب الزهد والرقائق باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام. ([9])