السبت مارس 22, 2025

مَاْلِكُ الْمُلْكِ: الذي يعودُ إليهِ الملكُ الذي أعطاهُ لبعضِ عبادِه في الدنيا قالَ تعالى: ﱡﭐﱷ ﱸ  ﱹ  ﱺ  ﱻ  ﱼ    ﱽ  ﱾ  ﲒ ﱠ([1])، وليسَ هذا الملكُ الذي هوَ صفةٌ لهُ أزليةٌ أبديةٌ فصفاتُ اللهِ غيرُ مخلوقةٍ، بلِ المرادُ الملكُ الذي يعطيهِ اللهُ العبادَ اللهُ يملِكُهُ، قالَ الزجاجُ: “مالكُ الملكِ: اللهُ تعالى يملكُ الملكَ يعطيهِ مَنْ يشاءُ وهوَ مالكُ الملوكِ والْمُلَّاكِ يصرفُهم تحتَ أمرِه ونهيِهِ لا مانعَ لما أعطَى ولَا معطيَ لما منعَ”([2]). أمَّا ملكُ اللهِ الذي هوَ صفتُهُ فهوَ أزليٌّ قالَ تعالى: ﱡﭐ ﲆ  ﲇ  ﲈ  ﲉ  ﲊﲋ  ﲌ  ﲍ  ﲎ ﲏﲐﱠ([3]) قالَ البخاريُّ: أيْ إلا ملكَه أيْ سلطَانَه([4]).اهـ وقد وردَ في الشرعِ تحريمُ قولِ شاهَان شاه للسلطانِ وغيرِه، لأَنَّ معناهُ ملكُ الملوكِ، ولا يوصفُ بذلكَ غيرُ اللهِ سبحانَه وتعالى، فعَنْ أَبي هُريْرَةَ  عنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ((إِنَّ أَخْنَعَ اسْمٍ عندَ اللهِ عزَّ وَجَلَّ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاكِ))([5])، لأَنَّ ملكَ الملوكِ هوَ اللهُ تعالى لَا غيرُه عزَّ وجلَّ، وقالَ سفيانُ بنُ عيينةَ: “ملكُ الأملاكِ” مثلُ: شاهان شاه([6]).اهـ

      قال اللهُ تعالى: ﱡﭐ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ ﱼ  ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ  ﲇ ﲈﲉ ﲊ ﲋﲌ ﲍ ﲎ ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﱠ([7]). فهوَ سبحانَه الذي يهَبُ الملكَ لمنْ يشاءُ وينزعُ الملكَ ممنْ يشاءُ، لا يُسأَلُ عمَّا يفعلُ وهمْ يُسأَلونَ، وفي حديثِ أبي هريرةَ  قالَ: قالَ رسولُ اللهِ ﷺ: ((لا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَانَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَنَا الدَّهْرُ، الأيَّامُ وَاللَّيَالِي لِي أُجَدِّدُهَا وَأُبْلِيْهَا وَآتِي بِمُلُوكٍ بَعْدَ مُلُوكٍ))([8])اهـ. ففي هذا الحديثِ يُخبرنا اللهُ تعالى أَنَّه هوَ خالقُ الدهرِ يقلبُ ليلَه ونهارَه ويفعلُ ما يشاءُ وليسَ معناهُ أَنَّ اللهَ تعالى هوَ هذا الزمنُ والوقتُ، ومنِ اعتقدَ ذلكَ فقدْ خرجَ مِنَ الإسلامِ لأَنَّ اللهَ قالَ: ﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒ ﱗ ﱠ([9])، ولَا يجوُز أنْ يُسمَّى اللهُ دهرًا ولا يقالُ مِنْ أسمائِه الدهرُ فأسماءُ اللهِ توقيفيةٌ، كمَا أَنَّه يجبُ التحذيرُ مِنَ اللفظِ المحَرَّفِ الذي افْتُرِيَ على رسولِ اللهِ فقيلَ فيهِ: ((فَإِنَّ الدَّهْرَ هُوَ اللهُ)) فهذَا فاسدٌ لَا يليقُ، وقدْ بَيَّنَ أيضًا في الحديثِ أَنَّهُ يأتِي بملوكٍ بعدَ ملوكٍ.

فَسُبحَانَ الذي بيدِه ملكوتُ كلِّ شىءٍ، يعطي الملكَ مَنْ يشاءُ وينزعُ الملكَ ممنْ يشاءُ، هوَ سبحانَه الذي أزالَ ملكَ فرعونَ وغيرِه مِنَ الملوكِ الكافرينَ، ورُويَ في التاريخِ مَا جَرى لشدادِ بنِ عادٍ الذي حكمَ الدنيا وكانَ تحتَ يدِهِ مائتانِ وستونَ ملِكًا، وكانَ على الكفرِ، وأرادَ أنْ يبنيَ مدينةً أوصافُها كمَا سمعَه مِنْ أوصافِ الجنةِ، فجمعَ الذهبَ والجواهرَ مِنَ الدنيا، وبنى في ثلاثمائةِ سنةٍ مدينةً شبَّهَهَا بالجنةِ، ثُمَّ دمَّرَه اللهُ تعالى وقومَه قبلَ أنْ يدخلَها، وكانَ عمُرُهُ تسعَمِائَةِ سنةٍ([10]).اهـ فسبحانَ الذي بيدِهِ ملكوتُ كلِّ شىءٍ يؤتي الملكَ مَنْ يشاءُ وينزعُ الملكَ مِمَّنْ يَشَاءُ.

 سورة آل عمران / 26.([1])

 شرح الأسماء الحسنى للزجاج 62.([2])

 سورة القصص / 88.([3])

 صحيح البخاري كتاب التفسير باب تفسير سورة القصص.([4])

صحيح مسلم كتاب الآداب باب تحريم التسمي بملك الأملاك، وبملك الملوك. ([5])

 رياض الصالحين للحافظ النووي ص600.([6])

 سورة آل عمران / 26. ([7])

 قال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.اهـ مجمع الزوائد ج 8 ص 137. ([8])

 سورة الشورى / 11.([9])

 الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج 20 ص 46.([10])