ملك الرّحم
وَكَّلَ اللهُ تَباركَ وتَعالى بأرحامِ النِّساءِ ملائكةً يدخلُ أحَدُهُم يديه إلى النُّطفَةِ من البطن فيتَصَرّفُ فِيها، هذا الملَكُ يَسألُ ربَّنا أَذَكَرٌ أم أُنثَى، فإنْ قيلَ لهُ (بطريق جبريل) ذَكَرٌ يُصَوِّرُه ذَكَرًا وإنْ قيلَ لهُ أُنثَى يُصَوِّرُها أُنثَى ثم على حَسَبِ مُرورِ الأزمانِ إلى أنْ يَأتيَ زَمَنُ نَفخِ الرُّوحِ في الجَنِينِ مِن وقتٍ إلى وقتٍ هَذا الملَكُ يَدخُلُ الرّحِم، المرأة لا تُحِسُّ.
الملائكةُ أجسَامٌ لَطِيفَةٌ إذَا بقُوا على صُورَتهِمُ الأصليّة مِن غَيرِ أن نَراهُم يَكونُونَ حَاضِرينَ مَعنا وأمّا إن تَصوَّرُوا لنَا بصُورةِ إنسانٍ فإنّنا نرَاهُم، مَلَكُ الرَّحِم الله تَعالى وظّفَهُ للعَملِ في أرحَامِ النِّساء للعَملِ في الجَنِين، هَذا الماء(أي المني) إذا خَرجَ وجَبَ الغُسلُ على الرّجُل والمرأة وهذا الماءُ يُعرَفُ إمّا باللذةِ عندَ خُروجِه وإمّا بالتّدفّق، يخرُج بشِدّةٍ وقُوّة وإمّا برائحتِه التى كرائحةِ العَجِين أو طَلْعِ النّخْل ما دامَ رَطْبا أمّا إذا جَفّ يُعرَفُ المنيّ برائحةِ بَياضِ البَيض، أمّا مِن حيثُ اللّونُ يختَلفُ مَنيّ الرّجل عن مَنيّ الأنثى مِن حيثُ اللّونُ والرِّقةُ والثّخانة، ماءُ الرّجلِ أبيضُ ثخِين وماءُ المرأةِ أصفَرُ رقيقٌ ليسَ بثَخانةِ مَنيّ الرّجُل، فمَتى ما علِمَتِ المرأةُ بإحدَى هذهِ الصِّفاتِ فقَد وجَبَ علَيها الغُسلُ، فلا تصِحُّ صَلاتُها إنْ حصَلَ منها ذلكَ الشّىء بلا غُسْل, فإن عَجَزَت عن الغُسلِ لمرَضٍ أو لِفِقْدانِ الماءِ تيَمَّمَت، البِكْرُ والثّيِّبُ في ذلكَ سَواء.
ثمّ إنّ البنتَ لها خاصّيَةٌ أُخرَى تكونُ بها بالغةً وهيَ الحيضُ فمَتى مَا حَاضَتِ البِنتُ وجَبَ علَيها أن تُغطِّيَ رَأسَها وصَلاتُها لا تصحّ إلا وهيَ مُغطّية الرأس، أمّا ما لم تَر الحيضَ ولم تَرَ المنيّ ولا بلغَ عمُرُها خمسَ عَشْرَة سنةً بالأشهر القمَريّةِ ليسَ علَيها صلاةٌ ولا تَكليفٌ لكنّ الأبَ والأمّ علَيهِما أن يأمُرَا البِنتَ إذا وصَلَت إلى سبعِ سِنينَ بالصّلاة مع أنها غَيرُ مُكلّفَة وكذلكَ الوَلَدُ الذّكَرثم إذا لم يُصَلّ الذَّكَرُ أو البِنتُ بَعدَ عَشرِ سِنينَ مِنَ العُمر لو لم يَبلُغَا الأبُ والأمُّ فَرضٌ علَيهِما أن يَضربَا الولدَ الذي تَركَ الصّلاةَ لو صَلاةً واحِدةً ضَرْبُه فَرضٌ، هذا لحقِّ الله ولمصلحَةِ الولَد، هذا الضّربُ أهَمُّ مِن ضَربِ الولدِ إذا كسَرَ إناءً مِن الأواني، لكنّ المغفّلينَ حَريصُون على ضَربِ الولَدِ إذا كسَرَ إناءً، هذا مِن غَفلَةِ القلُوبِ فالأبُ الذي لا يَضرِبُ ولَدَه إذا تَركَ الصّلاةَ وقَد بَلَغ عَشْر سِنين مِن العُمر هذا الأبُ عاص، والأمّ التي تُهمِلُ هذا وليسَ هناكَ إنسانٌ ءاخَرُ يقُوم مَقامَها يؤدِّبُ هَذا الولَدَ التّأديبَ الشّرعيّ علَيها ذَنبٌ.
فالأمرُ بالصّلاةِ فَرضٌ على الأبِ والأم فإذا لم يكن الأبُ ولا الأم ففَرضٌ على الجدّ والجدّة فإذا لم يكن الجَدُّ والجدّة فعَلى الوَصِيّ، أليس هناك وصِيّ يُوصيْهُ الأبُ قَبلَ مَوتِه يقولُ له إذا مِتّ فأنتَ وَصِيّي على أولادي، هذا يقالُ له الوَصِيّ، فَرض عليه أن يأمرَ الطِّفل الذَّكَر بالصلاةِ والبنتَ بالصلاةِ إذا بلغَا سَبعَ سنَواتٍ، وإذا تَركا بعدَ عَشرٍ أن يَضربهُما، هذا الوَصيّ كأنّهُ هوَ الأب، ثمّ قَيّمُ القَاضي، إذا الأب لم يَتركْ وَصِيّا على أولادِه أَوصَى إليهِ أن يَنظُرَ في أمورِ أولادِه إذا مات، إذا لم يَذكرِ الأب وَصِيًّا فقَيّمُ القاضِي أي الشّخصُ الذي يُنصّبُه القاضِي قَيّمًا على هؤلاء القُصّار، هذا فرضٌ علَيه أن يأمرَه الولَدُ والبنتُ اليَتيمَين إذا بلَغا سَبعًا أن يَأمرهما بالصّلاة وإذا بلغَا عَشرًا فلم يُصلّيا أن يضرِبهما.