الأحد نوفمبر 3, 2024

محبةُ السلف الصالح للنبيّ الأعظم وشدة شوقهم إليه في حياته ومماته
كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن اتّبعهم بإحسان قلوبهم عامرة بحبّ الله تعالى وحُبّ رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكان من علامات حبّهم للنبيّ المصطفى صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا كثيري الشوق إلى لقائه صلى الله عليه وسلم، لأن كل حبيب يحب لقاء محبوبه وحبيبه، وكانوا رضي الله عنهم يكثرون من ذكره صلى الله عليه وسلم وتوقيره عند ذكره وإظهار الخشوع والانكسار عند سماع اسمه صلى الله عليه وسلم.
وقد ورد أنّ أصحاب النبيّ المصطفى صلى الله عليه وسلم كانوا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لا يذكرونه إلا خشعوا واقشعرّت جلودهم وبكوْا شوقًا إليه, وكان كثيرٌ من التابعين من يفعل ذلك محبة له وشوقًا إليه، ومنهم من يفعله تهيّبًا له وتوقيرًا، وكيف لا يكون ذلك والرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم قد جمع وحَوى جَمال الصورة والظاهر وكمال الأخلاق والباطن وله صلى الله عليه وسلم فضل عظيم على أمته من حيث إحسانه وإنعامه عليهم من أوصاف وصفه الله تعالى بها من رأفته بالمؤمنين ورحمته لهم وهدايته إياهم وشفقته عليهم واستنقاذهم به من النار وأنه صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوف رحيم، ورحمة للعالمين ومُبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله تعالى بإذنه، ويتلو عليهم ءاياته ويُزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويهديهم إلى صراط مستقيم، فايّ إحسان أجلّ قدرًا من إحسانه إلى جميع المؤمنين ، وأي إفضال أعم منفعة وأكثر قدرًا من إحسانه إلى كافة المسلمين؟ إذ كان عليه الصلاة والسلام ذريعتهم إلى الهداية ومنقذهم من العماية وداعيهم إلى الفلاح والكرامة، ووسيلتهم إلى ربهم وشفيعهم يوم القيامة والمتكلم عنهم والشاهد لهم والمُوجبَ لهم البقاء الدائم والنّعيم السَّرْمَد في الآخرة وذلك لإيمانهم وإسلامهم واتباعهم له صلى الله عليه وسلم.
وبذلك يكون النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم مُستوجبًا شرعًا للمحبة الحقيقية ، قال الله تعالى :” لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليهِ ما عنتُم حريصٌ عليكم بالمؤمنينَ رؤوفٌ رحيمٌ(128) سورة الزمر. وقال سبحانه وتعالى: قل إن كنتم تحبونَ اللهَ فاتَّبعوني يُحببكمُ اللهُ ويغفر لكم ذُنوبَكُم والله غفورٌ رحيمٌ (31) قل أطيعوا اللهَ والرّسولَ فإن تولّوا فإنَّ اللهَ لا يحبُّ الكافرين (32) سورة ءال عمران. يقول الإمام الجنيدُ رضي الله عنه: الطريقُ إلى الله مسدودٌ على خلق الله عزّ وجلّ إلا على المقتفين ءاثار رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لسنته كما قال الله عزّ وجل:” لقد كان لكم في رسولِ اللهِ أُسوةٌ حسنةٌ (21) سورة الأحزاب.