الجمعة أكتوبر 11, 2024

مجلس تلقي كتاب “سمعت الشيخ يقول” رقم (62)

 

قال فضيلة الشيخ الدكتور جميل حليم الحسيني حفظه الله وجزاه عنا خيرًا

قال الشيخ رحمه الله رحمة واسعة: قال الله تعالى {إنّ اللهَ اشترى من المؤمنينَ أنفسَهم وأموالَهم بأنّ لهم الجنة}[التوبة/١١١] ليس هذا الاشتراء مثلَ الاشتراءِ العادي، اللهُ تعالى هو مالِكُ هؤلاء المؤمنين هو خلقَهم هو أعطاهم هذه الجوارح والقوة كلُّ نعمةٍ هي فيهم هي منه – يعني بخلقِه، بفضلِه عليهم هو خلقَها فيهم وهو مكَّنهم منها وهو الذي أنعم بهذه النعمة عليهم – ومع ذلك وعدَ هؤلاء المؤمنين بالجنة.

(وعدُ اللهِ حقّ، اللهُ سبحانه وتعالى لا يُخلِفُ وعدَه. وهنا بشرى عظيمة أخبرَنا القرآنُ عنها وهي {إنَّ اللهَ اشترى منَ المؤمنينَ أنفسَهم وأموالَهم بأنّ لهم الجنة}[التوبة/١١١] إذًا اللهُ تعالى هو المالِكُ الحقيقيُّ للإنسانِ ولِما يملِك بل هو المالِك لكلِّ هذا الكون ليس للإنسانِ فقط ليس للجنّ ليس للملائكة، بل لكلّ هذا العالَم، كلّ هذا الكون هو خلقٌ للهِ عزّ وجلّ، اللهُ أوجَدَهُ كانَ معدومًا.

فاللهُ بقدرتِه أخرَجَهُ منَ العدمِ إلى حيّزِ الوجودِ فجعلَهُ موجودًا، أليس اللهُ عزّ وجل قال في القرآنِ {الحمدُ لله  ربّ العالمين}[الفاتحة/٢]؟ العالَم كل ما سوى الله.

وقال بعضُ العلماء سُمِّيَ العالم عالمًا لأنه علمٌ أي علامةٌ دليلٌ على وجودِ اللهِ عزّ وجل، فهذا العالم كلُّه خلقٌ لله اللهُ خالقُهُ ومالِكُهُ ومُوجِدُه.

وهذا العالم بما فيه محتاجٌ إلى الله أما اللهُ فلا يحتاج إلى أحد. ثم إنّ اللهَ تعالى ما خلقَ العالم ليَنْتفِعَ بهم كما يقول الكفار حاشى، اللهُ لا ينتفع بأحد ولا يحتاج إلى أحد. فإذا قال لك قائل فلماذا خلقَ اللهُ العالم؟ قل: خلقَهُ لحِكَمٍ عديدة كثيرة لأنّ اللهَ حكيمٌ عليمٌ خبيرٌ لا يخلقُ شيئًا لغيرِ حكمة، فاللهُ أوجدَ هذا العالم وخلق ما فيه، ومَنْ عرَف لأيِّ شىءٍ خُلِقَ قال الله تعالى {وما خلقْتُ الجنّ والإنسَ إلا ليَعْبُدون}[الذاريات/٥٦] أي إلا لآمُرَهم بعبادتي، فمَنْ عرَفَ منهم لأيِّ شىءٍ خُلقَ لأيِّ شىءٍ وُجِدَ في هذا العالم وعمِلَ بمُقتضى ذلك الأمر فثبتَ على الإيمان ومَنْ لمْ يكنْ مؤمنًا فهِمَ وعرَفَ وآمَن وثبتَ على طاعةِ الله عبدَ اللهَ أدّى الواجبات اجتنبَ المحرّمات يكونُ هذا الإنسان أو هذا الجنيّ هو نفعَ نفسَهُ وأنقذَ نفسَهُ بالإيمان وبطاعةِ الله وبالعملِ بأوامرِ اللهِ عزّ وجل.

إذًا اللهُ تعالى ما خلقَنا ليَدْفَعَ بنا عنْ نفسِهِ ضُرًّا، ما خلقَنا ليَجْلِبَ بنا لنفسِهِ نفعًا حاشى، فاللهُ تعالى هو القويُّ القادرُ المُقتدِر هو الذي لا يُعجزُه شىء هو الذي أوجدَ كلَّ هذا العالم فلا يحتاج إلى أحد ولا إلى استعانةٍ بغيرِهِ لأنه لوْ كان محتاجًا إلى أحد أو إلى استعانةٍ بغيرِه لم يكنْ إلهًا، لو كان محتاجًا للملائكة أو للجنّ أو للإنس لَما استطاعَ أنْ يُوجِدَ الإنس والجنّ والملائكة لأنّ العاجزَ لا يستطيع أنْ يخلقَ وبما أنه خالقٌ للعالم فهو ليس بعاجز، فلا يحتاج للإنس ولا للجن ولا للملائكة ولا للأرض ولا للفضاء ولا للسماء ولا للعرش كما قال في القرآن {يآ أيها الناس أنتم الفقرآءُ إلى الله واللهُ هو الغنيُّ الحميد}[فاطر/١٥] وفي آيةٍ ثانية قال تعالى {مَنْ كفرَ فإنَّ اللهَ غنيٌّ عن العالمين}[آل عمران/٩٧] وقال تعالى {الحمدُ لله ربِّ العالمين}[الفاتحة/٢] ففي هذه الآية مع وَجازةِ لفظِها أثبتَ وجودَ نفسِه وأنه ليس كمثلِه شىء وأنه أزليٌّ أبديٌّ وأنه ليس جسمًا ليس حجمًا ليس جسدًا ليس شكلًا ليس  صورةً ليس كميةً منزَّهٌ عن الطول والعرض والعمق والسَّمْك والأدوات والجوارح والتركيب واللذة والألم والإحساس والشعور والتغيّر والتطوّر والتبدّل، منزَّهٌ عنْ أنْ يكونَ في مكانٍ واحدٍ أو في كلِّ الأماكن، منزّهٌ عنْ أنْ يكونَ كالإنسِ والجنِّ والملائكة، منزّهٌ عنْ أنْ يكونَ كالشمسِ والقمرِ والنجوم، منزّهٌ عنْ أنْ يكونَ كالضوءِ والظلامِ والغيوم، منزّهٌ عنْ أنْ يكونَ كالماءِ والهواء، منزَّهٌ عنْ كلِّ صفاتِ المخلوقين، {الحمدُ لله ربّ العالمين}[الفاتحة/٢] وأثبتَ في هذه الآية وجود العالم وأنّ العالم وُجِدَ بإيجادِ اللهِ له، وأنّ اللهَ تعالى هو الذي أوْجَدَهُ إذًا هو لا يشبِهُهُ ولا يحتاجُ إليه لأنّه لوْ أشبَهَهُ لكانَ مِثلًا له ولم يكنْ خالقًا له لو كان مِثلًا له، ولوْ كان محتاجًا إليه لكان عاجزًا ولو كان عاجزًا ما استطاعَ أنْ يُوجِدَهُ وبما أنّ العالمَ موجود فمُوجِدُه لا يُشبهُه وليس محتاجًا إليه.

كل هذه المعاني العظيمة الواسعة الراقية الكبيرة الكثيرة من معنى آيةٍ لفظُها وجيز {الحمدُ لله ربّ العالمين}[الفاتحة/٢]

إذًا يجبُ الاعتقاد بأنّ اللهَ تعالى لا يحتاج إلى أحد وكلُّ أحدٍ يحتاج إلى الله، نحنُ وما نملِك وهذا العالم وما فيه مِلكٌ لله عزّ وجلّ هو خالقُه وهو مُوجِدُه {إنّ اللهَ اشترى}[التوبة/١١١] هنا ليس الاشتراء المعدود بين البشرِ من الناس فيما بينَهم حاشى، لأنّ اللهَ تعالى هو الخالق لنا والمالك لنا ولِما نملكِ، هو أوّلًا أوجَدنا وملَّكَنا ما نملِك، إنما هذا الإنسان وما فيه منْ نِعَم وما فيه منْ صفات وما فيه منْ قوة وما فيه منْ أعضاء وما فيه منْ خيراتٍ أعطاهُ اللهُ إيّاها اللهُ هو المُتفضِّلُ عليه بها، اللهُ لا يحتاجُ إلى الإنسان ولا إلى شىءٍ مما عندَ الإنسان، بل الإنسان محتاجٌ إلى اللهِ تعالى في كلِّ حركةٍ وفي كلِّ تسكينة في كلِّ نفَس الإنسانُ محتاجٌ إلى الله وإنما هذا الاشتراء فيه معنى الحث على الجهادِ في سبيلِ الله لأنّ المؤمنَ يُقَدِّمُ نفسَهُ ومالَه وجسدَه في سبيلِ اللهِ تعالى عندما يُقاتل ويخرج للجهادِ في سبيلِ الله، فهذا ليس معناه الاشتراء الحقيقي الذي  بين الناس وإنما مَنْ فعلَ ذلك اللهُ يُعطيهِ الجنة، مَنْ قدَّمَ نفسَهُ وجسدَهُ ومالَه في سبيلِ الله مخلصًا صادقًا مُجاهدًا اللهُ يعوِّضُه الجنة، الله يتفضّل عليه بأنْ يعطيه الجنة وليس واجبًا على الله أنْ يُكافئَهُ لا، أنتَ بينَك وبين الإنسان  إذا أخذتَ منه طعامًا في صورة البيعِ والشراء يلزَمُك أنْ تدفعَ له لأنّك أنت مكلّف وهو مكلّف وأنتَ مُلزَم وهو مُلزَم، أما الله ليس مكلَّفًا بشىءٍ وليس مُلزَمًا بشىءٍ ولا لأمرِ أحد فهو المُتفضِّل علينا فالمالُ مالُهُ والخَلقُ خلقُه والعالمُ هو أوجَدَهُ، فمعنى {إنّ اللهَ اشترى}[التوبة/١١١] أي مَنْ قدَّم نفسَهُ ومالَه وروحَهُ في سبيلِ اللهِ صادقًا مع اللهِ مُخلصًا مع الله اللهُ يتفضّلُ عليه فيُعطيهِ منْ جودِهِ ومنِّه وكرمِه وإحسانِه الجنة تفضُّلًا منه سبحانه وليس منْ بابِ الوجوب لأنّ اللهَ لا يجبُ عليه شىء).

قال رحمه الله: ليس هذا الاشتراءُ مثلَ الاشتراءِ العادي، اللهُ تعالى هو مالكُ هؤلاء المؤمنينَ هو خلقَهم هو أعطاهم هذه الجوارح والقوة كلُّ نعمةٍ هي فيهم هي ملكُه.

(معنى هي منه ليس على الجزئية حاشى، فاللهُ ليس جسمًا ولا يتجزّأ، فهي منه أي منْ خلقِهِ منْ تفضُّلِهِ منْ كرمِهِ عليهم، يعني هو المتفضِّلُ عليهم بهذه النعمة لأنّ اللهَ تعالى قال في القرآنِ الكريم {وما بكمْ مِنْ نعمةٍ فمنَ الله}[النحل/٥٣] يعني منْ كرمِه من فضلِهِ منْ جودِه وإحسانِه، هو المتفضّل هذا معناه.

وقال سبحانه وتعالى {وأسبغَ عليكم نِعَمَهُ ظاهرةً وباطنة}[لقمان/٢٠] هو الذي أعطانا هذه النّعَم وهو لا يجبُ عليه شىء.

وهؤلاء السفَهاء الذين قد يحرِّفونَ هذه الآية فيعتبِرونَهُ على وجهِ المُقايضةِ بالإلزام هؤلاءِ سفَهاء لأنّهم جعلوا اللهَ مُلزَمًا. الذين يقولون يجبُ على الله أنْ يُكافئَهم بالجنة هؤلاء كفار والكافرُ الجنةُ عليه حرام، الجنةُ لا يدخلُها كافر.

إذًا اللهُ لا يجبُ عليه شىء لأنّ اللهَ لا يلْحَقُهُ أمرٌ منْ أحدٍ ولا يجب عليه شىء ولا يَلْزَمُهُ شىء وهو الخالق، قال في القرآن الكريم {ألا له الخلقُ والأمرُ}[الأعراف/٥٤] وقال {فعّالٌ لِما يريد}[البروج/١٦]

ولا يجبُ عليه أنْ يخلقَ ما هو الأصلح للعباد كما تقول المعتزلة الذين لهم وجود اليوم وعقائدُهم موجودة لكنْ بعض الأحزاب والجماعات وأدعياء المشيَخة والدكترة لا يتَسَمَّوْنَ بالمعتزلة ولا يتَسَمَّوْنَ بالقدرية لكنهم يعتقدونَ عقيدةَ القدرية والمعتزلة ويُرَوِّجونَ لهم إنْ كان في المشيئة أو بقولِهم يجب على الله، اللهُ تعالى هو الخالق والخالق لا يجبُ عليه شىء، لو كان مُلزَمًا لغيرِهِ لكانَ عاجزًا ولكانَ ضعيفًا والضعفُ والعجزُ صفةُ نقصٍ والنقصُ على الإلهِ مُحال، والإلهُ لا يكونُ عاجزًا، الإلهُ لا يكونُ إلا قويًّا قاهرًا قادرًا غالِبًا، اللهُ قال في القرآنِ الكريم {وهو القاهرُ فوقَ عبادِه}[الأنعام/١٨] فوقَ عبادِه هذه فوقية القهر والغلبة ليست فوقية الحيّز والمكان لأنّ اللهَ موجودٌ أزلًا وأبدًا بلا مكان، واللهُ قال في القرآنِ الكريم {واللهُ غالبٌ على أمرِه} [يوسف/٢١]

فلوْ كان يجبُ عليه أنْ يخلقَ ما هو الأصلح ولو كانَ مُلزَمًا على زعمِهِ لصارَ عاجزًا مأمورًا مغلوبًا وهذا دليلُ نقصٍ وعجزٍ والإلهُ مُنزَّهٌ عنِ النقص والعجز.

ثم لوْ بزعمِهم كما يقولون كان يجبُ عليه أنْ يخلقَ أو يفعلَ ما هو الأصلح، ما هو صالح أو الأصلح بزعمِهم، وكلّ هذا فاسدٌ وباطلٌ ومردود، نقولُ لهم: فهلْ على زعمِكم وجود إبليس هو الأصلحُ للعباد؟ أجيبوا عنْ هذا السؤال، إذا زعمتُم أنّ اللهَ يجبُ عليه أنْ يفعلَ ما هو الأصلح للعباد فهل وجودُ إبليس هو الأصلح للعباد أيها المعاندونَ للحق؟

ماذا تقولون؟؟ إنْ قلتم هو الأصلح للعباد فقد اعتبرْتم بزعمِكم أنّ إبليس وما يدعو إليه منْ كفرٍ هو شىءٌ صالحٌ في حدِّ ذاتِهِ  بزعمِكم، وإنْ قلتم وجود إبليس ليس الأصلح للعباد يُقال لكم فماذا تقولون في خلقِ اللهِ له وفي إيجادِ الله له؟ فأنتم معترضون على اللهِ، والمُسَفِّه لله كافر والمُعترض على الله كافر، والمُستحسن للكفر منْ إبليس منكم أنتم كافر كإبليس، إذًا ماذا تقولون وبماذا تُجيبون؟

فالجواب: أنّ اللهَ لا يجبُ عليه أنْ يفعلَ ما هو الأصلح وهو عالمٌ في الأزل مَنْ هو إبليس وماذا سيكون إبليس وأنه رأس الكفر وأنه داعٍ للكفر وسيكون له أتباع وأنتم منهم وسيكون له جماعات وأنتم منهم مع ذلك اللهُ خلقَه وأوجَدَه، اللهُ قال في القرآنِ عنْ إبليس {إنّما يدعو حزبَه ليكونوا منْ أصحابِ السعير}[فاطر/٦] ومع ذلك خلقَهم وخلق إبليس، إذً لا يجبُ عليه أنْ يفعلَ ما هو الأصلح بزعمِكم فهو خالق للملائكة وخالق للشياطين ولإبليس لأنّه فعّال لِما يريد، هو خالقٌ لإبليس والشياطين وخالقٌ للملائكة لكنّه أمرَ المكلّفينَ بالإيمانِ والطاعات ونَهى المكلّفينَ عن الكفرِ والمعاصي، فمَنْ آمَنْ وأطاعَ نفعَ نفسَه ومَنْ كفرَ وعصى أذلَّ نفسَه، أمّا الله فلا يجبُ عليه شىء فعّالٌ لِما يريد هو الخالق للكون والعالم وهو ربُّنا، فلو زعمتُم أنّ اللهَ يجبُ عليه أنْ يفعلَ أو أنْ يخلقَ أو أنْ يُوجِدَ ما هو الأصلح للعباد فأجيبوا عنْ قضيةِ إبليس يا أتبْاعَ إبليس، هل وجود إبليس هو الأصلح للعباد؟

ثم هنا سؤالٌ آخَر وهو هل وجود جهنم ودخول بعض الناسِ إليها هل هذا هو الأصلح للناس؟ أجيبوا، مع ذلك الله خلقَ النار خلقَ جهنم ويُدخِل قسمًا من الناسِ إليها وإنْ متُّم على هذا الكفر فأنتم ممّنْ سيدخلُها إنْ متُّم على ذلك، أمّا إنْ رجَعتم إلى مذهبِ أهلِ السنةِ والجماعة وتركتم الكفرَ الذي أنتم عليه وتشهَّدتم فلا، أما إنْ متّم على عقيدتِكم بأنّكم تُوجِبونَ على الله وتعتبرونَه مُلزَمًا وعاجزًا وضعيفًا أنتم مع إبليس في النار، فهل وجود إبليس وجهنم هو الأصلح للعبادِ بزعمِكم؟؟؟؟

جهنم اللهُ خلقَها فماذا تقولون بوجودِها؟ وأنتم تقولون بوجوبِ الأصلحِ على الله، فإذًا على زعمِكم ماذا تقولون في الله حيثُ خلقَ النار؟؟؟ أنتم مُسَفِّهونَ لله معترضونَ عليه تنسبونَ له الظلم وتعتبرونَه عاجزًا ضعيفًا يجبُ عليه أنْ يفعلَ ما هو الأصلح وهذا غايةٌ في الكفرِ وغايةٌ في تكذيبِ الإسلام.

اللهُ تعالى هو الخالق للإنسان ولأعمالِ الإنسان وهو المُوجِد لِما فيه الإنسان منْ نِعَم واللهُ لا يجبُ عليه شىء، إنما المسلم إذا جاهدَ في سبيلِ اللهِ مخلصًا وكانَ صادقًا مع الله اللهُ يعطيه الجنةَ بفضلِه وكرمِه وجودِه وإحسانِه وليس لازِمًا وليس واجبًا على الله لأنّ اللهَ  لا يجبُ عليه شىء.

قال الفقيهُ الشافعي ابن رسلان في الزُّبد “وما على الإلهِ منْ شىءٌ يجبُ”  

إذًا اللهُ سبحانه وتعالى لا يجبُ عليه شىء فهو فعّالٌ لِما يريد سبحانه وتعالى).

وقال رحمه الله: ومع ذلك وعدَ هؤلاء المؤمنينَ وعدَهم الجنة (بالإيمانِ وبالجهاد، فانظروا يا إخواني في الله، الله هو المتفضّل علينا بأنْ أوْجَدَنا وهو المتفضّل علينا بأنْ رزَقَنا الإيمان وهو المتفضل علينا بأنْ أعطانا الجوارح والمال والخيل والسيارات والسلاح الرزق وأعطانا القدرة والقوة للخروجِ للجهاد، ثم يوفّقُنا للجهاد ويُمَكِّنُنا لأنّ منَ الناس مَنْ لا يُوَفَّقْ لذلك، الله يوفِّق مَنْ يشاء للجهاد، فمَنْ وُفِّقَ لكلِّ ذلك فبفضلِ الله وبنعمةٍ منَ الله ومع كلِّ هذا أيضً بفضلِهِ يُعطيهِ الجنة، يعني هو المتفضّل عليه بكلّ الأحوال.

الإنسانُ ضعيفٌ عاجزٌ مخلوقٌ إنْ آمنَ وأطاعَ ربِحَ نفسَهُ وأنقذَها ونجّاها وكل هذا منْ فضلِ الله واللهُ لا يجبُ عليه شىء والعبدُ ليس له على اللهِ حقٌّ لازِم حاشى، اللهُ منْ فضلِه يُعطي المؤمن الجنةَ، اللهُ تعالى قال {وبشِّر المؤمنين بأنَّ لهم منَ اللهِ فضلًا كبيرًا}[الأحزاب/٤٧] قال ابنُ عباس رضي الله عنهما “فضلًا كبيرًا أي الجنة”، ارجِع إلى الآية قال الله تعالى {إنّ اللهَ اشترى منَ المؤمنينَ}[التوبة/١١١] هذه البشرى ليست لكلّ البشر ليست لكلّ الناس، هذه البشرى للمسلم للمؤمن لأنّ الجنةَ لا يدخلُها إلا مسلم مؤمن لأنّ مَنْ ماتَ على الكفرِ منَ المكلَّفين فهو حطبُ جهنم يُخلّد فيها إلى أبدِ الآبدين.

اللهُ قال في القرآن {وبشّر المؤمنين}[الأحزاب/٤٧] ما قال وبشّر كلّ الناس، اليوم بعض أدعياءِ المشيَخة والدكترة من الملاحدة الزنادقة الذين يتسترونَ بالإسلام يقولون الجنة يدخلها الكافر أيضًا، سمعتُ واحدًأ من هؤلاء الشياطين ويلبس لفة رأيتُ له فيديو صوت وصورة في مقابلة تلفزيونية يقول حتى الكافر يدخل الجنة، انظروا إلى هذا الوضيع الذي يكذّب اللهَ وهو يدّعي الإسلام والمشيخة والعالِمية.

اللهُ قال في القرآن {يآ بني إسرآئيل اعبدوا اللهَ ربي وربّكم إنّه مَنْ يُشرِك بالله فقدْ حرَّمَ اللهُ عليه الجنة}[المائدة/٧٢] قِفْ هنا عند هذه الآية {إنّهُ مَنْ يُشرِك بالله فقدْ حرَّمَ اللهُ عليه الجنة}[المائدة/٧٢] هذا كلامُ الله، القرآن، والذي لا يُعجِبُهُ القرآن فكافر بالله، الذي لا يُعجبُهُ كلام الله فلا يؤمنُ بالله، الذي يكذّبُ الله عدوُّ الله، الذي يكذّب القرآن كافر بالقرآن لو كان يلبس لفة أو ثلاث لفات لأنّ اللهَ قال في القرآنِ الكريم {إنّه مَنْ يُشرِك بالله فقدْ حرّمَ اللهُ عليه الجنة} [المائدة/٧٢]

فلو جاءَ منْ يقول الكافر يدخل الجنة هذا يكونُ كافرًا شيطانًا دجالًا داعيًا للنار.

انتبهوا من أشباه المشايخ، نحن لا نقول كل المشايخ، نقول الدجاجلة العفاريت الشياطين الذين يتسترونَ بثيابِ المشيَخة ويدعونَ إلى الزندقة والكفر والإلحاد إرضاءً لأسيادِهم الكفار.

فإذًا الجنة لا يدخلُها الكفار وليس على رأي منْ يريد من الناس، الجنة ليست ملكًا لهؤلاء السفهاء، هذا الذي طلع على التلفزيون وقال الكافر يدخل الجنة هذا السفيه ماذا يظنّ في نفسِه أنّهُ يُدخل الكافرينَ الجنةَ رغمًا عن الله؟ حاشى، يظنّ في نفسِهِ أنه يملكُ الجنة وأنه هو الذي يُدخلُ إليها مَنْ يريد؟ خسىءَ تعسًا وبؤسًا له هذا مُكذِّبٌ لربِّ العالمين.

{إنه مَنْ يُشرِك بالله فقدْ حرَّمَ اللهُ عليه الجنة}[المائدة/٧٢] والآية الأولى {وبشّر المؤمنين بأنَّ ل هم منَ اللهِ فضلًا كبيرًا}[الأحزاب/٤٧] ما قال وبشّر الكافرين.

أما من الحديث قال عليه الصلاة والسلام [فإنَّ الجنةَ حرامٌ على غيرِ المسلم] وهذا الحديث بألفاظٍ ورواياتٍ مُتقاربة وردَ منْ عدةِ جهاتٍ عن الصحابة منهم عمر وعليّ وسلمان الفارسي رضي الله عنهم، هؤلاء الثلاثة وردَ عنهم منْ طريقِهم ما يعطي هذا المعنى بألفاظٍ قريبة جدًّا وبمعنى قريب جدًّا.

فسيّدُنا عمر يقول “قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نادِ يا ابنَ الخطاب أنه لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنة”.

سيّدُنا علي بن أبي طالب يقول “بعثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنادي في الموْقف – في الحجّ – أنه لا يدخلُ الجنةَ إلا مسلم”.

من طريق سلمان الفارسي قال ” قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم [فإنَّ الجنةَ حرامٌ على غيرِ المسلم]

هذه الألفاظ الثلاثة متقارِبة جدًّا في المعنى وكلُّها تؤكِّد أنّ الجنةَ حرامٌ على الكافر وأنّ الجنةَ لا يدخلُها كافر وأنّ الكافرَ يدخل النار ويُخلّد فيها إلى أبدِ الآبِدين).

قال الشيخ رحمه الله رحمة واسعة: هو متَفَضِّلٌ مُتَكَرِّمٌ عليهم، ربُّنا تبارك وتعالى خصّهم بعنايتِه بأمرٍ حُرِمَهُ اليوم كثيرٌ من الناس في كثيرٍ منَ النواحي وهو أنكم تعتقدونَ عقيدةَ أهلِ السنةِ التي كان عليها السلفُ والخلفُ وتدافعونَ عنها وتُناظرونَ لبيانِ الأدلةِ الناقضةِ لأصولِ عقائدِ المُخالِفين هذا مِنْ أعظمِ نِعَمِ الله.

(اللهُ وفّقَكم لهذا الخير، اللهُ خصّكم بهذا الفضل. عندما نقول خصّكم يعني ومَنْ كان كذلك هنا الشيخ لا يقصد فقط تلاميذه حتى لا نفتري على الشيخ ولا نحصر هذا الخير فقط بجماعةِ الشيخ، هذا لكلّ مَنْ كان على هذه الطريقة، في كلّ مسلم على هذا الطريق على هذا المنهاج.

لأنّ اليوم والحمدُ لله المسلمون بحسب الإحصائياتِ الأخيرة فيما بلَغَنا أكثر منْ مليار ونصف وهذا يُفرِحُنا. الشيخ عبد الله رحمة الله عليه لم يكنْ ممّنْ يدّعونَ أنّ الإسلامَ  انْحصرَ فيهم كهؤلاء التكفيريين، هؤلاء يعتبرونَ أنفسهم هم المسلمون وأنّ مَنْ ليس معهم كافر وأنّ مَنْ كان فيهم فهو المسلم، الشيخ وجماعتُه ليسوا كذلك، الشيخ عبد الله يقول نحنُ فئةٌ من المسلمين في العقيدة أشعرية وفي الفروعِ شافعية، لا يقول نحنُ الإسلام لا يقول مَنْ دخلَ معنا فله ما لنا وعليه ما علينا، لا يقول مَنْ لم يدخلْ معنا من المسلمين فهو كافر، نحنُ فئةٌ من المسلمين، المسلمون كثُر والإسلامُ هو الدين ونحنُ فئة من جُملةِ فئات المسلمين، ونحنُ نتمنى من كلِّ قلوبِنا بكلِّ صدقٍ واللهُ مطّلِعٌ علينا أنْ لو كان عدد المسلمين اليوم مئات الملايين مع المليارات هذا نتمناه من كلِّ قلوبِنا لأنّ الإسلامَ هو الحقّ ولأنّه إذا انتشرَ انتشرَ العدل، انتشر التوحيد والتنزيه والخير والفضل والعلم والضياء والنور وتقعقعَ وانْحسرَ الشرك والكفر والتشبيه والتجسيم والفساد والجهل والظلمات والمُنكَرات والويلات والطامات والبَلِيّات، كلّ هذا يندحر بانتشارِ الإسلامِ وأنوارِه، كلّ هذا يندحر بانتشار الإيمان والتوحيد والعقيدة، لذلك منْ كلّ قلوبِنا نتمنى أنْ لو كان عدد المسلمين اليوم مئات المليارات.

فإذًا الإنسان العاقل يفرح بانتشار الإسلام، هنا لمّا قال الشيخ “خصّكم” يعني ومَنْ كان كذلك، خصّكم بشىء هو منْ أعظمِ نِعمِ الله يعني كل مسلم كان كذلك على العلم على العقيدة على التوحيد على التنزيه ويدعو إلى التوحيد، يعلّم الناس أنّ اللهَ ليس جسمًا ليس حجمًا ليس ضوءًا، وأنّ اللهَ  لا يسكن السماء ولا يجلس على العرش وأنّ اللهَ منزّهٌ عن الشعور والإحساس واللذة والألم وأنّ اللهَ منزّهٌ عن التغيّر والتطوّر والتبدّل، وأنّ اللهَ منزّهٌ عن أنْ يكونَ كشىءٍ منْ خلقِه لأنّه قال في القرآن {فلا تضربوا لله الأمثال}[النحل/٧٤] ولأنه قال {ليس كمثلِه شىء}[الشورى/١١] لأنه قال {هل تعلمُ له سمِيًّا}[مريم/٦٥] لأنه قال {وللهِ المثلُ الأعلى}[النحل/٦٠] ولأنه قال {ولم يكنْ له كفُوًا أحد}[الإخلاص/٤] لأنه قال {سبِّحِ اسمَ ربِّكَ الأعلى}[الأعلى/١] لأنه قال {سبحانَ الذي أسرى بعبدِه}[الإسراء/١] لأنه قال {لا مِساس}[طه٩٧]

وقال صلى الله عليه وسلم [لا فكرةَ في الرب] يعني العقل لا يستطيع أنْ يتصوّرَ الله وهذا الحديث رواه الإمام الحافظ  الفقيه جلال الدين بن أبي بكر السيوطي في كتابِه الدر المنثور، ورواه أيضًا الإمام أبو القاسم الأنصاري النيسابوري في كتابِه شرح الإرشاد، قال صلى الله عليه وسلم [ لا فكرةَ في الرب] معناه أنّ العقل لا يستطيع أنْ يتصوّرَ الله أي أنّ العقلَ لا يحيطُ بالله تعالى لأّنّ اللهَ ليس كالضوء ولا كالظلام ليس شيئًا كثيفًا كالإنسان وليس شيئًا لطيفًا كالهواء، لأنّ الله تعالى ليس شيئًا متحرّكًا وليس شيئًا ساكنًا، فالعقلُ لا يستطيع أنْ يتصوّرَ الله. وهذا الحديث الشريف هو بمعنى الآية الكريمة {وأنّ إلى ربِّكَ المنتهى}[النجم/٤٢]

هذه الآية فسّرَها الصحابي الجليل أُبَي بن كعب وهو أقوى الصحابة رضي اللهُ عنهم في قراءةِ القرآن، ما هذه المنزلة العظيمة وما هذا الشأن الكبير؟ وما هذه النعمة العظيمة الكبيرة جدًّا؟

الرسولُ عليه الصلاة والسلام قال للصحابة [أُقرَؤُكمْ أُبَي] يعني أقواكم في قراءة القرآن.

أبي بن كعب فسّر هذه الآية {وأنّ إلى ربِّكَ المنتهى}[النجم/٤٢] قال” أي الذي ينتهي دونَهُ فكرُ مَنْ تفكّر”

بعبارة أخرى أي أنّ الأفهامَ والظنون والتخيُّلات والتصوّرات لا تصل إلى الله.

مَنْ خالقُ الأوهام؟ الله، فكيف تصل إليه؟ مَنْ خالقُ العقول؟ الله، فكيفُ تحيطُ به؟

إذًا {وأّنَّ إلى ربِّكَ المُنتهى}[النجم/٤٢] يعني العقول والأوهام والظنون والتخَيُّلات والتصوّرات لا تصل إلى الله سبحانه وتعالى.

يجبُ علينا أنْ نعملَ على نشرِ هذه العقيدة وأنْ نعملَ على توسيعِها وإيصالِها للكبار والصغار إنقاذًا لهم منْ شرّ وشِراكِ وشباكِ وظلماتِ المشبهة المجسمة، لأنّ المشبهة المجسمة اليوم لهم مئات الفضائيات وآلاف ما يسمى بمواقع التواصل الاجتماعي، هؤلاء المشبهة المجسمة انتشروا في الأرض لنشر الكفر والضلال والتشبيه والتجسيم فعلينا أنْ نعملَ جاهدين ناشطين بقوةٍ وبهمةٍ متَضافرة جهودنا لنشرِ مذهبِ أهلِ السنة ولنشرِ عقيدةِ أهلِ السنة وللتحذيرِ من التشبيه والتجسيم).

وقال الشيخ رحمه الله: وقد حصلَ أمرٌ يشهدُ لذلك وهو أنّ ثلاثةً منْ إخوانِنا قبلَ سبعِ سنينَ ذهبوا إلى حمصَ (هذا الكلام من عشرين سنة) وقصدوا رجلًا منَ الأولياء فاستدلّوا عليه (بعض إخواننا كانوا يعرفونَه والشيخ هو مَنْ دلّهم عليه وكان يعرفه أيام مُكثِه في حمص) قال  حتى وصلوا إليه فبِمُجرَّدِ ما وقعَ نظرُهُم عليه (يعني رأوه وهو انتبه لهم) قال حرّاس العقيدة

(ما كانوا تكلّموا معه بعد وما عرّفوه بعائلاتهم ما شرحوا له قبلَ أنْ يبدأهم بالكلام أو يبدأوه اسمعوا ماذا قال لهم، الشيخ يعتبر هذا الشىء من البشائر العظيمة لأنّه من شهادةِ الأولياء، اسمعوا ماذا قال هذا الشيخ الولي الصالح الصادق صاحب الأحوال السنيّة والمقامات العليّة)

قال الشيخ: حراس العقيدة حراس العقيدة بصوتٍ عالٍ (كيف عرفَ مَنْ هؤلاء ومنْ أينَ أتوا وأنهم تلاميذ الشيخ عبد الله معلم التوحيد وأنهم يحملون التوحيد والعقيدة وهم الثلاثة يدرّسون العقيدة ويشرحونَ العقيدة، كيف عرَف وهو لا يعرفُهم ولا سبق لهم في حياتِهم أنْ رأوه ولا سبقَ له في عمرِه أن اجتمعَ بهم بحسب العادة، كيف عرفَ حراس العقيدة؟؟؟ )

وقال الشيخ: ولا يعرفونَه قبل ذلك ولا هو يعرفُهم، هذه بشارةٌ كبيرةٌ فانشروها فيما بينَكم.

هذا الشيخ اسمُه الشيخ مراد الصوفي الحمصي رحمه الله رحمة واسعة.

أنا أكرمني اللهُ تعالى بأنْ زرته وتشرّفتُ برؤيتِه وكان له حالٌ عجيبٌ وغريبٌ وأيضًا حصلَ معنا بزيارتِه العجائب وأكرمنا وهو بعدُ ما تكلّمنا معه ولا قلنا نحن مَن ولا منْ أين، رحّبَ بنا وتكلّم بكلامٍ طيب في شيخِنا من المدح والثناء وفي جماعتِه.

وهذا الرجل الولي الصالح مراد الصوفي كان له أخ أيضًا من الأولياء الصالحين اسمُه الشيخ أحمد الصوفي وهما الاثنين مدفونيْن قريب من بعض في جبانة الكثيب في حمص قريب من مسجد سيدنا خالد رضي الله عنه، وهذه من بشائر الأولياء لشيخنا ونهجِه وطلابِه ولجماعتِه، فهذا منْ فضلِ اللهِ تعالى لأنّ الأولياءَ لا يُجمِعونَ على محبّةِ إنسانٍ وعلى مدحِه والثناء عليه إلا وقد سبقَتْ له العناية والحمد لله على ذلك نشكر اللهَ على نعمة الإسلام ونشكرُ اللهَ أنْ جعلَنا منْ أهلِ السنة والجماعة وأنْ جعلَنا أشاعرة ماتريدية، ونشكر اللهَ أنْ جعلَنا منْ طلبةِ وتلامذةِ هذا العلّامة الإمام الفقيه الزاهد رفاعي عصرِه رضي الله عنه

والحمد لله رب العالمين