وهابية اليوم يناقضون وهابية الأمس:
من مواطن تشويش الفرقة الوهابية على المسلمين اليوم، أنهم حرموا قراءة القرءان على الميت، فخالفوا بذلك ما قاله النبي في الحديث الـذي رواه النسائـي وابـن ماجه وابن حبان: اقرءوا يس على موتاكم([1]).
وظهر تناقضهم مع زعيمهم محمد بن عبدالوهاب في كتابه أحكام تمـني الـموت الذي قال فيه ما نصه([2]): أخرج سعد الزنجاني عن أبي هريرة مرفوعاً، مــن دخـل المقابـر ثـم قـرأ فاتحة الكتاب و { قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ }([3]) و { أَلْهَـاـكُمُ التَّكَاثُرُ }([4])، ثم قال: إني جعلت ثواب ما قـرأت لأهـل المقابـر مـن المؤمنـين والمؤمنـات، كانوا شفعاء له إلى الله تعالى. انتهى، فانظر أخي القارئ كيف يستشهد ابن عبدالوهاب بهذه القصة في كتابه أحكام تمني الموت، والوهابية اليوم يحرمون قراءة القرءان على القبر، فما هذا التذبذب؟!.
والوهابية أيضاً يحرمون تلقين الميت، ويكسروا قلوب كثيرين حينما يظهروا لهم بزي المشايخ ويقولون لهم: لا تلقنوا ميتكم فإنه حرام. ولو كان التلقين حراماً لما اعترضنا وسلمنا لحكم الشرع، ولكنه أمر جائز وردت فيه أحاديث، حتى إن زعيمهم ابن عبدالوهاب نقل شواهداً تجيز التلقين في كتابه أحكام تمني الموت([5]):
وأخرج الطبراني في الكبير وابن منده عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات أحد من إخوانكم، فسويتم التراب عليه، قليقم أحدكم على رأس قبره، ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يستوي قاعداً، ثم يقول: يا فلان بن فلانة، فإنه يقول: أرشدنا رحمك الله، ولكن لا تشعرون، فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إلـاـه إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأنك رضيت بالله رباًّ، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياًّ، وبالقرءان إماماً، فإن منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه، ويقول: ما نقعد عند من لُقن حجته، فيكون الله حجيجه دونهما، قال رجل: يا رسول الله فإن لم يعرف أمه، قال: ينسبه إلى حواء، يا فلان بن حواء([6]). انتهى ما نقلناه من كتاب محمد عبدالوهاب، فهذا ابن عبد الوهاب يستشهد بحديث أبي أمامة ولم يقل إن التلقين حرام.
أخي طالب الحق بعد هذا العرض، تخلص إلى أن الوهابية، فرقة ضالة تتبع أهواء شياطينها، ويكفر بعضها بعضاً أو يضلله، وأنها متذبذبةٌ في عقائدها ومبادئها، فلا غرابة في أن تنقسم إلى جماعات متعددة بتعدد أرائهـا، وأن تتخـذ من الخوض في الدين ستاراً لتحارب أهل السنة والجماعة، الذين جعلوا القرءان الكريم وسنة النبي المصطفى منهاجاً ودرباً، والذين صدق فيهم قوله صلى الله عليه وسلم: ولا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل.
([1]) رواه أبو داود في سننه كتاب الجنائز باب: القراءة عند الميت، وابن ماجه في سننه كتاب الجنائز باب: ما يقال عند المريض إذا حُضِر، وأحمد في مسنده ج6/661، وابن حبان في صحيحه فصل: في المحتضر، وأبو داود الطيالسي في مسنده حديث رقم 931 / ص126.
([2]) كتاب أحكام تمني الموت ص75.
([6]) ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه التلخيص الحبير الموضوع في حاشية كتاب المجموع للنووي ج5/243 بعد أن ذكر حديث التلقـين: وإسنـاده صـالح، وقـد قـواه الضياء في أحكامه. انتهى كلام ابن حجر، وتلقين الميت أمرٌ مستحب كما قال ابن حجر في التلخيص (انظر المجموع ج5/242 ): ويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن، فيقال يا عبد الله يا ابن أمة اله اذكر ما خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إلـاـه إلا الله وأن محمداً رسول الله…، إلى آخر كلامه.