الثلاثاء أبريل 22, 2025

مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ فَهُوَ رَجُلٌ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ بِالْعِلْمِ بَلْ إِنَّ أَخَاهُ سُلَيْمَانَ بنَ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَدَّ عَلَيْهِ رَدَّيْنِ لِمُخَالَفَتِهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُ الرَّدَّيْنِ يُسَمَّى الصوَاعِقَ الْمُحْرِقَةَ وَالرَّدُ الآخَرُ يُسَمَّى فَصْلَ الْخِطَابِ فِى الرَّدِّ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَكَذَلِكَ الْعَالِمُ الشَّهِيرُ الْحَنْبَلِىُّ مُفْتِى مَكَّةَ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِى عِدَادِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَقَدْ ذَكَرَ نَحْوَ ثَمَانِمِائَةِ عَالِمٍ وَعَالِمَةٍ فِى الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِىِّ بَلْ ذَكَرَ أَبَاهُ عَبْدَ الْوَهَّابِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالْعِلْمِ وَذَكَرَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ غَضْبَانَ عَلَيْهِ وَحَذَّرَ مِنْهُ وَكَانَ يَقُولُ يَا مَا تَرَوْنَ مِنْ مُحَمَّدٍ مِنَ الشَّرِّ وَكَانَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بنُ حُمَيْدٍ تُوُفِّىَ بَعْدَ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بِنَحْوِ ثَمَانِينَ سَنَةً.

   وَقَدْ أَحْدَثَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ هَذَا دِينًا جَدِيدًا عَلَّمَهُ لِأَتْبَاعِهِ وَأَصْلُ هَذَا الدِّينِ تَشْبِيهُ اللَّهِ بِخَلْقِهِ وَاعْتِقَادُ أَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ قَاعِدٌ عَلَى الْعَرْشِ وَهَذَا تَشْبِيهٌ لِلَّهِ بِخَلْقِهِ لِأَنَّ الْقُعُودَ مِنْ صِفَاتِ الْبَشَرِ فَقَدْ خَالَفَ بِذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ [سُورَةَ الشُّورَى/11] وَقَدِ اتَّفَقَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَلَى أَنَّ مَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ كَمَا قَالَ الإِمَامُ الْمُحَدِّثُ السَّلَفِىُّ الطَّحَاوِىُّ فِى عَقِيدَتِهِ الْمَشْهُورَةِ بِاسْمِ الْعَقِيدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ «وَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِى الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ».

   وَمِنْ عَقِيدَةِ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ الْوَهَّابِيَّةِ تَكْفِيرُ مَنْ يَقُولُ يَا مُحَمَّدُ وَتَكْفِيرُ مَنْ يَزُورُ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ لِلتَّبَرُّكِ وَتَكْفِيرُ مَنْ يَتَمَسَّحُ بِالْقَبْرِ لِلتَّبَرُّكِ وَتَكْفِيرُ مَنْ يُعَلِّقُ عَلَى صَدْرِهِ حِرْزًا فِيهِ قُرْءَانٌ وَذِكْرُ اللَّهِ وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ كَعِبَادَةِ الصَّنَمِ وَالْوَثَنِ وَقَدْ خَالَفُوا بِذَلِكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَالسَّلَفُ الصَّالِحُ فَقَدْ ثَبَتَ جَوَازُ قَوْلِ يَا مُحَمَّدُ عِنْدَ الشِّدَّةِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِى كُلِّ الْعُصُورِ الَّتِى مَضَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ نَصَّ الإِمَامُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ الَّذِى هُمْ يَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ فِى بِلادِهِمْ عَلَى جَوَازِ مَسِّ قَبْرِ النَّبِىِّ وَمَسِّ مِنْبَرِهِ وَتَقْبِيلِهِمَا إِنْ كَانَ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ بِالتَّبَرُّكِ وَذَلِكَ فِى كِتَابِهِ الْمَشْهُورِ الْجَامِعُ فِى الْعِلَلِ وَمَعْرِفَةُ الرِّجَالِ. وَقَدْ شَذُّوا عَنِ الأُمَّةِ بِتَكْفِيرِ مَنْ يَسْتَغِيثُ بِالرَّسُولِ وَيَتَوَسَّلُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالُوا التَّوَسُّلُ بِغَيْرِ الْحَىِّ الْحَاضِرِ كُفْرٌ فَعَمَلًا بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الَّتِى وَضَعُوهَا يَسْتَحِلُّونَ تَكْفِيرَ مَنْ يُخَالِفُهُمْ فِى هَذَا وَيَسْتَحِلُّونَ قَتْلَهُ فَإِنَّ زَعِيمَهُمْ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ مَنْ دَخَلَ فِى دَعْوَتِنَا فَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ فَهُوَ كَافِرٌ مُبَاحُ الدَّمِ اهـ. وَمَنْ أَرَادَ التَّوَسُّعَ فِى مَعْرِفَةِ الأَدِلَّةِ الَّتِى تَنْقُضُ كَلامَهُمْ هَذَا فَلْيُطَالِعْ كُتُبَ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ كَكِتَابِ الرَّدُّ الْمُحْكَمُ الْمَتِينُ لِمُحَدِّثِ الدِّيَارِ الْمَغْرِبِيَّةِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ الْغُمَارِىِّ وَكِتَابِ الْمَقَالاتُ السُّنِّيَّةُ فِى كَشْفِ ضَلالاتِ أَحْمَدَ بنِ تَيْمِيَةَ لِمُحَدِّثِ الدِّيَارِ الشَّامِيَّةِ الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَرِىِّ وَهَذَا الْكِتَابُ الثَّانِى أُسْمِىَ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَخَذَ تَحْرِيمَ التَّوَسُّلِ إِلَّا بِالْحَىِّ الْحَاضِرِ مِنْ كُتُبِ ابْنِ تَيْمِيَةَ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 728هـ مَعَ أَنَّ ابْنَ تَيْمِيَةَ اسْتَحْسَنَ لِمَنْ أَصَابَهُ مَرَضُ الْخَدَرِ فِى رِجْلِهِ أَنْ يَقُولَ يَا مُحَمَّدُ وَهَذَا صَحِيحٌ ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ تَيْمِيَةَ فِى كِتَابِهِ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ طَبْعَةِ الْمَكْتَبِ الإِسْلامِىِّ الطَّبْعَةِ الْخَامِسَةِ 1405هـ-1985ر وَهَذَا يُخَالِفُ فِيهِ مَا قَالَهُ فِى كِتَابِ التَّوَسُّلُ وَالْوَسِيلَةُ. فَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَافَقَهُ فِيمَا فِى كِتَابِهِ التَّوَسُّلُ وَالْوَسِيلَةُ وَخَالَفَهُ فِيمَا فِى كِتَابِهِ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ. وَالْخَدَرُ مَرَضٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الأَطِبَاءِ يُصِيبُ الرِّجْلَ.