الثلاثاء يناير 14, 2025

صَبرُ النَّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم

الحمدُ للهِ والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ الله

أحبابَنا الكرام، لقدْ نزَلَ بِرسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم ما لمْ يَنْزِلْ بِغَيْرِهِ منَ الأنبياءِ منَ البَلايا والمصائب، ولكنَّ ذلكَ لمْ يُثْنِيهِ عن القِيامِ بأحْمالِ الرِّسالةِ وأعْبائِها، بلْ صبرَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ وتَحَمَّلَ المَشاقَّ والمَصاعِب واثِقًا بِنَصْرِ اللهِ تعالى وراضيًا بِقضائِهِ وتَقْدِيرِه.

فَمِنْ ذلكَ صبْرُهُ على أذى قريش. فهُمُ الذينَ ضَرَبُوهُ واتّهَموهُ بأنّهُ كاهِنٌ وشاعرٌ ومجنونٌ وساحرٌ، وحاصَروهُ وأهلَهُ في شِعابِ مكّة، وغيرُ ذلكَ مِنْ أنواعِ الأذى وصُنوفِ العذاب، ومعَ ذلكَ بقِيَ صلّى اللهُ عليه وسلمّ ثابِتًا على الحقِّ صامِدًا في مُواجَهةِ الباطلِ حتى بَلَغَ هذا الدّينُ العظيمُ مشارِقَ الأرضِ ومَغارِبَها.

وَمِنْ مَواقِفِ تَجَلِّي صبْرِهِ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أيّامَ فقْدِهِ لأولادِهِ. فقدْ ماتَ أوْلادُ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم كلُّهمْ في حياتِهِ إلّا فاطمة رضيَ اللهُ عنها. كما ماتَتْ زوْجَتُهُ خديجة رضيَ اللهُ عنها وعمُّهُ حمزة، فكانَ صابرًا مُحْتَسِبًا فما سَخِطَ ولا اعْتَرَضَ على قضاءِ اللهِ، بلْ قالَ يوْمَ موْتِ ولَدِهِ إبراهيم “إنَّ العيْنَ تَدْمع والقلبَ يَحْزَن ولا نقولُ إلّا ما يَرْضَى ربُّنا وإنّا بِفراقِكَ يا إبراهيمُ لَمَحْزونون”.

أحْبابَنا الكرام، ينبَغي لنا كُلّما ألَمَّتْ بنا مُصيبةٌ أوْ نَزَلَ بنا كربٌ أنْ نتَذَكَّرَ سيرةَ المصطفى صلّى اللهُ عليه وسلّم، فهيَ أعظَمُ مدرسةٍ نتَعلَّمُ فيها كيفَ يكونُ الصَّبرُ في سبيلِ الله، واليقين بِعَوْنِهِ تعالى لِعِبادِهِ الصّابِرينَ المُتَّقين.

اللهُمَّ صلِّ وسلّم على سيِّدِنا وموْلانا محمّدٍ وعلى آلِهِ وأصْحابِه الطَّيِّبينَ الطّاهِرين والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين.