سَيِّدُنَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَالأَرْغِفَةُ الثَّلاثَةُ
رُوِىَ أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ صَحِبَهُ رَجُلٌ وَقَالَ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَكُونُ مَعَكَ فَانْطَلَقَا فَانْتَهَيَا إِلَى شَطِّ نَهْرٍ فَجَلَسَا يَتَغَدَّيَانِ وَمَعَهُمَا ثَلاثَةُ أَرْغِفَةٍ فَأَكَلا رَغِيفَيْنِ وَبَقِىَ رَغِيفٌ فَقَامَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى النَّهْرِ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ فَلَمْ يَجِدِ الرَّغِيفَ فَقَالَ لِلرَّجُلِ مَنْ أَخَذَ الرَّغِيفَ قَالَ لا أَدْرِى فَانْطَلَقَ وَمَعَهُ الرَّجُلُ فَرَأَى ظَبْيَةً أَىْ غَزَالَةً وَمَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا فَدَعَا وَاحِدًا فَأَتَاهُ فَذَبَحَهُ وَاشْتَوَى مِنْهُ فَأَكَلَ هُوَ وَذَلِكَ الرَّجُلُ ثُمَّ خَاطَبَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ الظَّبْىَ بَعْدَ أَنْ ذَبَحَهُ وَأَكَلا مِنْهُ وَقَالَ لَهُ قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَامَ فَقَالَ لِلرَّجُلِ أَسْأَلُكَ بِالَّذِى أَرَاكَ هَذِهِ الآيَةَ مَنْ أَخَذَ الرَّغِيفَ قَالَ لا أَدْرِى فَانْطَلَقَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى مَفَازَةٍ أَىْ فَلاةٍ فَجَمَعَ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُرَابًا وَكَثِيبًا أَىْ رَمْلًا ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ ذَهَبًا بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَصَارَ ذَهَبًا فَقَسَّمَهُ ثَلاثَةَ أَقْسَامٍ فَقَالَ ثُلُثٌ لِى وَثُلُثٌ لَكَ وَثُلُثٌ لِلَّذِى أَخَذَ الرَّغِيفَ فَقَالَ أَنَا الَّذِى أَخَذْتُ الرَّغِيفَ فَقَالَ لَهُ سَيِّدُنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ كُلُّهُ لَكَ وَفَارَقَهُ.
فَانْتَهَى لِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِى أَخَذَ الذَّهَبَ رَجُلانِ أَرَادَا أَنْ يَأْخُذَا مِنْهُ الذَّهَبَ وَيَقْتُلاهُ فَقَالَ لَهُمَا هُوَ بَيْنَنَا أَثْلاثًا فَقَبِلا ذَلِكَ فَقَالَ يَذْهَبُ وَاحِدٌ إِلَى الْقَرْيَةِ حَتَّى يَشْتَرِىَ لَنَا طَعَامًا فَذَهَبَ وَاحِدٌ وَاشْتَرَى طَعَامًا وَقَالَ فِى نَفْسِهِ «لِأَىِّ شَىْءٍ أُقَاسِمُهُمَا فِى هَذَا الْمَالِ، أَنَا أَجْعَلُ فِى هَذَا الطَّعَامِ سُمًّا فَأَقْتُلُهُمَا وَءَاخُذُ هَذَا الْمَالَ جَمِيعَهُ فَجَعَلَ فِى الطَّعَامِ سُمًّا وَقَالا هُمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا لِأَىِّ شَىْءٍ نَجْعَلُ لَهُ الثُّلُثَ إِذَا رَجَعَ إِلَيْنَا قَتَلْنَاهُ وَاقْتَسَمْنَا الْمَالَ نِصْفَيْنِ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِمَا قَتَلاهُ ثُمَّ أَكَلا الطَّعَامَ الْمَسْمُومَ فَمَاتَا فَبَقِىَ ذَلِكَ الْمَالُ بَقِىَ الذَّهَبُ فِى الْمَفَازَةِ وَأُولَئِكَ الثَّلاثَةُ قَتْلَى عِنْدَهُ فَمَرَّ عَلَيْهِمْ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَهُمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ هَذِهِ الدُّنْيَا فَاحْذَرُوهَا.