الخميس يونيو 19, 2025

رُؤْيَةُ اللهِ تَعَالَى بِلَا كَيْفِيَّةٍ وَلَا صُوْرَةٍ وَلَا تَشْبِيْهٍ وَلَا كَميَّةٍ:

       ويجبُ الإيمانُ بالرؤيةِ للهِ تعالى بالعينِ في الآخرةِ بأَنَّها حقٌّ، وهيَ خاصةٌ بالمؤمنينَ، يرونَهُ وَهُمْ في الجنةِ بلا كيفٍ ولا تشبيهٍ ولا جهةٍ نصَّ على ذلكَ الإمامُ أبو حنيفةَ  في كتابِهِ الوصيةِ ([1])، وذكَرَهُ مُلَّاعَلِيٌ القاري في شرحِ الفقهِ الأكبرِ([2])، أي أَنَّه تعالى لا يكونُ في مكانٍ، إنَّما همْ في مكانِهم في الجنةِ يرونَه رؤيةً لا يكونُ عليهم فيها اشتباهٌ، لا يَشُكُّوْنَ هلِ الذي رَأَوْهُ هوَ اللهُ أم غيرُه، كمَا لا يَشُكُّ مبصِرُ القمرِ ليلةَ البدرِ ليسَ دونَهُ سحابٌ أَنَّ الذي رءاهُ هوَ القمرُ، ففي ذلكَ قالَ الرسولُ : ((إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لا تَضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ))([3]) أي لا تَتَزَاحَمُوْنَ في رؤيتِه وفي روايةٍ: ((لَا تَضَامُّونَ))([4]) أي لا يَلْحَقُكُمْ ضررٌ([5]). شَبَّهَ رؤيتَنا لهُ مِنْ حيثُ عدمُ الشكِّ برؤيةِ القمرِ ليلةَ البدرِ، ولم يُشَبِّهِ اللهَ تعالى بالقمرِ كمَا يزعمُ بعضُ الجهالِ، فإِنَّهم إذا ذُكِرَ لهم هذا الحديثُ يتوهمونَ أَنَّ اللهَ يُشْبِهُ القمرَ وقدْ صَرَّحَ بعضُ العوامِّ بذلكَ والعياذُ باللهِ.

فَسبحانَ اللهِ مَنْ صَوَّرَ الأنبياءَ وجعَلَهم أجملَ البشرِ وجعلَ محمَّدًا أجملَهم خَلْقًا وَخُلُقًا صلى اللهُ عليهِ وعلى أنبياءِ اللهِ الكرامِ وسلَّمَ.



([1]) قال الإمام أبو حنيفة t في الوصية: “ولقاء الله تعالى لأهل الجنة بلا كيف ولا تشبيه ولا جهة حق”اهـ.

([2]) قال في الفقه الأكبر: “والله تعالى يُرى في الآخرة ويراه المؤمنون وهم في الجنة بأعين رؤوسهم بلا تشبيه ولا كيفية ولا كمية ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة”. اﻫ.

([3]) صحيح مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما.

صحيح البخاري كتاب مواقيت الصلاة باب فضل صلاة العصر. ([4])

([5])  قال العيني: قوله: لا تضامون بتخفيف الميم من الضيم وهو الذل والتعب أي: لا يضيم بعضكم بعضًا في الرؤية بأن يدفعه عنه ونحوه، ويروى بفتح التاء وضمها وشدة الميم من الضم أي: لا تتزاحمون ولا تتنازعون ولا تختلفون فيها. اهـ عمدة القاري للعيني ج 25 ص 122.