رَحْمَةُ الْكَافِرِ تَكُونُ فِى الدُّنْيَا فَقَطْ
قَالَ الإِمَامُ الْهَرَرِىُّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا دُعِىَ لِلْكَافِرِ بِالرَّحْمَةِ مَعْنَاهُ الرَّحْمَةُ فِى الدُّنْيَا لَيْسَ مَعْنَاهُ الرَّحْمَةَ فِى الآخِرَةِ، هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِذَا مَاتَ كَافِرٌ يَكْفُرُونَ. فِى الدُّنْيَا أَخَذَ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ مَا أَخَذَ، تِلْكَ النِّعْمَةُ وَبَالٌ عَلَيْهِ فِى الآخِرَةِ لِأَنَّهُ مَا شَكَرَ. الشُّكْرُ هُوَ الإِسْلامُ أَنْ يُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، إِذَا ءَامَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الَّذِى هُوَ أَرْسَلَهُ لِيُتَّبَعَ لِيُصَدَّقَ هَذَا الشَّكْرُ أَمَّا مُجَرَّدُ الإِحْسَانِ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالتَّصَدُّقِ عَلَى الأَرَامِلِ وَالأَيْتَامِ فِى الآخِرَةِ لَيْسَ لَهُ شَىْءٌ مِنْ تِلْكَ الصَّدَقَاتِ.
الْكَافِرُ مَهْمَا عَمِلَ مِنَ الإِحْسَانِ لِلنَّاسِ لا يَكُونُ شَاكِرًا إِنَّمَا الْمُسْلِمُ الَّذِى أَدَّى الْوَاجِبَاتِ وَاجْتَنَبَ الْمُحَرَّمَاتِ هَذَا شَاكِرٌ وَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ شَكُورٌ هَذَا الَّذِى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ ﴿وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ﴾ [سُورَةَ سَبَأ]، مِنْ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ الشَّكُورُ قَلِيلٌ الشَّكُورُ هُوَ الَّذِى وَصَلَ إِلَى دَرَجَةِ وَلِىٍّ.
الشَّكُورُ هُوَ الْوَلِىُّ أَمَّا مَنْ يَعْمَلُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لَوْ كَانَ مُسْلِمًا لا يُقَالُ لَهُ شَكُورٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ تَقِيًّا ﴿وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ﴾ [سُورَةَ سَبَأ] هَذِهِ الآيَةُ تَعْنِى الْوَلِىَّ مِنْ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ، الَّذِينَ عَقِيدَتُهُمْ صَحِيحَةٌ وَيُؤَدُّونَ كَثِيرًا مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَيَجْتَنِبُونَ كَثِيرًا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ إِذَا لَمْ يَصِلُوا إِلَى دَرَجَةِ التَّقْوَى لا يُقَالُ لِأَحَدِهِمْ شَكُورٌ أَمَّا الْمُؤْمِنُونَ بِمَا فِيهِمْ مِمَّنْ هُوَ تَقِىٌّ أَوْ مَنْ لَيْسَ بِتَقِىٍّ فَهُمْ كَثْرَةٌ لَيْسُوا قِلَّةً.