هذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ أخرجَه البَيهقِيُّ عن أَبِي بَكرِ بنِ فُورَكَ عن ابنِ فارسٍ وقال: هذا إسنادٌ مَجهُولٌ. قلتُ: قالَ بَعضٌ: ليسَ فيه إلّا الّذي لَـم يُسَمَّ وأمّا سَوّارٌ فرَوَى عنه أيضًا شُعْبةُ وهي كافِيةٌ في تَوثيقِه. قلتُ: لكنّه لَـم يُتَرجِم له البُخارِيُّ ولا مَن تَبِعَه ولا ذَكَره أبو أحمدَ في «الكُنَى»، وقد اختُلِفَ علَيه في هذا الحدِيثِ سنَدًا ومَتْنًا:
هكذَا أَوردَه في تَرجَمةِ هارُونَ ونُقلَ عن البُخارِيِّ أنّه قالَ لا يُتابَعُ علَيه. قلتُ: لكِن لَفظُ البُخاريّ عن رَجُل مِن ءالِ حاطِبٍ بإهمالِ الحاءِ وتَقدِيم الأَلِف علَى الطّاءِ، واستَفَدْنا مِن هذِه الرِّوايةِ أنّ هارُون سَقَطَ مِن الرِّوايةِ الأُولَى وقَد جاءَ مِن وَجْهٍ ءاخَرَ بسنَدٍ أَتَمَّ:
وهكذا أخرجَه ابنُ عساكِرَ مِن طَرِيق زكرِيّا السّاجِيّ عن محمّدِ بنِ الوَلِيدِ وهذا السّنَدُ أَشبَهُ بالصَّوابِ ممّا قَبلَه، وحدِيثُ: «مَن مَاتَ فِي أَحَدِ الحَرَمَينِ» لهُ طرُقٌ أُخرَى يَقْوَى بَعضُها ببَعضٍ ولهُ شاهِدٌ صَحِيحٌ عن ابنِ عُمرَ، واللهُ أعلَم.
تَنبيهٌ: ذكَر الشَّيخُ الـمُوفَّق بنُ قُدامةَ في «الـمُغنِي» هذا الحدِيثَ وفيهِ زِيادةٌ بَعدَ قَولِه: «يُسَلِّمُ عَلَيَّ عِندَ قَبْرِي» ولَم ارَها في شيءٍ مِن طرُقِ هذا الحَدِيثَ والعِلمُ عِندَ اللهِ. وقد أَخرَج أبو الشَّيخ في كتابِ «الثَّوابِ» مِن وَجْهٍ ءاخَر عن أبِي هُريرةَ مَرفُوعًا: «مَن صَلَّى عَلَيَّ عِندَ قَبْرِي سَمِعْتُه، وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِن بَعِيدٍ أُعْلِمْتُه» ويُنظَرُ في سنَدِه.
[1])) قال السُّيوطي في عُقود الزَّبرجَد (2/59): «قال القاضي عِياضٌ: ذَكَر بعضُ شُيوخِنا أنّ «أَوْ» هنا للشَّكّ مِن الرّاوِي، والأظهَرُ عِندَنا أنّها ليسَتْ للشَّكّ، لأنّ جَماعةً مِن الصَّحابةِ رَوَوْهُ هكذَا. ويَبعُدُ اتِّفاقُ جَمِيعِهم أو رُواتِهم علَى الشَّكِّ وتَطابُقُهم علَيه، بل إمّا أنْ يكُونَ للتَّقسِيم أيْ لِبَعضِهم «شَهِيدًا» ولِبَعضِهم «شَفِيعًا» أو تَكُون بمعنَى الواو».
[2])) أي: مِن المؤمنِينَ.
[3])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (6/488): «ووَجهُ الإشكالِ فيه أنّ ظاهِرَه أنّ عَودَ الرُّوحِ إلى الجسَدِ يَقتَضِي انفِصالَها عَنهُ وهو الموتُ. وقد أجابَ العُلَماءُ: عن ذلكَ بأَجوبةٍ: أحَدُها: أنّ الـمُرادَ بِقَولِه: «رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي» أنّ رَدَّ ُروحِه كانتْ سابِقةً عَقِبَ دَفْنِه لا أنّها تُعادُ ثُمّ تُنزَعُ ثُمّ تُعادُ».
وقال السُّيوطيّ في مِرقاة الصُّعود (2/540): «الـمُرادُ بِالرُّوحِ هنا النُّطقُ مَجازًا فكأنّه قال: إلّا رَدَّ اللهُ إلَيَّ نُطْقِي».
[4])) أي: عِندَ.
[5])) قال ابنُ الأثير في النّهاية (1/187): «التُّرْعة في الأصلِ الرَّوضةُ علَى الـمَكانِ الـمُرتَفِع خاصّةً، فإذَا كانتْ في الـمُطْمَئِنّ فهي رَوضةٌ. مَعناه: أنّ الصّلاةَ والذِّكرَ في هذا الـمَوضِع يُؤدّيانِ إلى الجنّةِ فكأنّه قِطعةٌ مِنها».