حِكمَةُ النَّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم
الحمدُ للهِ والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ الله
أحْبابَنا الكرام، لقدْ أرسَلَ اللهُ تعالى أنْبياءَهُ ورسُلَهُ عليهم السّلام لِيُبَلِّغوا الرسالةَ ويُبَيّنوا للنّاسِ مَصَالِحَ دينِهِمْ ويُقِيمُوا الحُجّةَ على المُكَذِّبين والمُعانِدِين.
لِذا فقدْ أنْعَمَ اللهُ تعالى عليهمْ بِعُقولٍ تَتَوَقَّدُ ذكاءً وفَهْمًا وحِكمةً. وقدْ كانَ نبِيُّنا المصطفى عليه الصّلاةُ والسّلام أرجَحَ النّاسِ عقلًا وأفضَلَهُمْ رأيًا.
وقدِ اشْتَهَرَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ بِحِكْمَتِهِ وسَدادِ رأيِهِ قبلَ أنْ يَنزِلَ عليه الوَحيُ ويُبْعَثَ. فها هيَ قريشٌ وفيها مَنْ فيها مِنْ ساداتِها وصنادِيدِها كادَتْ تقعُ فيها الحربُ وتُسْفَكُ فيها الدِّماءُ لمّا اخْتَلَفوا فيمَا بينَهُمْ على شرَفِ وَضْعِ الحَجَرِ الأسودِ في مكانِهِ، فجعَلوا أمْرَهُمْ عندَ الصّادقِ الأمينِ عليه الصّلاةُ والسّلامُ لِما علِموا فيه مِنْ كمَالِ العقلِ ورجاحةِ الرأيِ. فطلَبَ ثوْبًا ثمَّ وضَعَ الحَجَرَ في وسَطِهِ ثمَّ قالَ عليه الصلاة والسلام: “لِتَأخُذ كلَّ قَبيلةٍ بِناحِيةٍ منَ الثّوبِ ثمَّ ارْفَعُوهُ جَميعًا” ففَعَلوا، فلَمّا بَلَغُوا بهِ مَوْضِعَهُ أخذَهُ بِيَدِهِ الشّريفة ووَضَعَهُ في مكانِهِ، فرَضُوا بِما أشارَ بهِ عليه الصّلاةُ والسّلامُ، فحُقِنَتِ الدِّماءُ وانْطَفَأتِ الفِتْنة.
أمّا بعدَ بِعْثَتِهِ فقدْ تَجَلَّتْ حِكْمَتُهُ صلّى اللهُ عليه وسلّم، وكمالُ عقْلِهِ في تربِيَتِهِ لأصْحابِهِ وأهْلِهِ وأوْلادِهِ وحُسْنِ قِيادَتِهِ لِأُمَّتِهِ ورِعايةِ شُؤونِهمْ، وفي قَضائِهِ على الفِتَنِ بينَهُمْ، ومنها الفِتْنة التي كادَتْ تقعُ بينَ الأوْسِ والخَزْرَجِ بسببِ تأليدِ اليهودِ في المدينة، إلى غيرِ ذلك ممّا لا يَسَعُنا عدُّهُ وحَصْرُهُ منَ المَواقِفِ في السّيرةِ النّبوِيّةِ الشريفة.
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّمْ على سيِّدِنا محمّدٍ ذي القَوْلِ الرّشيدِ والرّأيِ السَّديدِ وعلى آلِهِ وأصْحابِهِ إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ.