الخميس سبتمبر 12, 2024

تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} [سورة المائدة/٩٤].

قال الخازن: نزلت هذه الآية عام الحديبية، وكانوا محرمين فابتلاهم الله بالصيد، فكانت الوحوش تغشى رجالهم من كثرتها، فهموا بأخذها وصيدها، فأنزل الله هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ} اللام في ليبلونكم لام القسم أي ليختبرن طاعتكم من معصيتكم والمعنى يعاملكم معاملة المختبر بشيء من الصيد يعني صيد البر دون البحر.

وقيل أراد الصيد في حالة الإحرام دون الإحلال، وإنما قال: {بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ} ليُعلم أنه ليس بفتنة من الفتن العظام التي تزل عندها أقدام الثابتين ويكون التكليف فيها صعبًا شاقًا كالابتلاء ببذل الأموال والأرواح، وإنما هو ابتلاء يسهل كما ابتلي أصحاب السبت بصيد السمك فيه، لكن الله عزّ وجلّ بفضله وكرمه عصم أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلم يصطادوا شيئًا في حالة الابتلاء ولم يعصم أصحاب السبت فمسخوا قردة وخنازير.

وقوله تعالى: {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ} يعني الفرخ والبيض وما لا يقدر أن يفر من صغار الصيد: {وَرَمَاحُكُم} يعني كبار الصيد مثل حمر الوحش ونحوها. وقوله: {لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} قيل هذا مجاز لأن الله تعالى عالم لم يزل ولا يزال واختلفوا في معناه فقيل نعاملكم معاملة من يطلب أن يعلم وقيل ليُظهِرَ المعلوم أي ما يعلمه وهو خوف الخائف وقيل هذا على حذف المضاف والتقدير: ليعلم أولياء الله من يخافه بالغيب، هو في المعنى واحد والأول أرجح.