الأحد فبراير 16, 2025

تأويل الحسن البصريّ
والنضر بن شميل القَدَم بمن سبق بهم العلم

قال البيهقيّ([1]): «إن النضر بن شميل قال في حديث: «حتى يضعَ الجبَّارُ فيها قدمَهُ»([2]) أي: من سبق في علمه أنه من أهل النار، فليس المقصود بالقَدَم العضو الجارحة المشتمل على اللحم والعظم، فإن هذا لا يليق بالله تعالى» اهـ.

وقال الحافظ ابن الجوزيّ([3]): «روى البخاريّ ومسلم في الصحيحين([4]) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبيّ ﷺ قال: «لا تزالُ جهنمُ تقولُ: هلْ منْ مزيدٍ حتى يضعَ ربُّ العزَّةِ فيها قدمَهُ فتقولُ: قطٍ قطٍ وعزَّتِكَ، ويُزْوَى بعضُها إلى بعضٍ». قلت: الواجب علينا أن نعتقد أن ذات الله تعالى لا يتبعّض ولا يحويه مكان ولا يوصف بالتغيّر ولا بالانتقال، وقد حكى أبو عبيد الهرويّ([5])ـ صاحب كتاب غريب القرآن والحديث ـ عن الحسن البصريّ أنه قال: القَدَم هم الذين قدَّمهم الله تعالى من شرار خلقه وأثبتهم لها ـ أي للنار ـ. وقال الإمام ابن الأعرابيّ: القَدَمُ المتقدم. وروى أبو بكر البيهقيّ عن النضر بن شميل أنه قال: القدم ههنا الكفار الذين سبق في علم الله أنهم من أهل النار» اهـ.

[1] ) الأسماء والصفات، البيهقيّ، ص 352.

 

[2] ) تاج العروس، الزَّبيديّ، مادة ق د م، 33/237،236. : «قالوا: القَدَم والسابقة: ما تقدَّموا فيه غيرهم، قال ابن سيده: وأما ما جاء في الحديث الذي في صفة النار أنه ﷺ قال: «لا تسكنُ جهنمُ حتى يضعَ ربُّ العزَّةِ فيها قدمَهُ فتُزْوَى فتقول: قطٍ قطٍ»، فإنه روي عن الحسن وأصحابه أنه قال: «أي حتى يجعل الله الذين قدمهم لها من الأشرار، فَهُم قدم الله للنار كما أن الأخيار قدمه إلى الجنة». والقدم: كل ما قدمت من خير أو شر، أو وضع القدم على الشىء مَثَل للردع والقمع، أي: يأتيها أمر الله تعالى يكفها عن طلب المزيد، وقيل: أراد به تسكين فورتها، كما يقال للأمر تريد إبطاله: وضعته تحت قدمي، والوجه الثاني الذي ذكره هو الأوجه، واختاره الكثير من أهل البلاغة، وقالوا: هو عبارة عن الإذلال مقابلة لها بالمبالغة في الطغيان» اهـ. 

 

[3] ) دفع شبه التشبيه، ابن الجوزيّ، ص 170، 171.

 

[4] ) صحيح البخاريّ، البخاري، كتاب بدء الوحي، باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته، 8/168. صحيح مسلم، مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، 8/152.

 

[5] ) أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الباشاني، أبو عبيد الهروي، ت401هـ، عالم من أهل هراة في خراسان. له:  «كتاب الغريبين» في غريب القرآن وغريب الحديث، و«ولاة هراة». الأعلام، الزركلي، 1/210.