الأحد فبراير 16, 2025

بَابُ دُعَاءِ الْقُنُوتِ

   رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِىُّ وَالنَّسَائِىُّ وَابْنُ مَاجَه وَالْبَيْهَقِىُّ وَغَيْرُهُمْ بِالإِسْنَادِ الصَّحِيحِ عَنِ الْحَسَنِ بنِ عَلِىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِى الْوِتْرِ «اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنى شَرَّ مَا قَضَيْتَ فَإِنَّكَ تَقْضِى وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ». دُعَاءُ الْقُنُوتِ هُوَ الدُّعَاءُ بِخَيْرٍ وَمَعْنَى وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ أَىْ وَاحْفَظْنِى مِنَ الأَمْرَاضِ مَعَ مَنْ حَفِظْتَهُمْ، وَمَعْنَى وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ أَىْ أَعِنِّى مَعَ الَّذِينَ أَعَنْتَهُمْ أَىِ اجْعَلْنِى مِنْهُمْ، وَمَعْنَى وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ أَىِ اجْعَلْ لِىَ الْبَرَكَةَ فِيمَا أَعْطَيْتَنِى، وَمَعْنَى وَقِنِى وَاصْرِفْ عَنِّى شَرَّ مَا قَضَيْتَ أَىِ الْمُقَدَّرُ الَّذِى قَدَّرْتَهُ مِنَ الشَّرِّ احْفَظْنِى مِنْهُ، لَيْسَ مَعْنَاهُ مِمَّا قَدَّرْتَ أَنْ يُصِيبَنِى بَلْ مِمَّا قَدَّرْتَ أَنْ يُصِيبَ بَعْضَ خَلْقِكَ، وَمَعْنَى فَإِنَّكَ تَقْضِى وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ أَىْ أَنْتَ تُقَدِّرُ عَلَى مَخْلُوقَاتِكَ وَلا يَقْضِى عَلَيْكَ غَيْرُكَ أَىْ لا يُصِيبُكَ مِنْ أَحَدٍ نَفْعٌ وَلا ضَرَرٌ، وَمَعْنَى وَإِنَّهُ لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ أَىْ مَنْ أَكْرَمْتَهُ لا يَكُونُ ذَلِيلًا، لَوْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يُؤْذِيهِ وَيُذِلُّهُ فَهُوَ عَزِيزٌ. الأَنْبِيَاءُ كَثِيرٌ مِنْهُمُ الْكُفَّارُ قَتَلُوهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ أُوذُوا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِلُو إِلَى حَدِّ الْقَتْلِ وَمَعَ هَذَا عِنْدَ اللَّهِ أَعِزَّاءُ لِأَنَّ هَذَا الأَذَى نَالَهُمْ مِنْ الْخَلْقِ عِزٌّ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ. وَمَعْنَى وَلا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ أَىْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لَكَ لا يَصِيرُ عَزِيزًا أَىْ عِنْدَكَ وَعِنْدَ خِيَارِ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ قَدْ يَكُونُ عِنْدَ أَمْثَالِهِ عَزِيزًا وَذَلِكَ لا عِبْرَةَ بِهِ.

   وَرَوَى الْبَيْهَقِىُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عُمَرَ بنَ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ وَلا نَكْفُرُكَ وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْلَعُ مَنْ يَفْجُرُكَ اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَكَ نُصَلِّى وَنَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ إِنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ اللَّهُمَّ عَذِّبِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَاجْعَلْ فِى قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَالْحِكْمَةَ وَثَبِّتْهُمْ عَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَوْزِعْهُمْ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِكَ الَّذِى عَاهَدْتَهُمْ عَلَيْهِ وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ إِلَهَ الْحَقِّ وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ. هَذَا حَدِيثٌ مَوْقُوفٌ صَحِيحٌ». وَلا نَكْفُرُكَ أَىْ لا نَجْحَدُكَ، وَنَخْلَعُ مَنْ يَفْجُرُكَ أَىْ نَبْرَأُ مِمَّنْ يَكْفُرُ بِكَ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ أَىْ إِلَى طَاعَتِكَ نَسْعَى وَنُسْرِعُ، إِنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ يَعْنِى لا بُدَّ مُلْحَقٌ بِالْكُفَّارِ. وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ الْبَيْنُ هُوَ الْبُعْدُ وَالْفِرَاقُ أَصْلِحْ مَا بَيْنَهُمْ مِنْ فُرْقَةٍ وَشِقَاقٍ، مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ أَىْ دِينِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَوْزِعْهُمْ أَنْ يُوفُوا بِعَهْدِكَ اسْتَوْزَعْتُ اللَّهَ شُكْرَهُ فَأَوْزَعَنِى أَىِ اسْتَلْهَمْتُهُ فَأَلْهَمَنِى.