الأحد فبراير 16, 2025

بَابُ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ عِنْدَ النَّوْمِ

   رَوَى الْبُخَارِىُّ فِى صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ فِى سُنَنِهِ وَالْبَيْهَقِىُّ فِى الدَّعَوَاتِ وَالطَّبَرَانِىُّ فِى الدُّعَاءِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ قَالَ «اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا».

   وَرَوَى الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ فِى الصَّحِيحِ عَنْ عَلِىِّ بنِ أَبِى طَالِبٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَلِفَاطِمَةَ «إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا أَوْ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ».

   وَرَوَى الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الْبَدْرِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الآيَتَانِ مِنْ ءَاخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِى لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ».

   وَرَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنِ الْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ وَقُلْ «اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِى إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لا مَلْجَأَ وَلا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ءَامَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ وَنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ فَإِنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ ءَاخِرَ مَا تَقُولُ». وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ أَىْ سَلَّمْتُكَ أَمْرِى، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ أَىْ أَنْتَ الَّذِى يُعِينُنِى وَيَنْصُرُنِى اعْتَصَمْتُ بِكَ، لا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ أَىْ لا مَفَرَّ مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ لِلرُّجُوعِ إِلَى طَاعَتِكَ.

   وَرَوَى مُسْلِمٌ فِى صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِىُّ وَالنَّسَائِىُّ وَابْنُ مَاجَه فِى السُّنَنِ وَالْبَيْهَقِىُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ يَقُولُ «اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِى شَرٍّ أَنْتَ ءَاخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَىْءٌ وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَىْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَىْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَىْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ». قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِىُّ «وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى نَفْىِ الْمَكَانِ عَنِ اللَّهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ» وَأَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ «وَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ شَىْءٌ وَلا بَعْدَهُ شَىْءٌ لَمْ يَكُنْ فِى مَكَانٍ» مَعْنَاهُ اللَّهُ مَوْجُودٌ بِلا مَكَانٍ. فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى أَىْ شَاقَّ الْحَبِّ عَنِ النَّبَاتِ وَالنَّوَى عَنِ النَّخْلِ، أَنْتَ الأَوَّلُ أَىِ السَّابِقُ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ، وَأَنْتَ الآخِرُ أَىِ الْبَاقِى بَعْدَ فَنَاءِ الْمَوْجُودَاتِ، الظَّاهِرُ أَىْ بِوُجُودِهِ وَمَصْنُوعَاتِهِ وَتَدْبِيرِهِ، كُلُّ شَىْءٍ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ، والْبَاطِنُ أَىْ لا تُدْرِكُهُ الْعُقُولُ.

   وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِىُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلِةِ إِزَارِهِ فَإِنَّهُ لا يَدْرِى مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ بِاسْمِكَ رَبِّى وَضَعْتُ جَنْبِى وَبِكَ أَرْفَعُهُ إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِى فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ». فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ أَىْ يُحَرِّكْهُ لِيُنْفَضَ لِيَزُولَ عَنْهُ الْغُبَارُ وَنَحْوُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِى فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا مَعْنَاهُ فَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ، إِنْ تَوَفَّيْتَنِى فَارْحَمْنِى وَإِنْ أَبْقَيْتَنِى حَيًّا فَارْحَمْنِى.

   وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِى سُنَنِهِ وَالْبَيْهَقِىُّ فِى الدَّعَوَاتِ وَالطَّبَرَانِىُّ وَالْحَاكِمُ فِى الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ أَبِى زُهَيْرٍ الأَنْمَارِىِّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ «بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِى اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبِى وَأَخْسِئْ شَيْطَانِى وَفُكَّ رِهَانِى وَاجْعَلْنِى فِى النَّدِىِّ الأَعْلَى» وَفِى رِوَايَةٍ «وَاجْعَلْنِى فِى الْمَلَإِ الأَعْلَى» وَقَالَ الْحَاكِمُ هذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ. وَأَخْسِئْ شَيْطَانِى أَىِ اجْعَلْهُ مَهْزُومًا، وَفُكَّ رِهَانِى أَىْ سَلِّمْنِى مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَمَعْنَى الْمَلَإِ الأَعْلَى الْمَلائِكَةُ فِى السَّمَاءِ.  

   وَرَوَى مُسْلِمٌ فِى صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ فِى السُّنَنِ وَالنَّسَائِىُّ فِى عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَابْنُ حِبَّانَ فِى صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَنَسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَءَاوَانَا فَكَمْ مِمَّنْ لا كَافِىَ لَهُ وَلا مُؤْوِى». كَفَانا أَىْ يَسَّرَ لَنَا الرِّزْقَ وَءَاوَانَا مَعْنَاهُ جَعَلَ لَنَا مَأْوَى.

   وَرَوَى مُسْلِمٌ فِى صَحِيحِهِ وَالنَّسَائِىُّ فِى عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَأَحْمَدُ فِى مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِىُّ فِى الدُّعَاءِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ أَنْ يَقُولَ «اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتَ نَفْسِى وَأَنْتَ تَتَوَفَّاهَا لَكَ مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا إِنْ أَحْيَيْتَهَا فَاحْفَظْهَا وَإِنْ أَمَتَّهَا فَاغْفِرْ لَهَا اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ».

   وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِى سُنَنِهِ وَالنَّسَائِىُّ فِى عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ نَوْفَلٍ الأَشْجَعِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِقْرَأْ ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ».

   وَفِى الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا وَقَرَأَ فِيهِمَا ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ وَ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾ وَ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. النَّفَثُ شَبِيهٌ بِالنَّفْخِ لَيْسَ مَعَهُ رِيقٌ وَهُوَ أَقَلُّ مِنَ التَّفْلِ أَمَّا التَّفْلُ مَعَهُ رِيقٌ.