الأحد فبراير 16, 2025

بَابٌ فِى صَلاةِ الْحَاجَةِ

   رَوَى الطَّبَرَانِىُّ فِى مُعْجَمَيْهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالْبَيْهَقِىُّ فِى الدَّلائِلِ عَنْ عُثْمَانَ بنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فِى حَاجَةٍ لَهُ فَكَانَ عُثْمَانُ لا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَلا يَنْظُرُ فِى حَاجَتِهِ. فَلَقِىَ عُثْمَانَ ابْنَ حُنَيْفٍ فَشَكَا إِلَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بنُ حُنَيْفٍ إِيتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ ثُمَّ إِيتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِىِّ الرَّحْمَةِ يَا مُحَمَّدُ إِنِّى أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّى لِتُقْضَى لِى حَاجَتِى وَتَذْكُرُ حَاجَتَكَ، وَرُحْ إِلَىَّ حَتَّى أَرُوحَ مَعَكَ. فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَصَنَعَ مَا قَالَ لَهُ ثُمَّ أَتَى بَابَ عُثْمَانَ فَجَاءَ الْبَوَّابُ حَتَّى أَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى الطِّنْفِسَةِ وَقَالَ لَهُ مَا حَاجَتُكَ فَذَكَرَ حَاجَتَهُ فَقَضَاهَا لَهُ ثُمَّ قَالَ مَا ذَكَرْتُ حَاجَتَكَ حَتَّى كَانَتْ هَذِهِ السَّاعَةُ وَقَالَ مَا كَانَتْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ فَائْتِنَا.

   ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِىَ عُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ فَقَالَ لَهُ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مَا كَانَ يَنْظُرُ فِى حَاجَتِى وَلا يَلْتَفِتُ إِلَىَّ حَتَّى كَلَّمْتَهُ فِىَّ. فَقَالَ عُثْمَانُ بنُ حُنَيْفٍ وَاللَّهِ مَا كَلَّمْتُهُ وَلَكِنْ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتَاهُ رَجُلٌ ضَرِيرٌ فَشَكَا إِلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَوَ تَصْبِرْ» فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِى قَائِدٌ وَقَدْ شَقَّ عَلَىَّ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ادْعُ بِهَذِهِ الدَّعَوَاتِ»، قَالَ عُثْمَانُ بنُ حُنَيْفٍ فَوَاللَّهِ مَا تَفَرَّقْنَا وَلا طَالَ بِنَا الْحَدِيثُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْنَا الرَّجُلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضُرٌّ قَطُّ. صَحَّحَهُ الْحَافِظُ الطَّبَرَانِىُّ وَغَيْرُهُ.

   وَفِى هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّوَسُّلِ بِالنَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّالِحِينَ فِى حَيَاتِهِمْ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ. وَقَوْلُ الْحَافِظِ الطَّبَرَانِىِّ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ يَشْمَلُ الْحَدِيثَ الْمَوْقُوفَ عَلَى الصَّحَابِىِّ عُثْمَانَ بنِ حُنَيْفٍ وَالْمَرْفُوعَ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الإِسْنَادَ وَاحِدٌ.