نشرت مجلة الوطن العربي عدد 1305 بتاريخ الجمعة 8/3/2002 (ص63) مقالًا تحت عنوان: «الفتوى الأمريكية» ومما جاء في المقال:
تعليقًا على فتوى القرضاوي العجيبة كتب السيد جمال الشرقاوي من خلال جريدة الشعب المصرية في موقعها على الإنترنت وتحت عنوان الفتوى الأميركانية ما نصّه:
الفتوى أوضحت أنها أصَّلت رأيها على قاعدة إذا اجتمع ضرران ارتكب أخفهما ثم شرحت الفتوى أن الضرر الأخف هو قتل المسلمين في أفغانستان أو غيرها من سائر بلاد المسلمين – أما الضرر الأعظم – (حسب نص الفتوى) فهو تهديد المسلم الأميركي في مستقبله الوظيفي أو تعرض وطنيته للتشكيك، هل رأيتم أفحش من ذلك ونحن نسأل الشيخ القرضاوي الذي عاد وأكد نفس الفتوى ولم يتراجع عنها؛ بل دافع عنها بجرأة لا يحسد عليها بل نشفق عليه منها، يا أيها الشيخ هل الوظيفة في الجيش الأميركي وغيره والمحافظة عليها تبيح للمسلم أن يقتل أخاه المسلم ويتسبيح حرماته ويهتك حرثه ونسله ويكون من الحرج المرفوع شرعًا أو المغتفر حسب كلامك؟ وهل الجنسية الأمريكية والحفاظ عليها مقدم شرعًا على الحفاظ على دماء المسلمين وأعراضهم وديارهم وكرامتهم، وهل الجنسية الأمريكية أغلى عند الله وأقدس من حرمة دم المسلم؟
إن ءالاف المواطنين الأمريكيين ممن لا دين لهم ولا عقيدة رفضوا أن يشاركوا في الحرب التي قررت أميركا شنها في فيتنام لاعتبارات رأوها أخلاقية وتحمَّل بعضهم محنة السجن والفصل من الوظيفة احترامًا لضميره الإنساني. انتهى. ثم ذكر الكاتب «بيل كلنتون» كنموذج رافض للمشاركة في حرب فيتنام وأنا بدوري أذكر القرضاوي أن ذلك الرفض لم يَحُلْ بين «بيل كلنتون» وبين الوصول إلى رئاسة أمريكا كما لم يحل بين محمد علي كلاي وبين حصد الجوائز العالمية في ميدان الملاكمة. ولكن الضرر الأعظم الذي قدم القرضاوي دماء المسلمين وأعراضهم فدية تحول دون تحقيقه هو ما سيصيب «المشروع الإخواني» من توطين الإسلام في الغرب من ضرر، ذلك أن «الإخوان» يعتزمون دخول البرلمانات والمؤسسات الرسمية هناك وما اتهم به المسلمون من همجية وقسوة وعدم إنسانية وسفك لدماء من شأنه أن يؤثر على ذلك المشروع الرومانسي والحالم في الظهيرة.
ولذلك سارعت «المؤسسات الإخوانية» في الغرب إلى وضع أكاليل الزهور أمام السفارات تعبيرًا منهم عن لوعتهم وحزنهم الدفين لما جرى كما أن الضرر الأعظم قبل ذلك هو ما سيصيب العلمانيات الحاكمة في الوطن الإسلامي والتي يتباكى «الإخوان» على كل شوكة تشاكها من خسارة تدقق مليارات الدولارات من العملة الصعبة على خزانتها لقاء ما تضخه الجاليات الإسلامية في شرايينها وذلك في صورة قرار الغرب الاستغناء عن خدمات تلك الجالية هذا في حقيقة الأمر ولوحده فقط هو الضرر الأعظم الذي سيحصل في تقديري المتواضع إذا أخذ بالاعتبار وضوح الإسلام ويسر معرفة مغزى نصوصه لمن امتلك أدوات تلك العرفة دون اللجوء إلى مرجعيات غبية خرافية تحتكر فك رموز تلك النصوص أو تأويلها بمعزل عن مدلولات اللغة العربية وما جاء عن الرسول ومن أئمة الإسلام المشهود لهم بالعلم والضبط، أما إن اقتحمنا عالم السريالية واللامعقول الذي أعجز القرضاوي فيه سلفادور دالي وافترضنا أن «شيخ الجزيرة» استند إلى مرجعية غيبية سوغت له السماح بقتل النفس التي حرم الله بغير الحق بدليل شرعي غاب عن سواه من علماء الملة فذلك ما نطالب القرضاوي بإيضاحه وعدم الاستحياء من ذلك؛ لأن ما يطالعنا به من أعاجيب وفيوضات ربانية «مزعومة» لن تكون أعجب وأكثر شذوذًا مما حفلت به الفتاوى الأمريكية فلذلك نضيف إلى لقبه الديباجة التالية: الحَبْرُ الأكبر والكبريت الأحمر علامة الزمان و…. الأميركان، وخصوصًا أن ما يمهد لهذا الاحتمال السريالي أن الشيخ قد رمى من استنكر فتواه من العلماء بقصر النظر والسطحية.
التوقيع محمد أحمد عبد الرحمٰن النروج
عن الإنترنت