بركةُ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم
الحمدُ للهِ والصّلاةُ والسّلامُ على رسولِ الله.
أحبابنا الكرام، البركةُ معناها الزيادةُ في الخيرِ. وقدْ كرَّم اللهُ تعالى بعضَ مخْلوقاتِهِ كالكعْبةِ الشريفةِ وماءِ زمزمِ والحجرِ الأسودِ ويومِ الجُمُعةِ وشهرِ رمضانَ وغيرِها منَ المَخلوقاتِ التي جعلَها اللهُ تعالى مُبارَكة، أي سببًا في زيادةِ الخيرِ، وشرَعَ لِعبادِهِ التّبَرُّكَ بها، أيْ قصْدَ هذه البرَكة وطلَبها، ولمّا كانَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم أفضلَ خَلقِ اللهِ تعالى على الإطلاقِ كانَ أكثرَهُمْ برَكة. وقدْ تبَرَّكَ الصّحابةُ الكرام ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسانٍ إلى يوْمِنا هذا بآثارِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم ممّا انْفصَلَ عنْ جَسَدِهِ الشريفِ كَشَعَرِهِ، أوْ ممّا لامَسَهُ مِنْ ثيابٍ أو آنِيةٍ. فرأوا ذلك الفيضَ العَميمَ مِنْ عظيمِ برَكاتِهِ وأسرارِهِ وأنوارِهِ عليه الصّلاةُ والسّلامُ.
والأدِلّةُ الشرعيةُ على ذلكَ كثيرة. فمِنْها ما رواهُ البَيهقيّ في دلائلِ النّبوةِ والحاكِمُ في المُستْدرَكِ أنَّ خالدَ بن الوليدِ رضيَ اللهُ عنهُ فقَدَ قلَنْسُوةً لهُ في معركةِ اليرْموكِ، فقالَ اطْلُبوها. فلَمّا وجَدوها رأوْها بالِية قديمة. فاسْتَغْرَبوا شِدّةَ تَعَلُّقِهِ بها، فقالَ خالد: “إعْتَمَرَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم فحَلَقَ رأسَهُ فابْتَدَرَ الناسُ إلى جوانِبِ شعرِهِ، فسَبَقْتُهُمْ إلى ناصِيَتِه، فجَعَلْتُها في هذه القَلَنْسوة فلمْ أشهدْ قتالًا وهيَ معي إلّا رُزِقْتُ النّصرَ” أي بِبَرَكةِ هذه الشّعَراتِ الشّريفة.
وروى الإمامُ مسلم أنَّ أسماءَ بنتَ أبي بكرٍ رضيَ اللهُ عنهُما أخْرَجَتْ جُبّةً كانتْ لِرسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم وقالت إنّها تَغْسِلُها ثمَّ تَصُبُّ ماءَها على المَرْضَى فَيُشْفَوْنَ بإذْنِ اللهِ تعالى.
اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وأنْعِمْ وأكْرِمْ على سيِّدِنا محمّدٍ وعلى جميعِ إخْوانِهِ منَ النّبِيّينَ والمُرسَلين والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين.