الأحد ديسمبر 7, 2025

باب ما يقول إذا أراد النوم واضطجع على فراشه

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «إذا قام أحدكم عن فراشه ثم رجع إليه فلينفضه بصنفة إزاره([1]) ثلاث مراتٍ فإنه لا يدري ما خلفه عليه بعده، فإذا أخذ اضطجع فليقل: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي([2]) فارحمها، وإن أرسلتها([3]) فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين،‏ فإذا استيقظ فليقل: الحمد لله الذي عافاني في جسدي ورد على روحي([4]) وأذن لي بذكره». هذا حديث حسن أخرجه الترمذي.
  • عن أبي الزبير عن جابرٍ رضي الله عنه أن رسول الله r قال: «إذا أوى الرجل إلى فراشه ابتدره([5]) ملك وشيطان فقال الـملك: اختم بخيرٍ، وقال الشيطان: اختم بشر، فإن ذكر الله ثم نام بات الـملك يكلؤه([6])، فإذا استيقظ قال الـملك: افتح بخيرٍ، وقال الشيطان: افتح بشر، فإن قال: الحمد لله الذي رد علي روحي ولم يمتها في منامها([7])، الحمد لله الذي يمسك السموات والأرض([8]) أن تزولا([9])» إلى قوله: «حليما غفورا([10])، الحمد لله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، فإن وقع عن سريره فمات دخل الجنة». هذا حديث حسن غريب أخرجه النسائي في «الكبرى».
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «من قال حين يأوي إلى فراشه: لا إلـٰـه إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله، والحمد الله، ولا إلـٰـه إلا الله، والله أكبر، غفرت له ذنوبه» أو قال: «خطاياه»، شك مسعر: «وإن كانت مثل زبد البحر([11])». هذا حديث حسن أخرجه النسائي في «الكبرى».
  • عن حفصة رضي الله عنها أن رسول الله r كان إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن ثم قال: «رب قني عذابك يوم تبعث عبادك([12])»، ثلاث مراتٍ. هذا حديث حسن أخرجه أحمد.
  • عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي r كان إذا أراد أن ينام وضع يده تحت رأسه ثم قال: «اللهم قني عذابك يوم تجمع أو تبعث عبادك([13])». هذا حديث حسن أخرجه الترمذي عن محمد بن أبي عمر.
  • عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنهما أن رسول الله r كان إذا أوى إلى فراشه وضع يده تحت خده وقال: «اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك». هذا حديث حسن أخرجه النسائي في «الكبرى».
  • عن أبي زهيرٍ رضي الله عنه أن رسول الله r كان إذا أخذ مضجعه قال: «باسم الله وضعت جنبي([14])، اللهم اغفر ذنبي، واخسأ شيطاني([15])، وفك رهاني([16])، وثقل ميزاني، واجعلني في الندي الأعلى([17])». هذا حديث حسن أخرجه أبو داود.
  • عن عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما أن رسول الله r كان إذا اضطجع للنوم قال: «باسمك ربي وضعت جنبي فاغفر ذنبي». هذا حديث حسن أخرجه ابن السني.
  • عن حفصة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله r إذا أخذ مضجعه([18]) وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، وكانت يمينه لطعامه وشرابه وطهوره وثيابه، وكانت شماله لما سوى ذلك». هذا حديث حسن أخرجه النسائي في «الكبرى».
  • عن أبي إسحاق هو السبيعي وهو عمرو بن عبد الله عن فروة بن نوفلٍ هو الأشجعي عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله r قال له: «ما جاء بك؟»، قال: جئت لتعلمني شيئا أقوله عند منامي، قال: «إذا أخذت مضجعك فاقرأ: {قل يا أيها الكافرون} ثم نم على خاتمتها([19]) فإنها براءة من الشرك». هذا حديث حسن أخرجه أبو داود.
  • عن عبد الله بن أبي بلالٍ عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أنه حدثه أن النبي r كان يقرأ الـمسبحات([20]) قبل أن يرقد ويقول: «إن فيهن ءاية خير من ألفٍ ءايةٍ»([21]). هذا حديث حسن أخرجه النسائي.
  • عن أبي لبابة([22]) قال: قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي r لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني إسرائيل([23])، وفي رواية الحسن بن عمر: «كان يقرأ كل ليلةٍ تنزيل السجدة والزمر». هذا حديث حسن أخرجه أحمد عن عفان والنسائي عن محمد بن النضر وابن خزيمة عن أحمد والحاكم من رواية سليمان بن حربٍ كلهم عن حماد بن زيدٍ، قال الترمذي: حسن.
  • عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله r كان يقول إذا تبوأ مضجعه: «الحمد لله الذي أطعمني وسقاني، وكفاني وءاواني، والحمد لله الذي من علي فأفضل، وأعطاني فأجزل([24])، الحمد لله على كل حالٍ، اللهم رب كل شيءٍ ومليك([25]) كل شيءٍ وإله كل شيءٍ، لك كل شيءٍ، أعوذ بك من النار». هذا حديث حسن أخرجه أبو داود.
  • عن شداد بن أوسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «ما من عبدٍ مسلمٍ يقرأ سورة من كتاب الله عند نومه([26])، إلا وكل الله به ملكا لا يقربه شيء([27]) حتى يهب متى هب([28])». هذا حديث حسن أخرجه الترمذي.
  • عن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه أن النبي قال: «ما من مسلمٍ يبيت وهو على ذكرٍ الله تعالى طاهرا فيتعار([29]) من الليل فيسأل الله خيرا من الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه»، قال حماد: قال ثابت البناني: قدم علينا أبو ظبية فحدثنا بهذا الحديث. هذا حديث حسن أخرجه أحمد.
  • عن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قال: كان من دعاء رسول الله r ([30]): «اللهم أمتعني بسمعي وبصري حتى تجعلهما ‏ ‏الوارث ‏ ‏مني([31]) وعافني في ديني وجسدي وانصرني على من ظلمني حتى تريني فيه ثأري». هذا حديث حسن ورواته ثقات أخرجه الحاكم وصححه.
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله r يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنه بئس الضجيع([32])، وأعوذ بك من الخيانة([33])؛ فإنها بئست البطانة([34])». هذا حديث حسن أخرجه أبو داود والنسائي.
  • عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت إذا أرادت النوم قالت: «اللهم إني أسألك رؤيا صالحة، صادقة غير كاذبة، نافعة غير ضارةٍ»، وكانت إذا قالت هذا عرفوا أنها غير متكلمةٍ حتى تستيقظ من الليل.

قلت: أخرجه ابن السني من طريقين عن عقيل بن خالدٍ عن ابن شهابٍ الزهري عن عروة عنها وهو موقوف صحيح الإسناد.

  • عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «ما كنت أرى رجلا دخل في الإسلام ينام حتى يقرأ هذه الآية {الله لا إلـٰـه إلا هو الحي القيوم}([35]) [سورة البقرة: 255] حتى فرغ من ءاية الكرسي، أتعلمون ما هي؟ إنما أعطيها نبيكم من كنزٍ تحت العرش([36]) لم يعطها أحد قبله، ما أتت علي ليلة قط إلا أقرؤها ثلاث مراتٍ في الركعتين بعد صلاة العشاء وفي وتري وحين ءاخذ مضجعي من فراشي».

هذا حديث حسن([37]) لانضمامه لما قبله([38])، رواه الدارمي ومحمد بن نصرٍ وابن الضريس.

[1])) قال ابن الأثير في النهاية (3/56): «صنفه الإزار بكسر النون طرفه مما يلي طرته». وقال في مختار الصحاح (ص189): «الطرة كفة الثوب وهي جانبه الذي لا هدب له».

[2])) أي: قبض ملك الموت روحي بإذنك.

[3])) أي: حفظتها علي في جسدي فلم تمتني في منامي.

[4])) قال المناوي في فيض القدير (1/280): «أي: إحساسي وشعوري، والنوم أخو الـموت».

وقال شيخنا رحمه الله: «(الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا)، معناه: صرنا كأننا ميتون. الروح تبقى في الجسد عندما ينام الشخص ولكنها تسرح كخيطٍ متصلٍ من جسدٍ الإنسان وبعضه خارج عنه. النوم يقال له موت، النوم الموت الأصغر أخو الموت الأكبر لكن لا تنقطع الروح».

[5])) قال ابن علان في الفتوحات (3/164): «(ابتدره)، أي: تسارع إليه».

[6])) قال ابن علان في الفتوحات (3/164): «(يكلؤه)، أي: يحفظه ويحرسه».

[7])) قال شيخنا رحمه الله: «الروح تسرح في حال النوم، تنطلق من غير أن تفارق الجسد مفارقة كلية بل تظل مرتبطة متصلة بالبدن. الرؤيا نعم مشاهدة روحية، الـمنام مشاهدة روحية لأن الروح انطلقت إلى خارج الجسم مع وجودها في الجسم مع وجودها في الجسم لم تنفصل لم تفارق الجسم مفارقة كلية، ثم لذلك شبهت بالموت، الرسول r كان يقول إذا استيقظ من النوم: «(الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور» تشبيه بالموت هذا، ليس معناه موتا حقيقيا، هو أخو الموت، النوم أخو الموت، تظل الروح متصلة بالبدن، وورد في حديث صفة الجنة لما سئل r: أينام أهل الجنة؟ قال: «لا ينامون، النوم أخو الـموت»، معناه: يشبه الموت. كثير من الناس ينامون ثم تقبض أرواحهم وهم نائمون».

[8])) أي: يحفظها بقدرته، فالله تعالى منزه عن الأعضاء والجسمية وكل ما كان من صفات الخلق، وفعله عز وجل ليس بالـمماسة والـمباشرة والـمحاذة، لأنه كمثله شيء.

[9])) قال شيخنا رحمه الله: «المعنى أن السماء ثابتة والأرض ثابتة، ثابتتان يمنعهما الله من الزوال، أي: من مفارقة مركزهما الذي هما فيه، أي: الأرض والسماء لا دوران لهما».

[10])) يريد بذلك الاقتباس من قول الله تعالى: {إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحدٍ من بعده إنه كان حليما غفورا} [سورة فاطر: 41].

[11])) قال البدر العيني في العلم الهيب (ص110): «وهذا خارج مخرج المبالغة، يعني: وإن كانت هذا الـمقدار إذا فرضت أجساما». وزبد البحر هو ما يعلوه من رغوةٍ بيضاء عند هيجانه واضطراب أمواجه.

[12])) قال الملا علي في المرقاة (2/755): «وهو تعليم لأمته r أو تواضع مع ربه».

[13])) شك من الراوي.

[14])) قال العيني في العمدة (22/290): «أي: قائلا أو مستعينا باسمك يا رب».

[15])) قال التوربشتي في شرح المصابيح (2/561): «يقال: خسأت الكلب فانخسأ، أي: زجرته مستهينا به فانزجر، وخسأ الكلب بنفسه يتعدى ولا يتعدى، والمعنى اجعله مطرودا عني كالكلب الـمهين».

[16])) قال المناوي في التيسير (2/236): «(وفك رهاني) خلصني من عقال ما اقترفت نفسي من الأعمال التي لا ترتضيها بالعفو عنها».

[17])) قال ابن الأثير في النهاية (5/37): «(الندي) بالتشديد النادي أي اجعلني مع الملإ الأعلى من الملائكة». وقال الـملا علي في المرقاة (4/1672): «ويحتمل أن يراد بالـمقام الأعلى الدرجة الرفيعة ومقام الوسيلة الذي قال r: «إنه لا يكون إلا لعبدٍ، وأرجو أن أكون أنا هو»، أي: ذلك العبد. قال الشيخ التوربشتي: ويروى «في النداء الأعلى»، وهو الأكثر، والنداء مصدر ناديته، ومعناه: أن ينادى به للتنويه والرفع».

[18])) قال الـمناوي في التيسير (2/235): «أي: أراد النوم في محل ضجوعه».

[19])) قال المناوي في التيسير (1/62): «أي: اقرأها بكمالها واجعلها خاتمة كلامك ثم نم».

[20])) قال الملا علي في المرقاة (4/1480): «بكسر الباء نسبة مجازية وهي السور التي في أوائلها «سبحان» أو «سبح» بالماضي أو «يسبح» أو «سبح» بالأمر وهي سبعة: {سبحان الذي أسرى} والحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن والأعلى».

[21])) قال الطيبي في شرح المشكاة (5/1667): «هي مبهمة كإخفاء ليلة القدر في رمضان وساعة الإجابة في يوم الجمعة».

[22])) هو: أبو مروان الوراق مولى عائشة رضي الله عنها.

[23])) هي: سورة الإسراء.

[24])) بمعنى أفضل.

[25])) أي: مالك.

[26])) أي: إذا أخذ مضجعه كما هو مفهوم من رواية: «ما من مسلمٍ يأخذ مضجعه بقراءة سورةٍ من كتاب الله إلا وكل الله به ملكا» الحديث.

[27])) في روايةٍ: «(لا يقربه شيء يؤذيه)».

[28])) قال في الطيبي في شرح المشكاة (6/1884): «هب النائم هبا وهبوبا استيقظ».

[29])) قال الخطابي في معالم السنن (4/143): «يتعار معناه يستيقظ من النوم، وأصل التعار السهر والتقلب على الفراش».

وقال الشهاب الرملي في شرح أبي دود (9/245): «(فيتعار) بالعين الـمهملة والراء الـمشددة والرفع».

[30])) وفي رواية: «كان رسول الله r إذا أوى إلى فراشه قال»، الحديث.

[31])) قال المناوي في التيسير (1/224): «(حتى تجعلهما الوارث مني)، أي: أبقهما صحيحين سليمين إلى أن أموت، أو أراد بقاءهما وقوتهما عند الكبر وانحلال القوى».

[32])) قال شيخنا رحمه الله: «الجوع مع التقوى ينور القلب. أغلب الأنبياء والأولياء يتقربون إلى الله بالجوع والفقر».

[33])) قال الزبيدي في تاج العروس (34/499): «الخون أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح».

[34])) قال المناوي في شرح الجامع الصغير (1/215): «(بئس الضجيع) المضاجع لأنه يمنع راحة البدن ويحلل المواد المحمودة بلا بدل ويشوش الدماغ ويورس الوسواس (فإنها بئست البطانة)، أي: بئس الشيء الذي يستبطنه من أمره ويجعله بطانة» وقال السندي في حاشيته على النسائي: «قوله: (فإنه بئس الضجيع) بفتح فكسرٍ من ينام في فراشك، أي: بئس الصاحب الجوع الذي يمنعك من وظائف العبادات ويشوش الدماغ ويثير الأفكار الفاسدة والخيالات الباطلة. والبطانة ضد الظهارة، وأصلها في الثوب فاتسع فيما يستبطن من أمره».

[35])) سبق المعنى في الحديث (10).

[36])) قال العراقي في طرح التثريب (2/114): «معناه: أنها ذخرت له وكنزت له فلم يؤتها أحد قبله».

[37])) قال شيخنا رحمه الله: «أي: حسن لغيره».

[38])) يعني: حديث علي رضي الله عنه قال: «ما كنت أرى أحدا أدرك الإسلام ينام حتى يقرأ ءاية الكرسي»، وهو محذوف هنا للاختصار.