الإثنين أبريل 21, 2025

باب ما يَقُولُ إذَا رَجَعَ مِن نُسُكٍ

  • عن سالـمِ بنِ عبدِ الله بنِ عمرَ عن أبِيه رضي الله عنهُما قالَ: كانَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا قَفَلَ([1]) مِنَ الحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ كُلّما أَوفَى علَى فَدْفَدٍ([2]) أَوْ ثَنِيَّةٍ([3]) كَبَّرَ ثَلاثَ تَكبِيراتٍ، ثُمَّ قَالَ: «لا إلـٰـه إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ءَايِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ([4])». أخرجَه الإسماعِيليُّ في «الـمُستَخرَج على البُخاريّ».
  • عن ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما أنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا قَفَلَ مِن حَجٍّ أو عُمرةٍ يُكبِّرُ علَى كُلِّ شَرَفٍ ثَلاثَ تَكبِيراتٍ وَيقُولُ: «لا إلـٰـهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الـمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، ءَايِبُونَ تَائِبُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَه». أخرجه البُخاريّ.

[1])) أي: رَجَع.

[2])) قال ابن الأثير في النّهاية (3/420): «الفَدْفَدُ: الموضِعُ الّذي فيه غِلَظٌ وارْتِفاعٌ».

[3])) قال الزَّبِيديّ في تاج العروس (37/295): «الثَّنِيّةُ مِن الجبَلِ ما يُحْتاجُ فِ قَطْعِه وسُلوكِه إلَى صُعودٍ وحُدورٍ، فكأنّه يَثْنِي السَّيرَ».

[4])) قال النوويّ في شرح مُسلِم: «الـمُرادُ الأحزابُ الّذِين اجتَمَعُوا يومَ الخَندَقَ وتَحزَّبُوا علَى رَسولِ الله r. قال القاضِي عِياضٌ: وقِيلَ: يَحتمِلُ أنّ الـمُرادَ أحزابُ الكُفرِ في جَمِيع الأيّامِ والـمَواطِن». مختصَرًا. وقال الشّهاب الرَّملي في شرح أبي داود (12/85): «(وَنَصَرَ عَبْدَهُ)، أي: نَصَرَ نَبِيَّه ورَسولَه بتأيِيدِه وإعانَتِه علَى أعَدائِه».

وقال شيخنا رحمه الله: «(وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ) بِحَسَب الظَّاهِر المؤمِنُونَ قاتَلوا فهزَمُوا الكُفَّارَ لكِنّ هذا الهزْمَ الّذِي فعَلُوه ليسَ خَلْقًا لَهُم؛ بل هو خَلقٌ للهِ، اللهُ هو خَلَقَ هذا الهَزْمَ، قالَ r: «وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ»، معناهُ: اللهُ تعالى هو الّذِي خلَقَ هذا الفِعلَ الّذي حصَلَ مِن الصَّحابةِ، أي: أنّهُم كسَروا الكُفَّارَ هزَمُوهُم، فأخبرَنا r بأنَّ هذا الهَزْمَ فِعلُ اللهِ تعالَى لا يُشارَكُه فيه أحَدٌ، فالصَّحابةُ بِحَسبِ الظَّاهرِ يُقال هَزَمُوا الكُفَّار، لكِن مَنِ الّذِي هزَمَهُم في الحقيقةِ؟ اللهُ، اللهُ وَحدَهُ. هذه الجُملةُ «وَهزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» دَليلٌ على أنّ أفعَالَ العِبادِ الاختِياريّةَ مَخلوقةٌ للهِ ليسَت مَخلُوقةً للعِبادِ، فلَمّا كانَ بِخَلقِ اللهِ وَحدَه قالَ علَيهِ السَّلامُ: «وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» وهذا يُبطِلُ عَقِيدةَ الـمُعتزِلَة وعقِيدةَ حِزبِ التّحريرِ الّذينَ اتّبَعُوهُم. حِزبُ التّحريرِ والـمُعتَزِلةُ علَى قَولهم هذَا الهَزْمُ العِبادُ خَلَقُوا والرّسُولُ يَقول: «وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» فكَلامُهُم مُناقِضٌ لِكلَامِ الرّسُولِ، وذَلِكَ كُفْرٌ وإشرَاكٌ باللهِ لأنّهم أَثبَتُوا الخَالِقيّةُ لِغَيرِ الله، لذلكَ لا يَجُوز أكلُ ذَبائحِهِم ولا تَزويجُ الـمُسلِمةِ مِنهُم. الرّسُولُ r قال: «وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ» وعَقِيدةُ هؤلاءِ «وهزَمَتِ الصّحَابَةُ الأحزابَ وَحدَها»، وهذَا كُفرٌ صَريحٌ».