الإثنين أبريل 21, 2025

باب ما يَقُولُه الرَّجُلُ إِذَا كَلَّمَهُ إِنْسانٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاة

  • عن أبي حازِمٍ سَمِعَ سَهلَ بنَ سَعدٍ رضي الله عنهما يقول: وقَعَ بَينَ الأَوْسِ والخَزْرجِ كَلامٌ، فأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فأُخْبِرَ، فأتاهُم – يَعْنِي لِيُصلِحَ بَينهُم – فاحتَبَسَ عِندَهم([1]) فأذَّنَ بلالٌ وأقامَ الصَّلاةَ فتَقدَّم أبو بَكرٍ رضي الله عنه يُصَلِّي بالنّاسِ، وجاء النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِن مَكانِه ذلكَ فتَخَلَّلَ النّاسّ([2]) حتَّى انتَهَى إلى الصَّفِّ الّذي يَلِي أبا بَكرٍ، فصَفَّقَ النّاسُ([3]) وكان أبو بَكرٍ لا يَلتَفِتُ([4])، فَلَمّا أكثَرُوا التَّصفِيقَ الْتَفَتَ فنَكَصَ([5])، فأشارَ إليهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أنِ أثبُتْ مَكانكَ، فَحَمِدَ اللهَ([6])، وتَقدَّمَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فصَلَّى بهِم، فلَمّا فَرَغ قال: «يا أبَا بَكْرٍ ما مَنَعَكَ أنْ تَثْبُتَ مَكانَكَ؟»، قال: ما كان لابنِ أبِي قُحافةَ أنْ يَتَقَدَّمَ بَين يَدَيْ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمّ قال: «ما بالُكُم أَكْثَرتُم التَّصفِيقَ، إنَّما هذا للنِّساءِ، مَنْ نابَهُ شيءٌ في صَلَاتِه([7]) فَلْيًقُلْ: سُبحانَ اللهِ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه النَّسائيّ.

[1])) أي: مَكَثَ عِندَهُم زَمانًا.

[2])) قال الطَّحاويّ في شرح مَعاني الآثار (3/156): «يَتخَلَّلُ النّاسَ، أي: يَدخُل بينَهُم».

[3])) قال الشّهاب الرَّمليّ في شرح أبي داود (5/151): «فيه دلِيلٌ على أنّ الفِعلَ اليَسِيرَ كالتَّصفِيق لا يُبطِل الصَّلاةَ، وفيه أنّ الإمامَ إذَا لَم يَتنبَّه بفِعلِ واحدٍ يُصفِّقُ جماعةٌ، وظاهِرُ الحديثِ تَصفِيقُ المأمومينَ جَمِيعُهم، ويَحتمل أنْ يُرادَ بالنّاسِ أكثرُهم».

[4])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (2/168): «قيل كان ذلكَ لعِلمِه بالنَّهِي عن ذلكَ، وقَد صَحَّ أنّه اختِلاسٌ يَختلِسُه الشَّيطانُ مِن صَلاةِ العَبدِ».

[5])) قال في لسان العرب (7/101): «النُّكوصُ الإحجام تقول: أراد فلانٌ أمرًا ثم نَكَصَ على عَقِبَيه».

[6])) قال القَسطلّاني في شرح البخاري (2/361): «أي: علَى ما أنَعَمَ علَيه بِه مِن تَفويضِ الرَّسولِ r إِلَيهِ أمرَ الإمامةِ لِما فِيه مِن مَزيدِ رِفعةِ درَجَتِه».

[7])) قال الشّهاب الرَّمليّ في شرح أبي داود (5/155): «(مَن نَابَهُ)، أي: نزَل به (شَيءٌ في صَلاتهِ) مِن الـمُهِمّاتِ والحَوادِث وأرادَ إعلامَ غَيرِه إمامًا كانَ أو غيرَه كإِذْنِه لداخلٍ أو إنذارِ أعمًى أو تَنبِيهِ ساهٍ أو غافِلٍ (فَلْيُسَبِّح) الرّجُل والخُنثَى كما هو ظاهِرُ لَفظِ الحديثِ، والظاهِرُ أنْ يُصفِّقَ لاحتِمال أنْ يكُونَ امرأةً فلا يَجهَر بالتَّسبِيح كما صرَّح به القاضي أبو الفُتوحِ في «أحكام الخَناثَى»».