الخميس مايو 22, 2025

باب ما يَفعَلُ إِذَا قَام مِن نَومِه وأَرادَ الوُضوءَ

  • عن أبِي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رَسولُ اللهِ r: «إِذَا قَامَ أَحَدكُمْ مِنَ النَّوْم فَلْيُفْرِغْ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ وَضُوئهِ([1])، فَإنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»([2])، فقالَ لهُ قَيْنٌ الأشْجَعيُّ: كيفَ نَصنَعُ بمِهراسِكُم هذَا([3])؟ فقال لهُ أبو هُريرةَ: نَعوذُ باللهِ مِن شَرِّكَ([4]). هذا حديثٌ حسَنٌ صحِيحٌ أخرجَه سعِيدُ بنُ مَنصُورٍ؟ وقَينٌ لم تَثبُت صُحبَتُه فيَكُون تَحسِينُه لِشَواهِدِهِ.
  • عن أبِي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رَسولُ اللهِ r: «إِذَا قامَ أَحَدُكُم مِنَ اللَّيلِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ الإِناءَ حَتَّى يَغْسِلَها»([5]) الحديثَ. هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه الترمذِيُّ والنَّسائيُّ وابنُ ماجَه.
  • وعن سالـمِ بنِ عبدِ الله بنِ عُمرَ عن أَبِيه رضي الله عنه قال: قال رَسولُ اللهِ r: «إِذَا قامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنامِهِ، فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّ أَحَدَكُم لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ أَوْ أَيْنَ كانَتْ يَدُهُ»، فقال لهُ رَجُلٌ: أرأَيْتَ إنْ كانَ حَوضًا، قال: فحَصَبَهُ ابنُ عُمَرَ([6]) وقال: أَقُولُ قالَ رَسُول اللهِ r وتَقُولُ أَرَأَيْتَ إنْ كانَ حَوْضًا([7]). هذا حديثٌ حسَنٌ صَحِيحٌ أخرجَه ابنُ خُزَيمةَ في «صَحِيحِه».

[1])) قال العِراقيُ في طَرح التَّثريب (2/44): «(وَضوئِهِ) هو بِفَتحِ الواوِ علَى المشَهُورِ المعرُوفِ في الرِّوايةِ، وهو الماءُ الّذي يُتوضَّأُ بِه. وفي رِوايةِ مُسلِمٍ بدَلَ قَولِه: «فِي وَضُوئِه»: «فِي إِنائِهِ»، وفي رِوايةٍ: «فِي الإِنَاءِ»، وهو يدُلّ على أنّ النَّهيَ مَخصُوصٌ بالأَوانِي دُونَ البِرَكِ والحِياضِ الّتي لا يُخافُ فَسادُ مائِها بِغَمسِ اليَدِ فِيها علَى تَقدِير نَجاسَتِها».

[2])) قال النوويّ في الجموع (1/393): «سبَبُه ما قاله الشافعِيُّ رحمه الله وغيرُه: إنّ أهلَ الحِجازِ كانُوا يَقتصِرُون علَى الاستِنجاءِ بالأحجارِ، وبلادُهم حارّةٌ، فإذَا نامَ أحَدُهم عَرِقَ فلا يأْمَنُ النائِمُ أنْ تَطُوفَ يَدُه على المحَلِّ النَّجسِ فتَنجُسَ. أمّا حُكمُ المسألةِ: فقال أصحابُنا: إذَا كان يَتوضّأ مِن قدَح وشِبهِه ممّا يَغمِسُ اليدَ فِيهِ ليسَ فيه قُلَّتانِ نُظِرَ؛ فإن شَكَّ في نَجاسةِ يَدِه كُرِه أنْ يَغمِسَها فيه حتَّى َيغسِلَها ثَلاثًا ِللحديث، وسَواءٌ كان الشَّكُّ في نَجاسَتِها للقِيامِ من النَّومِ أو لِغَيرِه، وإنّما ذُكِرَ النَّومُ في الحدِيثِ مِثالًا، ونَبَّه r علَى المقصُودِ بذِكرِ العِلّةِ في قولِه r: «فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ»، فإِنْ تَيقَّن طهارةَ يَدِه فالصَّحِيحُ أنّه بالخِيار إنْ شاءَ غَسَلَ ثُمّ غَمَسَ وإنْ شاءَ غَمَسَ ثُمّ غَسَلَ؛ لأنّ كَراهةَ الغَمسِ عِندَ الشَّكِّ إنّما كانْت لِلخَوفِ من النَّجاسةِ، وقد تحقَّقْنا عدَمَ النَّجاسةِ». مختصَرًا.

[3])) وفي روايةٍ: «فإذَا جِئتُ مِهراسُكُم هذَا كيفَ أَصنَعُ». قال أبو عُبيدة في «غريب الحدِيث» (5/208): «الـمِهراسُ حَجَرٌ مَنقُورٌ عَظِيمٌ مُستَطِيلٌ كالحَوضِ لا يَقدِرُ أَحَدٌ على تَحريكِه». وقال ابن الأثير في النّهاية (1/253): «الـمِهْراسُ الحجَرُ العَظِيم الّذي تُمتحَنُ بِرَفعِة قُوّةُ الرّجُلِ وشِدَّتُه».

[4])) قال العِراقيُّ في طَرح التَّثرِيب (2/45): «فكَرِهَ أبو هُريرةَ ضَربَ الأمثالِ لِحَديثِ رسولِ اللهِ r».

[5])) قال العِراقيُّ في طرح التَّثريب (2/43): «احتَجَّ الُجمهوُر بِعُمومِ قولهِ r: «مِنْ نَوْمِهِ» على أنّه لا فَرقَ في ذلكَ بينَ اللَّيلِ والنَّهارِ، وخالفَ في ذلك أحمدُ وداودُ، فخَصَّصا هذَا الحُكمَ بِنَومِ اللَّيلِ؛ لِقَولِه r في ءاخِر الحَديثِ: «أَيْنَ باتَتْ يَدُهُ»، ولرِوايةِ أبِي داودَ وابنِ ماجَهْ الـمُتقَدِّمتَين: «إذَا قَامَ أَو اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُم باللَّيْلِ» وهكذَا يقولُ الحسَنُ في الرِّوايةِ المشهُورةِ عنه».

[6])) أي: رَماهُ بالحَصْباءِ تأدِيبًا مِن غيرِ إيذاءٍ له.

[7])) قال العِراقيُّ في طَرح التَّثرِيب (2/459: «فكَرِهَ ابنُ عُمرَ ضَربَ الأمثالِ بِحَدِيثِهِ r وكان شَدِيدَ الاتِّباعِ للأَثرِ، ولهذا قال أصحابُنا: إنّه إِذَا كان الإناءُ كَبِيرًا لا يُمكِنُه تَحريكُه ولَم يَجِد إناءً يَغترِفُ بِهِ أَخَذَ الماءَ مِنهُ بِفمِه أو بِطرَفِ ثوبِه النَّظِيفِ وغَسَلَ بِه يَدَهُ أو يَستعِينُ بِمَن يَصُبُّ علَيهِ، وهذَا كُلُّه عِندَ الشَّكِّ في النَّجاسةِ».