باب ما جاءَ فِي سَتْرِ الفَخِذِ
- قال البخاريّ في «صحيحه»: «بابُ ما يُذكَر في الفَخِذ: ويُروَى عن ابنِ عبّاسٍ وجَرْهَدٍ([1]) ومحمدِ بنِ جَحشٍ عن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «الفَخِذُ عَورةٌ». وقال أنسٌ: حسَرَ النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عن فَخِذَه. وحديثُ أنسٍ أسنَدُ – يعني: أصحُّ إسنادًا – وَحدِيثُ جَرْهَدٍ أَحْوَطُ».
- وأخرَج الترمِذيُّ مِن روايةِ أبي يَحيَى القَتاتِ عن مجاهِدٍ عنه قال: مَرَّ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم على رَجُلٍ وفَخِذُه مَكشُوفةٌ فقال: «غَطّ فَخِذَكَ فَإِنَّ الفَخِذَ عَوْرَةٌ». والقَتّاتُ ضعِيفٌ.
وحدِيثُ جَرْهَدٍ أخرجه مالكٌ في بعضِ رواةِ «الموطّأ» كالقَعْنَبِيّ وأخرجَه عنه أبو داودَ، وأخرجَه الترمذيُّ مِن وجهٍ ءاخَر.
- ولَفظُ حدِيث مالكٍ عن جَرْهَدٍ – وكان مِن أصحابِ الصُّفَّةِ([2]) – قال: كنتُ جالِسًا وفَخِذِي مَكشُوفةٌ فقال النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الفَخِذَ عَوْرةٌ»، ورِجالُه ثِقاتٌ لكِن اختُلِفَ علَيهِم في سِياقِه اختِلافًا كَثيرًا حتّى وُصِفَ بالاضْطِرابِ([3])، وجَرَى بعضُهم على الظّاهِر فصَحَّحه كابنِ حِبّان.
- عن محمّدِ بنِ إسحاقَ بنِ خُزَيمةَ حدّثَنا عليُّ بنُ حُجْرٍ حدّثنا إسماعيلُ بنُ جعفرٍ حدّثنا العَلاءُ بنُ عبدِ الرَّحمـٰنِ عن أبِي كَثِيرٍ عن محمّدِ بنِ جَحْشٍ رضي الله عنه قال: مَرَّ النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم على مَعْمَرٍ([4]) وفَخِذاهُ مَكشُوفَتان فقال: «غَطِّ فَخِذَيْكَ فَإِنّ الفَخِذَينِ عَوْرةٌ». أخرجه البخاريّ في «تاريخِه» وأحمدُ.
- وقد أخرَج أحمدُ حدِيثَ عائِشةَ مِن وَجهٍ ءاخَرَ وفيه كَشفُ الفخِذِ بلا تَردُّدٍ لكِن في إسنادِه راوٍ مَجهولٌ، وله شاهِدٌ مِن حدِيثِ حَفْصةَ أُمِّ المؤمنينَ رضي الله عنها قالت: كان رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جالِسًا في بَيتِه فَوَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ فجاءَ أبو بَكرٍ فاستَأْذَن فأَذِنَ له وهو علَى هَيئَتِه فَتَحَدَّثَ ثُـمّ خَرَجَ، ثُـمّ جاءَ عليٌّ رضي الله عنه بمِثلِ هذِه القِصّةِ ثُـمّ عمَرُ رضي الله عنه ثُـمّ ناسٌ مِن أصحابِه كذلكَ، ثُـمّ جاءَ عثمانُ رضي الله عنه لِيَستَأذِنَ فتَجَلَّلَ([5]) له النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بثَوبِه فأَذِنَ له فدَخَلَ، فتَحدَّثُوا ثُـمّ خَرَجُوا، فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، استَأْذَنَ أبو بكرٍ وعمَرُ وعلِيٌّ وناسٌ مِن أصحابِك وأنتَ علَى هَيئَتِكَ، ثُـمّ جاءَ عُثمانُ فأَخَذْتَ ثَوبَكَ فتَجلَّلْتَ له، فقال: «أَلا أَسْتَحِي مِمَّنْ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلائِكَةُ»([6])([7]).
هذا حديثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمدُ عن رَوْحِ بنِ عُبادةَ، وأخرجَه أيضًا مِن طريقِ أبِي يَعْفُورٍ أحدِ الثّقاتِ.
- وللحَدِيثِ شاهِدٌ أَصْرَحُ منه أخرجَه الطّبَرانيُّ في «الـمُعجَم الكَبِير» مِن رِوايةِ النَّضْرِ أبِي عُمرَ عن عِكرِمةَ عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهُما قال: كان رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بَيتٍ ليسَ علَيه إلّا الإِزارُ وقد طرَحَه بَينَ رِجلَيهِ وفَخِذاهُ خارِجَتانِ، فجاءَ أبو بَكرٍ يَستَأْذِنُ، فذَكَرَ الحديثَ نحوَه. والنَّضرُ أبو عُمرَ ضعِيفٌ.
- عن رَوْحِ بنِ عُبادةَ حدّثَنا ابنُ جُرَيجٍ حدّثَني حَبِيبُ بنُ أَبِي ثابِتٍ عن عاصِمِ بنِ ضَمْرَةَ عن عَلِيّ رضي الله عنه قال: دَخَلَ علَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وفَخِذِ مَكشًوفةٌ فقال: «غَطِّ فَخِذَكَ فَإِنَّ الفَخِذَ عَوْرَةٌ».
قال الصَّفّارُ: هكذَا قال: «حَدّثَنِي حَبِيبٌ».اهـ. يُشِيرُ إلى أنّ المعرُوفَ عن ابنِ جُرَيجٍ عدَمُ التَّصرِيح. وهكذَا أخرجَه إسحاقُ بنُ راهويهِ في «مُسنَدِه» عن رَوْحِ بنِ عُبادةَ بالعَنْعَنةِ. وكذا أخرجَه ابنُ ماجهْ عن بِشْرِ بنِ ءادمَ عن رَوْحٍ؛ وخالَفَ رَوْحٌ في مَتْنِه أصحابَ ابنِ جُرَيجٍ، فالـمَحفوظُ عَنهُم ما تَقدَّمَ، ولعَلّ ذلكَ مِن أبِي جرَيجٍ فإنّه حَدَّثَ بالبَصْرةِ بأَشياءَ وَهِمَ فيها لِكَونِها مِن حِفظِه، وسَماعُ رَوْحٍ مِنه كان بالبَصْرةِ، وقد حَدَّثَ عبدُ الـمَجِيد بنُ أبِي رَوّادٍ عن ابنِ جُرَيجٍ مُعَنْعِنًا، أخرجَه الدّارَقُطنِيُّ. وحَجّاجُ بنُ محمّدٍ وعبدُ الـمَجِيدِ مِن أعرَفِ النّاسِ بحَدِيثِ ابنِ جُرَيجٍ([8]).
- وعن عَطاءِ بنِ يَسارٍ عن أبِي سَعِيدٍ الخُدرِيّ رضي الله عنه قال: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالأَسوافِ ومعَه بِلالٌ، فدَلَّى ِجلَيه في البِئرِ وكَشَفَ عن فَخِذَيْهِ، فجاءَ أبو بَكرٍ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ: «يَا بِلالُ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»، فَدَخَلَ فَجَلَسَ عَلَى يَمِينِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، وكَشَفَ عن فَخِذَيْهِ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ يَسْتَأْذِنُ، فَقَالَ: «يا بِلَالُ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»، فَدَخَلَ فَجَلَسَ عن يَسارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ وَكَشَفَ عَنْ فَخِذَيْهِ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ يَسْتَأْذِنُ فقال: «يَا بِلَالُ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوًى تُصِيبُهُ»، فَدَخَلَ فَجَلَسَ قُبالتَهُم وَدَلَّى رِجْلَيْهِ فِي الْبِئْرِ، وَكَشَفَ عَنْ فَخِذَيْهِ.
قال الطّبَرانيُّ: لَـم يروِها عن شَرِيكِ بنِ عَبدِ اللهِ بهذا الإسنادِ إلّا الدّراوَرْدِيُّ، تفرَّد بِه أبو مُصْعَبٍ.
- قُلتُ: الـمَحفوظُ بهذا الإسنادِ ما أخرجَه الشَّيخانِ مِن طريقِ سُلَيمانَ بنِ بِلالٍ ومحمّدِ بنش جَعفَرِ بنِ أبِي كَثِيرٍ كِلاهُما عن شَرِيكِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أبِي نَمِرٍ عن سَعِيدِ بنِ الـمُسيّبِ عن أبِي موسَى الأشعَرِيّ، وسُليمانُ ومحمّدُ بنُ جَعفَرٍ كُلٌّ مِنهُما أحفَظُ مِن الدّراوَرْدِيّ فكَيفَ إِذَا اتَّفَقَا، لكِنّ اختِلافَ السّياقِ يُشْعِرُ بأنَّهُما واقِعتانِ، فقَوِيَ أنّ لِشَرِيكٍ فيه إسنادَين؛ وذلك أنّ في حَدِيث أبِي مُوسَى أنّ القِصّةَ كانتْ في بِئرِ أَرِيسٍ وأنّه هو كان الـمُستأذِنَ وفيه كَشْفُ السّاقَين، وفي هذا أنّ القِصّةَ كانت بالأسْوافِ وأنّ الـمُستأذِنَ كانَ بِلالًا وفيها كَشْفُ الفَخِذَين. والأسْوافُ بفَتحِ الهَمزةِ وسُكونِ الـمُهمَلةِ وءاخِرُه فاءٌ مكانٌ بالبَقِيع بِه بِئرٌ مَعرُوفةٌ، وقد صارَتْ بَعدَ ذَلِكَ في صدَقةِ زَيدِ بنِ ثابتٍ([9]).
- وقد أخرَج البَخاريّ ومُسلِمٌ حدِيثَ أبي مُوسَى مِن وَجهٍ ءاخَرَ مِن رِوايةِ أيُّوبَ وغيرِه عن أبِي عُثمانَ النَّهْدِيّ – وهو ابنُ سُلَيمانَ – عن أبِي عُثمانَ عن أبِي مُوسَى «أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَشَفَ عن رُكبتَيهِ أو رُكبَتِه، فلَمّا دخَلَ عُثمانُ عَطّاها»، وهي زِيادةٌ مُستَغرَبةٌ في حدِيث أبِي موسَى.
- وأَخرَج أبُو يَعلَى مِن حَديثِ ابنِ عُمرَ نَحوًا مِن حدِيثِ حَفصةَ لكِن فِيه كَشْفُ الرُّكبةِ ولَـم يَذكُرِ الفَخِذَ.
- عن عائِشةَ رضي الله عنها قالت: كان النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَّكِئًا في بَيتِه كاشِفًا عن فَخِذَيهِ أو ساقَيهِ، فاستَأْذَنَ أبو بَكرٍ فأَذِنَ له فدَخَل فتَحدَّثَ، ثُمّ استَأذَنَ عمَرُ فأَذِنَ له فدَخَلَ وهو على تِلكَ الحالِ فتَحدَّثَ، ثُمّ استَأْذَنَ عُثمانُ فجَلَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وسَوَّى علَيه ثِيابَه، الحديث. هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه مُسلِم.
[1])) بفَتحِ الجِيم والهاءِ وسكُونِ الرّاءِ وبالدّالِ الـمُهمَلة هو أبو عبد الرَّحمـٰـنِ بنُ خُوَيلِد الأسلَمِيُّ المدَنِيُّ، وكان مِن أهلِ الصُّفّة، قاله الكرمانّ في «الكواكِب الدَّاري» (4/30).
[2])) قال الحافظ النوويّ في تهذيب الأسماء واللُّغات (3/177): «أصحابُ الصُّفّة زُهّادٌ مِن الصّحابةِ رضي الله عنهُم، وهُم الفُقراء الغُرَباء الّذين كانوا يأْوُون إلى مَسجِد النّبِيّ r، وكانتْ لَهُم في ءاخِرِه صُفّةٌ، وهي مَكانٌ مُقْتَطَعٌ مِن الـمَسجِد مُظلَّلٌ علَيه، يَبِيتُونَ فِيه ويَأْوُونَ إِلَيه، قاله إبراهيمُ الحَربيُّ والقاضِي عياضٌ، وأَصْلُه مِن صُفّةِ البَيتِ وهو شيءٌ كالظُّلّة قُدّامَه. وكان أبو هُريرةَ رضي الله عنه عَرِيفَهم حِينَ هاجَرُوا، وكانوا يَقِلُّون ويُكثُرون؛ ففي وقتٍ كانوا سَبعِينَ وفي وَقتٍ غيرَ ذلك، وقد بَلَغُوا أربعَمائةٍ كما ذُكِرَ في تَفسِير سُورةِ النُّورِ وسُورةِ البقَرة في قَولِه تعالى: {لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} [سُورة البقَرة: 273]، فيَزِيدُون بِمن يَقدَمُ علَيهِم ويَنقُصُون بِمَن يَمُوتُ أو يُسافِرُ أو يَتزوَّجُ».اهـ. بتصرُّف.
[3])) قال الحافظ السَّخاويّ في الغاية في شرح الهداية (ص199): «الحديثُ الـمُضْطرِب هو الّذي يُروَى على أوجُهٍ مُختلِفة مُتدافِعة مُتفاوِتة على التَّساوِي في الاختِلاف مِن واحدٍ أو أكثرَ في السّنَد أو في الـمَتن».
[4])) قال الحافظ العَسقلانيّ في فتح الباري (1/4799: «ومَعمَرٌ الـمُشارُ إلَيهِ هو مَعمَرُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ نَضْلةَ القُرَشِيّ العَدَوِيّ».
[5])) أي: تَغطَّى. قال في «الـمِصباح الـمُنِير»: «جَلَّلْتُ الشيءَ إذَا غطَّيتُه».
[6])) قال شيخنا رحمه الله: «معناه: مطلوبٌ مِنِّي أنْ أستَحِي مِن عُثمانَ كما الملائكةُ تَستَحِي منه».
وقال أيضًا رحمه الله: «استِحياءُ الملائِكةُ التّعظِيمُ، معناه: كيفَ لا أستَحِي مِـمّن تُعَظِّمُه الـمَلائِكةُ أي يُعامِلُونَه مُعاملةَ مَن يُستَحْيَى منه. ومعناه: أنّ عثمانَ يَغلِبُ عليه الحياءُ فحتّى لا يَعُود مِن غيرِ أن يقولَ ما يُريد مِن حَيائِه غطَّى الرَّسولُ r فخِذَيه. حَياءُ عثمانَ كان شدِيدًا رضي الله عنه، حتّى لا يَدخُل عثمانُ فيرَى رسولَ الله كاشِفًا فَخِذَه فيُعرِضَ عن ذِكر ما جاءَ لأجلِه مِن شِدّة الحياءِ الّذي يغلِبُه غطّى الرَّسولُ r فخِذَيه، والرّسولُ r يَعلمُ أنّ الملائكةَ يَعرِفُون شِدّةَ حَياءِ عثمانَ، يَستَحُونَ مِنه، صحِيحٌ هذا الحديثُ.
من هنا قال بعضُ الأئمّة المجتهدين: «فخِذُ الرّجُل ليسَ عَورةً إلّا سَوْأَتاه قُبُلَه ودُبُرَه» مِنهُم مالكٌ، مرّةً قال هكذا ومرّةً قال كما قال الشّافعيُّ: «عَورةُ الرّجُل ما بينَ سُرَّتِه ورُكبَتِه»، والإمامُ أحمدُ كذلك ثبتَ عنه أنّه قال: «عَورةُ الرّجُل السّوأتانِ»، كذلك الإمامُ عَطاءُ بنُ أبِي رَباحٍ، هذا قَبل الشّافعِيّ وقَبل مالكٍ، أخَذَ العِلمَ مِن الصّحابةِ مُباشَرةً، عطاءُ بنُ أبِي رَباحٍ مُجتِهدٌ مِثلُ الشّافعِيّ، في العِلم مِثلُ الشّافعيّ ومالكٍ وأحمدَ لكِن مَذهبُه ما دُوِّنَ إنّما تَناقَلَ على ألْسِنةِ أهلِ العِلم ثُـمّ دُوِّن في بُطونِ الكُتب، كُتُبِ العِلم. في كَثيرٍ مِن الـمَسائِل أئِمّةُ الاجتِهاد في الأحكامِ اختَلَفُوا، أمّا في العَقِيدة فلَم يَختلِفوا».
[7])) قال الحافظ النوويّ في شرح مُسلِم (15/169): «وفيه فضِيلةٌ ظاهرةٌ لِعُثمانَ وجلالتِه عند الملائكةِ وأنّ الحَياءَ صِفةٌ جميلةٌ مِن صفاتِ الملائكة».
[8])) قال الحافظُ العسقلانيّ في تَخرِيج مختصَر ابنِ الحاجِب (2/117 – 125): «وأمّا كَشفُ الفخِذِ فأخرجَه أبو داودَ في كتاب الجنائِز» ثـمّ ساقَ إسنادًا إلى علِيّ فقال: «عن علِيّ بنِ أبِي طالب رضي الله عنه قال: قال النّبيُّ r: «لا تُبْرِزْ فَخِذَك وَلا تَنْظُرْ إلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ» وأعادَه أبو داودَ في كتابِ الحَمّامِ بهذا الإسنادِ وقال: فيه نَكارةُ، وقال: أوّلًا كان سُفيانُ يُنكِرُ أن يكُون حَبِيبٌ روَى عن عاصِمٍ، يعنِي: سَماعًا، وقال ابنُ أبِي حاتِمٍ في كتابِ «العِلَل»: «سألتُ أبِي عن هذا الحديثِ فقال: لَم يَسمَعْه ابنُ جُرَيجٍ مِن حَبِيبٍ ولا سَمِع حبيبٌ مِن عاصِم بنِ ضَمْرةَ شيئًا». قلتُ: وكلُّ مِن ابنِ جُرَيجٍ وحَبِيبٍ ثِقةٌ لكِن مَوصوفٌ بالتَّدلِيس، قد وقَعَتْ لَنا رِوايةٌ فيها تصرِيحُ ابنِ جُرَيجٍ بالإخبارِ وأُخرَى فيها تصرِيحُه بالتّحدِيث».
[9])) قال ياقُوت في مُعجَم البُلدان (1/191): «اسمُ حرَمِ المدِينةِ. وقيل: موضعٌ بِعَينِه بناحِيةِ البَقِيع وهو مَوضِعُ صدَقةِ زَيدِ بنِ ثابتٍ الأنصاريّ رضي الله عنه وهو مِن حرَمِ المدِينةِ».