الإثنين أبريل 21, 2025

باب ما جاءَ فِي ءادابِ الطَّعامِ

  • عن عُمرَ بنِ أبِي سَلَمَة([1]) رضي الله عنهُما قال: أكَلْتُ معَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فطاشَتْ يَدِي([2]) فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يا غُلامُ سَمِّ اللهَ([3]) وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». أخرجَه النَّسائيُّ عن محمّدٍ بنِ مَنصورٍ.
  • وعنه رضي الله عنه قال: قال لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ادْنُ يا بُنَيَّ وَسَمِّ اللهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمدُ.
  • عَن وَحْشِيِّ بنِ حَربِ بنِ وَحْشيّ بنِ حَربٍ عَن أَبِيه عن جَدِّه: أنّهُم([4]) قالُوا: يا رَسولَ اللهِ، إنّا نأْكُلُ ولا نَشبَعُ، قال: «لَعَلَّكُم تَتَفَرَّقُونَ»، قالوا: نَعَم، قال: «فَلَا تَتَفَرَّقُوا، اجْتَمِعُوا عَلَى طَعامِكُم وأَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ يُبارَكْ لَكُم فِيهِ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أبو داودَ.
  • عن جابرٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَبَّ الطَّعَامِ إِلَى اللهِ تَعالَى مَا كَثُرَتْ عَلَيْهِ الأَيْدِي»([5]). هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه الطّبَرانيُّ في «الأوسَط».
  • عن جابر رضي الله عنه قالَ: أخَذَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِ مَجذُومٍ([6]) فوَضَعَها مَعَهُ فِي القَصْعةِ وقالَ: «كُلْ بِسْمِ اللهِ ثِقَةً بِاللهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أبو داودَ.
  • ومنها ما أَخرَج أحمدُ بسَندٍ جَيّدٍ عن عبدِ الله بنِ أبِي طَلحةَ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ، فَلَا يَأْكُلْ بِشِمَالِهِ، وَإِذَا شَرِبَ، فَلَا يَشْرَبْ بِشِمَالِهِ([7])، وَإِذَا أَخَذَ فَلَا يَأْخُذْ([8]) بِشِمَالِهِ، وَإِذَا أَعْطَى فَلَا يُعْطِي بِشِمَالِهِ».

وعبدُ الله بنُ أبي طَلْحةَ كان في زَمنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم صَغِيرًا جِدًّا([9]) وهو أخُو أنسِ بنِ مالكٍ لأُمِّه، أُمُّهُما أمُّ سُلَيم، واللهُ أعلَم.

  • عن عُقبةَ بنِ عامرٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تُكْرِهُوا مَرْضاكُم علَى الطَّعامِ فَإنَّ اللهَ يُطْعِمُهُم ويَسْقِيهِم([10])»([11]). هذا حدِيثٌ حسَنٌ بشواهدِه أخرجَه ابنُ أبِي شَيبةَ في مُسنَده.
  • عن إِياسِ بنِ سَلَمَة بنِ الأَكوَعِ عن أَبِيهِ أنّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ لِرجُلِ يُقال لهُ بُسْرُ بنُ راعِي العِيْرِ مِن أَشْجِعَ([12]) وهو يأَكُلُ بشِمالِه، فذَكَرَ الحَدِيثَ فقالَ لهُ: «كُلْ بِيَمِينِكَ»، قال: لا أَستَطِيعُ، قال: «لَا اسْتَطَعْتَ»([13])، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الكِبْرُ، فمَا رَفَعَها إِلَى فِيهِ. وفِي رِوايةِ الدّارِميّ: «أَبصَرَ رَجُلًا»، وفي ءاخِرِه عِندَ أبِي نُعَيمٍ والدّارِميّ: «فَمَا وَصَلَتْ يَمِينُه إِلى فِيهِ بَعدُ». أخرجَه أحمدُ.

[1])) هو: رَبِيبُ النَّبِيّ r، فأُمُّهُ أُمُّ سَلَمَةُ رضي الله عنهُم زَوجُ النَّبِيِّ r.

[2])) قال الزَّبِيدي في تاج العروس (17/294): «طاشَتْ يَدُه في الصَّحْفةِ خَفَّتْ وتَناولَتْ مِن كُلِّ جانِبٍ».

[3])) أي: قُلْ: «بِسمِ الله».

[4])) أي: جَماعة مِن النّاسِ.

[5])) قال شيخنا رحمه الله: «معناه: الأكلُ جَماعةً خيرٌ مِن الأكلِ فرادَى، الأحسَنُ الاجتِماعُ علَى الأَكلِ مِن أنْ يأكُلَ كُلُّ واحِدٍ بِمفُرَدِه، والأحسَنُ أنْ يأكُلوا مِن قَصعةٍ واحدةٍ لأنّ هذا أقرَبُ للتَّواضُع، وفيه أنّ الاجتِماعَ خَيرٌ مِن الافتِراقِ حتَّى فِي الطَّعامِ، وفيه إشارةٌ إلى أكرامِ الضَّيفِ».

[6])) قال البدر العَينيّ في نُخَب الأفكار (14/91): «(بِيَدِ مَجْذُومٍ)» وهو الّذِي أصابَه الجُذامُ. قال ابنُ سِيدَه: سُمِّي بذلك لِتجَذُّم الأصابع وتقَطُّعِها، ورَجُل أجذَمُ ومُجذِمُ نزَل به الجُذامُ. وقالتِ الأطِبّاءُ: الجُذامُ عِلّةٌ تَحدُث مِن انتشارِ السَّوادِ في جَمِيع البدَن فيَفسُد مِزاجُ الأعضاءِ وهَيأتُها ورُبَّما تَقَرَّحُ»، أي: وتَساقَطَ بعد ذلكَ.

[7])) قال النوويّ في شرح مُسلم (13/191): «وهذا إِذَا لَم يَكُن عُذرٌ، فإنْ كان عُذرٌ يَمنَع الأكلَ والشُّرب باليَمِين مِن مرَضٍ أو جِراحةٍ أو غيرِ ذلكَ فلا كراهةَ في الشِّمالِ».

[8])) أي: لا يَـناوَل شيئًا.

[9])) وُلِد سنةَ ثمانٍ للهِجرة.

[10])) قال السُّيوطيُّ في حاشيته على ابن ماجه (ص246): «أي: يُشبعُهم ويُرْويهِم مِن غير تناولِ طعامٍ أو شَرابٍ». وقال شيخُنا رحمه الله: «معناه: اللهُ يُغنِيهم عن الأكل والشُّرب».

[11])) في حاشية السّندي على ابن ماجَه (2/341) ما نصُّه: «في حاشية السُّيوطيّ: قال الموفَّق: ما أغَزَر فوائد هذِه الكلمةِ النّبويةِ وما أجودَها للأطبّاءِ، وذلك أنّ المريضَ إذا عاف الطّعامَ والشّراب فذلك لاشتِغال طبيعتِه بمجاهدةِ مادّة المرضِ أو سقوطِ شهوَتِه لِمَوت الحارّ الغريزيّ وكيفما كان فحينئذٍ لا يُعطى الغِذاء في هذا الحال»؛ لأنّه غيرُ لائقٍ. والموفّق البغدادي هو الطبيب المحدّث، وكان ماهرًا جدًّا في الطِبِّ. وقال السُّيوطي في حاشيته على ابن ماجه (2246): «والحكمةُ فيه ظاهرةٌ لأنّ طبيعةَ المريضِ مشغولٌ بإنضاج مادَّته وإخراجه، ولو أكرَه الطّبيعةَ على الطّعامِ والشّارب تَكِلُّ الطّبيعةُ عن فِعلِها ويشتغِلُ بهضمِها».

[12])) هي: قبِيلةٌ مِن غَطَفانَ.

[13])) قال أبو العبّاس القُرطُبي في الـمُفهِم (5/297): «دُعاءٌ مِنه علَيه؛ لأنَّه لَم يَكُنْ له في تَرْكِ الأكلِ بالَيمينِ عُذرٌ، وإنَّما قصَد الـمُخالَفةَ، وكأنّه كان مُنافِقًا والله تعالى أعلَمُ، ولذلك قال الرّاوِي: «وَما مَنَعَه إِلَّا الكِبرُ»، وقد أجابَ اللهُ تعالى دُعاءَ النَّبِيِّ r في هذا الرَّجُلِ، حتّى شَلَّتْ يَمِينُه، فلم يَرفَعْها لِفِيه بعدَ ذلكَ اليومِ».

وقال الملّا عليّ القاري في المرقاة (9/3804): «هو دُعاءٌ علَيه لأنّه كَذَب في اعتِذاره».